اوضحت فى المقالة السابقة كيف ان هناك مفارقات وظروف وتناقضات عجيبة مكنت السيد محمدعثمان المبرغنى الذى كان حتى وقت قريب من انقلاب الانقاذ يواجه موقفا حرجا فى الحركة الاتحادية التى كانت اغلبيتها تجمع على رفض عودته وانها لم يحدث لها انسمته رئيسا للحزب حتى على مستوى الهيئة الخمسينية او على اى مستوى فى الحزب كما انه لولا موقف الامينالعام للحزب الشريف زين العابدين الهندى لكان حده الاقصى ان يعود راعي اللحزب مكان والده دون اى تدخل فى الشان الساسى وحتى هذا كان يجد مقاومة من بعض القيادات الاتحادية فماهى هذه المفارقات والظروفوالتاقضات التى مكنته من ان ىمتلك الحزب وينصب نفسه رئيسا له دون ان ينتخبه احد وبنص فى دستورللحزب صاغه هو وفق هواه وضمنه قسم الولاءلشخصه بالاسم وليس الحزب او مبادئه بنص فى الدستور وقد اوردت نص القسم فى خاتمة الحلقة السابقة فكيف انقلب الحال فى الحزب على هذا النحو
بداية المفارقات والمواقف تمثلت فى حدثين ارتبط بهماقبل ان يغادرالسودان للخارج بعد انقلاب الحركة الاسلامية فى يونيو 89
الحدث الاول يتمثل فى موقف يحسب له بلاشك حيث انه وباسم الحزب دخل فى حوارمع الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحريرالسودان مع وفد من الحزب وعاد من الحوار لترتفع اسهمه قليلا بالانجازالذى حققه مع قرنق عندما وقع معه باسم الحزب اتفاق الوحدة والسلام وهو الاتفاق الذى قوبل برفض مطلق من زعيم الحركة الاسلامية الدكتورحسن الترابى وتنظيمه الاسلامى لان ذلك الاتفاق الوحدوى كان سيفضى حتما لعدم قيام دولةاسلامية فى السودان حتى تتحقق الوحدة بالغاء قوانين سبتمبرالاسلامية فكان ان نجح الدكتور حسنالترابى فى الاطاحة بالبرلمان قبل يومين من الموعد المحدد لطرح الاتفاق امام البرلمان لاجازته والذى كان يومهاتعبيرا واضحا لرفض الخطوة التى اقدم عليها فحسنت من صورته السياسية لدى بعض الاتحاديين الا انهافى نفس الوقت عمقت من رفض الانقلاب الاسلامى له لهذا فان الانقلاب لم يمهل الميرغنى حتى يسبقه بالتهنئة التى تعود عليها مع كل انقلاب لان سلطة الانقلاب وضعته لاول مرة فى قائمة المعتقلين سياسيا وبهذا حقق الاعتقال له لاول مرة فى التاريخ ان يسجن لاسباب سياسية فكان السجن بداية شكل جديد للسيد محمد عثمان لدرجة ان قطاعات معتبرة من الاتحاديين اعادت النظر فى حكمهاعليه بعد ان بدا لاول مرة وان كان رغما عن انفه سياسيا مناضلا مع القادة السياسيين
تلك كانت اول خطوتين فى مسيرة الميرغنى الجديدة ولكنه رغم ذلك لم يصمد فى هذا الموقف اذ سرعان ما افرج عنه نظام الاتقاذ بل منحه جوازا دبلوماسيا سافر بهللندن بغرض العلاج وكان وةاضحا انه وقتها(عادت حليمة لقديمة وانه بارك الانقلاب لان المراغنة لم يشهد تاريخهم ادانة انقلاب )
بوصول السيد للندن كانت المفاجأة الاولى ان الاتحاديين وعلى راسهم الشريف زين العابدين الهندى قد بادروا باستقبال الميرغنى الذى اصبح فى عرفهم المناضل القادم من سجن الانقاذ فرتبوا له لمؤتنر صحفى ارادواله ان يخاطب المؤتنر وانعموا عليه صفة الرئيس للحزبوهم لا بملكون منحه هذه الصفة الا انه رفض مخاطبة المؤتمر الصحفى وفاجا الاتحاديين بحديث صريح انه لم ياتى للخارج لمعارضة النظام وانه سافر باذن النظام وبجواز دبلوماسى وانه عائد للبسودان بعد العلاج و لحظتها فقط بدا الانقسام فى الخارج بين الشريف ومجموعته وبين زعيم الطائفة بعد ان اسقط اسم الميرغنى من المعارضة للنظام من خارج السودان وهناانطوت المرحلة الجديدة التى حولت الميرغنى لسياسى مناضل حيث عاد لما كان عليه مواقفه مع كل الانقلابات واسقط من حسابات المعارض سواء على مستوى الحزب او التجمع ا لوطنى المعارض والذى تراسه وقته عن الاتحاديين رحمة الله عليه السيد محمدالحسن عبدالله ياسين وبقى الميرغنى بعيدا عنه وعن المعارضة
وبهذايكون ملف الميرغنى بلغ نهاينته ولم يعد فىحساباته هو شخصيا الحزب الاتحادى واصبح ملفه فى الطريق لان يغلق نهائيا ولم يكن هواو اى قيادى سياسى يتوقع المفجاءة البتى نقلت الاوضاع من اقصى يمينها ليسارها ووالتى غيرت مسار السيد محمدعثمان الميرغنى.
