لماذا تعثر التحول الديمقراطي ؟!
د. زهير السراج
12 August, 2022
12 August, 2022
manazzeer@yahoo.com
* يقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الافريقية (جاستين لينتش) الذي تابع الثورة ومرحلة التحول في السودان عن قرب، انه خرج بخلاصة ان الامم المتحدة والدول والمؤسسات الاجنبية التي ارادت تقديم المساعدة الاجنبية بالاضافة الى التكنوقراط، أضاعوا فرصة الاصلاح وتحقيق التحول المنشود ثم جاء الانقلاب العسكري ليقضى عليها تماما !
* ويضيف في تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الامريكية، ان دور المجتمع الدولي في دعم السودان كان محدودا جدا مما اعاق عملية التحول الديمقراطي، بالإضافة الى الدستور الانتقالي الذي منح السلطة شبه الكاملة للجيش واستمرار ميراث الفساد والعنف بعد سقوط البشير، وعدم توفر المهارات الكافية لدى حمدوك والتكنوقراط الذين شاركوا في الحكومة المدنية لاستخدام النفوذ المحدود الذي كان لديهم!
* عندما وصل حمدوك إلى الخرطوم في عام 2019 رفض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن يعطيه أيا من المقرات القديمة للبشير كي يقيم في واحد منها، فأصبح أول رئيس وزراء مشرد في العالم، وقابله الكاتب في بيت فتحته له عائلة شهيرة في السودان، وشعر بان وضعه اشبه بمستأجري البيوت والغرف عبر تطبيقات الانترنت، وكان ذلك عيبا كبيرا في حق الثورة!
* كما أبقى الدستور الانتقالي على الجيش في السلطة لمدة 18 شهرا ولم يمنح أي قوة حقيقية لحمدوك وحكومته المدنية، ومثَّل عدم التوازن في السلطة معضلة أمام المجتمع المدني الذي تساءل إن كانت عملية نقل السلطة حقيقية.
* كان اقتصاد السودان في حالة انهيار مستمرة، وقال حمدوك إن شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب "مفتاح لكل شيء نستطيع عمله لهذا البلد"، إلا أن المساعدة من الولايات المتحدة تأخرت، فالمعركة داخل إدارة دونالد ترامب لشطب السودان من القائمة لم تُحسم إلا بعد عام، ونتيجة لهذا التأخير فقد انخفضت حظوظ الحكومة الانتقالية للنجاح، وتفاقم الوضع مع ظهور فيروس كورونا الذي ادى لانكماش الاقتصاد السوداني، ويشير الكاتب إلى أن بعض المسؤولين الأمريكيين شرحوا له "أنهم لم يكونوا واثقين من أن عملية التحول في السودان حقيقية، وكانوا مترددين في تقديم دعم كبير لكيلا ينتهي في يد العسكر لو عادوا وسيطروا على الحكم"!
* وعندما أعلنت إدارة ترامب اخيرا عن شطب السودان من قائمة الارهاب في أكتوبر وتقديم العون، لم يكن القرار خيريا، فقد كان مرتبطا باعتراف الخرطوم بإسرائيل، وشعر القادة في السودان أن الولايات المتحدة وضعت عملية التحول رهينة من أجل تقوية حظوظ إعادة انتخاب ترامب. ورغم تعهد واشنطن بدعم السودان إلا أنها كانت تؤخره. وعندما وصل الدعم أخيرا لم يكن بطريقة صحيحة، فقد استلمت وكالة التنمية الدولية الأمريكية معظم الدعم (700 مليون دولار، إضافة إلى 600 مليون دولار لدعم العملية الانتقال ومعالجة القضايا الإنسانية في السودان)، وكان لدى كل سفارة غربية في الخرطوم، حزمتها الخاصة من المساعدات التي وصلت في مجموعها إلى مليار دولار، من أجل معالجة الفقر والرد على العنف ودعم الديمقراطية. ولم يتم كتابة الشيكات باسم حمدوك أو السودان، فالولايات المتحدة ستنفق أموالها عبر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمتعهدين، وضمت البرامج أنظمة لمراقبة العنف في السودان وشراء القمح ودفع رواتب الموظفين في مكتب حمدوك. وبعض هذه البرامج حققت نجاحا قليلا، لكنها لم تعالج جذور الفساد والعنف.
* في المقابل اعترف مسؤولو الخدمات الإنسانية في السفارات الأجنبية أنهم لم يكونوا يعرفون كيفية إنفاق المال الذي خصص لهم. وقال الدبلوماسيون إنهم حولوا المال إلى وكالات الأمم المتحدة التي لم تكن تعرف كيفية إنفاقه، بينما كان حمدوك ينقصه المال لتوفير الكهرباء والخبز والإنفاق على مشاريع مهمة، وكان تحويل المال له أفعل، وبدلا من ذلك حصل على جيش من المستشارين لم يكونوا يعرفون الاحتياجات المحلية ونفذوا برامج مكلفة بدون نجاحات تذكر، ولعل أكبر فرصة ضائعة هي الفشل في الدفع باتجاه الإصلاح، كما عانى حمدوك من تعنت وفساد بعض الاجهزة الامنية، والمثال على ذلك رفض المخابرات العسكرية في بداية الكورونا لعمليات الفحوص لا لسبب إلا الخوف من الدعم الأجنبي لها، وتم تهديد موظفي الأمم المتحدة بالطرد لو تحدثوا علنا عن الموضوع.
