لك يا الخليج والكويت شوق وإبحار حتى ساحل عدن – مع الدوخي وبالفقيه ترحالي

 


 

 

د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة

الخليج الممتد من شط العرب جنوب العراق حتى باب المندب تغلي مياه بحره "سياسياً " عبر السنين وخاصة قد ارتفعت حرارتها أكثر سخونة هذه الأيام العصيبة والمؤثرة على كل دول المنطقة التي كلها كانت آمنة وفيها من الروعة والجمال والرخاء ما يثير حلم كلّ العذارى وهدف كل هائم في وادي عبقر

كل شيء يهون إلا فراقك يا عدن
"يا رسولي خذ معاك وجدي واشواقي وطير
قف على شمسان وأجذع ساحل أبين والغدير
قل لهم قلبي على الهجران ما يحمل كتير"

روعة وصف العشق والحنين في نظم وغناء أبوبكر سالم بالفقيه، رحمه الله وغفر له

https://youtu.be/FCON3ehxoUM?si=ubTOB1MVqrbrDdfc

وشرقاً يمتد سفري وترحالي عبر المرافئ حيث تشرق الشمس تشرق معها آمال تتفتح ورودها وتنمو مع كل صبح جديد، والغد دائما أجمل عند المتفائلين:

"وغدا لا نأسى على ماض تولى
وإن يكن الماضي حلوا فاليوم أحلى"

" يا سلام… يا سلام، روعة !!!" يا رب نجعل من حاضرنا المنتظر أحلى ورحمة الله على الشاعر السوداني الرائع المعلم الهادي آدم والرحمة والغفران على أم كلثوم وعوض الدوخي . إنها كلمات من قصيدة “أغدا ألقاك" لحن وأداء أم كلثوم وكذلك أداء نفس اللحن من كروان الكويت المعجب بها عوض الدوخي (رحمة الله عليهما). كلها كلمات تحلق بروح النفس خارجة بها من الجسد إلي عالم كله جنان صفاء ومحبة، حالها المفرح يحيل دنيا العاشقين حدائقا وانهارا. ربنا يكرم كل الراحلين الذين كانوا يبثون الأمل والفرح في قلوب كل مجروح أو ذي حاجة بالفردوس الأعلى ويصلح حالنا وسوداننا الذي صار نسيا منسياً، بل مفقودا وقد ابتلعته دوامة حرب المصالح الجائرة

كلما أسمع الدوخي ينقلني إحساسي الولهان بألحانه ومظهره الطيب البسيط ووجهه السوداني السحنة إلي الكويت درة الخليج و أتذكر بالتفصيل تسوقي في سوق الشويخ وزيارات لمن أكرمونا في حي السالمية. الكويت بلد كان في مقدمة السبعينات من القرن الماضي صغيرا في تكوينه ناعما في خدره ونموئه المقدر كنماء العصافير الوليدة حديثا في أعشاشها. كان الناس فيها تغلب عليهم البداوة في أكلهم وزيهم وطيبتهم وتعاملهم الجميل وصدقهم الفطري. لا انسى أسواق المواطنين الشعبية المفتوحة وهي تترك من غير حارس أو رغيب أثناء أوقات الصلاة ، لا يعرف الناس التعدي ولا النهب والسرقة ، وكل ذلك قبل أن يحل تسونامي المدنية الغربية على تلك البلاد حيث عم تطاول في البنيان واكتظاظ الشوارع بالسيارات الفراري الفاخرة وغيرها من سلوكيات هي من علامات حضارة آخر الزمن . نفسي أزورها وأجدها كما كانت قديما "لؤلؤة بضة" في بحر نقي من الشوائب، لأسمع عذب الألحان هناك في كل شارع وساحات الساحل الرملي تختلط فيها أصوات هدير أمواج البحر والنغم القديم للدوخي "يشوقني برق من الحي لامع" https://youtu.be/Elg1KcQHlF8?si=nq41ESLVhH7sMnND يشحذ من همم البحارة ، ونفسي أشم في أسواقها رائحة العطر القديم TABAC الذي كنت أحبه وأقتنيه وأغراض أخرى من سوقها العامر. وينقلني الدوخي عابرا حدود الكويت الي العراق العريق بحضارة أرض ما بين النهرين ؛ سومر وبابل" والإسلامية من بعد، يعيد لي ذكريات أيام كانت جداً رائعة وحلوة قضيتها في بغداد مع زملاء الجد في الجد والكسب في الكتب والحرمان في الكسل ولا عجب فقد جمعتنا هناك سنوات رفقة المحبة الفطرية ورقة السلوك والأدب والتأدب الإنساني مع خيرة أبناء اليمن السعيد " جاؤا من صنعاء وتعز وإب وأبين وحضرموت والحديدة " ومن بعدها رحلة سنوات أخري جميلة قضيتها في الامارات خاصة الشمالية "راس الخيمة والشارقة وديرة وجميرة دبي".

