لماذا يعشق الإسلامويون إراقة الدماء..!!. بقلم: خالد عبدالله/ ابواحمد

 


 

 

في الخلوة المستمرة مع النفس لسنوات طويلة والأحاديث معها، والتأمل في مخرجات ما كان يعرف بالحركة (الإسلامية)، تتواصل الأسئلة الملحة فهذه المرة بينما كنت أراجع صور ضحايا نظام هذه الحركة في مخيلتي شاهدت المئات بل الآلاف من الأبرياء الذي قتلوا بدم بارد، وقلت لنفسي هل كان بإمكان نظام الحركة (الاسلامية) في حُكمها منذ عام 1989م وحتى الآن حقن دماء السودانيين الذين قتلتهم..؟!.
هذا السؤال كثيرا اسأله لنفسي، لأني أدرك أن كل نفس أزهقت برصاص جهاز الامن أوالشرطة لها أسر ووالدين وأخوان، وأخوات وأعمام وخالات وأصدقاء ومُحبين وزملاء دراسة..إلخ، وأدرك أيضا أن كل نفس قتلت لها آمال وطموح وصور للمستقبل، وأن النفس عزيزة جدا لكل من يعرفها..كانت الاجابة في كل مرة تقول.. نعم.
بالتفكير العميق في فعل الأفعال المجرمة التي قامت بها الحركة من خلال نظامها الحاكم حتى الآن نجد أن الإجرام مستوطن في عُمق فكرتها، وفي ممارساتها اليومية حتى داخل التنظيم الكبير، أتذكر في نهاية الثمانينات أيام ما كان يعرف بـ(الجبهة الاسلامية القومية) كانت جامعة القاهرة فرع الخرطوم تشهد انتخابات اتحاد الطلاب وقبل يوم من اعلان النتيجة اتفقت مع بعض الاخوة يسكنوا الثورة على أن يمروا علي بالقرب من مسجد الأمين عبدالرحمن الملاصق لمدرسة الركابية الابتدائية، كان ذلك في الساعة الثالثة صباحا قبل صلاة الفجر بحوالي ساعتين تقريبا جاؤوا في الموعد وركبت معهما وصلنا الجامعة وأوقفت السيارة بالقرب من باب دار الاتحاد، مجموعة من الشباب كانوا في انتظارنا ففتح أحدهم ضهرية السيارة إذا بعدد من الجولات وداخلها قطع من (السيخ)، فقام الشباب بحمل هذه الأسياخ وتغطيها الجولات وتم ادخالها في أحد المكاتب، وفي الساعة الثامنة صباحا تم الاعلان عن فوز الاتجاه الاسلاموي وانتهى الأمر ولم يحدث أي اشتباك.
الأخ الذي كان يقود السيارة كان من الصادقين جدا، ومن المصادمين ومن أسرة معروفة في امدرمان، واتذكر في بداية التسعينات ترك الجماعة وقطع علاقته بها نهائيا، وغادر إلى المملكة العربية السعودية، وفي ذلك الوقت كان الجميع يتطلع للعمل مع النظام، وتم وضع كوادر الحركة في المناصب القيادية والمهمة بكافة مؤسسات الحُكم السياسية منها والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والإقتصادية ..إلخ.
اللحظة التي فتحت فيها ضهرية السيارة ومشهد قطع السيخ المقطوعة بعناية لاستخدامها كسلاح لم يفارق ذاكرتي حتى هذه اللحظة، وبما أني نشأت في بيئة صوفية مُحبة للجميع وبعيدة عن التعامل العنيف، لذلك كان مشهد (السيخ) مشمئز بالنسبة لي، والرفض الداخلي في نفسي لهذا المسلك، وفي قناعتي لا يمكن أبدا أن اختلف مع شخص في الفكر والرؤى وأعمل على الانتقام منه لأنه لا يريد الاقتناع بفكرتي.!!.

الامتحان الأول
النظام المتأسلم في العشرية الأولى من الحُكم مارس القتل بشكل غير طبيعي وأزهق الأرواح لأتفه الأسباب، وكشفت الحركة الاسلاموية في اول امتحان لها عن بعدها عن الدين وعن المنطق والتفكير الذي يحفظ ما وجهها فتعرت تماما من كل خلق، وإذا تناولنا حادثة مذبحة رمضان التي قتلوا فيها 29 ضابطا من القوات المسلحة والدنيا قبايل عيد، الحادثة التي عرفت بمذبحة (28 رمضان) والسؤال الذي يطرح نفسه هل كان بالامكان الاحتفاظ بهؤلاء الضباط دون قتلهم..؟!.
هل بحث قادة النظام الحاكم آنذاك في فكرهم الديني الذي يزعمون عن إي وسيلة تبعدهم عن اراقة الدم في تلك الأيام المباركة، وعدم فجيعة المجتمع السوداني بالطريقة التي رايناها..؟.

