لا تَصْلُح للوقوف رامِزةً للقَوميّة

 


 

 

بعد الثوره مباشرةً غَزَت قوّات حميدتي العاصمه بمُدُنِها الثلاث في شكل نقاط ثابته وارتكازات أمنيّه وتَغَلغَلَت في المركز والأطراف لِحَدٍّ إستَفَزّ البَعض وفي القُلوب عَوالِقٌ إمتَدّ تأثيرُها ما بين إنتفاضَة سبتمبر وأحدَاث دارفور وفَضّ الإعتصام وعِلاقَة الوَلَد ، الدعم السريع ، بِوالِدِهِ الدكتاتور السابق. من الناحيه الأخرى بلَغ الإعجاب ، حينَها ، بالبَعض أن بدأوا يُفَكّرون بتوفير بَعضِ سُبُل الرّاحه لهذهِ القُوّات حَيثُ ارتكازاتِها كالطَّلَبِ من سُكّان الجِوَار توفير بعض المُعينات من أكل وشُرب والسماح بدخول الحمّام.
في نَبْرَةٍ مُماثِلَه ترتفِع الآن بعض الأصوات وهيَ تُجاهِرُ بآراءٍ تَنِمُّ عن " الإعجاب " بقائد الدّعم السريع كَونِهِ إنحَازَ مَعَ الحق ، الإطاري ، دونَ مُداراه وعَن مَدَى صِدقِهِ وعَفوِيّتِهِ وعن مواقِفِهِ المُعلَنَه دونَ وجَل في مواجهة المجموعه العسكريّه.
عندما اندلعت الثوره ثَبَتَ أنّها قَد غَزَت كل القلوب إلّا مَن أبوا لأسبابِهِم ! .. وإلّا القوَّتَين النظاميَّتَين وجهاز الأمن والمُخابَرات وبالطّبع أجهِزَة الأمن الشّعبي والشُرطه الشعبيه والدفاع الشّعبي هذه الأجهزه التي ( قيلَ ) أنّها قَد حُلَّت بعد الثوره.
وَرَقَتُنا الأمنيّه الأولى ضمن البرنامج الإسعافي لفترة الأنتقال ، وكُلّ مُلاحقاتِنا لحكومة الإنتقال والتي كانت من أجلِ الإصلاح الأمني ، هَدَفَت أوّل ما هَدفَت إلى ترحيل قوات الدّعم السريع خارج المدن لأجراءِ تقييم لِقُواهُ العامِلَه مِن النّواحي النفسيه ، المواطَنَه ، التعليم ومحاكمة مَن يَثبتَ إرتكابهم لجرائم والتحقيق الذي يجب أن يُصاحِب الرقم الوطني والجنسيّه وبقية الأوراق الثبوتيه التي تَمّ صَرفَها بِكُلّ الكَرَم المَغموس في الفَسَاد الذي لَم يَطرِف لَهُ جَفن ولم يستَوقِفُهُ حقٌ وطني.
من تاريخ وسُلوك هذه القوات وتركيبتها الإثنيه والشكوك في إنتماءِ بعض مكوِّنِها للتراب السوداني ولإفتقارِها للعقيده السليمَه والتّدريب الفني والنفسي بجانب العسكري هي قوات لا تصلُح إطلاقاً للوقوفِ وَحْدَها رامِزةً للقوميّه وحتى إدماجِها يجبُ أن يؤخَذُ بِحَذَرٍ شديد فهو سيكون عباره عن إغراق لِما تبقّى من جيش ، إن كانَ ثمّةَ ، فيها. فَمِن ناحيَةِ أعدادها وتَسليحِها وعَتادِها وانتِمائها وسَبَبِ تكوينِها فلا يَملِكَنّ أحَدٌ الحق في المُناداةِ بأن يكونَ لها موطئ قَدُمَ في أيّ سُلطَةٍ قادِمَه فهذا أو الطوَفان.