فلقد كان الحدث الذى قلب الطاولة وغير مسارالميرغنى 360-0درجة غزو زعيم العراق صدام حسين للكويت وتاييد نظام الاتقاذ لهذا الغزو الامر الذى فجر الاوضاع بين دول الخليج والسعودية ومصر بصفة خاصة حيث ان المملكة العربية السعودية ومصر وكلاهما كانا فى حالة تعايش مع نظالم الانقاذ لدرجة ان مصر كانتمتخفظة فى وجود التجمع الوطنى المعارض للنظلمبالقاهرة ولم تسمح له بمكتب رسمى فانقلبوا للضد بل فى حالة عداء حاد مع الانقاذ بسبب تاييده لغزو العراق للكويت مما اجبر الميرغنى ليواجه موقفا حرجا بين اقرب دولتين له مصر والسعودية وبين الانقاذ فى السودان فكان خيارا صعبا لم يعد يملك ان يحافظ على موقفه من الجبهتين فكان خياره مجبرا لمصالحه مع السعودية و ومصر مما فرض عليه ان يصدر بيانا يدين النظامالسودانى لموقفه من الكويت وبهذا التصريح سد الطريق امام عودته للسودان ولم يعد من طريق امامه الا ان ينضم للمعارضة والتى لم يكن مدخله لها معارضة الانقاذ وانما معارضة غزو الكويت ارضاء لمصر والسعودية
وهنا لم يكن للتجمع الوطنى المعارض ان يفوت هذه الفرصة لياتى بالميرغنى رئيسا له بديلا للسيد محمد الحسن عبدالله ياسين حتى يستثمر التجمع علاقته بالسعودية ومصرتحديدا والتى اتخذها التجمع مقرا له ولعلاقته الشحصية بالدكتور قرتق زعيم الحركة الشعبية ولان الشريف زين العابدين الامين العام للحزب كان رافضا للتجمع لثلاثة اسباب اعلنها فى بيان رسمى طالب بتصحيحها ليعترف به الاتحاديون اولها انه يرفض مقدمة ميثاق التجمع التى تشكل ادانة للحزب الاتحادى الديقراطى مع حزب الامة وثانيا لان الشريف كان يرفض ان يكون هناك تمثيل لشخصات مستقلة امثال المحامى فاروق ابوعيسى وممثلى نقابات بحكم انهم كوادر حزب عضو فى التجمع مما يعنى ان الحزب الشيوعى سيتمتع بالاغلبية فى التجمع وثالثا لانهميرفضون قبول الحركة الشعبية فى التجمع لان اجندة الحركة لا تتوافق واجندة التجمع الذى يعمل لعودة الديمقراطية بينما الحركة الشعبية كانت فى حرب مع احزاب التجمع فى الديمقراطية ولم تحترم الديقراطية بعد انتفاضة ابريل لهذا وجد الميرغنى نفسه بعد هذا التحول هو الكرت الرابح للتجمع فعاد مناضلا ضد الاتقاذ ارضاء لمصر والسعو دية وليس ارضاء للحزب او قضية الشعب السودانى وهى الفترة التى شهدت له مواقف قوية فى مواجهة الانقاذ كنظام ليكتسب بهذا ارضبة اعطته وذنا سياسيا غير مستحق فى الاوساط الاتحادية فيما تاكد انقسام الحزب بين حزب الميرغنى وحزب الشريف الامانة العامة ويصبح حزب الميرغنى اكثر قبولا من حزب الشريف بصفته مناضل ضد النظام