ماذا في جعبة د. رياك مشار خلخلة أم حلحلة؟!!

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس



توطــئة:
إن أتى د. مشار بمثلما أتى به دينق ألور وباقان أموم ولوكا بيونق ، فباعتقادي أننا سنظل ندور في ذات الحلقة المفرعة من مسلسل لعبة توم أند جيري ، أما إن أتى  لإغلاق صفحة مظلمة سوداء لم  ترع  حسن الجوار والأمن المتبادل وتبادل المنافع، فعندها الأمر لا يعدو إلا أن يكون شراء للوقت والاستمرار في الحالة الاستعدائية التي كرس لها الثالوث والثالوث زالتي تجعلنا نتيقن أنها حتاة مزمنة تكنها حكومة دولة الجنوب للسودان ، وأن مسلسل شعار السودان الجديد سيظل  دائراً يستنزف مقدرات وقدرات الشعبين وهما ضحية لسوء التقدير والمراهقة السياسية!!، أعتقد أنه قد آن الأوان للعقلاء في الحركة الشعبية وحكومة دولة الجنوب أن يحكموا صوت العقل ، والالتزام بالاتفاقيات والمصفوفات من أجل أن يعم السلام كلا الجانبين. إن التداخل الاجتماعي بين الشعبين يجب أن يستثمر من أجل خير الشعبين ، وأن النفط يمكن أن يكون نعمة بدلاً من نقمةكما هو الحال الآن!!
المتــن:
يأتي مشار للسودان ، وهو ليس غريباً بل هو في وطنه الأول حتى الأمس القريب ، ووطنه الأول والثاني حتى بعد الإنفصال ، فإن أتي الرجل  وهو يحمل في جعبته التوافق بدلاً من التناحر، والأمن بدلاً من الغدر فألف مرحباً به في وطنه الثاني والأول ، أما إن كان  قد أتي في زيارة  علاقاتٍ عامة مثلما كان يفعل باقان وألور ولوكا ليعقبها غدر واعتداء فلا محالة أن زيارته سيحكمها الفشل ، يكون الرجل قد اقتفى أثر الثلاثة الذين كانت لهم أجندتهم الشخصية التي تتماهى وتتقاطع مع عرمان والحلو وعقار، فهؤلاء الثلاثة والثلاثة يستنزفون مقدرات البلدين التي إنسانهما أحوج ما يكون للإستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي من أجل مرحلة بناء الدولة الوليدة على أسس من حسن الجوار وتبادل المنافع والحراك المجتمعي بين إنسان الدولتان التي يربط بينهما أكثر مما يفرق.
إن د.مشار برأيي المتواضع سياسي براغماتي يعي مصلحة وطنه وإنسانه ويعي مطلوبات الطرف الآخر فوطنه جار لوطنه الشقيق ولن تظل هذه الحالة قائمة إذا وعى الجميع في البلدين أن لا أحد يستطيع أن يختار جاره ، فالجغرافية تحكم وهي فوق الجميع ، ويحدوني تفاؤل حذر منطلق من  حقيقة ما نشهد من  معاناة الشعبين نتيجة هذه  التجاذبات العبثية ، والاستمرار في مسلسل توم أند جيري، فهذا المسلسل عمره حتى اليوم (114) عاماً ، ولم  نشهد في أي حلقة من حلقاته انتصاراً لتوم على جيري أو جيري على  توم ، بل أن كل واحدٍ منهما يبرع في التفنن بالمقالب وتجهيزها لتبدأ حلقةً جديدة من المسلسل ليكيد الطرف الآخر ، وباعتقادي قد آن الأوان أن يحدث على يدي مشار اختراقاً لهذه الحالة لتي لم ولن ينتصر فيها أحدهما لأن من يشعلون أوار هذه الحالة يهدفون لاستنواف قدرات ومقدرات الشعبين!!.
الحاشـية:
الوسيلة الوحيدة التي أعتقد جازماً أنها أنجع الوسائل لإنهاء هذه الحالة العدائية ، هو جلوس الطرفان بعيداً عما يسمى بالوسطات  أياً كان مصدرها ، فالطرفان أدرى بمشاكلمها التي  أصبحت قلاقل وهاجس للحكومتين  انعكست على الشعبين!! ، وهما خير من يجد لها الحلول إن أقبل كل طرف على الآخر بثقةٍ وصراحة لغلق الصفحة السوداء وبحث في حلولٍ لما يعكر صفو العلاقات بقلب مفتوح كخطوة أولى لإختبار بناء الثقة بينهما.
الخرطوم لا تريد أي توترات أمنية فالأمن هو ما يمهد لتبادل المنافع وتمازج الشعبين واعتبار أن حماية الحدود الجغرافية واستقرار وأمن البلدين هما مسئولية مشتركة ، كل هذا لن يتم إذا رهنت أي ٌ من الدولتين قرارها السياسي السيادي في يد مستشاريها الذين لا يجيدون غير صنع الحروب والتوترات لنهب خيرات الشعوب . لقد ملّ مواطن كلٌ من مواطني  دولتي جنوب السودان والسودان هذا المسلسل الذي سيتنزف الأمن والرخاء والاستقرار!!
الهامش:
يعلم  د. رياك مشار بما لا يدع مجالاً للشك أن القيادة السياسية في السودان أصا بتها حالة من إنعدام الثقة ، وربما أنه شخصياً لم يكن راضياً عن هذا الوضع ويعلم جيداً من هم المتسببون فيه ، ويعلم جيداً  د. مشار أنه كان عقب توقيع أي إتفاق مع دولة الجنوب إعتداء يقع على أراضي السودان، فإن كانت حكومة الجنوب تعتقد أنها بتحريض وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري للمتمردين يقوّي من موقفها في التفاوض ، فهذا الاعتقاد خاطيء لأن  تكرار الاعتداءات يكرس لحالة عدائية مزمنة تنتقل من الحكومتين إلى الشعبين ، ولأن من يريد أن يقوي موقفه التفاوضي  لا يكرر ذات الاعتداءات والدعم للتمرد ، وهذا يشعل أيضاً جذوة تقديم ذات المساعدة من الطرف الآخر للتمرد في  الدولة المقابلة والمبادرة بالفعل،  انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل ، وحتى إن أنكرت كلٌ من الحكومتين هذا الفعل  فالانكار أمر متعارف عليه في مثل هذه الحالة ، الذي حتماً سيكون حسماً على مقدرات الشعبين وأمنهما!!
حسن الحوار وتأمين الحدود وتبادل المنافع والتنقل بين مواطني الدولتان يقتضي إحترام كل منهما لسيادة التراب الوطني لكلٍ منهما ، ولدينا حالات ماثلة للعيان كعلاقة بين السودان وتشاد ، وبين أسمرا وبين أديس والخرطوم ، ثلاثتهم أغلق ملف الأزيم والمنازعات حين أدركوا أنهم مستهجفون ، وأن الأيادي الأجنبية تلعب في الخفاء لتعبث بأمن هذه البلدان ، فتارة يتقرب  اصحاب الأجندات الأجنبية من هذه القيادات وتارة تُحرض عليهم معارضيهم في الخفاء من أجل الابتزاز السياسي ، كما نعلم أنها سياسة تكتيكية استعمارية قديمة تمارس لعبة " فرق تسد " هذا وقد أدركت أسمرا وتكشّف للرئيس أفورقي ما يصنع الغرب ، أما أثيوبيا فتتعامل معه من مبدأ احترام السيادة وعدم التدخل في شأنها الداخلي وإن تقاطعت أحياناً مصالحهما فلا ضير . آن الأوان للقيادة السياسية في دولة الجنوب  البحث عن مصالح شعبها من أجل إستقرار هذه المنطقة  الاستراتيجية في القارة الأفريقية ، فالغرب أحوج إلى دولها أكثر من حوجة هذه الدول له ، خاصة بعد دخول بعض دول : البركس" كمنافس قوي للمصالح الغربية!!
قصاصة:
قد تشعر القيادة السياسية في دولة الجنوب بأنها مدينة للغرب بمساندته لها من أجل الانفصال ، وربما تعتقد أنها ترد الجميل له بمعاداة السودان ، لأن للغرب موقف من النظام في السودان ، ولكن هل سألت القيادة السياسية هناك نفسها إن كان في التاريخ حدث قد وقع بأن أي  نظام استطاع إزالة جاره من الخارطة الجغرافية أو إستبدال شعبه بشعب  آخر؟! ، حقائق الجغرافية والتاريخ لم تحدثنا بأي تجربةٍ نستشهد بها ، إذن من باب أولى والأجدي أن نبحث عن مصالح شعبينا بانفسنا ، ولن تستطيع أي جهاتٍ خارجية أن تفرض حلولاً أو أن  تصنعها ، لأن ما يفرض دائماً ما يكون قصير الأجل وإن طال أمده وهذا  الأمر محل شك على الدوام،  لأن المنطق هو أن لا أحد يدرك مصلحته أكثر من نفسه وذاته. يحدثنا التاريخ السياسي بأن الاستقواء  أمرٌ مرحلي قد يتغير بتغير المصالح والسياسة التي تحكم مواقف الدول!!
آمل أن يكون د. رياك مشار أتي  لحلحلة الأمور العالقة ولبدء صفحة جديدة يتبادل فيها البلدان الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي ، وأن لا يكون الانفصال عقبة كأداء في سبيل رخاء عيش الشعبين ، فعلينا أن نستشرف المستقبل وليس وزائنا من أجل مصلحة شعبينا ، فما مضى قد مضى ، ولن يتبق إلا مواجهة المعضلات بواقعية وبراغماتية على أساس أن لا خاسر من الطرفين ، وهذا ما آمل أن يحدث هذا على يد د. رياك ، فيكفي أن الثالوث باقان، ألور ولوكا ورصيفهما عرمان ، عقار والحلو قد عكرا صفو شعبين كانا حتى القريب الماضي شعبٌ واحد وما يربطه ببعض أكثر مما يفرقه!!
بتفاؤل حذر وبترحيب لا يخلو من توجس نرحب  بالدكتور رياك مشار في بلده الثاني والأول ، فهل ترى في جعبته خلخلة أم  حاحلة واختراق لما أحدثه الثالوثان؟!! .. دعونا نرى فإن الأيام حبلى ، وأريتو المولود يشبه أبو!!
وعوافي..

Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]
/////////////

 

آراء