لكن اقصاءكم واجب

 


 

 

في لقائه امس وفد المجتمع المدني المصري ، بحضور السفير المصري بالخرطوم ، اكد رئيس المجلس الانقلابي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان متانة وأزلية العلاقات السودانية المصرية وأنها تتمتع بخصوصية عبر التاريخ ، وقدم البرهان للوفد المصري شرحاً مفصلاً حول الأوضاع الراهنة والجهود المبذولة لإنجاح الفترة الإنتقالية من خلال التأكيد على عدم الإقصاء وتحقيق التوافق الذي يحظى بقبول الجميع وصولاً لإنتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.
ومنذ فترة ليست بالطويلة وبعد ان ركن البرهان لقيادات النظام المخلوع وعاد الى عالمه بعد فترة قصيرة قضاها في المسرح السياسي يقوم بدور قائد الجيش المهموم بوطنه وقضاياه ، وانه نصير الثورة الذي يهمه تحقيق رغبة الشعب والشارع السوداني وبعد ان كف البرهان عن ترديد شعار حرية سلام وعدالة في خطاباته السياسية ، وبعد ان حل لجنة التفكيك واعاد للفلول اموالهم وممتلكاتهم وحريتهم ، وبعد ان ابعد الاحزاب السياسية واعتقل اعضاء لجان المقاومة وعدد من الثوار.
بعد هذا كله تخلى البرهان عن عبارة (اشراك كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني) وجاء يحدثنا عن ضرورة عدم إقصاء احد وتحقيق التوافق السياسي ، فالرجل مارس كل عمليات الإقصاء بكافة اشكاله وانواعه عندما اعلن انقلابه في ٢٥ اكتوبر ، ووضع يده على يد نظام المخلوع الذي كان الإقصاء اول قراراته عندما قام بفصل المئات من الخدمة المدنية ، لتمكين اتباعه وعناصره ، واقصى كل الاحزاب السياسية عن المشاركة في الحكم ، ولم يدع لحوار وطني مفتوح الا بعد ان شعر بدنو اجله ذلك الحوار الوطني الزائف مع الاحزاب السياسية المواليه له وليس المعارضة.
ويحدثنا البرهان او ( يحدث الوفد المصري) ، عن ضرورة عدم الإقصاء وهو الذي مارس الإقصاء سياسيا وعسكريا ، و لم يكتف بابعاد قادة الحكومة التنفيذية وشركاء الوثيقة الدستورية ، بل مارس الإقصاء حتى على معارضيه في المؤسسة العسكرية واحال عدد من القادة في الجيش الذين يختلفون معه في الرأي الى المعاش ومنهم من ادخلهم السجون بعد ان شكل لهم محاكم عاجلة.
ومن قال للفريق البرهان ان الإقصاء ليس ضروريا وواجبا ، فكل عناصر النظام المخلوع التي اذاقت الشعب العناء والرهق ، وعاثت في الارض فسادا ونهبت ممتلكات الشعب وموارد البلاد لاكثر من ثلاثين عاما يجب ان يمارس عليها الإقصاء العلني الذي لاحياء فيه، فالذي لم يحسن التصرف تجاه الوطن والمواطن وقتل ونهب وسرق ماذا تفيد سودانيته إن خان الوطن عندما حمل الأمانة ، هذا ليس من حقه المشاركة في الحكم من جديد لأن ثورة ديسمبر التي يحاول البرهان طي صفحاتها تغابيا وتناسيا واهمالا لدورها مازالت تسيطر على الشارع و تتمسك بمطالبها لبناء وطن حر وديمقراطي معافى من كل العلل والامراض التي عانى منها ومازال يعاني بسبب حكم مستبد ،في الوقت الذي يجدد فيه قادة الانقلاب عقد الشراء مع مصانع الاسلاك الشائكة .
والإقصاء واجب ليس لعناصر النظام المخلوع وحسب بل اقصاءكم انتم اولا فكيف لكم ان كنتم شركاء حكم ان تمارسوا الاقصاء على المدنيين وتتمسكون بمواقعكم حتى آخر اجتماع للآلية الثلاثية معكم ، الا تريدون حتى الآن نصيبكم في الحكم في مستقبل الأيام وتتشبثون بمناصبكم ، الأمر الذي جعل اغلب الاحزاب ترفض الحوار معكم ، بسبب انكم تحللون اقصاء الغير وتحرمونه على انفسكم بالرغم من ان الشارع مازال يعبر عن غضبه ورفضه للانقلاب وكل مايترتب عليه من كوارث.
فكل الذين قتلوا المواطنين في دارفور يجب ان يتم اقصاءهم ، وكل الذين شاركوا في فض الاعتصام يجب ان يتم اقصاءهم ، وكل الذين قتلوا شباب الثورة برصاصهم بعد الانقلاب ، وكل الذين ينهبون موارد البلاد معادنها وخيراتها وذهبها ،و كل الذين افسدوا ومازالوا يمارسون الفساد اقصاءهم واجب وضروري.
لكن من الذي يقصي وهل الفريق البرهان يحق له الحديث عن المشاركة والاقصاء ، فالشعب والشارع الثوري هو من بيده القرار ، اقصاء النظام المخلوع الذي يحاول البرهان تدويره من جديد واقصاء اللجنة الامنية التي لاتستحق البقاء يوما واحدا في الحكم ، اقصاء كل الذين يعملون لمصالحهم وليست مصلحة الوطن ، فالشعب السوداني الذي مارستم عليه الظلم والخديعة لاينتظركم الآن لتحددوا له من يبقى ومن يشارك الشعب يرى انكم أكثر من يستحق ان يكون الإقصاء حقه ونصيبه.
طيف أخير :
ميثاق سلطة الشعب الشعب ماذا يريد ؟!
الجريدة

 

آراء