* يختم الكاتب ، بان الدروس من الدعم الدولي للسودان مهمة لأن (البشير) لن يكون آخر ديكتاتور يطاح به، ولو أراد الداعمون للديمقراطية المساعدة، فعليهم التعلم من دروس الخرطوم الفاشلة.
https://www.facebook.com/profile.php?id=100063801450334
* يقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الافريقية (جاستين لينتش) الذي تابع الثورة ومرحلة التحول في السودان عن قرب، انه خرج بخلاصة ان الامم المتحدة والدول والمؤسسات الاجنبية التي ارادت تقديم المساعدة الاجنبية بالاضافة الى التكنوقراط، أضاعوا فرصة الاصلاح وتحقيق التحول المنشود ثم جاء الانقلاب العسكري ليقضى عليها تماما !
* ويضيف في تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الامريكية، ان دور المجتمع الدولي في دعم السودان كان محدودا جدا مما اعاق عملية التحول الديمقراطي، بالإضافة الى الدستور الانتقالي الذي منح السلطة شبه الكاملة للجيش واستمرار ميراث الفساد والعنف بعد سقوط البشير، وعدم توفر المهارات الكافية لدى حمدوك والتكنوقراط الذين شاركوا في الحكومة المدنية لاستخدام النفوذ المحدود الذي كان لديهم!
* عندما وصل حمدوك إلى الخرطوم في عام 2019 رفض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن يعطيه أيا من المقرات القديمة للبشير كي يقيم في واحد منها، فأصبح أول رئيس وزراء مشرد في العالم، وقابله الكاتب في بيت فتحته له عائلة شهيرة في السودان، وشعر بان وضعه اشبه بمستأجري البيوت والغرف عبر تطبيقات الانترنت، وكان ذلك عيبا كبيرا في حق الثورة!
* كما أبقى الدستور الانتقالي على الجيش في السلطة لمدة 18 شهرا ولم يمنح أي قوة حقيقية لحمدوك وحكومته المدنية، ومثَّل عدم التوازن في السلطة معضلة أمام المجتمع المدني الذي تساءل إن كانت عملية نقل السلطة حقيقية.
* كان اقتصاد السودان في حالة انهيار مستمرة، وقال حمدوك إن شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب "مفتاح لكل شيء نستطيع عمله لهذا البلد"، إلا أن المساعدة من الولايات المتحدة تأخرت، فالمعركة داخل إدارة دونالد ترامب لشطب السودان من القائمة لم تُحسم إلا بعد عام، ونتيجة لهذا التأخير فقد انخفضت حظوظ الحكومة الانتقالية للنجاح، وتفاقم الوضع مع ظهور فيروس كورونا الذي ادى لانكماش الاقتصاد السوداني، ويشير الكاتب إلى أن بعض المسؤولين الأمريكيين شرحوا له "أنهم لم يكونوا واثقين من أن عملية التحول في السودان حقيقية، وكانوا مترددين في تقديم دعم كبير لكيلا ينتهي في يد العسكر لو عادوا وسيطروا على الحكم"!
* وعندما أعلنت إدارة ترامب اخيرا عن شطب السودان من قائمة الارهاب في أكتوبر وتقديم العون، لم يكن القرار خيريا، فقد كان مرتبطا باعتراف الخرطوم بإسرائيل، وشعر القادة في السودان أن الولايات المتحدة وضعت عملية التحول رهينة من أجل تقوية حظوظ إعادة انتخاب ترامب. ورغم تعهد واشنطن بدعم السودان إلا أنها كانت تؤخره. وعندما وصل الدعم أخيرا لم يكن بطريقة صحيحة، فقد استلمت وكالة التنمية الدولية الأمريكية معظم الدعم (700 مليون دولار، إضافة إلى 600 مليون دولار لدعم العملية الانتقال ومعالجة القضايا الإنسانية في السودان)، وكان لدى كل سفارة غربية في الخرطوم، حزمتها الخاصة من المساعدات التي وصلت في مجموعها إلى مليار دولار، من أجل معالجة الفقر والرد على العنف ودعم الديمقراطية. ولم يتم كتابة الشيكات باسم حمدوك أو السودان، فالولايات المتحدة ستنفق أموالها عبر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمتعهدين، وضمت البرامج أنظمة لمراقبة العنف في السودان وشراء القمح ودفع رواتب الموظفين في مكتب حمدوك. وبعض هذه البرامج حققت نجاحا قليلا، لكنها لم تعالج جذور الفساد والعنف.
* في المقابل اعترف مسؤولو الخدمات الإنسانية في السفارات الأجنبية أنهم لم يكونوا يعرفون كيفية إنفاق المال الذي خصص لهم. وقال الدبلوماسيون إنهم حولوا المال إلى وكالات الأمم المتحدة التي لم تكن تعرف كيفية إنفاقه، بينما كان حمدوك ينقصه المال لتوفير الكهرباء والخبز والإنفاق على مشاريع مهمة، وكان تحويل المال له أفعل، وبدلا من ذلك حصل على جيش من المستشارين لم يكونوا يعرفون الاحتياجات المحلية ونفذوا برامج مكلفة بدون نجاحات تذكر، ولعل أكبر فرصة ضائعة هي الفشل في الدفع باتجاه الإصلاح، كما عانى حمدوك من تعنت وفساد بعض الاجهزة الامنية، والمثال على ذلك رفض المخابرات العسكرية في بداية الكورونا لعمليات الفحوص لا لسبب إلا الخوف من الدعم الأجنبي لها، وتم تهديد موظفي الأمم المتحدة بالطرد لو تحدثوا علنا عن الموضوع.
* يختم الكاتب ، بان الدروس من الدعم الدولي للسودان مهمة لأن (البشير) لن يكون آخر ديكتاتور يطاح به، ولو أراد الداعمون للديمقراطية المساعدة، فعليهم التعلم من دروس الخرطوم الفاشلة.
https://www.facebook.com/profile.php?id=100063801450334