لا تُقبِل على نبعنا لو كنتَ ظمآنا !
عبد الله الشقليني
14 February, 2013
14 February, 2013
لا تُقبِل على نبعنا لو كنتَ ظمآنا !
abdalla shiglini [abdallashiglini@hotmail.com]
أشمّ الرائحة التي يمتاز بها بيت جدي ...،أضف عليها رائحة البخور الذي يعبُقُ دائماً في مجمر الفخار الكبير، رائحة تذكرني بتقشُف جدي في العيش ...،وإبريق من النحاس عليه تصاوير ونقوش ، وله طشت من نحاس ايضاً وهو يفتخر خاصة بمسبحته لأنها من خشب الصندل ، يداعب حباتها ، ويمسح بها وجهه ويستنشق رائحتها . وكان إذا غضب من أحد أحفاده ، ضربه بها على رأسه ، يقول إن ذلك يطرد الشيطان .
موسم الهجرة إلى الشمال – الطيب صالح
(1)
أبي يشترك مع جدّ الراوي في كثير من الخصال . وليست الصور الروائية إلا قطعة من جُبن الحياة ، نستطعمها مثل كثير من الأطعمة عندما تتيسر . لها في التاريخ ملامح ليس من السهولة محوها . تبدو قصصاً مألوفة في مُجتمعاتنا .
ذات يوم في سالف العصر والأوان ، وقبل أن يمتزج التديُّن بالسلطة ، وقف أبي أمام صندوق مُكبر الصوت توطئة لرفع أذان الجمعة بالمسجد المجاور ، وإذا بشاب في مُقتبل العُمر يسلِّم عليه بصوتٍ خفيض ، ويطلب السماح له بكلمة من بعد صلاة الجمعة يتحدث فيها إلى جموع المُصلين عن الدِّين . تعجّب والدي أول الأمر فما اعتاد مثل تلك الخطابة من الجيل الصاعد ، ثم فرِح بالأمر . وناداه ليرفع الأذان . ارتجف الشاب من المفاجأة وتلعثم . وقال : إنني لم أرفع الأذان من قبل !
فرد والدي :
- جرب الآن فإن الأفضل أن يُقدمُك إلى المصلين صوت أذانِك ، فهو خير تعريف بشاب له قدرة على مخاطبة الناس وأن يبدأ المرء من حيث ينبغي .
تعرّق الشاب وارتبك ،فطمأنه والدي ولقنه تجريباً صيغة الأذان عُدة مرات . ولما أتقنها ، فتح الجهاز و نقر بأصابعه على الميكرفون ليتأكد ، ثم صدح صوت الشاب .
(2)
مرّ الزمان .أمطرت السماء حبراً أسوداً، وأنحنى التسامُح للريح ريثما يلتقط أنفاسه ،حين نهضت الغلظة التي دفنها التاريخ من سباتها . خرج هيكلها العظمي واكتست لحماً وانتبهَتْ من جديد ، وعلى يد التنظيم والجماعة نهضت فقد كانت من قبل هباء منثورا ، وإذ هيّ الآن حية تسعى . طَرَدَت التسامُح من ثقافة الناس ،فلَمْلَمَ الأخير أطرافه ورحل. شهدنا زواج السلطة بالدين على عجلٍ ، في سباق مع الزمن كأنها تخشى من فضيحة حَملٍ كذوب . كأن الدُنيا ستنفجر لو لم يدركها تنظيم الجماعة ويعتلي سُدة الحكم والسلطة ،فالدُنيا وزينتها أهمّ وأجلّ في نظرهم . صمتوا زماناً ، إلى أن استهلّ شيخٌ من أهل التنظيم دفاعاً عن السرّية في مكر السوء في قضية السلطة وسرقتها بليل ، فقال :
- قال الرسول ( استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ، فإن كل ذي نعمة محسود ) واستتبع النص المقدس ، بأن ذكر أن الديمقراطية هيّ من صناعة الناس ، ونحن ننتهج نهج الرب .ثم أردف {... وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ...} الشورى38 .
ثم أسهب في شرح أن " أمرهم " تعني " الحكم " !.
