لا الفينك بعد الموت تندبني .. وداعا اندوكاي
تتثاقل الحروف اشعر بالخزي والخجل وانا اخط هذه السطور عن المسرحي والدرامي الشهيد محمد يوسف الشهير باندوكاي حيث انتقته يد اثمة خبيرة اشعر بالخجل لكانني نبات متسلق زاحف يتسلق شجرة تبلدية عملاقة شهدت حروب ملاحم ( دروتي) في ( دار اندوكا ) تبلدية عمرها مئتا عام تشبه تلك التبلدية التي التقطنا تحتها صور تذكارية جوار محكمة (بارا) ذات ظهيرة تلك التبلدية التي شهدت واقعة كسر قلم ميك ميك (مكمايكل ) كما خلدتها الاغنية الشعبية . احس بالتطاول وانا اتحدث عن مسرحي كان يصنع الحياة في مناطق النزاعات ودفع حياته ثمنا.
محمد يوسف اندوكاي تسلل كالضوء امام ناظري كائنا فسفوريا تحلق حوله اطفال بملابس متباينة الوانها يشكلون فريق كرة قدم , اطفال رجال نعم هم اطفال ولكنهم رجال رايتهم وامهات باسلات اسطوريات يفتخرن باطفالهن الرجال وحق لهن.
فيلم وثائقي علي قناة الجزيرة الوثائقية اطفال لايتجاوز عمر اكبرهم الثالث عشر كانوا يتحلقون حول المغني بالوان ملابسهم البهيجة البسيطة وهم يغنون قبل خوض مباراة كرة قدم بين فريقي المعسكر , تحدث الاطفال الرجال عن هواياتهم واحلامهم يشجعون الدوري المحلي والدوري الاوروبي سمعت منهم اسماء للاعبي كرة قدم لاول مرة لا لشيء الا لجهلي , يتحدثون عن الارسنال وبرشلونة وليفريول ومانشستر يونايتد يحلمون بالاحتراف علنا لاشيء يقف دون احلامهم الا الموت المشرع عبثا في كل مكان .
احدهم واظنه قد اكمل الثانية عشر بالكاد لاعب وسط يعشق كرة القدم يعمل مع والدته في حانوتها الصغيريراعي اشقائه الاصغرسنا يذهب الي المدرسة ثم يعمل لتوفير منصرفاته الخاصة ثم يذاكر وينجح ويحلم يا الله ياصغيري اية طاقة اسطورية منحك اياها الرب لاراك طفلا ثم رجلا تجاوز الثلاثين في ذات العمر كيف كنت هذا وذاك ؟ .
انضجتك الحروب ياولدي ونحن نندب الحظوظ في المدن ونزرف مع الثاكلات عاجزين عن ضمك وهدهدة احزانك , فعل ذلك انابة عنا محمد يوسف اندوكاي عندما كان يزف بصوته الشجي وسط ترديد الاطفال يغني اندوكاي اغنيات ترددها الجبال والتبلدية والحصان والحمار وقالب ( الطوب الاخدر ) و( الدرداقة ) عند صريرها مثقلة مدفوعة بذراعي صبي كلمات لحلاوتها تسللت من ذاكرتي بطعم حلوي ( غزل البنات ) ( حلاوة قطن ) .
علي راديو دبنقا وكنت عائدا لتوي من دنقلا الي الخرطوم مساءالثامن عشر من مايو لمحت شريطا اخباريا ( ردود افعال واسعة لمقتل المسرحي محمد يوسف اندوكاي ) , ثم بعد ساعتين ربما وعلي قناة ( سودان بكره ) مغني يغني ذات الاغنيات التي عشت معها اوقات ممتعات في وقت سابق يوثائقية قناة الجزيرة ربطت بين الشريط الاخباري وصورة قناة سودان بكرة بوثائقية الجزيرة اغنيات كانها كرنفال من الفرح البهيج في احدي معسكرات النازحين تمثلت خليل افندي فرح حضورا بقوه ( سيرة ام دي جنينة راحلة ) ويقصد اهو حفل زفاف متحرك ام حديقة من الزهور تسير ؟ كان كذلك بالفعل كان يغني وسط كرنفال بهيج وسط ضجيج الالوان المبهجة لنساء وبنات معسكر النازحين ومعهن اطفالهن يرددن خلف المغني والاطفال يشجعون حالة التطريب في حفظ صارم لكل كلمات الاغاني .
عندما اطل من شاهق بقناة سودان بكره كان اندوكاي كطائرة درون تحتضن المدينة لاخر مرة بالتقاط صورة شاملة لها قبل ان يلقي بها قناص في مكان ما .