أبناء اليمن كانوا يهيمون في حب بلادهم مثلنا نحن شعب نحب وطننا السودان حتى الرمق الأخير من عمرنا وإن كنا ننعم في بلد متحضر كاليابان. الفنان الرائع الراحل أبوبكر سالم بالفقيه كان مثالاً لذلك العشق والتغني بحب الوطن . أشواقه لحضرموت مسقط رأسه لم يندب معينها بل كانت فيضانات دموع تتدفق خاصة عندما يؤدي أغنيته الشهيرة من كلماته وألحانه "كل شيء إلا فراقك يا عدن"، وقد كتب عليه فراقها إلى الأبد حتى فارق الفانية. من على البعد أهديها مع تحياتي وخالص الود والشوق لأصدقائي زملائي في السكن وردهات الجامعة "كلية طب جامعة بغداد" عبدالرحمن سالم الزبيدي، هادي صالح الزبيدي، حسن كرامة بن طالب، حسن غيلان، عبدالله الكبسي، علي محمد البار، خالدة أنور سليمان، محمد طاهر، عبداللطيف محمد مجلي،ناصر عبدالله وعبد الرؤف باخشب. زماني وزمانهم يا حليله،
كانت لنا أيام
في قلبي ذكراها
مازلت أطراها
يا ليتنا عدنا أو عادت الأيام
هذه من أغنية الفنان السوداني المشهور عثمان حسين رحمه الله ، "الوكر المهجور" كلمات الشاعر الراحل الحضرمي سوداني حسين بازرعة عليه رحمة الله . ويا حليلك يا عدن اليمن و يا حليلك يا الخرطوم "كنت عندي أحلى مكان و كنت جنة عدن ورضوان "للأسف اليوم قد تحولت إلى "وكر مهجور" ووطن للغربان

عزيزي القارئ ؛ عام جديد قد حل
كل عام يا رب يتجدد علينا جميعا بالخير والبركة والسلام والحرية لكل مواطن والوطن، "عفوا " فأنا أقدر ظروفك وظروف كل مواطن محبط بسبب مآلات هذه الحرب اللعينة وما صحبها من دمار ليس للبنية التحتية وحدها بل دمار السلوك والأخلاق وظهور تصرفات خاطئة لا تليق بمسلم ولا مخلوق يخاف يوم الحساب الأكبر، فمثل هذه الكتابات أقصد بها الخيار الصعب تفريج الهموم بالفرح "جرعة علاج نفسي" عل ذلك يفيد البعض منا. وادعو الله يارب "أفرجها علينا وعلى الوطن الحبيب ويارب تهيئ لنا حلا سودانيا حقيقيا صادقا يخرجنا بسلام من هذه المحنة" . ولا ننسى قبل وبعد كل شيئ أن "الحكمة مخافة الله".
عبدالمنعم
aa76@me.com

 

آراء