مؤشرات انهيار نظام القطب الواحد وظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب

 


 

 

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
sabri.m.khalil@gmail.com

ظهور وانهيار النظام العالمي ثنائي الأقطاب " نسبيا":

أمريكا والاتحاد السوفيتي"سابقا" : اختلاف البدايات الايديولوجية واتفاق النهايات السياسية:

اولا: البداية الايديولوجية والصراع وتاسيس نظام عالمي ثنائي القطب:كانت البداية الايديولوجية لكل من أمريكا كدولة والاتحاد السوفياتى مختلفة لدرجة التناقض، فقد نشأت امريكا كدوله تتبنى النظام الاقتصادى الراسمالى الذى يلزم منه- موضوعيا-استغلال الشعوب وقهرها،وتحولت لاحقا الى قائده للنظام الراسمالى العالمى كما ذكرنا اعلاه.اما الاتحاد السوفياتي فقد نشا كدوله تتبنى الاشتراكيه فى صيغته الماركسيه،وترفع شعارات تحرير الشعوب من كافة أشكال القهر.ففى هذه المرحلة تاسس نظام عالمي ثنائي القطب.

ثانيا:النهاية الايديولوجية والتحالف " الموضوعى" وتحول ثنائيه الأقطاب من الاطلاق الى النسبية : غير ان النظام السياسى فى الاتحاد السوفيتى تحول - بفعل ظواهر سالبة اصابته كالاستبداد والبيروقراطيه والنزعة الامبراطوريه الروسيه...الى نظام سياسي يلزم منه موضوعيا الاستبداد بالشعوب وقهرها- وهو ما اعترف به العديد من المفكرين الماركسيين من دعاه تجديد الماركسيه" اليسار الجديد" - وهنا اصبح كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي حليفان – موضوعيا - في قهر الشعوب، غير أن تنافسهما على الاستبداد بالأمم والشعوب والدول كان يتيح للمستضعفين الذين هم كل البشر ثغرة لكسب قدر من الحرية في مقابل أن يكونوا تابعين لأحدهما.
اى ان هذه المرحلة شهدت تحول ثنائية الأقطاب من الاطلاق الى النسبيه، التى اتاحت للأمم والشعوب والدول قدر " نسبي" من الحريه.

انسحاب الاتحاد السوفيتي من حلبة المنافسة وشلل الذراع الايسر لقهر الشعوب وظهور نظام عالمي أحادي القطب: إلى أن انسحب الاتحاد السوفيتي من حلبة المنافسة- بعد انهاره ككيان موحد قوي نتيجة لعوامل متعددة - فشل الذراع الأيسر لقهر الأمم والشعوب .وصاحب ذلك انهيار النظام العالمى ثنائى الاقطاب نسبيا وظهور النظام العالمي أحادي القطب،الذى قام على استبداد امريكا بالامم والشعوب والدول وقهرها لها - حتى الامم والشعوب والدول الحليفه لها- واكثرها تعرضا لهذا الاستبداد والقهر-الامريكى - هى الشعوب المتعددة للامه العربيه المسلمه ودولها ،لاسباب متعددة أهمها التجزئة السياسية -

مؤشرات بدايه شلل الذراع اليمنى لقهر الشعوب وانهيار النظام العالمي أحادي القطب: غير ان شلل الذراع الأيسر"الاتحاد السوفيتى سابقا" ، ادى الى ضعف الذراع الأيمن الولايات المتحدة الأمريكية ، وكان هذا الضعف مؤشر على بداية شلله اى تعطله التام .اى ان النظام العالمي أحادي القطب كان يحمل فى ذاته - ومنذ البداية - بذور انهياره،ثم توالت المؤشرات على ذلك .
ومن هذه المؤشرات :

المشكلة القومية فى امريكا: أمريكا ليست دولة قومية، بل دولة متعددة الاثنيات، فكل نفر من سكانها ينتمي إلى أمة أو شعب خارجها. فهي معرضة دائما إلى خطر التمزق كدولة إلى عدد من دول كل منها قومية، و قد قامت على أساس أن يتولى البيض الأنجلوسكسون البروتستانت" الواسب" صهر "تذويب"
بقية القوميات فيهم لغة و حضارة و مصيرا. ولكن هذا الأساس لقي معارضة متكررة من هذه الجماعات الاثنيه.

المشكله العنصريه: وتمثل هذه المحاولة لتذويب هذه القوميات احد جذور المشكلة العنصرية فى أمريكا ،والتى تخرج للسطح كل فتره، عند حدوث حادث عنصرى معين .

الإرهاب " الحرب العالمية الثالثة": كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي التي بدأت وأعلنت الحرب العالمية الثالثة ممثلة في يمكن تسميته بحرب الإرهاب عام 1984،فضلا عن انها اسهمت فى إنشاء كثير من التنظيمات الارهابيه " القاعده، داعش..." لتوظيفها في تحقيق مصالحها المنطقة، لكن هذه التنظيمات خرجت عن سيطرتها لاحقا- وهنا لابد من الاشاره إلى أن الإسلام كدين بريء من الارهاب - غير أنه في هذه الحرب كانت الولايات المتحدة هي الخاسر الأول لأنها عاجزة فيها عن استخدام أسلحتها المتطورة وفى ذات الوقت تتيح لخصمها إمكانية الانتصار باستخدام أبسط أدوات التدمير. فضلا عن ان هذه الحرب أنهكت الاقتصاد الأمريكي.

الأزمات الاقتصادية المتعاقبة: ترجع جذور الأزمات الاقتصادية المتعاقبة إلى صميم النظام الاقتصادي الرأسمالي، المستند إلى الليبرالية كمنهج والمستند إلى فكره القانون الطبيعي،اى النظام الاقتصادي القائم على عدم تدخل الدولة كممثل للمجتمع ، وهو ما أثبت واقع المجتمعات الاوربيه ذاته خطاه. وكان تجاوز هذه الأزمات بتدخل الدولة مؤشر على انهيار النظام الراسمالى على المستوى النظري، كما أن ضخامة حجم هذه الأزمات وتقارب فتراتها –واخر هذه الازمات الازمه الاقتصاديه الحاليه المرتبطة بتفشى فيروس كرونا- مؤشر على بدايه نهايه انهيار النظام الرأسمالي على المستوى العملي .

تنامى النزعة الأمريكية للعزله عن العالم:فقد تنامت النزعة الأمريكية للعزله عن العالم ومن مظاهرها انسحابها من الكثير من الاتفاقيات العالمية-وهو الامر الذى تزيد وتيرته عند وصول رئيس جمهورى الى الرئاسة "الرئيس ترمب نموذجا " –

تنامى نزعه مناهضة السياسات الامبرياليه الامريكيه: سواء خارج امريكا او داخلها"فالعديد من الشخصيات والجماعات والمنظمات الأمريكية ترفض تعارض هذه السياسات.

تمدد محور الدول الرافضة للخضوع للسياسات الامبرياليه الامريكيه : ومن مظاهره التنامي المتسارع للقدرة النووية لكوريا الشماليه و الغزو الروسي لأوكرانيا....

فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد "الامبريالي الصهيوني" وضعف قبضة أمريكا على المنطقة العربية: فقد فشل هذا المشروع في الغاء الإرادة الشعبية العربية، رغم نجاحه في تعطيلها. فقد نجح في الارتداد بالنظام السياسي العربي خطوات تجاه التفتيت على أساس طائفي، لكنه فشل في تحكم القوى التي تقف وراءه - وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- في هذا الارتداد ، فافرز عدد من الظواهر،التي تجاوز تأثيرها السلبي النظام السياسي العربي إلى هذه القوى ، من هذه الظواهر : ظاهرة الإرهاب وتدفق اللاجئين على الغرب، والفوضى الناتجة من إسقاط الولايات المتحدة لبعض النظم العربية، ومحاولاتها المستمرة لإجهاض ثورة الشباب العربي بموجتيها الاولى والثانيه ، وافراغها من مضمونها ، وتحويلها من مسارها الجماهيري السلمي ،إلى مسار طائفي مسلح ، مما أضعف قدرة الولايات المتحدة ذاتها على فرض إرادتها السياسية على النظم السياسية العربية التالية لإسقاط أو سقوط هذه النظم .