(3)
بعد السمع اطمأن العامّة من أبناء أُسر الإخوان على صحة السند المُقدس وقائله ، دون تدقيق في النص أو اختبار الصحيح من المزعوم ، ولا السؤال النقدي عن المناسبة التي قيل فيها الحديث أو نزلت في شأنها الآية القرآنية وصلة كل ذلك بالانقلاب العسكري ! . طافت البراءة بالأذهان الطريّة ، فقد تركوا العبء الثقيل على منْ يسمونهم " أهل العلم " من مشايخ الجماعة والتنظيم . وهؤلاء يمكنهم تأويل ما يسندُ ظهر التنظيم بإعمال القطع واللصق كما يشاءون من النصوص المقدسة وبما يلائم الحاجة الدنيوية ، ويقولون مثلاً { (الضَّرورةُ تُقَدَّرُ بقَدرِها)، وهي قيدٌ لقاعدة : (الضَّروراتُ تُبيحُ المحظوراتِ). وصار حبل المرجعية على الغارب السياسي ، يكيلون لكل حادثة مكيالاً يُناسب حاجاتهم وحاجات التنظيم. وينصبوا فخاخ إدعاءاتهم بأن علومهم مأخوذة عن السلف الصالح ، ويلْقُون بطنينهم على أذان الطيبين ، فيسرقون منهم اليقين بالكذب الصراح والغرض المــُبطّن. إذ هم الذين نصَّبوا أنفسهم " أهل الحلّ والعقد والفتوى "، بل" أهل العلم !" ، وأنهم الصفوة الذين يُطاع أمرهم دون تردُد ، ويُنَفذ مطلوبهم دون تأخير ، فهم قد نشروا على الناس أنهم أهل الدعوة الحق والفئة الناجية الوحيدة ،وبنهجها الطريق مُيسر إلى لله . فحسبوا أنفسهم همّ المرجعية التي تربط الناس بالأرض وبالسماء . يدبرون أمرهم في التنظيم والسياسة والحكم وفي كل شيء ، ويلبِسون أولياء الأمر من جماعتهم حُلة القداسة، حتى لو جاءوا للحكم بالمُجنزرة !!. فقد جعلوا من أنفسهم كذباً أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون!.
إن العقل يقول إن آية الشورى نزلت للنبي الأكرم وهو القائم على أمر الدين والدُنيا وقتها ، فكيف انتزعوا " الحكم " إنابة عنه بمخالب الانتقاء ؟، أليسوِّقوا أنهم أهل الحكم وأباطرته والناطقين بأمر الله بموجب " أمرهم شورى بينهم " ؟! .لقد رءوا الدِّين طيعاً لأغراضهم بالتأويل والتحوير والفتوى المُتغيرة لتخضع العقول الطيبة ، ويكسبوا هم الدُنيا !، وجميعنا يعلم من التاريخ أن صحابة النبي الأكرم عندما أرادوا الدنيا والسلطة ، لم يذهبوا للمسجد كي تختلط العقيدة بالسياسة كما يفعل أهل التنظيم اليوم ، بل ذهبوا لسقيفة" بني ساعدة "لأمر الدُنيا ، لا الدِّين.
(4)
كانت سبتمبر 1983 هي ضربة البداية الأولى ، فقد اختبئوا قبلها من وراء السلطان من بعد مصالحة (1977) بين السلطة و"الجبهة الوطنية " ، وأعادوا تشكيل التنظيم تحت قيادة على درجة عالية من المرونة والقدرة على تلوين التنظيم بحربائية عصية على الملاحظة. ودخلوا مفاصل السلطة من الباب الخلفي ، أسسوا لتجارتهم في ارزاق الناس وأمنوا المال للتنظيم بمعونة السلطة . و عندما استراحوا نشروا كل حبائل المكر والإعلام المنظم ، ليوهموا رأس الدولة بأنه آخذ شرعيته من الله ،الذي آتاه الحُكم .أخذوا يوعزون إلى السلطان بأنه الإمام المجاهد .فكان الوطن موعوداً بالتطبيق الغليظ للعقوبات ، وتمّ حرق التراث القانوني للسودان المُكتسب من قوانين إنجلترا وفرنسا والمسودن ، ليذهب كله إلى النفايات العامة ، وأصبحت المراجع القانونية صوراً من مرجعيات تنظيمهم التكفيري ، ليصبح الدِّين وفق اجتهاد الذين اختاروهم أئمة من مراجع التراث ، دون التفكّر في الزمان ولا المكان. وصارت أدبياتهم هي المرجع لقوانين السودان الإسلامية حسبما رءوا !. بل استفرعوا نفقاً مُظلماً وأسموه "العدالة الناجزة " لرجّ العقول بأن التغيير حادث لا محالة ، وصارت البلاد على موعد مع الجلد والقطع والبتر والشنق والصلب .
