لن يرضى عنك الغرابة حتى تأكل الكٓوٓل بإستمتاع !!

 


 

 

(1)
تحت ذلك العنوان كتب أحد الزملاء بمنتدى سودانيز اونلاين في عام 2011.
صديقي النوبي (عزام فرح)، رجل طيب القلب و نقي السريرة ، لا يقول غير الذي يؤمن به. إلا انه كان يتبنى خطاً متطرفاً تجاه أبناء "جلدته" في غرب السودان الي حد يجعل من عبدالرحمن عمسيب و الدكتورة حياة عبدالملك مجرد تلميذين مهملين في اداء واجباتهما الجهوية المقدسة.
كثيرا ما جردني من الجنسية السودانية على إيقاع إسمي الذي لم يتمكن من التعايش معه ، ناهيك عن هضمه.
إلا انه لم يظفر برد يبرر مواقفه؛ فصار صديقاً حميماً قبل ان نفترق ، و لكل واحد منا أسبابه في وداع المنتدى!!.
على نقيض الكثيرين فإنني غير منزعج لأحاديث الصوت العالي من قبل بعض بنات و أبناء الوطن من المنحدرين من الاقاليم التي لم تألف الحروب و النزاعات في دعواتهم لفصل أو بتر بعض أجزاء (الجسد السوداني) كرد فعل لممارسات من قبل البعض خلال الفترة الانتقالية.
تعلمت من المنتدى ان تلك الأصوات مصيرها الإندثار عندما يتحقق حلم السودان بقيام دولة مدنية ديمقراطية.
و أننا بحول الله على موعد مع ذلك الحلم.

(2)
من الصعب إعفاء النقد اللاذع الذي يتعرض له بعض قادة حركات الكفاح المسلح أو منتسبو قوات الدعم السريع من الدافع الجهوي. لكن الجهوية جهل، و ما بنيت الأمم يوماً بالجهل. هذا رغم الإنتكاسة التي احدثتها تلك الحركات لعملية التأسيس لدولة المواطنة والقانون بفعل تواطؤوها مع انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم.
وبرغم الحنق الذي قد اتسبب فيه للبعض إلا أنه و برأيي المتواضع فإن إتفاق جوبا للسلام يعتبر مكسباً وطنياً تاريخياً. لذا فإن اي تفكير في التراجع عنه هو درب من الجنون.

(3)
بالرجوع الي العنوان المقتبس ؛ هنالك حساسية مفرطة و غير مبررة من قبل بعض أبناء غرب السودان تجاه اي نقد يوجه الي اي من مكوناتهم الحركية أو السياسية أو القادة و ذلك بإستخدام الساتر الجهوي العنصري.
بتصوري ذلك نوع من الإبتزاز لأبناء الوطن.
على مدار عمر نظام الإنقاذ البائد كنا نوجه اقذع النعوت ضد (البشير ، عوض الجاز ، نافع علي نافع ، و علي عثمان و غيرهم ) على الموبقات التي اقترفوها بحق البلاد و العباد دون ان يتهمنا أحد بالعنصرية ، بل كنا نجد التضامن من قبل أبناء السودان المنحدرين من مناطق هؤلاء المجرمين.
بالمقابل فإن اي دفاع عنهم من قبل الاخرين كان يحدث في إطار الإنتماء الحزبي أو السياسي لكن لا نصيب للجهة ( على الأقل في ظاهره ).

(4)
كشخص تربى في بيت من الطين كالكثيرين من أبناء و بنات هذا الوطن ؛ عوضاً عن معظم أهله في قربى الرحم و الوطن يقبعون اليوم في معسكرات النزوح و اللجوء ؛ لا شيء يحفزني على التفاخر.
لكن للأمانة فقط قبل مغادرتي السودان هرباً من بطش الإنقاذيين قبل أكثر من العقد؛ أزعم بأنني أعرف الكثيرين من سكان ضاحيتي الرياض و المنشية. أي أعرف المنطقة شارعاً شارعاً ، بل أعرف مواقع البارات السرية التي يديرها ويرتادها ابناء الصف الاول و من قادة (المشروع الحضاري الكذوب) دون ان يغامر اي شرطي أو ضابط من الاقتراب منها على غرار ما يحدث في تهريب الذهب السوداني ( مع الاعتذار للأخ مبارك أردول).
في الصباح و في طريقي الي وسط الخرطوم كثيرا ما امر بشارع بيت عوض احمد الجاز ، وغيره من بيوت اقطاب نظام الإنقاذ.
في السنوات الاخيرة ؛ الكثير من قادة حركات الكفاح المسلح التي وقعت على اتفاقية الدوحة للسلام ثم جوبا للسلام قد سكنوا في الضاحيتين المذكورتين،( و لا حسد في ذلك).
لكن رغم البعد المكاني عن السودان إلا أنني أعرف أسعار العقارات هناك.
القادة الذين حملوا السلاح (من أجل انصاف اهليهم) و الذين اليوم يسكنون المعسكرات و تطعمهم المنظمات كفاتورة دفوعها على تمرد الذي قاده يوماً السكان الحاليين الجدد لتلك الضواحي .
بينما أبناء (المقاتلين - الاحياء منهم والشهداء) يتغيبون اليوم عن المدارس لعجز أمهاتهم الأرامل المشتغلات في الأعمال الشاقة عن دفع الرسوم الدراسية.
الأرامل و إن ظفرن بشيء من صناعة الشاي أو صناعة الطوب في الكمائن لا يغطي غير بعض الطعام لإيتام شهداء الثورة السودانية التي انطلقت في دارفور عام 2003.
إذا فمن اين لهؤلاء القادة المال لشراء العقارات بتلك الضواحي؟؟
من الأفضل ان اسألهم أنا حتى لا يستخدموا القفاز الجهوي الذي غالبا ما يكون على المقربة منهم.

دعوا الاخرين يتحدثوا في قضايا الوطن دون أي رهاب جهوي من أجل وطن معافى يسع الجميع .

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء