مؤتمر واشنطن لدعم إتفاقية السلام .. صورة عن قرب .. تقرير: اجراس الحرية: عبد الفتاح عرمان
26 June, 2009
مؤتمر داعمى إتفاقية السلام الشامل الذى تم تحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية بمشاركة دول الإيقاد و أصدقاء الايقاد و الذى إنعقد فى الثالث و العشرين من الشهر الجارى يعد الفرصة الاخيرة لانقاذ إتفاقية السلام الشامل كما قال رئيس وفد الحركة الشعبية فى هذه المباحثات.
كنت مقيماً فى فندق (حياة بارك) و هو نفس الفندق الذى يقيم فيه وفدى المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية، و هو ايضاً نفس الفندق الذى إحتضن المباحثات الثنائية و الثلاثية ما بين الشريكين و المبعوث الامريكى الجنرال سكوت غرايشون. وفد المؤتمر الوطنى كان يقوده د. غازى صلاح الدين و عضوية كل من سيد الخطيب، إدريس عبد القادر، د. مطرف صديق، د. بكرى سعيد و يحيى حسين و اخرين. الحركة الشعبية كان يقود وفدها الفريق مالك عقار و عضوية كل من باقان اموم، الفريق نيال دينق د. سامسون كواجى، د. لوكا بيونق، ان ايتو، شرينو إيتانق، الفريق وياى دينق اجاك و ياسر عرمان. من الملاحظ انه و بعد اربعة اعوام مضت على توقيع إتفاقية السلام الشامل الا ان اعضاء وفدى المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية لا يجلسون مع بعضهما البعض الا فى حالات قليلة و نادرة على الرغم من انهما يقيمان فى نفس الفندق مما يعطى احساساً عاماً بان الانفصال موجود فى النفوس اكثر من وجوده على الارض.
(الوطنى) لا للاعلام.. (الشعبية) نعم للاعلام
يوم الاربعاء قبل الماضى شهد دخول الشريكين فى مفاوضات مكثفة حول القضايا العالقة فى ما يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلام و كان المبعوث الامريكى الجنرال غرايشون يدير تلك الجلسات. بعد إنقضاء جلسات اليوم الاول و التى كشفت عن خلاف عميق ما بين الحركة و الوطنى حول نتائج الاحصاء، توجه ياسر عرمان الناطق الرسمى باسم وفد حركته فى هذه المفاوضات لوسائل الاعلام التى كانت فى انتظاره و قال بان شقة الخلاف واسعة ما بين الشريكين. فى اليوم الثانى طلب وفد المؤتمر الوطنى من الجنرال غرايشون ان يلزم الاطراف بعدم نقل ما يجرى داخل الغرفة المغلقة الى وسائل الاعلام. ذهب غرايشون لوفد الحركة الشعبية و طلب منه عدم نقل ما يدور داخل المباحثات لوسائل الاعلام و لكن وفد الحركة قابل طلبه هذا بالرفض القاطع مبرراً ذلك بان شعبهم يتابع هذه المباحثات و من حقهم ان يعرفوا ما يدور فيها.
غرايشون..هل يفشل فى مهمته؟
على مدار اربعة ايام من المفاوضات المتعثرة ما بين الشريكين و التى إصطدمت بعقبتى ترسيم الحدود و الإحصاء لم يفلح الجنرال غرايشون فى تجاوز هاتان العقبات خصوصاً بعد ان تم رفض مقترحاته الخمس فى تجاوز عقبة الاحصاء. و يبدو ان غرايشون ليس وحده الذى اصابه القلق لان سيد الخطيب عضو وفد المؤتمر الوطنى هو الاخر كان يخرج كثيراً من غرفة المفاوضات ليستنشق بعض الهواء خارج الفندق و دخان (سيجارته) يكشف عن الهواء الساخن الذى يعتمل فى صدور المتفاوضين داخل الغرف المغلقة. وفى الجانب الاخر يلاحظ ان الخروج المتكرر للفريق وياي دينق اجاك و الذى قلت له بان صحف الخرطوم تقول بانك تقود ابناء الدينكا داخل الجيش الشعبى ضد تعيين صديقك الفريق جميس هوث (من ابناء النوير) رئيساً لهيئة اركان الجيش الشعبى ضحك و قال:" لانهم لا يعرفون العلاقة التى تربطنى به، و انا من اشار بتعينه فى هذا المنصب".