التعطيل النهائي للذراع الايمن لقهر الشعوب والتأسيس لنظام عالمى متعدد الاقطاب مرهون بنضال الشعوب: أما الشلل التام" التعطيل النهائي" لقدره هذا الذراع على قهر الشعوب،وتاسيس نظام عالمي متعدد الاقطاب ، يتضمن تاسيس العلاقة بين الدول على التاثير المتبادل وليس التبعية ، فمرهون بسعي هذه الشعوب إلى استرداد حريتها، وإلغاء القهر الممارس عليها، بالتدريج، وحسب الإمكانيات المتاحة لها، وبمزيد من التضامن بين هذه
الشعوب- بما فيها الشعب الأمريكي المضلل اعلاميا والمقهور اقتصاديا-

خفاء بدايه شلل الذراع الايمن لقهر الشعوب وانهيار النظام العالمي أحادي القطب على النظم التابعة: ورغم وضوح مؤشرات بدايه شلل الذراع الأيمن لقهر الشعوب للشعوب، إلا إنها خافيه على النظم السياسية - خاصه النظم العربيه-"التابعة " . وهنا نشير إلى تشبيه الدكتور عصمت سيف ألدوله للنظم السياسية العربية في عدم إدراكها لحقيقة ضعف الولايات المتحدة الامريكيه ،ومن ثم خضوعها التام لها، بالجن الذين لم يعلموا بموت سليمان (عليه السلام)، إلا بعد أن أكلت الدابة مِنْسَأَتَهُ كما في الايه ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14: سبإ( .

اليات التعطيل النهائى للذراع الايمن لقهر الشعوب وتاسيس نظام عالمي متعدد الاقطاب: لذا فانه على الشعوب وطلائعها المثقفه توعيه أنظمتها بذلك ، وهو ما يضمن عدم وقوفها في وجه التوجه الشعبي المعارض للسياسات الامبريالية لأمريكا، في كل أنحاء العالم بما فيها أمريكا ذاتها ، والذي سيكون له دور فاعل في الانتقال من مرحلة بداية شلل – او التعطيل الجزئي- للذراع الأيمن لقهر الشعوب "الضعف"، إلى مرحله الشلل التام " او التعطيل النهائي" له " ، وانهيار النظام العالمي أحادى القطب والتأسيس لنظام عالمى متعدد الاقطاب،وذلك بالقضاء على السياسات الامبريالية للولايات المتحدة"،وذلك من خلال التزامه بالعديد من الآليات أهمها:

· العمل المشترك مع الدول والمؤسسات الدولية والجماعات السياسية
المختلفة... من اجل إيجاد نظام عالمي متعدد الأقطاب .قائم على علاقة التأثير المتبادل بين الشعوب وليس العلاقه التبعيه،واحترام السيادة الوطنيه للدول.وتبادل المصالح.

· كشف السياسات الامبريالية الامريكيه،التى تكرس لاحاديه القطب
وخطرها على الشعوب والحكومات أيضا......

· مقاطعة السلع والبضائع والمنتجات الأمريكية- كمظهر تجارى
للنظام العالمي أحادي القطب-

· مقاومة التغريب الثقافي الامريكى- الذى هو تجسيد ثقافى للنظام
العالمي أحادي القطب - الذى يحاول تصوير نمط الحياة الأمريكي"الممعن فى الفردية"الأنانية "والتفكك الاسرى و المادية والنزعة الاستهلاكية والاباحية البراجماتية "النفعية "المتطرفة وتمجيد العنف..." وكان نمط الحياة المثالى ، الذى يجب على كل امم وشعوب العالم اتباعه، مستخدمة فى ذلك كل تقنيات الاتصال والإعلام المتقدمة التى تملكها،ومتوسله فى ذلك بكافة المجالات الثقافية ، ومنها الفنون والآداب " السينما والغناء والموسيقى وغيرها".

· التضامن بين شعوب العالم فى مواجهة السياسات الامبرياليه
العالميه- التىهى تجسيد سياسي للنظام العالمى احادى القطب

· العمل على نقل الاقتصاد الوطني من علاقة التبعية
الاقتصادية-التى هى افراز النظام العالمي احادى القطب على المستوى الاقتصادى - من خلال فك ارتباطه بالنظام الرأسمالي العالمي ومؤسساته "
البنك الدولى صندوق النقد الدولي منظمة التجارة العالمية ..." – ومن ثم ضمان عدم تاثره بازماته الدوريه - إلى علاقة التعاون الاقتصادي من خلال اقامة علاقة تبادل اقتصادي بين دول العالم، قائم على أساس المصالح المتبادلة.

· تفعيل مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني،للارتباط الوثيق بين
الصهيونية والامبريالية الامريكيه، فامريكا هى حارس الكيان الصهيوني ، والصهيونية تهيمن على المفاصل الأساسية للنظم السياسية والاقتصادية والإعلامية...الأمريكية.فكلاهما وجهان لعملة واحدة هو النظام العالمي أحادي القطب المنهار.

· التأكيد على استقلالية القرار الوطنى والقومى ، والسعي المشترك
للتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية...

