لايزال الشعب السوداني يدفع أثمان مغامرة انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م

 


 

 

كلمات ..... وكلمات
نعم ... تظل الانعكاسات المدمرة التي سببها انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م الاهوج مستمرة ولسنوات عديدة قادمة لايعرف اي احد مداها او سقفها الزمني .. وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية او فلنقل انعدامها عند مخططي ومنفذي الانقلاب المشؤوم والذين وضعوا في خيالاتهم المضطربة بانهم سيطبقون مشروعهم الاجرامي فور استيلائهم علي السلطة في الخرطوم
عندما فشل المخطط فشلا زريعا وفاضت ارواح العديدين من كوادرهم الطلابية والشبابية في محرقة احراش جنوب السودان بعد ان انجز الرجال الاوفياء من اهل السودان في الشمال والجنوب اعظم واكبر انجاز لتحقيق السلام المستدام بمبادرة السيد محمد عثمان الميرغني والدكتور جون قرنق في اديس ابابا في ١٦ نوفمبر من العام ١٩٨٨م . ما ادي الي تسارع الخطوات لاجهاضها داخل البرلمان في ذلك التاريخ باتفاق مريب جدا بين الامام والشيخ وبلا مبررات تذكر .. خاصة وان نواب حزبيهما يبصمان دون وعي وطني علي قرارات قيادات حزبيهما ضاربين بذلك اوضح الامثلة لغياب العقل المستقل لمجموعة نوابهما .. لان عليهم الطاعة العمياء .. ما ادي الي انتزاع السلطة بالقوة الباطشة ثم بدأ الهدم للقوات المسلحة التي كانت قومية النشأة .. جنبا الي جنب مع تدمير الخدمة المدنية التي كانت تضرب بها المثل في العطاء والانجاز والانضباط ... ومنذ ذلك التاريخ بدأ مسلسل السقوط لكي شيء جميل صنعه الشعب السوداني وتوارثته اجيال وراء اجيال .
ليس ذلك فحسب .. بل رافق ذلك اعتقالات ونفي وتعذيب شديد البأس لابناء السودان الناشطين الذين لاينتمون لذلك النبت الشيطاني الذي يسمي الجبهة الاسلامية.
وبعدها بدأ الفساد يعم .. وانهيارت المشروعات التاريخية الهامة تتوالي .. وتم بيع اصولها بسرية تامة .. فتم بيع مشروع الجزيرة باصوله الراسخة وبيع اسطول السفن الخطوط البحرية التي كانت تحوب الم انيء العالمية لتجلب العملات الصعبة لخزانة البلد .. وبيع اسطول طائرات الخطوط الجوية التي كانت تهبط في معظم مكارات العالم ..ولم يسلم من ذلك مؤسسات النقل الميكانيكي والمخازن والمهمات .
وبعد كل ذلك التدمير الممنهج والسرقات المفضوحة من قمة قيادة الدولة وحتي القيادات الوسيطة والدنيا في الحزب المجرم الذي كان يحكم.
ثم كانت الكارثة حين انقسمت الحركة الاسلامية الي قسمين ( مفاصلة العام ١٩٩٩م ) لتكمل الناقصة في عدم وضوح الرؤيا في الحكم فانتشر التخبط وتمددت ( قروبات ) الضرب تحت الحزام بين تنظيمهم الديكتاتوري فإنشغل القوم بصراعاتهم فضاع الوطن حتي اللحظة .
وهانحن الان ندفع اثمان ذلك الانقلاب الاهوج حينما نشات عدة حركات مسلحة تستجلب السلاح من الخارج وقد ظلت تعتمد علي المكون القبلي في تاسيسها .
وحين ازال شباب السودان ذلك النظام بتلك الثورة السلمية التي ادهشت العالم .. اسرعت اللجنة الامنية لاحتواء تلك الثورة المدنية الباهرة ومن ثم الانقلاب عليها وتنفيذ مجزرة القيادة.. والعودة الي مربع اكثر قمعا وديكتاتورية مما كان يجري خلال ثلاثين عام. وهانحن نري القتل البشع لهؤلاء الشباب وبتأييد مستمر ومتواصل من ما يسمي بالخبراء التي تطلق عليهم الفضائيات لقب ( استراتيجيين) والذين يملأؤون الفضاء ضجيجا في دعم وتبرير الانقلاب الاهوج الحالي حتي تستمر مخصصاتهم علي حساب دماء شبابنا الذي يبذل الغالي والنفيس لتأمين مستقبلهم في ظل ظروف بالغة التعقيد.
وللاسف فاننا نري حتي اللحظة هرولة بعض كيانات الاحزاب الهزيلة التي اصابها الضمور والتكلس والتي ابتعدت من جماهيرها الواعية وهي ( ولا هاميها ) و لا ترمي بالا بان شباب السودان يريدون رسم خارطة مدنية لسودان قادم يؤمن لهم مستقبلهم وهم بعيدين عنهم كل البعد .
وها نحن الان نري الاثار الكارثية لسلام جوبا الذي قام علي عجل .. فلم يجد حلولا جذرية لمعاناة مناطقهم .. ما ادي الي بروز الصراع القبلي الدموي القبيح في مناطق عديدة بدارفور ثم تلتهب مناطق جنوب النيل الازرق حيث قاوم العديد من اهل تلك المناطق شراهة مكونات الحركة شمال التي كانت تستقوي بقبيلة محددة تمثل اقلية مسلحة فينتفض عليها القوم هناك .. لتنزف جراحات الوطن.
كل ذلك هو بسبب انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م الاهوج .
كما ان الداعين لقيام انتخابات عامة سريعة لا يدركون او ربما يدركون انه ليس هناك من مقومات لانتخابات .. فلاتزال ملفات الفساد مفتوحة ولاتزال الثروات المسروقة في يد القلة التي ستقوم بتوظيفها في شراء اصوات الفقراء من اهل السودان وهم كثر .. سواء كانوا لاجئين او نازحين..فضلا علي ان التجهيز للانتخابات يحتاج الي احصاء للسكان والي العمل وبمساعدات دولية ضخمة لاستقرار النازحين والي عودتهم الي مناطقهم وتمليكهم اراضيهم الزراعية والرعوية ( الحواكير ) . ثم يتم تقسيم الدوائر الانتخابية ويليها تسجيل كل اهل السودان طواعية في سجل انتخابي جديد وفقا للرقم الوطني لمن بلغوا سن الثامنة عشر فمافوق للتمتع بحقوقهم القانونية في الترشح وايضا في التصويت.
اما حكاية ان تقام انتخابات عامة دون توفير مقاوماتها المذكورة آنفا فان الاستقرار لن يتم وان ثورة الشباب المتوثب لن تتوقف ايضا .
ومن المهم الانتباه الي اهمية ابعاد التخطيط الاقليمي والدولي من التفكير لشعبنا .. خاصة وان هناك بعض الكيانات السياسية تعمل بنظام الريموت كونترول القادم من خارج الحدود والتي لم تفهم بعد المزاج السياسي السوداني الوطني الذي لايقبل الوصايا ... ذلك ان شعبنا ( تفتيحة ) . لا ازيد ،،،،

bashco1950@gmail.com
///////////////////////

 

آراء