لا يا شيخ على : ما هكذا تورد الابل!! (1)

 


 

 




-          لا يلومنّ أحد العبد الضعيف إذا ما اعترته نوبة من الهستريا والهذيان ، وأن لا يظنن أحد أن بي مس من شغف البحث عن المتناقضات في أقوال وأفعال الرموز والنخب الحاكمة، حين تربعهم على الكرسي الوثير ، وبين أقوالهم بعد مغادرتهم له!! . هذه المقدمة هي لزوم ما يلزم للتعقيب على  دعوة عضو البرلمان النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الشيخ على عثمان محمد طه لسن قانون ينظم العلاقة بين الدولة والمواطن واعتبر أن عدم معرفة المواطن لحقوقه في مؤسسات الدولة يعتبر مدخلاً (للفساد) والبيروقراطية ، وأكد تحول مؤسسات الدولة أفراد يديرها( نفرين ثلاثة) ، كما دعا  لتوسيع دائرة الحوار للمواطن !! سبحان الله مقلب القلوب وتحول مواقف البشر بين النقيض والنقيض!!
-          أولاً  بمنتهى الأمانة صُعقت وأنا أستمع لدعوة الشيخ على  عثمان محمد طه التي جاءت متأخرة ما يقارب من عقد ونصف تولى فيها منصب ومسئولية النائب الأول ، ومثار دهشتي أنه كان بمقدوره أن يضع ما دعا له اليوم قبل (15) عاماً موضع التنفيذ!! ، فلماذا إذن جاءت هذه الدعوة بعد أن غادر  منصب النائب الأول للرئيس حينما كان بامكانه أن يرسل مقترحه للبرلمان يزمئذٍ؟! والاجابة لا تحتاج لقدح العقل لأنها بديهية ومعلومة!ّ!
-          المشكلة أن رموزنا  - مع كل التقدير والاحترام وحفظ مقاماتها - لا تريد أن تتقبل مبدأ أن الشعوب ذاكرتها حديد ، ذاكرتها على النقيض من ذواكر الساسة، وبرأيي  أن الساسة لا يتمتعون (بذاكرة) ، فالذاكرة تُعمل للإجترار والتذكر، وهم لا يجيدون اعمال نعمة التذكر التي تنفع المؤمنين!!،  بل إنها مجرد قاعدة بيانات تردم فيها التصريحات أياً كانت سواء للاستهلاك المحلي أو ذات مصداقية ، ويتعمدون نسيان ما فيها من أقوال أيام الجلوس على الكرسي الوثير حيى يبلغها الران ، وليتهم يستعيدونها بعدما " يتنحون" عنه سواء برضى وزهد -كما قيل-  أو بالاعفاء كوسيلة لقياس الأداء.
-           فعندما كان شيخ على في الكرسي كان يدافع عن (الحكومة وقراراتها) ، وعندما عاد ليحتل مقعده في المجلس الوطني -  لدهشتي - صار مدافعاً عن حق (المواطن المغلوب) على أمره!! . فجأة وبعد عقد ونصف ظهر علينا الشيخ نائباً برلمانياً يطالب الحكومة بأن تبنى الثقة المفقودة بينها وبين مواطنيها، وكأننا لسنا أصحاب تجارب منذ أول برلمان عقب  الاستقلال وقد شبعنا من " والخرط الفاضي"  للنواب ، وهو  يعلم جيداً أن الثقة  فقدت قبل وبعد و منذ أن كان نائباً أول للرئيس !! .. يا سبحان الله  بالأمس  كنت هناك في القمة فلماذا لم تبادر  بهذا الذي تطالب به الحكومة من قبة البرلمان يا شيخنا وكنت حينها تمتلك كل (الأدوات والامكانات والمعينات والمطلوبات )؟!
-          ماذا فعلت يا شيخنا عندما بُحّ صوت الصحافة ودعواتها للتحقق من شبهات الفساد الذي نخر عظام ومفاصل الدولة وعشعش في كثيرٍ  من دواوينها؟! ، ومثلي مثل غيري من أفراد هذا الشعب الصبور لم نسمع عن أي تحقيق عدلي جدي جرى على مسمع ومرأى من الشعب، بل أذكر  أنك  أعلنت  في لقاء جماهيري اعلاناً أشبه بما يسميه أهلنا الغبش " فض مجالس .. أو كلام ساكت!! " إذ قلت :[ الداير يحارب الفساد بلقانا قدامو!! ] ، ولكننا تلمسنا بعد ذلك أن فقه السترة كان هو  السيد السائد !!
-           هل يعقل أن تصدر هذه الدعوة من مسئول الثاني في الدولة بينما كانت روائح الفساد الكريهة والنتنة تفوح وما زالت تفوح حتى قفل الناس أنوفهم ، ناهيك عن تناول المواطن لها في السر  والعلن، فماذا حدث  في شبهات تهمٍ طالت المال العام، وعلى سبيل المثال لا الحصر: خصخصة سودانير ، بيع خط هيثرو ، شركة الأقطان ، مشروع الجزيرة ، المخصبات الزراعية المضروبة ، والبذور المنتهية الصلاحية ، الجبايات ،  مضاعفة رسوم  أجرة عدادات  الكهرباء(أم غمتي) دون إخطار  للمواطن ، بيع المبني الديبلوماسي في جنيف، بيع النقل الميكانيكي ، النقل النهري، التحقق مما صرح به د. غازي صلاح الدين من 84% من الميزانية  تذهب لتمويل نشاطات الحزب الحاكم!!،  وماذا عن امتلاك الحكومة لـ (750) شركة نافست وأرهقت القطاع الخاص بينما كانت تدعو للتخصيص والخوصصة واقتصاد السوق؟! وماذا عن التجنيب وما أدراك ما التجنيب؟!! ، وقد كنت يومها النائب الأول وإلى أن غادرت منصبك، أي أنك الرجل الثاني في قمة الجهاز التنفيذي؟!!
-          كنت أتمنى لو أن الشيخ على لم ينبث ببنت شفة ، وهو الشيخ المتفقه بشئون الدين الحنيف ولاشك أنه مطلع ومدرك لحديث سيدنا معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم: [ وهل يكب الناس على وجهوهم في النار إلا حصائد ألسنتهم] .. قال أهلنا البسطاء " الصراحة ما بتْزَعِّل" فاستحملنا شوية يا شيخ علي " لو طلعنا شوية من الفي القلوب" !!  .. بس خلاص .. سلامتكم،،،،، يتصل

zorayyab@gmail.com

 

آراء