· تفعيل دور المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة كأدوات للتعاون
الدولي ،وليست كأدوات التبعية السياسية.

· العمل المشترك على تحرير المؤسسات الدولية من هيمنة الدول
الكبرى ، بالغاء القواعد والمفاهيم التى تكرس لذلك كحق النقض "الفيتو"
للدول الكبرى.وتفعيل دور الجمعيه العامه للامم المتحده.

· تبني سياسات اقتصادية قائمة على التعاون الاقتصادى،وتبادل
المصالح وليس التبعية الاقتصادية ونهب ثروات الشعوب.

· التأكيد على ان نشر الدعوة الإسلامية فى العالم يجب ان يقوم على
قاعده " لا اكراه فى الدين " ، وما يترتب عليها من نشر الدعوة الإسلامية بطرق سلمية وفى إطار القوانين المعمول بها فى الدول الاجنبيه ، وبدون عنف او ارهاب. وايضاح الأبعاد الانسانية والحضارية للإسلام.والتى تتضمن احترام الاسلام للتعددية على كل المستويات – ومنها مستوى العلاقات
الدولية- والتأكيد على ان مهمة نشر الدعوة الإسلامية ليست مقصورة على الدول ، بل ترتبط أيضا بالافراد، لكن من من خلال المفاهيم الاسلاميه الصحيحه كمفهوم القدوة الحسنة ، ومن خلال الالتزام بشروطها من العلم بالدين ، والدعوة بالتي هى احسن، ومراعاة التغير فى الزمان والمكان ، ومراعاة الواقع...

· تحقيق كل الخطوات الممكنة تجاه الوحدة العربيه والإسلامية.
وتحقيق حد أدنى من التوافق فى مجال العلاقات الدوليه بين الدول العربيه والإسلامية. والعمل المشترك على إنشاء تكتلات اقتصاديه وسياسيه عربيه وإسلامية وقاريه وعالمثالثيه.

فى التأصيل الإسلامي لنظام عالمي متعدد الأقطاب:

اقرار المنظور القيمى الاسلامى التعددية " المقيدة" : ان الحل الذى يقدمه المنظور القيمى الاسلامى لمشكله الوحدة والتعدد هو الجمع بين الوحدة والتعدد ، على المستويين التكليفى والتكويني، وبالتالي الإقرار بالتعددية (المقيدة او المحدوده وليست المطلقة) . وتتمثل الوحدة – على المستوى التكويني- في تقرير الإسلام وحده الكون ووحدة البشر ، بمعنى وحده الأصل البشري ، والمساواة بين إفراده ، بخضوع كل الناس لذات السنن الالهيه الكلية والنوعية التي حركه الإنسان ﴿ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم ﴾ . كما تتمثل الوحدة – على المستوى التكليفي - في تقرير الإسلام مفهوم وحده مصدراالاديان السماويه، الذي مضمونه وحده مصدر كل الأديان السماوية "الله تعالى" ، وان الإسلام هو جوهر كل الأديان السماوية، وانه ليس نفي أو إلغاء لهذه الأديان، بل إكمال وتوحيد لها، فهو أكثر اكتمالا باعتباره أخر وارقي مراحل الوحي، فالعلاقة بين الإسلام والأديان السماوية السابقة عليه هي علاقة الكل بالجزء ،يحدده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، ﴾( المائدة:48)،.فهذا المفهوم هو خلاف نظريه وحده الأديان التي رفضها علماء أهل السنة، والتي ترى أن كل الأديان صحيحة بالتساوي، وبالتالي فان علاقة الإسلام بالأديان السماوية علاقة تطابق، مما يؤدى إلي انتفاء الموضوعية .كما تتمثل التعددية – على المستوى التكويني – تقرير القران التعدد كسنه إلهيه ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَات ِوَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُم ْوَأَلْوَانِكُم ْإِنَّ فِي ذَلِك َلَآيَات ٍلِّلْعَالِمِينَ﴾(الروم : 22). كما تتمثل التعددية – على المستوى التكليفى - في تقرير القران تعدد الشرائع السماوية ) لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ( ،مع تقرير ان الشريعة الاسلامية هى اكملها ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ...

