لولا الأرز وفيروز والشحرور …. بقلم: د . أحمد خير / واشنطن

 


 

د. أحمد خير
26 June, 2010

 

 

لبنان ذلك البلد الجميل الواقع بين الجبل والبحر ،  الممتدة فيه أشجار الأرز تزينه من كل جانب . لبنان فيروز والرحبانية والشحرورة صباح التى أقامت فى سوداننا فى ستينيات القرن الماضى وأحبته وأحبها ، لبنان الذى عشقه أديبنا الراحل الطيب صالح وبادلنا العشق كتابه ومفكريه . ولتسأل الدكتوره/ أميونى بالجامعة الأمريكية فى بيروت عن مكانة الطيب صالح فى عالمها الأكاديمى!  ماذا حدث للبنان ولماذا إنفرط فى لحظة عقد الصداقة والمحبة بيننا وكأن  شيئاً لم يكن !؟ لماذا أقتلع اللبنانى البذور السوداء من حبات التفاح فى " الأوزاعى " والقى بها على قارعة الطريق ،  وبدون أن يفكر فى مشاتل تفاح المستقبل !؟ ولماذا فى لذة إذدراده لحبات العنب قد إبتلع معها بذورها السمراء ولم يخشى على حلقه !؟ أهكذا يابن فينيق تدخلنى فى أمعائك ويأبى عقلك أن يقبلنى !؟

لبنان ، نعم أحببناه بالرغم من أنه كان الدولة العربية الوحيدة التى أبدت إعتراضها على قبول السودان كعضو فى جامعة الدولة العربية ! أحببناه وإتخذنا منه ملاذا نهرب إليه من صيف السودان الحار أو كطلاب علم .  ذاك فى زمن كان فيه السودان سودان ! وآه من كان هذه التى تدمى القلب ! فالهوان الذى نلقاه فى سوداننا لانستغرب معه الهوان فى كل مكان حتى وإن كان فى لبنان الذى تخرج فى جامعاته العديد من السودانيين من أولئك النفر الذين نفخر بهم حتى وأن كان أغلبهم قد رحل عنا بعد أن غيبهم الموت !

آه يالبنان اليوم  الذى غاب عنه الأمس بطلاته البهية ! ماذا فيك اليوم بعد أن توارت فيروز والشحرورة !؟ أراك اليوم تغرق فى غنج هيفاء وهبى إلى حد بات الجسد فيه كلحوم الماشية فى الأسواق لاينساق إليه إلا الذباب ! هش يالبنانى ونش . لقد إنكسرت فيك شجرة الأرز وغاصت فروعها فى التراب ! ماعدت يالبنان بقسمات الأمس تلك التى أنجبت عباقرة ومفكرين ! ماعدت ذاك الذى كان بالأمس يطبع لتقرأ الخرطوم ! ماعدت يالبنان بصخب بعلبك وأعراسها الموسيقية التى كانت قبلة لكل محبى الطرب وعاشقى الكلمة واللحن ! ماعدت يالبنان أيقونة الشرق ومجمع الجمال ! فالجمال لايمكن أن يتجسد فى لون واحد مهما تكن طبيعة ذلك اللون ! الجمال كما نعرفه نحن ويعرفه كل فنان يجيد صنعته هو ذلك الجامع لأكثر من لون ، لابد وأن يكون هناك تضاد وإلا أصبحت اللوحة باهتة وبدون معنى !

إنظر يالبنانى فى دفاترك وفى صحفك وجرائدك ستجد أن اللون الأسود الذى لايروق لك هو فى داخل غرفة نومك وفى مكتبك وفى كل المكتبات ! أين المفر إذن واللون الأسود يحاصرك  فى كل مكان !؟ وهل فى إمكانك أن تغرس ورود بلون واحد !؟ عندها بستانك لن يصبح بستان ! تمعن يا أخى اللبنانى فى الطبيعة من حولك لتعلم أن الخالق له حكمة فى تعدد الألوان ، فلماذا أنت تريدها بلون واحد !؟ عد إلى رشدك يالبنان قبل أن نخرجك من قلوبنا وتصبح فى عالم النسيان !      

-----------------------

رسالة لعناية سفير لبنان بالخرطوم

 

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء