(ماذا فعلت بالخوذة؟) في ذكرى الشاعر المجيد محمد عبد الحي الذي سيظل بيننا مدى العمر في شعره الجميل

 


 

 

 

 


 سوف تصطف ملائكة بحجم الفراشات

لتكتب اسمك باجسادها النورانية
وترسم بتلك الانوار
سهما يقودك عبر ممرات الابدية
الى منبع الحب والسلام.

مكللا بمجد حياتك القصيرة
ستمثل أمام ذلك العظيم
خائفا كولد يمضي الى موعد غرامه الأول
مرتعشا كجندي يتلقى وساما
سعيدا كعصفور يهرب من قفص
واذا كنت اعرفك جيدا
فسوف تطلب ان يحيلوك الى نسر:
نسر ذهبي الريش
بعينين خضراوين
وأجنحة من الفولاذ
ويطلقونك في غابة الصنوبر
بين الأغصان المتكاثفة
مع الهواء الهاب
فوق النهر والوادي والجبل
طرائدك الغزلان البرية
وفرائسك القصائد
لأنك وقد ذقت حليب الكلام
صار صعبا فطامك
لآنك وقد شهدت مولد الزمان
في سنار المحروسة
ستمضي موقعا على ربابتك
بين صفوف الفرسان السود
في سلطنة زرقاء
بلون السماء الضاحية
بلون المقعد المعدني
بلون أربعة ألف يوم من الحبس القاسي
لروحك الأنيس.

آه من تلك الايام السعيدة
في بيت جدتك
ونحن نسجل أسمائنا في لوح الزمان
ليمسحها المطر النادف
و يثبتها (عمار) الايام

وليلة الثورة حين رقصنا في الشوارع
رصيفا بعد رصيف
وامام المستشفى
صبيحة النصر
جردنا شرطيا من خوذته
وحفظناها كتذكار.

آه من تلك الايام
حين أطلقونا على الخرطوم كالوعول
كقذائف مدفعية
فهنالك وعند ذلك اخترمتنا الايام

ماذا فعلت بالخوذة؟
كان ينبغي يا أرباب
أن تضعها على رأسك الجميل

ضد الظلمة المتحالكة
ضد العمر المتآمر والسعادة الهاربة
ولكن هاهي الوعول
تأوي الى شعب الجبل
مقطوعة الأنفاس
وتحت البيرق الابيض
تنتظر رصاصة الرحمة.


لقد حلمنا بأجمل من كل ذلك
ولكن تبددت الأحلام
وها أنت تذهب
والأحباب يروحون واحدا واحدا
الى أن تغدوأجمل كنوزنا مطمورة في التراب

وعندئذ نكون قد غدونا عجوزين
وتختلط الذكريات بالأوهام
والأحلام بالوقائع
وتستحيل الذكرى الى هلواس.

ومع أن الفرق ضئيل
إلا أنه كان أفضل كثيرا
لو بقينا معا
الى ما بعد سن التقاعد
لنشرب قهوتنا في ظل الضحى
محاولين أن نستعيد الذكريات
ونتناقل القصائد
بينما يختلط كل ذلك
بالوهم الجميل
والاحلام النبيلة المولية

elmekki51@gmail.com

 

آراء