كان كذلك يقف علي تلك الربوة التي ربما وقف عليها من قبل فرسان (دروتي) الذين هزموا الفرنسيين والقوا بهم الي بعد مملكة وداي ( تشاد ) , وقف اندوكاي بذات الصوت ليسارع الخيط في ذهني ويربط بين الصور والذكريات اتراه هو نفسه مغني المعسكر الوسيم ؟ اهو نفسه من مر علي شريط راديو دبنقا الاخباري كشريط اخباري محايد فنيا ومهنيا ؟ اهو ذاك الذي يغني للسلام وللعدالة وللحرية كالورد ينفح بالشذي حتي انوف سارقيه ؟
يا اندوكاي ياشجرة الصندل العتيقة لاتخف سنكشف قاتلوك لان عطر جذعك سيكون علي افؤسهم , لان دمك سيقطر صندلا ويجتاح خبىئة الجفير , لان صوتك سيحلق فوقهم ويشير اليهم لان الاطفال الذين كانوا يفرحون بطلتك سيحلقون حولهم في الطرقات وينادون ( هاهم القتلة ) .
اندوكاي ياخرزة سوميت بعنق الميارم . ياهلالا من ذهب بحريرة علي جبين طفل في احتفالات الختان بمعسكر النازحين , ياخرتاية متربة تحمل اقلام خشب مناصفة ودفاتر ممزقة وكتب مدرسية بالاشتراك ومقاعد من الطوب اللبن في الفصل ( الرقراق ) والضوء المتسلل الي السيورة من فتحات حصير السقف ومسحوق الطبشير ولمعة الذكاء في الاسئلة القلقة
محمد يوسف اندوكاي اشعر بالخزي والخجل والتطاول وانا اتحدث عنك قامة وابتسامة لكانما يطاردني صوت الشاعر العربي في تقريع مستحق :-
( لا الفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي مازودتني زادا )
واعذرني يا اندكاي لن امارس جلد الذات او لوم احد . لاحكومة ولا احزاب ولا مجتمع مدني ولادولي ولا اميون ولا حملة شهادات عليا قد تنتهي بالدكتوراة او لا ... لن الوم احد لان من شان ذلك ان يستدع تقريع شاعر عربي اخريقول:-
( اعاتبها والعيب منها سجية ومن عاتب الخرقاء مل عتابها )
اكتفي بقولي وداعا اندوكاي وداعا حبيب اطفال معسكرات النازحين وانقي له من حب واكرم به من مقام وسلام عليك في الخالدين مع الشهداء والصديقين وحملة الرسالات العظيمة .
محمد عبد الجليل جعفر | كاتب | محامي\ عضو حملة انصاف للعدالة الانتقالية
الخرطوم \19\ مايو \ 2022
mohamad_abdogafar74@yahoo.com
////////////////////
محمد يوسف اندوكاي تسلل كالضوء امام ناظري كائنا فسفوريا تحلق حوله اطفال بملابس متباينة الوانها يشكلون فريق كرة قدم , اطفال رجال نعم هم اطفال ولكنهم رجال رايتهم وامهات باسلات اسطوريات يفتخرن باطفالهن الرجال وحق لهن.
فيلم وثائقي علي قناة الجزيرة الوثائقية اطفال لايتجاوز عمر اكبرهم الثالث عشر كانوا يتحلقون حول المغني بالوان ملابسهم البهيجة البسيطة وهم يغنون قبل خوض مباراة كرة قدم بين فريقي المعسكر , تحدث الاطفال الرجال عن هواياتهم واحلامهم يشجعون الدوري المحلي والدوري الاوروبي سمعت منهم اسماء للاعبي كرة قدم لاول مرة لا لشيء الا لجهلي , يتحدثون عن الارسنال وبرشلونة وليفريول ومانشستر يونايتد يحلمون بالاحتراف علنا لاشيء يقف دون احلامهم الا الموت المشرع عبثا في كل مكان .
احدهم واظنه قد اكمل الثانية عشر بالكاد لاعب وسط يعشق كرة القدم يعمل مع والدته في حانوتها الصغيريراعي اشقائه الاصغرسنا يذهب الي المدرسة ثم يعمل لتوفير منصرفاته الخاصة ثم يذاكر وينجح ويحلم يا الله ياصغيري اية طاقة اسطورية منحك اياها الرب لاراك طفلا ثم رجلا تجاوز الثلاثين في ذات العمر كيف كنت هذا وذاك ؟ .
انضجتك الحروب ياولدي ونحن نندب الحظوظ في المدن ونزرف مع الثاكلات عاجزين عن ضمك وهدهدة احزانك , فعل ذلك انابة عنا محمد يوسف اندوكاي عندما كان يزف بصوته الشجي وسط ترديد الاطفال يغني اندوكاي اغنيات ترددها الجبال والتبلدية والحصان والحمار وقالب ( الطوب الاخدر ) و( الدرداقة ) عند صريرها مثقلة مدفوعة بذراعي صبي كلمات لحلاوتها تسللت من ذاكرتي بطعم حلوي ( غزل البنات ) ( حلاوة قطن ) .
علي راديو دبنقا وكنت عائدا لتوي من دنقلا الي الخرطوم مساءالثامن عشر من مايو لمحت شريطا اخباريا ( ردود افعال واسعة لمقتل المسرحي محمد يوسف اندوكاي ) , ثم بعد ساعتين ربما وعلي قناة ( سودان بكره ) مغني يغني ذات الاغنيات التي عشت معها اوقات ممتعات في وقت سابق يوثائقية قناة الجزيرة ربطت بين الشريط الاخباري وصورة قناة سودان بكرة بوثائقية الجزيرة اغنيات كانها كرنفال من الفرح البهيج في احدي معسكرات النازحين تمثلت خليل افندي فرح حضورا بقوه ( سيرة ام دي جنينة راحلة ) ويقصد اهو حفل زفاف متحرك ام حديقة من الزهور تسير ؟ كان كذلك بالفعل كان يغني وسط كرنفال بهيج وسط ضجيج الالوان المبهجة لنساء وبنات معسكر النازحين ومعهن اطفالهن يرددن خلف المغني والاطفال يشجعون حالة التطريب في حفظ صارم لكل كلمات الاغاني .
عندما اطل من شاهق بقناة سودان بكره كان اندوكاي كطائرة درون تحتضن المدينة لاخر مرة بالتقاط صورة شاملة لها قبل ان يلقي بها قناص في مكان ما .
كان كذلك يقف علي تلك الربوة التي ربما وقف عليها من قبل فرسان (دروتي) الذين هزموا الفرنسيين والقوا بهم الي بعد مملكة وداي ( تشاد ) , وقف اندوكاي بذات الصوت ليسارع الخيط في ذهني ويربط بين الصور والذكريات اتراه هو نفسه مغني المعسكر الوسيم ؟ اهو نفسه من مر علي شريط راديو دبنقا الاخباري كشريط اخباري محايد فنيا ومهنيا ؟ اهو ذاك الذي يغني للسلام وللعدالة وللحرية كالورد ينفح بالشذي حتي انوف سارقيه ؟
يا اندوكاي ياشجرة الصندل العتيقة لاتخف سنكشف قاتلوك لان عطر جذعك سيكون علي افؤسهم , لان دمك سيقطر صندلا ويجتاح خبىئة الجفير , لان صوتك سيحلق فوقهم ويشير اليهم لان الاطفال الذين كانوا يفرحون بطلتك سيحلقون حولهم في الطرقات وينادون ( هاهم القتلة ) .
اندوكاي ياخرزة سوميت بعنق الميارم . ياهلالا من ذهب بحريرة علي جبين طفل في احتفالات الختان بمعسكر النازحين , ياخرتاية متربة تحمل اقلام خشب مناصفة ودفاتر ممزقة وكتب مدرسية بالاشتراك ومقاعد من الطوب اللبن في الفصل ( الرقراق ) والضوء المتسلل الي السيورة من فتحات حصير السقف ومسحوق الطبشير ولمعة الذكاء في الاسئلة القلقة
محمد يوسف اندوكاي اشعر بالخزي والخجل والتطاول وانا اتحدث عنك قامة وابتسامة لكانما يطاردني صوت الشاعر العربي في تقريع مستحق :-
( لا الفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي مازودتني زادا )
واعذرني يا اندكاي لن امارس جلد الذات او لوم احد . لاحكومة ولا احزاب ولا مجتمع مدني ولادولي ولا اميون ولا حملة شهادات عليا قد تنتهي بالدكتوراة او لا ... لن الوم احد لان من شان ذلك ان يستدع تقريع شاعر عربي اخريقول:-
( اعاتبها والعيب منها سجية ومن عاتب الخرقاء مل عتابها )
اكتفي بقولي وداعا اندوكاي وداعا حبيب اطفال معسكرات النازحين وانقي له من حب واكرم به من مقام وسلام عليك في الخالدين مع الشهداء والصديقين وحملة الرسالات العظيمة .
محمد عبد الجليل جعفر | كاتب | محامي\ عضو حملة انصاف للعدالة الانتقالية
الخرطوم \19\ مايو \ 2022
mohamad_abdogafar74@yahoo.com
////////////////////