قال أحد مُستشاري الدولة وكبيرهم في التنظيم في ذاك الزمان ، تعليقاً على تنفيذ العقوبات من بعد سبتمبر 1983 : (لا تهم غلظة التطبيق ، بل يهُمنا بسط شرعة الله !) .
(5)
تنقل كبيرهم في الجماعة في بطون أجهزة الأمن القومي ، وقد ارتدي حُلة السلطة أنّا كان رداؤها . يغزلُ من خلف نزعة الصلاح والتديُّن في شخص الحاكم نول القوة لتنظيم الجماعة لتتمكن في مُقبِل أيامها .وتمرّن قادتهم على عتبات الحكم وعرفوا وخبروا أدوات ممارسة السلطة والحكم ، واتبعوا نهجاً حين استقر أمرهم في " غسيل المُخ " المبرمج .صعدوا لسنام السلطة الممثلة في رأس الدولة في نهاية السبعينات إلى بدء الثمانينات من القرن الماضي. وصار الحاكم يدهم الطيعة لصناعة برنامج إقصاء خصومهم السياسيين الذين لم يستطيعوا مقارعتهم الحُجة بالفكر ، فمكروا عليهم بنفيهم من الدُنيا أو الاستتابة المُذلّة بين أيدي القضاة الذين استعملوهم بسلطة الحكم . وتم التطبيق الحديدي للغلظة بحقد قضاة الطوارئ المدسوسين تحت عباءة القضاء السوداني ، من الذين تمّ انتقاءهم من القضاء الشرعي ، وصنعوا من " كتابة منشور ضد السلطة " وهو أصل الدعوة القضائية ضد الشهيد " محمود محمد طه " وتم تحويل القضية إلى خروج عن الدِّين والعقيدة ، واغتالوه في خرق مفضوح لهيبة القضاء وسلطة التشريع والأعراف القانونية . وثبــّتوا المكر على الحاكم بأن المحكمة الشرعية السابقة عام 1968 قد أفتت بتكفيره ، لذا لا يحق له " الاستتابة " لأيام ثلاثة وإن أراد ، وقالوا أنه مضى أكثر من عقد دون أن يتراجع " محمود " عن " زندقته " كما زعموا . وزينوا للحاكم أن توقيعه لتنفيذ حكم الإعدام شكلاً اقتضته الضرورات التي تُقدّر بقدرها ، وهو وإن كان الحاكم فلن يستطيع أن يُعدِّل حكم الله بالتخفيف أو التبديل ! . هكذا صار التأويل والتفسير والتكفير حُكماً من أحكام الله وفق رؤيتهم للدِّين في حُكم الدُنيا . ومكروا مكر السوء لأن التنظيم في حاجة لإزاحة المُفكرين ،فالفِكر عدو للجماعة وللتنظيم ، فهو يُخلخل المكر ويهزّ هيبة الكذب ويكشف الخواء الفكري ويعري الرغبات الدفينة التي تهدف ركوب السلطة ومجدها و اعتلاء الحكم ووراثة الأرض والثروة لأبناء وبنات الجماعة ! .
(6)
وعند ثورة مارس أبريل 1985 ، كان التنظيم قد جهّز عدته وعتاده : الفكرة و التنظيم والقوة ، وأصبحوا في انتظار ساعة الصفر من أجل التمكين . انتظروا حتى وجدوا سبيلاً ايام الديمقراطية الثالثة للائتلاف مع حزب السلطة الأكثر قوة آنذاك ( الأمة ) ،واستكمالاً للبنيان الذي شيدوا أساساته من قبل بدءوا استرداد قربهم الدافئ من مفاصل السلطة والقوة الصلبة والناعمة . وعندما انفضَّ الائتلاف وخرجوا من الحكم ،بدءوا اللعب بقوت الشعب من شراء الخبز ورميه في جداول صرف الأمطار ، ليزيدوا غضب العامة من سوء تدبير الدولة !! حتى يكون لانقلابهم اللاحق على السلطة الديمقراطية مبرراً في نظر العامة .ثم تجهّزوا بليلهم ، واستعانوا بالتنظيم الدولي الأم والعابر للقارات ، ثم كان الاسم الكذوب " الإنقاذ " ليُمرر الخديعة . وعندما واجههم خصومهم بالنص المقدس ( من غشَّنا ليس منا ) ، قالوا مرجعنا : ( الحرب خدعة ) !، وعنوا بذلك حرب الكفّار الفُجّار ، وهو وصفهم للأغيار المخالفين للجماعة والتنظيم !!
