لندفع بقوّه فما زالت المرساةُ تُعيق السفينة

 


 

 

تحدَّثتُ قَبلاً عن السهم الذي طاش بعد أن أنفَذَ الطوفان البشري الراكز إرادَتهُ ولم يجد النظام المقتلَع مناصًا إلّا ان يتآمر مع عسكر لجنته الأمنيه ولم يكن لهذا التآمر ان ينطلي على شعب الثوره ولكن كانَ لتآمُر مدنييه ورئيس وزرائه وخيانة احزاب الهبوط الناعم ومجلس السياده ، كحِزمةٍ واحده ، الدور الجوهري في التضليل وتغبيش الرؤيه الَّذَين حاقا بهذا الشعب.
أبقت هذه الحِزمه على كل منسوبي النظام داخل جسم الدوله العسكري والمدني وحافظت على المصالح العليًا لتنظيمهم نافذًا مما خَصَمَ كثيراً من مصالح الشعب وأقعَدَ بثورتِهِ.
تحدثتُ قبلاً أيضاً عن قيادات الشرطه منذ النجاح الجزئي للثوره واوضحت كيف ان ترك حبل وزارة الداخليه بيد اللجنه الأمنيه للإنقاذ بتآمُرٍ كامل بين الحِزَم التي ذكَرتُ بعاليه قد انعكس سلباً على كل قوة الشرطه من بابٍ رئيسٍ لُحمَتهُ وسداه هو القيادات التي متى صَلُحَت صلُحَ باقي الجسد. والصلاح المعني هنا إبتداءً ومُنتهاً هُوَ القيادات المؤمنه بالثوره فاجتهد اعضاء المجلس العسكري وقائد ميليشيا الجنجويد في تعيينِ القيادات التي لن تخرجُ عن طوعهم لأنهُم معَ البعض (دافننوا سوا) اما البعض الآخر فهو ، ( أخلاقياً ) ، لا يؤمن بِعَضِّ اليد التي احسنت اليه!
ما حدث للشرطه حدث للجيش ولجهاز الأمن.
اما الجيش فلا يمكن لأحَدٍ ان يحيط بما يجري بداخلهِ ولكن بالتخمين السليم نجد ان ثلاثين عاماً من السلطه المُطلقه لذلك النظام المأساوي تُمَكّنُنا من القول انّهُ ليس لدينا جيش إلّا بأعدادٍ لا تتجاوز اصابع اليدين وهذه رُبّما صنعها الوجدان السليم او لتقاطعات الكراهية المهنيه.
وكالشرطه حرص اولو الأمر على نوعية من يعتلون سُدّة القياده فيها فجاء صنيعهم بها متماهياً مع اغراضهم ومَن معهم من المدنيين. تلك الأغراض تتمثلُ في حماية النظام القديم وامنِهِ واقتصادِه وفي السلامه الشخصيه لمن ارتكبوا الجرائم في حق الشعب و اعني أشخاصهم. ثمّ نأتي لجهاز أمن البشير. كنّا قد نصحنا بحلِّهِ ونزع سلاحه ومحاكمة كل صاحب جُرمٍ مُنتَسبٌ إليه حَوَت ذلك إحدى أوراقنا التي قدّمناها قبل تشكيل الحكومه الأولى وقام الأخ رئيس الوزراء بتتفيهِ احلامنا ومقترحاتنا ثُمّ مضى إلى صمتِهِ الشتويّ الثقيل. تمّ تغيير قيادات هذا الجهاز مرّات كانت كلها تصُبّ في ذات السياق وتتماشى مع ذاتِ السياسات التآمريه التي تضعُ يداً ثقيله وعينٌ لا تغفل على مُجمل هذه الاجهزه المرتبطه بالأمن. صار هذا الجهاز عبئاً ثقيلاً تصرفُ عليه الدوله بلا مردودٍ للثوره ولكن يذهب المردود إلى دائرةِ التآمُرِ عليها وعلى شعبِها. عندما أعربَ الاخ رئيس الوزراء عن رغبةٍ عوجاء في ألحاقِ شباب المقاومه بالجهاز واجتمع مع فعالياتهِ قلنا انّهُ مالم تُغيّر القيادات بقياداتٍ منّا وبمعرفتنا ومن صلب الثوره فإنّ أيّ إلحاقٍ لزُغبِ حواصلٍ في قاعدةِ الجهاز لسوفَ يكونُ لهُ أثرٌ مُدَمّر ذلكَ في وجودِ دهاقنةِ البطشِ والتآمر هؤلاء.
الماكينه الماليه المهوله لحميدتي أدّت الى إستمالةِ الكثيرين من جهاز الأمن ومن الشرطه وخاصةً الاحتياطي المركزي ومن الجيش للتجنيد في صفوفِهِ. نفس الماكينه جذبت الكثير من المستشارين في مناحٍ كثيرةٍ منهم المهندسين والاطباء وصارت القوه تنمو بإضطراد بإلإضافة للزجّ بالمزيد من السلاح بيد الحركات وغيرها الى داخل الخرطوم المنهكه والمدروزه بخيانات أبنائها.
قلنا أيضا ان جهاز الأمن الداخلي ذو اهميه عظيمه ويجب أن يُنشأ ولكن ( ليس) بوجود هذه الحكومه. وإذا حدث وتمّ انشاؤه فسوف يكون ذلك خصماً على ثورة الشعب وسيُضافُ الى خيباتنا المتناسله حتى الان وسيصُب في مصلحة اعداء الثوره ومحاصصيها مما سيزيد الامر تعقيداً.
نفس الشيئ بالنسبةالى اهمية هيكلة الجيش والشرطه ولكن اجراء تلك الهيكله يجب ان يتم عندما يكون الوطن تحت القياده الصحيحه المولوده من رحم الثوره. أننا لم نَثُر من أجلِ الإطاحةِ بالبشير فقط واستبدالِهِ بشُرَكائهِ من العسكريين وأحزاب الهبوطِ الناعم ولا من أجلِ القبول بإرادة الدول الإقليميه المتآمره. ليس أمامنا الّا إستكمال ثورتنا يموت من يموت ويحيى من يحيي على بينه او سنستمر الى بقيةِ حياتنا تحت (نَيْر) إمتناننا لحميدتي الذي كان هو مَن أنقَذنا من الموت ولو لاهُ لكان البشير ما زال يحكم حتى الان او كما قال.

melsayigh@gmail.com
////////////////////

 

آراء