مؤتمر الترابي.. (لص) ورسائل جديدة!!

 


 

 

diaabilal@hotmail.com

 في الوقت الذي كان فيه د. حسن عبد الله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي - بطريقته الجاذبة - في مؤتمره الصحفي أمس يعرض تصوره التفصيلي، لتجاوز الأزمات القائمة، وذلك بوصف إحداثيات المشاكل وتحديد منافذ الخروج.. كان لص ذكي بجلباب أبيض نظيف ولحية حديثة التصميم، يستغل حالة الانتباه التام، التي يفرضها الترابي على سامعيه بأدائه الصوتي المميز، ويفرضها على مشاهديه ببراعة الاشارة والتعبير. اللص - الذي يبدو أنه ملم تماماً بكل ذلك -  مضت يده في إنجاز مهمة «النشل».. ولكن خطأً ما أوقعه في قبضة رجال تأمين المؤتمر، فباءت مهمته بالفشل.الملاحظة اللافتة في هذا الحدث الطريف أن المؤتمرات الصحفية أصبحت ضمن اهتمامات «النشالين»، وربما من الملاحظ أن د. الترابي من خلال مؤتمره ذلك قام بعمليات نشل سياسي غير خاضعة للإدانة الجنائية، بل تسمح بها قوانين اللعبة السياسية...!رسائل الترابي تجاه مصر أصبحت في الفترة الأخيرة تميل للملاطفة وتقترب قليلاً من الغزل.. ويبدو أن لمصر مصلحة كذلك في تحسين علاقتها مع الترابي.. وقد توصف الإفادات الجديدة بأنها محاولة جريئة يقوم بها الترابي، هدفها في الأساس «نشل» مصر بكل قوتها وتأثيرها من قائمة حلفاء الحكومة..!وفي المقابل ربما أن مصر تريد - عبر التواصل الطفيف مع الترابي - أن تسدد ضربة قاضية لمفاوضات الدوحة،  وذلك «بنشل» حركة العدل والمساواة من مائدة التفاوض القطرية وإلحاقها بالمفاوضات المتعددة الأطراف المزمع انعقادها بالقاهرة.. وربما أن مصر ترى في الترابي أفضل من يعينها على ذلك.وقد يوصف مقترح الترابي بتشكيل حكومة انتقالية، لتجاوزالأزمة السياسية الراهنة في البلاد والتحضير للانتخابات العامة،  بأنها «عملية نشل» للمقترح الذي تقدم به السيد الصادق المهدي قبل أيامٍ، وحمل ذات مضمون الدعوة التي لم يحفظ الترابي حقوق عرضها لجهة نسيبه اللدود الصادق المهدي.وكذلك قد يسهل وصف مؤتمر الترابي بأنه عملية «سحب» سَلس للأضواء قام بها الرجل، الذي مضت بعض أجهزة الاعلام في تسليط الضوء على ما تقول إنها خلافات ناشبة داخل حزبه، منطلقها في الأساس مواقف الترابي المعلنة من بعض القضايا.. الترابي بمؤتمره الصحفي أمس صرف الأنظار عن تلك الأحاديث ووجّهها  إلى حيث يريد.ولكن بعيداً عن فكرتي «النشل والسحب» من الملاحظ أن هناك ما هو جديد في حديث الترابي أمس:باستثناء مقدمة الورقة التي قدمها الرجل كروشتة علاجية للحالة السياسية الراهنة، تجدر الملاحظة ان هذه هي  المرة الأولى التي يبدو فيها الترابي حريصاً على تقديم حلول - بغض النظر عن طبيعتها - أكثر من كونه راغباً في توتير الاوضاع لحد انهيار المعبد.الترابي الذي كان يراهن على الثورة الشعبية للإطاحة بسلطة أبنائه بالأمس، قال هذه المرة ان الثورة ليست من خياراته وإنها إذا قامت ستمزّق وحدة السودان.كما من الواضح أن هناك متغّيراً طفيفاً في موقف الترابي من الجنائية، حيث قال أمس: (إذا جاءت حكومة انتقالية وجاءت بقضاء مستقل فلن تأتي المحكمة الجنائية الدولية بجديد فيما يختص بملف دارفور).. كما لم يستبعد الترابي التحالف مع المؤتمر الوطني في الانتخابات المقبلة وإن رآه عسيراً.من المؤكد أن «نشال» مؤتمر الترابي قد فشل في مهمته. ولكن وحدها الأيام المقبلة ستوضح مدى فشل أو نجاح الترابي في انجاز مهامه الجديدة التي مهّد لها بمؤتمره الصحفي أمس..؟! 

 

آراء