(7)
شهدنا في تسعينات القرن الماضي بشائر الكراهية والقتل والإرهاب تتجمع من بعد استقطاب التكفيريين في المؤتمرات الشعبية الإسلامية التي استنفرها " كبيرهم الذي علمهم السحر " . شهدنا مقتل المصلين في الجمعة في مدينة الثورة الأم درمانية بالكلاشنكوف المقلوب لصيد المصلين عند السجود ! . وشهدنا مقتل المصلين صُبحاً بقرية " الجرّافة " شمال أم درمان ، و سمعنا بمقتل الدبلوماسي الأمريكي قرانفل وسائقه السوداني ، وسلسلة من القتل التكفيري الممنهج في الجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور وكردفان والشرق والشمال ، حتى استدعت البشاعة التدخل الدولي ، فالداء السرطاني صنعته الجماعة في مختبرات التنظيم . يحيا تنظيم الجماعة بالطرد والتهجير والدم المسفوح.ها هي أشباه المدائن والقرى التي لا نعلم كيف تم فيها التخلص من البشر لمجرد فكرة تكفيرية خطرت لأحدهم . قصص كثيرة لم تلتقطها العيون الإعلامية وظلت في صدور القتلة ، وانتشر الخبر عن الضحايا كمفقودين !! . فتشوا عن مخارج الفتاوى عند أشياخهم ، فهم أصحاب الصناعة التي تضفي القدسية على كل بدعة وكل جور .وفي الحرب الموقدة مع الأعداء المُحتملين للتنظيم ، يسمحون بكل فجور في الخصومة ! . فالوطن وقد صار قبلة التكفيريين بعد أن تم تجهيز الأرض وتسميدها وتسويتها للقتلة الذين يحملون شعارات نصرة الدِّين لمشروعهم الخاص . هزموا السماحة واغتالوا الوسطية التي تدعو إلى الله ترغيباً لا ترهيباً .
(8)
قصص لا تنتهي بعد أن ثبت أن تكفير الآخر أمر مقصود ، ليأتي أُكله وقت حصاده . وصعدوا إلى العقول الغضة في زهو الشباب بفكرة جهاد الدم . تحولت هيَّ من خواطر مُجتهدين غليظي القلوب ،إلى إباحة قتل النفس دون أن يرمش للمنفذين جفن ، فقد أخذوا صك الفتوى وإباحة الدم بالتأويل المُختل . الأبواب مشرعة . مال وعتاد يأتي عابراً للقارات والدول . خيط يربط الغلظة الجديدة التي بدأت قصتها مع المؤسس الأول للتنظيم : " حسن البنا " في نظامه الخاص وأمّنها " سيد قطب " في أسفاره ، وسلسلة من أتباعه في التاريخ اللاحق. انسكب التكفير منهاجاً غليظاً ضد الآخر ، وأصبح القتل بديلاً للحوار والدعوة بالحُسنى . ويعتبر التكفيريون أنفسهم هم أهل الحقيقة المطلقة ، ومن يختلف معهم فهو خارج عن العقيدة والملّة ، وكافر يستحق القتل !!.
(9)
هنالك مقولة يعرفها الجميع : متلازمة ( أينما وُجد الفقر والبطالة انفصلت علاقة تلك الجماعة بالأرض وبدأت علاقتها بالسماء. إنها الجماعة التي تتسمى بأسماء عديدة منها السلفية و الجهادية و الوهابية والمتطرفة والتكفيرية وأسماء أخرى خادعة ) . تخيّل معي ما الذي سيحدث إن قامت تلك الجماعات المؤتلفة بتجهيز البنية التحتية للفقر والجهل والبطالة والمرض ؟. وقد فعلوا دون شك ، بل وعلو ا في ذلك علواً كبيراً . وانتشر الدم في الأرض حاصداً لكل خير ،كمغيب الأفق الغربي الأحمر بين الأرض والسماء ، وانكشفت حروب الاستئصال ، ونهضت جبال الجماجم تسُد الأفق !.
