لقد ذهبت المهنية في الجيش السوداني بلا رجعة منذ الثلاثين من يونيو 1989 وحتي يومنا هذا

 


 

 

تداول الناس في الايام الماضية بعض احاديث عن عراقة ومهنية الجيش والشرطة السودانية منسوبة الي المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الراهن العميد نبيل عبد الله قال فيها :
"ان الجيش والشرطة والأمن أجهزة دولة وهي الأعرق والأكثر مهنيةً في المنطقة وأيّ محاولات لطمس هذه الحقائق أو تزييفها أو مُحاولة إيجاد بدائل لها لن تنطلي على الناس "
كل ما اوردة الشخص المشار اليه اعلاه عن مهنية وعراقة واحترافية الجيش واجهزة الامن والشرطة السودانية صحيح بنسبة كبيرة جدا وذلك حتي صبيحة الثلاثين من يونيو 1989 فقط وليس بعد ذلك التاريخ علي الاطلاق وحتي هذه اللحظة التي لم يستعيد فيها الجيش السوداني قوميته ومهنيته .
و يجب الانتباه ايضا الي ان كل كلمة قالها الناطق الرسمي عن التامر علي الجيش السوداني تنطبق فعلا لا قولا علي ماقام به تنظيم الحركة الاسلامية السودانية من طمس لملامح الجيش القومي السابق للبلاد وتمزيقه شر ممزق بعد ان تورطت الحركة الاسلامية السودانية عمليا في شن الحرب علي الدولة و المؤسسة العسكرية السودانية وقامت بذبح ضباطها المهنيين من الوريد الي الوريد وتصفيتهم جسديا وقتل 28 ضابط في يوم واحد في سابقة ليس لها مثيل في تاريخ الجيوش النظامية في عالمنا المعاصر حتي في عراق مابعد الغزو والاحتلال الامريكي وتفكيك الجيش العراقي الذي كان يعد من اقوي الجيوش علي المستوي الدولي والاقليمي ولكنه لم ينتهي الي المصير الذي انتهي اليه الجيش السوداني الذي سيطر عليه المجانين والمشعوذين وتجار الدين من كل جنس ونوع والكهنة الاعلاميين من شاكلة يونس احمد محمود واسحاق فضل الله وبروفسير الزبير الذي ترك كرسي التدريس في الجامعة وتحول الي مرشد ومعلم لميليشيات الدفاع الشعبي مع اخرين ..
واضاف الناطق الرسمي باسم جيش البرهان واللجنة الامنية للرئيس المعزول عمر البشير قائلا :
" نرفض عبارات مثل تنقية الجيش ومثيلاتها، هذه العبارات يطلقها مؤخرًا بعض المُسيّسين وأصحاب الأغراض الخبيثة
هذه المؤسسات لو كانت تتبع للإنقاذ لما سقطت تذهب الأنظمة وتبقى المؤسسات الوطنية "

ومع اكيد التحفظ علي كل المفاوضات والشراكات السياسية العسكرية التي شهدتها البلاد منذ سقوط النظام وحتي هذه اللحظة ولكن حديث الناطق الرسمي في هذا الصدد يناقض بعضه ويهدف الي صرف الانظار ويتجاهل حقيقة ماحدث للجيش السوداني علي يد الاسلاميين بتسليطه الضوء علي مرحلة الصراع السياسي العسكري الراهن علي السلطة في السودان .
اما ربط سقوط النظام بادوار مزعومة هناك وهناك من الجيش او قوات الدعم السريع او الهارب صلاح قوش فهذا امر غير صحيح علي الاطلاق ويناقض الوقائع ومجريات الامور التي شهدتها البلاد اثناء الانتفاضة والثورة الشعبية في 2019 والصحيح ان زخم الثورة السودانية وهدير الملايين الثائرة في شوارع العاصمة السودانية بالقرب من اسوار القيادة العامة للجيش السوداني قد وضع الجميع امام الامر الواقع ولم يكن لديهم خيار اخر حتي عوض ابنعوف الكوز التاريخي والمتامر الاعظم علي الشعب السوداني حاول السير علي هذا الطريق حتي اخرستة صيحات الملايين الواعية فتواري عن الانظار بسرعة البرق مفسحا الطريق امام الطابور الخامس والاحتياطي الدائم للمكتب العسكري في الحركة الاسلامية الذي ظل يدير الجيش السوداني والمؤسسة العسكرية ثلاثة عقود واكثر.
اين ذهبت العراقة والمهنية ولماذا لم تنقذ البلاد من سوء المنقلب والمصير الذي انتهت اليه الدولة السودانية التي تهدمت علي كل الاصعدة وتحولت الي انقاض وخرابات في بلد يقوم النظام الحاكم فيها بقتل مايقارب الثلاثمائة الف شخص من مواطنيها دون ان يتمرد نظامي واحد في دولة الاسلاميين وتابعهم البشير او يحاول مجرد المحاولة الانحياز لهولاء المقتولين والمشردين في الصحاري من الاطفال والشيوخ والارامل المساكين ..
صحيح انه لا احد في السودان الراهن سياسي او عسكري يملك القدرة علي معالجة هذه الاوضاع ووضع حد لمضاعفات الاحتلال الاخواني للبلاد وسيطرة الاسلاميين الكارثية علي الجيش السوداني وبقية اجهزة الامن والشرطة السودانية وسيكون من الصعب جدا اعادة الجيش واجهزة الشرطة والامن مؤسسات قومية ومهنية بواسطة السياسيين او العسكريين في ظل الوضع السياسي الراهن ولكنه امر لابد منه في المستقبل القريب ولن يحدث استقرار او يحس الناس بالامن في السودان بدونه وان طال السفر واستمر تداول الايام ..
سيعود جيش السودان الي السودانيين في يوم قريب وسيتم تشييع شهداء القوات المسلحة السودانية في جنازات عسكرية يشارك فيها ملايين السودانين بعد ان تتم محاسبة ومعاقبة كل قادر علي مواجهة العدالة من هولاء المتاسلمين عسكريين ومدنيين في محاكمات تتناسب مع الجرم الذي ارتكبوه في حق الوطن والمواطنين.

 

آراء