التقيت الجنرال غرايشون مرات عدة اثناء هذه المفاوضات و فى كل مرة بدأ لى متفائلاً بالوصول لحلول ترضى الطرفين ولكن منذ تعينه و حتى الان لم يفلح فى إحداث إختراق واضح يجنب الاطراف عدم العودة الى المربع الاول مرة اخرى. وبات جلياً الان بان الجنرال غرايشون لا يدرى اى السبل يسلك لحلحلة القضايا العالقة ما بين الطرفين و ربما يحتاج لاشهر قادمة لفهم طبيعة هذه القضايا قبل السعى فى حلها. كما اخبرنى الجنرال غرايشون بانه اتفق مع الاطراف لعقد مؤتمرين الاول فى الخرطوم منتصف يوليو القادم و الاخر فى منتصف اغسطس من هذا العام. الفترة القادمة سوف تحدد مستقبل الجنرال غرايشون كمبعوث شخصى للرئيس اوباما للسودان فاما ان يفلح فى حلحلة القضايا العالقة فى تنفيذ اتفاقية السلام الشامل و المساهمة فى حل ازمة دارفور وام ان يفشل و يكون مصيره مثل المبعوث السابق اندرو ناتسيوس الذى اطاح به صقور الادارة السابقة خصوصاً بان هنالك خلافات عميقة ما بين غرايشون و مبعوثة امريكا فى الامم المتحدة الدكتورة سوزان رايس التى تعد من اقوى صقور الإدارة الحالية.
احد مساعدى غرايشون يسال: هل بامكاننا اخذ صورة تجمع الشريكين؟!
كما ذكرت من قبل بانه لم يكن هنالك تفاعل (Interaction) مابين وفدى المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية حتى فى اليوم الختامى للمؤتمر و هو يوم الاربعاء الماضى حيث تم إجلاس وفد المؤتمر الوطنى فى جانب ووفد الحركة فى جانب اخر ما عدا تجاور د. غازى صلاح الدين و الفريق مالك عقار فى المنصة الرئيسية. وعندما كان الجنرال غرايشون يقدم المتحدثين لاحظنا خروج د. غازى صلاح الدين و الفريق مالك عقار الى جانب نائب وزيرة الخارجية الامريكية ديفيد إستنابيرغ حيث كان يتناقش ثلاثتهم قضية ما ربما توحيد الخطاب عند مخاطبتهم للمؤتمر لتفادى مواجهة غير محمودة ما بين الطرفين. وفى الوقت نفسه كان الجنرال غرايشون ينادى على اسم نائب وزيرة الخارجية الامريكية ديفيد إستنابيرغ وتم إعلامه بانه خارج الغرفة يتحدث لصلاح الدين و عقار عندها طلب من الحاضرين باخذ (عشرة ونسة) حتى حضور إستنابيرغ و الذى حضر بعد حوالى الربع ساعة. الجنرال هوارد قائد القيادة الافريقية لوزارة الدفاع الامريكية كان حاضراً بذيه الرسمى فى الجلسة الافتتاحية، و ربما قصد من وجوده إرسال رسالة للجميع مفادها بان الولايات المتحدة الامريكية حاضرة بدبلوماسييها وبل بجنرالاتها اذا لزم الامر!.
بعد ان طلب من وسائل الاعلام الخروج لان الجلسة سوف تكون مغلقة ذهبت الى خارج الفندق لاستنشق بعض الهواء النقى و كان بصحبتى رئيس هيئة المعونة الامريكية السابق برايان دى سلفا و بينما كنا نتجاذب اطراف الحديث إنضم الينا روب ساتروم احد مساعدى الجنرال غرايشون الذى سالنا عن إمكانية اخذ صورة تجمع وفدى المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية. عندها تاكد لى بان ما لاحظته عن طبيعة العلاقة ما بين اعضاء الوفدين لاحظه الجميع بدليل ان احد مساعدى غرايشون لا يدرى هل بامكانه جمع الطرفين لاخذ صورة جماعية ام لا!. رددت عليه بانى لا اعتقد ان هنالك مشكلة على الاطلاق فى اخذ صورة جماعية لهم و عضد حديثى برايان دى سلفا وبالفعل تم اخذ صورة جماعية للوفدين فى نهاية المؤتمر و حظيت ايضاً بعدد لا باس به من تلك الصورة.
المفاوضات كانت ناحجة و مثمرة بشهادة جميع الاطراف و التى كان على راسها الجنرال غرايشون الذى وصفها بانها ناجحة و مثمرة و كذلك د. مطرف صديق (مؤتمر وطنى) و باقان اموم (حركة شعبية) اللذان وصفاها بالبناءة. ولكن يبقى التحدى فى رغبة الاطراف فى تجاوز العقبات قبل الانتخابات القادمة وكما قال الجنرال زاريوس سمبويا الوسيط الكينى اذا كانت هنالك إرادة سوف يكون هنالك سبيل (If there is a will there is a way). الاسابيع القادمة سوف تكشف لنا عما اذا كان هنالك إرادة للاطراف ام لا.