اقرار فقه العلاقات الدولية الاسلامى التعددية :

التقسيم الثلاثى للعالم ( دار إسلام ودار حرب ودار عهد ) وإقرار
التعددية: اقر الفقه العلاقات الدوليه الاسلامى التعددية فى مجال العلاقات الدوليه من خلال اخذه بتقسيم ثلاثى للعالم ، مضمونه تقسيمه الى:

اولا: دار اسلام: وتشمل الدول التى اغلبيه شعوبها مسلمه – مع وجود غير مسلمين من مواطنيها –

ثانيا: دار كفر: وتشمل الدول التى اغلبيه شعوبها غير مسلمه- مع وجود مسلمين من مواطنيها - ثم تقسيم الاخيره الى:

ا/ دار حرب : وهى الدول التى علاقتها بالدول الاسلاميه علاقة حرب ، لانه توافرت فيها احد الحالتين التى يبيح فيها الإسلام الحرب "الاعتداء على ديار المسلمين أو فتنة المسلمين عن دينهم" .

ب/ دار عهد او أمان او سلم : وهى الدول التى علاقتها بالدول الاسلاميه علاقه سلم ، لانها لم تتوافر فيها هاتين الحالتين "اى لم تعتد على ديار المسلمين أو تفتنهم عن دينهم". وقد اقرها علماء والفقهاء الامه المعتبرين على مر التاريخ الاسلامى، استنادا الى الكثير من النصوص القطعية ومنها : قال تعالى )لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» (الممتحنة:8). وقال ابنُ عباسٍ "رضي الله عنهما) "كان المشركون على منزلتين مِن النّبي "صلى الله عليه وسلم" والمؤمنين: كانوا مشركي أهلِ حربٍ، يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهلِ عهدٍ، لا يقاتلهم ولا يقاتلونه ((رواه البخاري في صحيحه).

مذهب التقسيم الثنائي للعالم (دار اسلام ودار حرب) لا يعبر عن جوهر فقه العلاقات الدولية الاسلامى: اما مذهب التقسيم الثنائى للعالم،الذى يقسمه الى دار إسلام ودار حرب ،فلا يعبر عن جوهر الفقه الإسلامي للعلاقات الدوليه،لانه يجعل العلاقه الوحيده مع الدول غير الإسلامية علاقة حرب،وهو مينى على مذاهب بعض الفقهاء المتاخرين الذين بنوا اجتهادهم على واقعهم، وهو واقع الدولة غير ثابتة الحدود متعددة الشعوب والقبائل، وهو واقع لم يكن يسمح – إلا قليلا- بان تكون علاقة المسلمين مع غيرهم هي علاقة سلم ما لم تتوافر شروط الجهاد، أو علاقة حرب في حالة توافر شروط الجهاد - وهو واقع يخالف واقعنا القائم على اكتمال تكوين الأمم وانتهاء طور القبيلة، وما أفرزه من الدولة ثابتة الحدود والشعب الواحد- يقول الشيخ محمد أبو زهرة في معرض حديثه عن آراء الفقهاء في عدم جواز الصلح الدائم(…ولقد أثاروا تحت تأثير حكم الواقع الكلام في جواز إيجاد معاهدات لصلح دائم، وإن المعاهدات لا تكون إلا بصلح مؤقت لوجود مقتضيات هذا الصلح، إذ أنهم لم يجدوا إلا حروباً مستمرة مشبوبة موصولة غير مقطوعة إلا بصلح مؤقت) (محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام “الدار القومية، القاهرة، 1384م، ص78-79).

جواز الحلف المشروط مع الكفار واقرار التعددية : كما اقر فقه العلاقات الدوليه الاسلامى التعددية فى مجال العلاقات الدوليه من خلال اباحته الحلف المشروط مع الكفار- واهم هذه الشروط عدم انتقاص سياده الدول الاسلاميه او فرض التبعيه عليها - ومن أدلته:

اولا: قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به من حمر النعم، ولو دعي به قبل الإسلام لأجبت)(رواه أحمد رقم 1655 و 1676)، وهو عن حلف الفضول.

ثانيا: ما ورد في السيرة من تحالف بني هاشم وبني عبد المطلب مسلمهم ومشركهم لحماية النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولم ينقضوا عهدهم للنبي، رغم الحصار من قريش الذي ظل أكثر من عامين عامين.

ثالثا:ما ورد في السيرة من إجارة المطعم بن عدي للرسول(صلى الله عليه وسلم)، لذا قال(صلى الله عليه وسلم) في أسرى بدر ( لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني فيهم لتركتهم له) .

.......................................................
للإطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة المواقع التالية:

-1الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
2- د. صبري محمد خليل Google Sites
https://sites.google.com/site/sabriymkh

 

آراء