مجازر كجبار وبورتسودان..!!.
الشاهد في الأمر أن التاريخ يشهد أن حُكم الاسلاميين أبدا ما كان يعرف فضيلة لحوار بالحسني، بل كان الضغط على الزناد هو الأقرب، فإن مجزرة أمري وكجبار، مورست فيها عنجهية وقلة أدب وتكبر وخروج عن الاسلام بشكل فظيع، فرفض أهل المنطقة ترحيلهم لمناطق لا يعرفونها بدون أي ضمانات فاصرت الجهات الرسمية على ترحيل الناس من مناطقهم بالقوة الجبرية خرج الشباب يحملون جريد النخل ويهتفون ضد القرار الظالم، وهم عزل تماماً من أي قطعة سلاح، جاءت سيارة عليها جنود مدججين بالسلاح في منطقة لم تر من قبل السلاح فقام الجنود بقتل الشباب بدم بارد ثم رجعوا ادراجهم، والناس ما بين مصدق ومكذب، كانت دهشة الناس اقوى من الجريمة نفسها فلا أحد كان يتوقع هذا المصير، على القارئ الكريم أن يشاهد فيديو مجزرة أمري وكجبار https://cutt.us/bIzDL.
وعلى ذات النسق كانت مجزرة بورتسودان (حي ديم عرب) لأن الضحايا خرجوا في تظاهرة يطالبون بحقوق لهم اقرتها كل الدساتير وكل الشرائع، كانت التظاهرة سلمية إلا من عِممهم وسروايلهم الطويلة (شاهد الفيديو وصور القتلى والدماء الطاهرة.
https://cutt.us/Vu26Z)

مجازر جبال النوبة والنيل الأزرق
إن مجازر جبال النوبة والنيل الأزرق التي صورتها الكاميرات الأجنية أصبحت مادة دسمة حتى لا ينكرها أحد، هذا بعيدا عن الابادة الجماعية وجرائم الحرب التي مورست في دارفور، (شاهد مجازر جبال النوبة https://cutt.us/5yXig))، في هذا الصدد قال رئيسهم المعزول على لسانه "قتلنا أهل دارفور لأتفه الأسباب".

مجزرة معسكر الخدمة الالزامية بالعيلفون..
إن جريمة معسكر الخدمة الالزامية التي ارتكبت في أبريل 1998 والتي قتلت فيها قوات نظام الحركة الاسلاموية حوالي 200 طالب، عندما طلب المجندون في المعسكر منحهم إجازة لقضاء عيد الأضحى مع عائلاتهم، ولكن إدارة المعسكر رفضت لكونها جندتهم بشكل قسري، ولا يوجد ضمان لعودتهم مجددا، فحاول الطلاب عبور النيل للضفة الأخرى فاستخدمت القوة المسلحة المسؤولة عن المعسكر الذخيرة الحية فقتلت هذا العدد واصبح العشرات من الطلاب في عداد المفقودين..!!.

مجزرة فض اعتصام القيادة
هذه المجزرة التي وثقت الكاميرات والقنوات الفضائية ووكالات الانباء وكل وسائط التواصل الاجتماعي أكدت بشكل واضح جدا أن نظام الحركة الاسلاموية هو عبارة عصابة كبيرة تشبه عصابات المافيا الايطالية المنتشرة حول العالم، التي اشتهرت العنف الشديد والقتل والسرقة، ففي هذه المجزرة تم قتل المئات وهناك تقديرات تقول الآلاف من المتظاهرين قتلوا ورميت جثث الكثير منهم في نهر النيل، والعديد من المنظمات الحقوقية اعتبرت المجزرة (جريمة حرب)، مورست فيها أسوأ الانتهاكات التي لم يشهدها العالم من قبل.

