بسم الله الرحمن الرحيم
umsalsadig@gmail.com
في اللحظة ديك والتو
لحظة الميلاد
كنتي نقطة ضوء
فرهدت بيك فرهيد
وإنتشيت بالريد أنا
طرت بيك الجو
في يوم 17 أغسطس 2019م، في تمام الساعة الواحدة ظهرا بمواقيت الثورة كان الجميع يكتمون أنفاسهم انتظارا للحظة طال انتظارها..
كان فرح السودان مبهجا حيث امتلأت القاعة التي شهدت الحدث- مع بعض تأخير انتظارا للوفود القادمة لمشاركة السودانيين يومهم- امتلأت، بطاقة ايجابية عجيبة ولحظة نورانية من قبس الله ..
لحظة انهمرت فيها الدموع مدرارا ولم يخف حتى الوسطاء فرحهم الحماسي ..
تقدم للمنصة الأستاذ الجدير بالاحترام احمد ربيع القيادي بالحرية والتغييرفي اشارة لأهمية المعلم في العهد الجديد، والسيد نائب رئيس المجلس العسكري السيد حمدان دقلو بغرض استكمال إمضاء وثائق الحكومة الانتقالية بعد أن كانت بالأحرف الأولى منذ الرابع من أغسطس الجاري ، وتقدم معهم شهود الاتفاق: رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد والوسيط الأفريقي السيد محمد الحسن ود اللبات ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السيد موسى فكي والرؤساء سلفاكير رئيس جمهورية السودان والسيد ادريس دبي رئيس جمهورية تشاد والسيد اوهورو كنياتا رئيس كينيا و رئيس افريقيا الوسطى. وشهد لحظة التوقيع السيد رئيس الوزراء المصري ممثلا للرئيس عبد الفتاح السيسي والاتحاد الأفريقي السيد مصطفى مدبولي ووزير الخارجية السعودي السيد عادل الجبير وزير خارجية قطر سلطان بن سعد المريخي والامارات ووزير خارجية البحرين السيد خالد بن أحمد آل خليفة ووزير خارجية تركيا وممثل الاتحاد الأوروبي السيد بيكا هافيستو ووزير خارجية فنلندا وممثل امريكا، كما شهدها الامام الصادق المهدي برمزيته المهمة كآخر رئيس وزراء شرعي للبلاد وطائفة من الكرام والكريمات يمثلون ويمثلن طيفا سودانيا واسعا .
وبحسب المصفوفة الزمنية التي وضعها طرفا الاتفاق لتنفيذ الوثيقة الدستورية كان اعلان السيد شمس الدين كباشي، المتحدث باسم المجلس العسكري في مؤتمر صحفي عقد الثلاثاء، أعلن خلاله صدور مرسوم بحل المجلس العسكري وبتشكيل المجلس السيادي،برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي سيؤدي اليمين الدستورية صباح الأربعاء، أمام رئيس القضاء ويتشكل بموجب هذا الاتفاق المجلس الانتقالي السيادي واعضاؤه من العسكريين بجانب السيد عبد الفتاح البرهان هم السادة :محمد حمدان دقلو، وشمس الدين كباشي، وياسر العطا، وإبراهيم جابر كريم وقائمة الأعضاء المدنيين في المجلس السيادي الانتقالي هم السادة والسيدات : حسن شيخ إدريس عن نداء السودان، عائشة موسى عن القوى المدنية، وصديق تاور عن قوى الإجماع الوطني، ومحمد سليمان الفكي عن التجمع الاتحادي، ومحمد حسن التعايشي، اضافة لشخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين المجلس العسكري والحرية والتغيير : الدكتورة رجاء نيكولا.
وقد كانت معايير اختيار المدنيين الكفاءة وتمثيل رمزي لكافة أقاليم السودان الخمسة مع رمزية لتعدده الديني.
ربما كان هذا التمثيل للتعددية السودانية غير كاف لكنه لا شك الحد الأدنى الذي يمكن أن يساعد سفينتنا على العبور الآمن وهنا لابد من توجيه الشكر الخاص للقائد عبد العزيز الحلو الذي أعلن منذ البداية أنهم انما سيناقشون أمرا بأهمية السلام في السودان مع الحكومة المدنية المتوافق عليها وأيضا للحركات المسلحة الأخرى التي برغم انتقادها لكثير من الوجوه التي تشكل بموجبها المجلس السيادي لكنها لم تقفل باب الحوار الذي سيفضي بالتأكيد لسلام ننشده كلنا سلام بدون أن يكون شاملا وعادلا لن يستقيم أمر السودان ولن تفلح التنمية فيه ولن يكتمل العبورالآمن.
