لمحاربة الفساد لابد من البياض
نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن مايدفع للوداعيات من بياض ، ذلك المبلغ الزهيد الذى تتسلمه الوداعية من أجل الإطلاع على البخت ( حتى وإن كان البخت مايل ) و بذكر الوداعيات لابد للإشارة إلى أولئك النسوة من المصريين اللائى ينادين: أبين زين أبين وأحط بالودع ... وأشوف بخت الصبية ... وأشوف بخت الجدع ، ثم تلقى بعدة صدفات على الأرض وتبدأ فى ذكر بعض ماحدث أوما سيحدث للزبون ، وفى بعض الأحيان تصيب ، الشئ الذى يحدث إرتباكا لدى الزبون متعجبا من كيف أصابت المرأة كبد الحقيقة! لا ياسيداتى وسادتى ما أرمى إليه هنا هو النظافة حيث لايمكن القيام بمحاربة فساد بهذا الحجم الذى إستشرى فى السودان بدون إجراء عملية نظافة شاملة يتحرى فيها الدقة والعدالة والمسئولية . وأعنى بذلك أن تشمل المحاربة كل طبقات المجتمع . حتى وإن أصبح فى السودان بفضل وبركة الإنقاذ أن إختصرت الطبقات المتعارف عليها ، وهى الطبقة الدنيا والمتوسطة والطبقة العليا لتصبح طبقتان فقط هما العليا والدنيا بعدما إختفت الطبقة المتوسطة بقدرة قادر! وبفضل تسلق البعض على أكتاف غالبية المجتمع وقيام أولئك البعض بعمليات تطهير كفائى (آتية من كفاءة ) مما جعل اصحاب الكفاءآت يشدون الرحال فارين بجلودهم من عسف العاسفين وتسلط المتسلقين! وبذا أصبح البون شاسعا بين الطبقة الدنيا التى عملت الإنقاذ على حلبها طوال العقدين الماضيين ، والطبقة العليا التى نالت المباركة كلها فباتت ترمح فى سهول ووديان السودان بحثا وتنقيبا عن كل مايحقق لها من الثروات فى ظل نظام إنعدمت فيه الشفافية وأغمض القانون عينيه عن أفعال تلك الطبقة التى نمت وتضخمت وتأسدت إلى أن صارت هى كل شئ فى البلاد فى فترة إختفى فيها الرقيب عن عمد ليصول ويجول كل منتفع متلاعب بمقدرات الأمة !
ويعلم الجميع ما تشهده المنطقة من إنفجارات زلزلت الأرض من تحت أقدام الحكام والطبقة العليا فى بعض دول الجوار ، وذلك بفضل بوعزيزى وثورة الياسمين فى تونس وثوار ميدان التحرير فى مصر الشقيقة والغليان فى ليبيا واليمن وسوريا والبحرين ومسقط والحبل على الجرار كما يقولون . فماكان من الإنقاذيين إلا أن شعروا بهزات تلك الزلازل وبدأوا بالعمل( بقدر المستطاع ) فى إيجاد مخرج ، حتى وان تمثل فى عمل يقارب ماتقوم به الوداعيات، وذلك قبل أن تكون ردات الفعل تسونامى يغرق كل ما إختزنوه فيجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أثر بعد عين عندما يفور التنور وتأتى لحظة لاعاصم اليوم . ذلك اليوم الذى لن يرحم كل أفاق ذميم .
وماتقوم به اليوم عصبة الإنقاذ كان قد سبقها إليه الرئيس الأسبق جعفر نميرى عندما طرح شعار محاربة الفساد ! وبدأ فى محاربة البعض دون المساس بالطبقة العليا! التى كانت تنخر فى إقتصاد البلاد. فى ذات يوم إنبرى له أحد المواطنين ومن داخل الإتحاد الإشتراكى مخاطبا الرئيس المهول قائلا:
إحنا لامن البناء يكتمل ونصل إلى مرحلة التشطيب والبياض (ضرب البويه ) بنبدأ نضرب من فوق ونازل . ولكن الرئيس آنذاك كان فى واد آخر حال دون فهمه لما رمى إليه ذلك الذى ينتمى إلى الطبقة الكادحة ! أو لم يعطى بالًا لماقاله ذلك الرجل! وكانت الطامة الكبرى .
أما محاربة الفساد بشكله الإنقاذى الذى تكونت له لجنة بدون صلاحيات تخول لها محاسبة ( الكبار) الذين كما يقولون يتمتعون بالحصانة ! وهؤلاء يعرفهم الغاشى والماشى أنهم أس الفساد والرشوة والمحسوبية والتدهورالذى لحق بإ قتصاد البلاد ، فكيف سيتأتى لتلك اللجنة الوصول إلى غايتها إن كانت لها غاية فى الآساس غير ذر الرماد فى العيون !فى ظل تلك ( الحصانات ) التى لا أول ولا آخر لها؟!
إذا أخذنا بمقولة ذلك الرجل " لمحاربة الفساد لابد من الضرب من فوق ونازل " علينا أن نمسك نافع ونضربه ، وعوض الجاز نضربه ، وكرتى نضربه ، وسبدرات الآكل على كل الموائد نضربه ، وإسماعيل الحاج موسى ، لا، ده نخليه بوسخه مايستحق الضرب ، وكمان جلال الدقير نضربه ، أما بقية العقد الفريد فمنهم من سيتلقى الضرب من جوه وبره ! وربنا لايورينا ضرب بره ده الخلى العقيد يهضرب " زنقه زنقه " !!!
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]