لماذا يحاربون أبا عصام حيا وميتا
rafeibashir@gmail.com
أيها الشيخ الجليل ،عفوا ،؛ انا والله أعتذر بأني قد نفضت يدي عنك وعن ساس يسوس في السودان ، منذ أمد بعيد ، وقد كنت قبلها اتتبع إشراقاتك ومجاهداتك، وجهاداتك للمناداة بتطبيق شرع الله في بلادي ، وكنا نستقي منك ما يحضنا أن نتوجه بكلياتنا لله في الحياة ؛ في معاشها وفي معادها وفي سياستها ، وتعبدها ،وثقافتها وفي شكلها وحراكها ، لكن فترت أحصنتنا في مضمارك الرحيب، أيها ، وتخاذلنا وتركناك وحدك ، وعظم كفك لا يمل عصا الرهان ، وما زلت عليها ، نفس النهج ونفس الطريق تتوكأ على عصى الأباء والصمود والكبرياء والجهاد والإجتهاد سيرا على المحجة البيضاء حتى لقيت الله ، وحتى توزعت وتسربت بين يديك حقائبها على ضامرات الخيل العطشى للدنيا والمتسكعة في دروبها، بعد أن حان القطاف كما رسمت ، فترجلنا فتسكعنا وتسكعت خيولنا ومالت الدنيا علينا ، وليتنا لم نترجل.
ترى ! كيف خانك أهلك ووطنك وشعبك، وأنت ترجو لهم المسير بالحياة نحو الله ، وكنا نوقن وهم يوقنون أنك يا شيخنا الجليل قد سلكت طريقا غير ، إختار غيرك الركون في المساجد والعقود بها ، يترهبنون ويتزهدون، وإخترت أنت خوض غمار الحياة ، تؤسس لحكمها بالله، وتؤطر لطهر أدارتها، وكان غيرك ممن قعد به عقله وحن للتغريب والضلال ، يقول أن مضمار ساس يسوس هذا هو مضمارهم بلا منافس ، يعلمنون فوقنا مناهجنا ويطبقون فينا شريعة الغاب ، وحكم لينين ودين ماركس، لكنك حاورتهم وعاورتهم حتى خرجوا مكلومين في محاولاتهم البغيضة الدخيلة الشوهاء العوراء الوضعية الوضيعة الهزيلة ، التي حاربونا بها وحاربوا الله ليل نهار وأرادوا أن يقلبوها حمراء وأبيت أنت .
ثم عملوا فيك خناجر الغبن والحقد، وانتهبوا سمعتك وعطاءك وحاربوك فصمدت بالله ، تحرس تجربتك، وتخوض معهم محاص التحدي.
ولأن العالم الاسلامي يا شيخنا حولك ثلاث ، عالم من المسلمين والقادة امثالك ، لم يتعد تدينهم وفقههم عقيقة الطفل وعدة النفساء ، وتقصير الثياب وحنة اللحا، وبعضهم لم يتعد فهمه للدين قرقعة النوب وبركات المحايا والتزهد في الحياة ، وبعضهم قد شغلتهم شقوتهم ولهتهم تفاصيل الدنيا عن الله وعن الحق وعن الفضيلة ، وأنت أخترت أن تكون أنت ، حاديا للناس نحو تطبيق سنة الله فيهم، تسوسهم وتطهرهم بها .
ولأن العالم حولك يا قائدنا الجسور ويا شيخنا الوقور قد لهاه المجون والدينار وتعبد الماديات، أستقوى بها حتى تفرعن وتكبر وتجبر، فلم يتركك وسوف لن يترك غيرك أن تقيموا دولة الله ودولة الطهر والفضيلة ، وأعتبروك شاذا بل مخبولا تطلب المستحيل ، لأنهم منذ فجر الأسلام يقعدون لقيام دولة الإسلام صراط الله المستقيم ، يتربصون ويجتاحون ويفرقون بيننا حتى نكون تبعا كالنعاج المطيرة ، أنشبوا فينا الحروب والفتن والإحن حتى لا يكون الدين كله لله ، وأنت أبيت.
كيف لا يفرحوا بموتك أيها الشيخ الجليل وقد القمتهم حجارة جهلهم وسفيتهم الخبال وسفوا منك المل، تقهرهم في المنابر وتدحضهم في القول وتسد أفواههم، حتى إذا ترجلت عنها، سنوا سكاكينهم وأخرجوا حثالات سفههم وكالوا أليك السباب ، كفروك ، وحاربوك واشعلوا بعدك الدنيا ضجيجا وصياحا بعد أن هابتك المنابر وتقاصرت عن الأعناق ، واليوم يخرجون مثل السلاحف والزواحف والخفافيش ببضاعتهم البائرة وهذا حال الضعفاء ووسم الجبناء.
حاربوك يا شيخنا لأنهم قد توهموا أن شرع الله لا يصلح إلا في أركان المساجد والزوايا والخلاوى وأن قراطيسنا وكتبنا وتاريخنا واثرنا وارثنا لا يصلح إلا أن تكون لوحا وشرافات دوايا، ولا يعلمون انك قد وضعت وعينا فوق السحاب وأننا لا نراهم ونرى بذلهم في الحياة إلا كحاطب الليل ، ولا عطاءهم إلا عطاء دنيا تظل فتزول، وأنك قد يممت بنا نحو الطهر في الوزارة وفي التجارة ، فحاربوك حولها وقاتلوك وسجنوك وضربوك وابعدوك حتى لا تكمل المسير ، فتكون الدولة المثال، والحياة المثال، وأن تضيع بضاعتك في رحلهم الحرام.
وعذرا يا همام ، نم فإن الدنيا لا تحتمل الطهر ولا تقصد العفاف، وها هم يحاربونك من كل الفجاج، ونشهد بأنك قصدتها محمدية، وقصدتها طهر وفضيلة وترفع عن هذه الدنيئة.
لو كنت شيخا ككل الشيوخ يشيد المساجد ويرفع الآذان ، ويترك لهم الفكر أن يكون إلحادا، والوزارة أن تكون خمارة، والثقافة أن تكون دعارة ، او كنت قائدا ككل قوادنا ورئيسا لا تهمه إلا الدنيا وزعيما يراها ملك شخصي وملكوت زائل يتورثنا كما يورث الساس والأساس، أو كنت قد يممت بنا لرأسمالية أو ألحدت بها وبنا، إذن لطبل بإسمك المطبلون ولروجوا إليك ما يروجون لرسلهم العلمانية البائرة، ولعلى إسمك فوق الأسماء ولرفعوا عنقك فوق الأعناق ، ولكنك قصدت بها دولة الحق والفضيلة فكثر عليك هرجهم وهجم عليك إعلامهم ومشوا على جسدك حسدا وغلا وحربا يجيدون النواح فيها ويكثرون العويل.
ألا رحم الله مثلك ، خططت وقيست فعملت، وما جبنت ، وواصلت وأصررت وتطهرت وجاهدت حتى أتاك اليقين ، ولا زالت بيارقك التي رفعت ، ترفرف في سواريها رايات من النور ، وسوف لن يخذلك الله الذي نصبت من أجله تلك البيارق أن تخفق وتدل وتظل على مدى الحياة .
ولا نزكيك على الله