عدم التوافق النهائي على رئيس القضاء أخل ببعض بنود المصفوفة الزمنية حيث أدى القسم الفريق البرهان أمام رئيس القضاء الحالي ومعه بقية أعضاء مجلس السيادة ..
كما تم التوافق على اختيار السيد عبدالله حمدوك، رئيسا للوزراء، وسيؤدي اليمين الدستورية مساء الأربعاء 21 اغسطس ليكمل حكومته في غضون اسبوع ويعلنها في الفاتح من سبتمبر المقبل .
هذا النجاح المبهر جعل الثورة السودانية قدوة يتأسى بها ثوار العالم وهاهم الجزائريون يطلبون اليوم الثلاثاء 20 اغسطس من نظام الحكم الذي يثورون ضده الاقتداء بالنموذج السوداني فكم هذا جميل ومفرح..و صرنا نموذجا للاقتداء بعد أن كان النظام الذي يحكمنا تجسيدا للفشل ولما ينبغي تجنبه. حيث دعا حزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائري، جيش بلاده الى استلهام تجربة السودان وفتح مفاوضات حول “انتقال ديمقراطي” للخروج من الأزمة الحالية في الجزائر.
بل أنه عادت للسودانيين روح اهتمامهم بالآخر ونرى مغردا سودانيا يكتب في هذا الصدد “أبلغوا ثوار الجزائر بأنهم بعضنا الذي لم تكتمل ثورته وقولوا لهم إنهم سوف ينتصرون، ونفرح معا وإن فرحتنا في السودان منقوصة”.
فكم يثلج الصدور ويبهج الأنفس عودة الأمل للسودانيين باستعادة مكانة كانت لهم في العالم وعودة روح اكتوبر الأخضر فهذه الثورة أعادت للسودان روحه ومجده الذي تغنى به المبدع محمد المكي ابراهيم إبان اكتوبر الأخضر في 1964 في رائعته التي قال في بعضها :
ﺳﻨﺪﻕ ﺍﻟﺼﺨﺮ.. ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﺼﺨﺮ ﻟﻨﺎ ﺯﺭﻋﺎً ﻭﺧﻀﺮﺓ
ﻭﻧﺮﻭﺩ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻔﻆ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﺳﻤﺎً ﻭﺫﻛﺮﻯ
وتسلحنا باكتوبر لن نرجع شبرا ..
هذه الوعود الاكتوبرية مثلما نعرف لم تجر رياحها بمثلما نتمنى لأسباب كثيرة منها أنه حينها كانت تسود موضة انبهار بالانقلابات العسكرية وفهوم وعبارات تتحدث عن الديكتاتور العادل ..لذلك انتهت الحكومة الديمقراطية التي تشكلت بعد اكتوبر على يد انقلاب مايو برئاسة المخلوع المرحوم جعفر نميري..
وكان الاجهاض أيضا مصير حكومة الديمقراطية الثالثة التي تشكلت إثر انتخابات نزيهة تلت انتفاضة ابريل /رجب المباركة في 1985 على يد العسكر من ورائهم حزب الجبهة الاسلامية بعملية غادرة ومخادعة في 30 يونيو 1989، واستمروا يحكمون 30 عاما بوسائل انتهت الى تجريمهم من كافة الشعب السوداني..
اكتوبر وابريل كانتا ثورتين عظيمتين لكنهما لم تكونا بمثل زخم ديسمبر التي هي ثورة اجتماعية شاملة.و تتوفر لثورة ديسمبر اليوم حاضنة شبابية تحرسها من الانزلاق ومن الغدر بها وتؤمنها ضد الانقلابات والمؤمرات ..اضافة للرفض الاقليمي والعالمي الواسع للانقلاب وسيلة للحكم.
مثلما كتبنا من قبل ورددنا خلف ابو القاسم الشابي: اذا الشعب يوما أراد الحياة لابد أن يستجيب القدر... أمامنا فرصا وأمامنا تحديات نتناولها تفصيلا في مقال قادم باذن الله العلي القدير
وسلمتم