لماذا الغضب عندما تكون كلمة المعارضة: لا

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الشاهد أن حرية التعبير تتعرض للكثير من المشاكل والمصائب حينما تكون الرؤى مختلفة وتصبح كلمة " لا " من الكلمات التي تشكل خطراًً كبيراً على العلاقات بصفة عامة وخاصة السياسية كما نشاهد ونسمع الآن من تصريحات بعض الساسة خاصة بعد اختلاف الآراء حول كيفية الحكم وفقاً لطلب الحكومة لتوسيع وعاء السلطة ليسع الجميع بغرض جمع الشمل حكومة ومعارضة لمصلحة المواطن الذي ارتفعت حِدة معاناته لدرجة الصفر ، والغريب الكل ينادى بالإصلاح والوحدة بغرض تدارك التحديات التي تواجه البلاد من الداخل والخارج هل بهذا المفهوم المعارضة تشكل خطراً على السلطة؟ الحقيقة هنالك معارضة لها أغراض خاصة تدفعها بواعث وأجندة ليست في مصلحة البلاد وهذا لا يعنى أن المعارضة غير مجدية ينبغي أن نقيد حركتها وحريتها ، ولنأخذ بعض الشواهد إذا مارس الإنسان الشعوذة والدجل في علاج بعض الأمراض هل يمكن أن نلغى التعامل مع الطبيب كذلك تعج قاعات المحاكم بشهادة الزور والتي تضرر منها الكثير الذين يعيشون الآن في غياهب السجون هل هذا يعنى أن نترك القضاة ؟ كذلك هنالك العديد من أصحاب النفوس المريضة بنوا ثروتهم على أكتاف الفقراء وتركوا قيم دينهم الحنيف وانساقوا وراء الكسب الحرام والنفوذ ، هل هذا يعنى إلغاء قيم الدين وفضائل سلوكه القويم ؟ الحقيقة لابد أن ندرك أن الحق لا يعرف بالناس وإنما يعرف الناس بالحق وعلينا أن نعترف بأن ليس مقياس الحقوق هو عصمتها من الانحراف حين استخدامها بل مدى قدرتها على تحقيق المنفعة الاجتماعية للمواطنين ومسايرة ذلك للنهوض بالبلاد على الأقل لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين وتجنب البلاد الكثير من المصائب والحروب . لذلك المعارضة حق وهى في حقيقتها نابعة من اصل قديم فطر الله الخلق والعباد به كنتيجة طبيعية لاختلاف  ألسن الناس وعقولهم وتفاوتهم في الفهم علماً بأن تعدد وجهات النظر واختلاف الآراء لم تكن في وقت من الأوقات من عوامل الهدم بل دائماً تكون من عوامل القوة والنماء والتطور  ، وجميعنا يعلم اختلاف مدارس الفقه الاسلامى ومذاهبه فيما يتصل ببعض شعائر الدين ومناسكه من صلاة وصوم وحج ، هل كان هذا الاختلاف بلاءً أصاب الإسلام ؟ لا كان هذا الاختلاف يمثل بعداً واسعاً للفكر الاسلامى لذلك المعارضة تمثل الطاقة للحياة الإنسانية بصفة عامة والسياسية بصفة خاصة ، فالحياة السياسية محتاجة إلى الحوار والمعارضة لتجدد لها شبابها فالمعارضة ضرورة وعلينا أن ندرك أن لا احد يصيب كل الصواب وكذلك لا يوجد احد مخطئ كل الخطأ وليعلم أهل السلطة والنفوذ أن الحكومات الواعية المدركة لدورها تدرك قيمة المعارضة لذلك تعطيها حقها كاملاً وتساعدها لتحمل مسئوليتها فالسياسي المتميز عليه أن يدرك أن المعارضة جزء مكمل لتميزه ، وغالباً السلطة تطلب الرأي والمشورة من الذين حولها وهذا بالطبع لا يكفى لان الذين حول السلطة يقدمون رأياً يرضى الحكومة ويتفق مع رغباتها ، وهنا تبدو أهمية المعارضة بوصفها وظيفة اجتماعية وسياسية متميزة فهي تفتح الباب لجميع الآراء وغياب المعارضة يعنى غياب الحرية علماً بأن الحرية ليس المهم وجودها بل المهم استخدامها وتطبيقها فهي لا تكون موجودة إلا حين تمارس ،فالسلطة تسير الأمور وفقاً لقناعتها ولكن عليها توفير العديد من الأسباب  التي تقود إلى الصواب ولا يكون ذلك إلا بمعرفة الرأي الذي يخالفها قبل الرأي الذي يؤيدها فالسلطة من واجبها حفظ النظام وعليها أن تدرك أن المعارضة والنقد ليس هدماً للنظام ، ومجاملة السلطة والسكوت عن الأخطاء يمثل هدماً داخلياً اكبر من المعارضة والنقد  وعلينا أن نسأل  أنفسنا جميعاً سلطة ومعارضة أيهما انفع للوطن المواطن الذي يسكت عن الأخطاء أم الذي يتقدم ويقول رأيه بقوة وشجاعة فهو بذلك يفكر في مشاكل البلاد ويعبر عن ذلك بقوة  فالسلطة الآن وفى مثل الظروف التي تمر بها البلاد عليها تشجيع الرأي ولو كان معارضاً وعليها مخاطبة الشعب وحل مشاكله وليس هنالك اى مبرر لردع المعارضة والتقليل من شأنها لذلك ينبغي أن تتنازل السلطة من بعض حقوقها وأن تدخل طاولة المفاوضات بدون أجندة علماً بأن السلطة جربت كل الأمور والنهاية كانت فشل في الكثير منها ، جربنا تعين وزير من خارج دائرة الحزب الحاكم قيدت السلطة صلاحياته وعينوا له عدد من المستشارين ليس بغرض مساعدته بل الحد من خطورته وتجريده من بعض مهامه وهذه الطريقة كانت من أسباب عدم ثقة الحركة الشعبية حينما كانت شريكاً في السلطة مما مهد سبل العزم للانفصال الذي تجرعنا مرارته الآن .على السلطة أن تدرك أنها حاصل جمع لكل ما يتمتع به الأفراد من قدرات ولكل ما في شعبها من طاقات فالسلطة قوية بقوة شعبها متحضرة بقدر حضارة شعبها حرة بقدر حرية شعبها , وتستمد نفوذها القانوني من قدرتها على تلبية حاجات شعبها وصون مصالحه وأخيراً  إشراك الشعب في مسئوليته يمثل الضمان لحفظ الوطن وصيانة ترابه ومشاركة المعارضة خير سياج للسلطة يحيطها بفكر واع لحل مشاكلها بتوسيع قاعدة المشاركة تنوع الآراء وتتعدد الأفكار ويظهر الطريق القويم لحل المشاكل والنزاعات .
Elfatih eidris [eidris2008@gmail.com]

 

آراء