لماذا يبقى وزير النقل الفاشل في منصبه؟
د. محمد وقيع الله
17 May, 2011
17 May, 2011
ولماذا يستهين بأسئلة النواب ويرفض الإجابة عنها؟
(1 من 2)
mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]
جاء في أنباء الأسبوع الماضي أن المجلس الوطني الاتحادي عقد جلسة تحقيق برلمانية عاصفة، انتقد فيها السادة النواب أداء وزير الدولة للنقل، فيصل حماد عبد الله، واتهموا وزارتة بالفشل، وتعمق الخلل، واستشراء الخطل، وتنامي الفساد والشبهات فيها ومن حولها.
وفي غمار النقاش الذي دار بالمجلس الوطني حول الوزارة، تكشفت أوجه فساد خطيرة، حدت بالنائب البرلماني الأستاذ عبد الله مسار لكي يطلب من المجلس أن يقوم بإجراء تحقيقات شاملة في وجود فساد بين أحاط بصفقة بيع الوزارة لأسهم شركة سودانير.
وقال النواب الذين شاركوا في النقاش إن الفساد الكثيف الذي أحاط بصفقة بيع أسهم سودانير يحتاج إلى تكون له لجنة تقصى حقائق برلمانية خاصة، تتحرى في أسبابه، وتشير بأصبع الاتهام المباشر إلى أربابه، ولا تعفي من المؤاخذة والمحاسبة جميع المسؤولين عنه والمتسترين عليه، ولو كانوا من أكابر مسؤولي الوزارة.
وقد قدم النائب الموقر الأستاذ عبد الله مسار دليلا قويا على استشراء الفساد وتجذره بالوزارة، قائلا إن الصفقة التي تم إبرامها مع شركة عارف كانت صفقة فساد كبير، لا يمكن أن يتستر عليه إلا فاسد، لأنه كان من الضخامة والظهور بمكان، حيث تمكنت شركة عارف من بيع خط واحد من خطوط سودانير، وهو خط لندن، وسددت به نصيبها من الشراكة.
فأي قسمة ضيزى أشنع من هذه وأبشع؟!
الترجع الاضطراري للوزير:
وحسنا فعل النواب المحترمون بهجومهم هذا الضاري العنيف الذي شنوه على وزارة النقل و(زرزة) الوزير القائم عليها فيصل حماد عبد الله حتى تراجع أمام ضغط النواب وادعى أن وفدا من وزارته سيتوجه إلى الكويت للتوقيع على عقد فض الشراكة بين شركة عارف وشركة سودانير!
وقد كشف هذا التصرف الاضطراري التراجعي المتأخر للوزير عن جانب سلوكي ينبغي أن يحاسب عليه أشد الحساب.
فهل يقبل من الحكومة وهل يقبل من وزرائها، أن يسكتوا على الفساد ويتستروا عليه طالما لم يكتشفه أحد وطالما لم يتكلم عنه أحد، وحتى إذا ما انكشفت سوءته للعامة والخاصة، وتعرض للنقد الكاسح من قبل الجماهير ومن قبل النواب، تراجع وزير الدولة ولسان حاله يقول: خلاص يا جماعة دعونا ننهي الموضوع ونفض الشراكة الفاسدة التي اكتشفتموها – للأسف الشديد – ودعونا من هذه المحاسبات والمناكفات؟!
فهل هذا مما يليق بحكومة تحترم نفسها، وتحترم شعبها، وتحترم برلمانها، أن تستوزر أمثال هؤلاء الوزراء الفاشلين، من أصحاب الممارسات غير الناضجة، والذين يستخفون برغم هشاشة أفكارهم واهتزازها بالبرلمان، وبالرأي العام، ويتسترون على صور الفساد المستشرية بوزاراتهم، حتى إذا حوصروا في أمرها طلبوا أن يعطوا الفرصة حتى يحلوا عقود الشراكات الفاسدة التي هم أعلم بصور فسادها من الجميع؟!
نماذج من تضليل الوزير للنواب:
وقد كان نواب البرلمان على أكثر من حق عندما وصفوا البيانات التي أدلى بها أمامهم الوزير فيصل حماد عبد الله بأنها مضللة، وأنها لا تحتوي على الحقائق المطلوبة التي يسعون وراءها، والتي جيئ به إلى ساحة البرلمان لكي يعترف بها.
وما بالك بوزير كل كلامه لغط وتهرب من أصل الموضوع الذي استدعي إلى للبرلمان ليسأل عنه ويطالب بالإجابة عنه على نحو مفيد.
ومن نماذج تضليل هذا الوزير للنواب أنه قال عندما سئل عن جوانب الفساد في بيع أسهم سودانير: إن عيب سودانير ليس في الخصخصة، وإنما في التنفيذ، وأن هنالك مشاكل حقيقية في التنفيذ.
فما هي فائدة هذا الكلم المبهم وما قيمته وما دلالته؟
إنه مجرد كلم هلامي تعميمي (تطفيشي!) لا يقول شيئا على أي نحو محدد ولا يحتوي على محتوى محدد على الإطلاق.
وهو بعد ذلك كلم مضلل لأنه يضلل النواب ويضلل الرأي العام عندما يصف الفساد البين بأنه مجرد (عيب)، أي مجرد شيئ هامشي عارض عابر جزئي، أما الأصل فهو سليم وغير فاسد وغير معيب!!
وهو كلم مضلل لأن قائله يدعي أن بيع أسهم سودانير، وهي الناقل الوطني، للأجانب ليس خطأ من حيث المبدأ.
وهو كلم مضلل لأن قائله يدعي أن عملية بيع أسهم سودانير بتلك المواصفات وبذلك السعر البخس لم يكن من قبيل الخطأ المحض!
وهو كلم مضلل لأن قائله يدعي إمعانا في التضليل أن الخطأ كان في التنفيذ فقط.
وهو كلم مضلل لأن قائله لم يتطوع فيدل النواب الذين استجوبوه على نوع هذا الخطأ الذي قال إنه ارتكب في عملية التنفيذ.
وهوكلم مضلل لأن قائله لم يدل النواب الذين استجوبوه على أسماء وهوية ومواقع ووظائف من ارتكبوا هذا الذي يسميه خطأ، مجرد خطأ (ربما غير مقصود)، ويدعوه النواب فسادا غليظا.
وهوكلم مضلل لأن قائله لم يدل النواب الذين استجوبوه على أنواع وأقدار الفوائد والعوائد الشخصية التي نالها كل من تورطوا في فساد عملية بيع أسهم شركة سودانير لشركة عارف.
وبعد هذا كله ألا ترى أيها القارئ الكريم كيف كان وصف النواب لبيانات الوزير بالتضليل وصفا مصيبا في الصميم.