(10)
انتشرت اللغة الجديدة وتضخمت مثل السرطان في أفواه أصحاب السلطان وألسنتهم . مفردات وخطاب إعلامي جديد على الناس ،قديم قِدم التاريخ. لغة سلفية جديدة ، منحوتة من خطابات أئمة مساجد القرون السالفة .اللغة التي مشى عليها الدهر بالمدحلة وبسط عليها الإسفلت الساخن . جاءت من وراء القرون تتمطى من أثر نوم دهرٍ عميق لحاضر التسعينات في سنوات طفولة الحُكم الذي امتدت مخالبه الشرسة إلى اليوم ، تهدف نزع البشر من حياتهم الاجتماعية والثقافية التي اعتادوها .نادوا بإعادة هيكلة الإنسان السوداني من جديد !. نادوا بالاغتسال من كل التراث الاجتماعي والثقافي والقانوني والاقتصادي والديني ، والعودة إلى الأصول كما يرونها هم! . ونحن نعلم علم اليقين أن أصحاب هذا المشروع عندما كانوا زملاء دراسة جامعية ، لم يكن لهم كثير شيء في الثقافة . أشداء يتسابقون إلى قاعات الطعام المجاني ، يتناولون منه مثنى وثلاث ، يحبون الميري الحكومي و " المجّان " ، وعندما نهضت دولتهم الرسالية، تجدهم يغتالون الميري و " المجانية " ودعم الدولة للفقراء ، ويستبدلونها بالتخصيص لأتباع التنظيم. آن للفساد المؤسس أن ينشب أظافره فيهدم الدولة و ينخر في أذهان الناس و ويهدم الأخلاق التي يتباكون عليها صبح مساء !.ذات النظام الذي حرموه عن جميع الذين افقروهم في أرياف السودان وأشباه مدائنه ،حتى حال الفقر بينهم و أن يتعلموا! . إذ صار العلم في زمان سلطتهم لمن استطاع إليه السبيل !.
هذه هي الدولة وهؤلاء هم منْ أقامها . يقوم الخراب على أشلاء البشر الذين اضحوا غرباء في موطنهم ،دماؤهم حلال هدرها وأموالهم مُباح أخذها عُنوة .
وَصَلَ التنظيم نفسه بالشركة القابضة العابرة للقارات بعهد وميثاق . اتخذ ذات السبيل للوصول لمفاصل السلطة عبر خمس خطوات : الفكرة ، التنظيم ، القوة ، المال، التمكين .و المنهاج وسيلة مُتّبعة ترى الغاية تُبرر أية وسيلة ممكنة .
(11)
كل ما يطلبه المواطنون والمواطنات الآن بعد هذا العُمر الطويل من الأسى : الحرية و العدالة الاجتماعية والقوت. مطالب أولية لإنسان القرن ، في وقت سَخِر العالم من نتائج فكرة أيديولوجية كارثية للتنظيم الذي حوَّل الدِّين فيها إلى برنامج سياسي ظلامي ، يوسِم الناس بالحديد والنار ، موجه لخداع الفطرة السليمة الطيبة لمجتمع قيد خطوات النمو الأولى . هدموا ما تبقى من مؤسسات الدولة وقسّموا البلاد ويسعون الآن حثيثاً لتفتيت ما تبقى منها .
كم من العُمر بقي يا تُرى ، ليكفكف ذلك التنظيم سجادته ، المليئة بالفقر والفساد والدم والحقد ويرحل ؟. القتل وقد أضحى عادة يومية ، صعد بها السفاحون من سفوح أشباه المدائن إلى جبال الهامش العالية ، وألجئوا الفقراء كهوف الضِّباع !.
*
منْ الذي يصدِّق أناشيد التنظيم والجماعة حين تقول :
اقبل على نبعنا لو كنتَ ظمآنا ..؟!
عبد الله الشقليني
25/12/2012