الحرص على القتل ..!.
ما ذكرته من حوادث قتل هذه نماذج قليلة جدا، وهناك العشرات من الجرائم التي ارتكبتها الاجهزة التابعة لنظام الحركة (الاسلامية) بأوامر من قادتها..والسؤال هل كان بالامكان عدم قتل كل هذه الأرواح .؟ وحل المشكلة بالحوار والنقاش دون ان تراق نقطة دم واحدة..؟!.
بالرجوع للقضايا الآنفة الذكر والتي أصبحت حوادث دموية أقول نعم كان من الممكن عدم إراقة الدماء وحل كل هذه الاشكالات إن وجدت بالطرق السلمية، والسؤال الذي يطرح نفسه هل كان قادة النظام يفكرون في حل هذه القضايا بشكل حقيقي؟؟، وهل كانوا حريصين على الدم السوداني..؟.
وهل كانوا حريصين على تقديم تجربة اسلامية تحفظ الضروريات الخمس للإنسان السوداني وهي الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال..؟.
بكل تأكيد الإجابة لا..كانوا حريصين كل الحرص على إراقة الدماء، لأن روح الإنسان السوداني في فكر الحركة (الاسلامية) رخيصة جدا لا تستحق ان يمارس معها الحوار بل القتل بأسرع ما يكون وهذا ما حدث، ومن زاوية عقدية أخرى فإن قادة الحركة يعتقدوا أن الدين الذي يؤمنون به سيكافئهم خيرا في الدنيا والأخرة لأنهم قتلوا كل من يرفض الانصياع لهم.
أعتقد أن الحركة إذا كانت حركة إسلامية حقيقة لحقنت الدماء العزيزة واحترمتها وقدرت انها وديعة من الله عز وجل، ولأهميتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق".
وإذا كانت الحركة اسلامية بالفعل لما شردت الملايين من السودانيين امتلأت بهم أقاصي الدنيا واصقاعها، وذاقوا في مهاجرهم كل أنواع المعاناة والرهق وآلام البُعد عن الوطن وعن الأهل.
إن ديننا الحنيف وقيمنا كسودانيين فيها ما يحقن الدماء ويطبب الجروح ويعطي كل ذي حق حقه.

حركة مريضة..!.
إن الحركة الاسلاموية في السودان مريضة بمرض مستفحل بحب التملك، وكما قال الفيلسوف طه عبد الرحمن (فيلسوف مغربي، متخصص في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق) "أن حب التملك ينحصر في شيئين هما: اتباع الشهوة وسفك الدم"، لذا أعتقد أن هذه السوأة كانت نتاجا للكذب على الناس وعلى الذات الإلهية عندما رفعوا شعار (الإسلام) في الوقت الذي يمارسون فيه ما نهي عنه الإسلام من قتل للأنفس البريئة، وسرقة أموال الناس بالباطل، واتباع الشهوات وممارسة الفظائع التي يعف القلم عن ذكرها، وسرقة موارد البلاد وإشاعة الفساد الأخلاقي في المجتمع، فعندما أقول ان هذه الحركة مريضة يظهر هذا المرض في نهج اتباعها في تعاملهم من الآخرين بالكذب والتدليس وإشانة السمعة انتصارا لذواتهم المريضة وليس إظهارا الحق.
في هذا المنحى يؤكد الفيلسوف المغربي " أن الشهوة تجعل الشخص في اهتياج لا يخمد، ولا يهدأ له بال حتى ينال ما يشتهي. ونيله ذلك، يعني مباشرة، امتلاكه إياه، وحينما يقضي وطره منه، سيجره ذلك إلى طلب ملكية جديدة، أي شهوة جديدة أخرى، أي باختصار، سيدخل الإنسان في استهلاك دائم".
لعمري هذا وصف دقيق وفي محله تماما لهؤلاء الذين يريدوا أن يحكومننا بالقوة الجبرية، ولأنهم حكمُوا بلادنا العزيزة كل هذه السنوات خُيّل إليهم أن السودان ملكا لهم لذلك عاثوا فيه فسادا ولم يشبعوا شهواتهم بعد لذلك هم في صدام مع الشعب السوداني وسيتفننوا في تقديم المبادرات والمقترحات، ولأنهم حركة مريضة لم يستوعبوا بعد أن الشارع قد لفظهم، ومن شدة الغيبوبة التي يعيشونها انهم يمارسوا قتل الشباب يوميا، دون أن يرف لهم جفن، و في اعتقادهم أن اغتيالات شباب الثورة ستعيد قياداتهم إلى كراسي الحُكم.
لماذا يعشق الإسلامويون إراقة الدماء..!!.
لأنهم بعيدين كل البُعد عن ديننا الحنيف..
لأنهم عديمي الضمير والاخلاق والوازع الديني والاجتماعي.
لأنهم جهلة ومتنطعون.. وإذا كانوا غير ذلك لاستخدموا الكثير من الأدوات التي تمكنهم من اقناع الناس.
الذي يستخدم السلاح لقتل الأبرياء عديم الثقة في ربه وفي نفسه، وفي الكيان الذي ينتمي إليه.
لأنهم جُبناء..فإن من يقتلونهم عُزل من أي سلاح إلا أيمانهم بقضيتهم.
الإسلامويون إذا كان لديهم قضية كان استمعوا للناس وتبادلوا معهم الحوار وليس القتل.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

خالد عبدالله- أبوأحمد
17 أغسطس 2022م

khssen@gmail.com

 

آراء