دَعَونا إلى إنشاء جهاز ألأمن الداخلي لأهَمّيّتِهِ ووضعنا كلّ هياكِلِهِ ومستلزمَات إنشائه وسرعانَ ما صَرَفنا النظَر عن ذلك وبدأنا ندعو الله أن يَصرِف أنظار أهلِ الإنتقال عَنْهُ لَمّا تأكّدَ لنا أنّ الجميع شَرَعَ سِكّينَهُ من أجلِ القسمه ولم يكن الدعم السريع بتأثيرِهِ الطاغي إستثناءً.
نحنُ نؤمنُ إيمانًا قاطِعاً بضرورةِ إنشاءِ جهازٍ للأمن الداخلي ولكن ما لم يَتِم هذا الإنشاء في جوٍّ معافى وبالأيدي السليمه تحت ظِلّ ديمقراطيّةٍ راشده موثوقٌ بمكوّناتِها ومجلسٍ تَشريعيٍّ مُرَاقِب فسيكونُ وَبالاً يُضافُ إلى كُلّ ما هو خَصمٌ على الوطن وإنسانِهِ وحُرّيّتِهِ وكرامَتِه. نَشهَدُ الآن سِباقاً محموماً للزّمَن لغَرَض إنشاءِ هذا الجهاز. ولا يّغيبَنّ عن البال أنّ السُلطه الموجوده الآن غير مؤتَمَنه على هذا الإجراء فهي سلطه إنقلابيه وكُل أجهِزَتِها ، ومنها تلك القائمه على إنشاء الجهاز ، ليس لها الحق في ذلك فهي سلطه تُمَثّل اليد الباطشة التي استماتت لتثبيت الإنقلاب.
الشُرطَه تُعتبر جهازاً فَنّيّاً مُتَخَصّصاً لا يقبَل بأيّ حال دَمْجَاً لقوّاتٍ أخرى بينَ صُفوفِهِ أو إضطِلاعِ قُوّاتٍ أخرى بمهامِهِ أو تَقَاسُمِها الأداء مَعَهُ. عندما نقرأ عن ضبطيات تقوم بها أيّة مليشيا فذلك يقودُ إلى مَزيدٍ من إرتجاجِ الثقه في الشرطه لذلك فالمطلوب من أيّ جهه لديها معلومات أن تنقلها للشرطه لأنها هي صاحبة السلطه قانوناً للإجراء.
أبَداً لَن تكون هنالِكَ مُبَرّراتٌ تُساقُ ويُسَوّقُ لَها وهيَ تَدعُو لِ ( بَلْع ) غُصّة الدعم السريع وإبداءِ الإعجاب به وبقيادَتِهِ. يخافُ البعض مِنْ ( الآتي ) وبالتالي يلوونَ عُنُق الحقيقه لتتماشى مع ما يعتقِدونهُ ويُسَبِّبون لذلك بأنّهُ مما تقتضيهِ المَرحَله متجاهلين أنّ المرحله تقتضي التراص في صفّ الثوره حتى بلوغ الغايات. الإنحِناء الذي يدعو إلَيهِ البَعض حتّى تَمُرّ العاصفه ما هوَ إلّا هروبٌ من مواجَهَة الحقيقه و يتناسى الكثيرون أنّ للآخرين عقول تتفوّق على عقولِهِم لأنّها مغموسَةٌ في الشّر ولأنّ دوافِعَهُم تُحَرّكُها الأصابع الأجنبيه ويُحَرّكُها خوفُهُم على حيواتِهِم مما ارتكبوا من فظائع وأموالٍ اقتَرَفوها اذاً فلن يكونوا صَيداً سهلاً.
هذه هي أقسى مرحله في تاريخ الوطن. خُذلان هذه الثوره مُتاحٌ للكثيرين فليخاف البَعض من قَلَم التاريخ فالكُلّ زائل وستبقى هذه السطور وهي تؤرّخُ لكلّ ما هو ( شين ) في حقّ الكثيرين.

melsayigh@gmail.com

 

آراء