ماذا يفعل الشيخ حسن الترابي والأستاذ كمال عمر في كرمة النزل ؟

 


 

ثروت قاسم
10 September, 2013

 


Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com

1-  الإنذار المصري وتداعياته ؟

+  في يوم الاحد   18    أغسطس 2013      ، وكما ذكرنا في  مقالة سابقة  ،  زار   السيد نبيل فهمى  وزير الخارجية المصري   الخرطوم ، ليذكر الخرطوم  بأن القاهرة سوف تتعامل  معها ، فيما يخص المعارضة في البلدين ،   وفق مبدأ ( المعاملة بالمثل )   ، الأمر الذي  سماه  المراقبون بإسمه  ...  ( الإنذار المصري ) المغتغت ؟

نستعرض في هذه المقالة  بعض تداعيات ( الإنذار المصري ) ، وبالأخص محاولة توحيد الحركة الإسلامية  ، وجو المصالحة الذي أطلقه في سموات الخرطوم .

2 - الجو جو مصالحات ؟  

+  في  فجر يوم الأربعاء 21 أغسطس 2013، صلى الرئيس البشير خلف الشيخ الترابي في منزله في المنشية ، وإتفقا على بداية حوار حول توحيد الحركة الإسلامية ودمج حزبي الوطني والشعبي  في حزب واحد ، لمواجهة العجاجة المصرية ، وتحويل التحديات المصرية إلى فرص للوحدة والمصالحة .

نستعرض في النقاط التالية الآيات الدالة على روائح هذه المصالحة بين الشقيقين اللدودين ، والتي  إنداحت  وغمرت بقية الكيانات السياسية المعارضة .

+ في مساء الأحد 8 سبتمبر 2013 ، أفرج الرئيس البشير عن  القيادي في حزب المؤتمر الشعبي يوسف محمد صالح  ( لبس ) ، بعد نحو 9 سنوات   في  السجن إثر  محاولة انقلابية في العام 2004 ، في محاولة لبناء الثقة  ، ولتوكيد حسن النية والجدية في المصالحة مع المؤتمر الشعبي لمواجهة العجاجة المصرية  !

الجو جو مصالحات ؟

+   في يوم  الأحد 8 سبتمبر  2013  دشنت  شركة طيران ساوث سوبريم إيرلاينز  في دولة جنوب السودان اول رحلة لها بين الخرطوم وجوبا عبر واو ، مما يؤكد  بدء تطبيع العلاقات بين دولتي السودان ؛ الأمر الذي سوف يحفز  الشيخ الترابي  للمضي قدماً في عملية المصالحة مع  حزب المؤتمر  الوطني   حتي لا يجد نفسه  وحزبه في (  الصقيعة ) بعد تصالح الوطني مع  الحركة الشعبية الجنوبية !

كما لاحظ الشيخ  الترابي  موافقة المؤتمر الوطني  على بدء المفاوضات الثنائية في أديس ابابا مع الحركة الشعبية الشمالية  ،  بعد توقف منذ يونيو 2011  ، بعد حرق الرئيس البشير لإتفاقية نافع – عقار الإطارية

بدأت حركات دارفور الحاملة السلاح  ( ناقص حركة عبدالواحد ) مفاوضات تمهيدية في أروشا للوصول إلى تسوية سياسية مع حكومة الخرطوم  .

كما إستمر بترول الجنوب في الإنسياب داخل أنابيب الشمال دون أن يخاف ، هذه المرة ، من قفل بلف عشوائي ؟ وزار مبيكي الخرطوم وجوبا  ، في إسبوع  يوم  الأحد 8 سبتمبر  2013  ، مبشراً الجميع بإستدامة  التطبيع بين دولتي السودان هذه المرة .

الجو جو مصالحات ؟

+ مر يوم الجمعة 6 سبتمبر 2013 ،  اليوم الأخير في خطة ال ( 100 يوم ) للإطاحة بنظام الإنقاذ ، دون أن ينجح تحالف قوى الإجماع الوطني في مخططه ، ولاذ بصمت  العاجز الذي يطلق التهديدات الهوائية . كما لم يُفعل المؤتمر الشعبي خطته ( السرية ؟ )  للإطاحة بنظام الإنقاذ التي هدد  بها في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس الماضي .

الجو جو مصالحات ؟  

+ في يوم الأحد 8 سبتمبر 2013  جدد السيد الإمام دعوته لتفعيل أجندة الخلاص الوطني الداعية لنهج قومي حول إدارة الحكم وملف السلام والاقتصاد على أساس جامع لا يستثني أحداً ولا يهيمن عليه أحدٌ ، كمقدمة  لمصالحة وطنية شاملة  ،  تقود تلقائياً لحل جذري للأزمة الإقتصادية  ، دون حاجة  لفك الدعم عن المحروقات .

ذلك  إن الحروب الأهلية  المستمرة ، سيما في دارفور وفي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق تكلف الخزينة السودانية في اليوم  الواحد ما يساوي دخل الخزينة في شهر كامل ...  الكترابة ؟

وعليه  فللسيد الإمام الف حق من السخرية  من التعلق بجزئية  فك  الدعم  عن المحروقات كعلاج للأزمة الإقتصادية . متلازمة الفيل ( التسوية السياسية ) وضل الفيل ( فك  الدعم  عن المحروقات ) .

ولكن نية حكومة الخرطوم فك  الدعم  عن المحروقات في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة برهان أخر على شعور الحكومة بالقوة الشعبية نتيجة المصالحات التي بدأتها مع كافة كيانات المعارضة ، وبالأخص المؤتمر الشعبي إستعداداً للعجاجة المصرية ؟

الجو جو مصالحات ؟

+ في يوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2013 ، طالب السيد الإمام الحركات الدارفورية الموقعة  على إتفاقية الدوحة الخروج من الطابع الفوقي إلى القاعدي، ثم إختيار ما يناسبها من ثلاثة خيارات :

•    التحالف بشروط مع المؤتمر الوطني ،

•     أو التحالف مع القوى الدارفورية غير الموقعة إن هي دخلت في اتفاق سلام جديد،

•     أو التحالف مع  حزب الأمة في دعوته  لنظام جديد بالوسائل المدنية المبرأة من الاستنصار بالخارج.

الجو جو مصالحات ؟

3-  بعض  إجراءت هدم الثقة ؟

في هذا الجو الربيعي ( جو فول ) المُختصر أعلاه ، تطل علينا بعض إجراءات عدم الثقة التي إبتدرتها  حكومة الخرطوم ، والتي ربما عكرت جو المصالحات الربيعي ، وحولت هذا الربيع الذي أتانا يختال ضاحكاً إلى صيف غائظ . في بعض المواقف الغريبة  يحلو لحكومة الخرطوم قطع أنفها ، للإنتقام من وجهها ، أو كما يقول المثل الشكسبيري المعروف  .

نلخص أدناه بعض المعوقات في طريق المصالحة الوطنية الشاملة  ؛ المصالحة التي مُبرمجُ   لها أن تعمل  كواقي من العجاجة المصرية التي تنذر بالهبوب  على الخرطوم :

+ في يوم السبت 7 سبتمبر 2013 ، وبعد لقاء البشير – سلفاكير في الخرطوم ،  القت طائرة ميج حربية تابعة للجيش السوداني قنبلتين عويرتين على  منطقة جاو في ولاية الوحدة داخل دولة جنوب السودان  ، الأمر الذي إعتبره المراقبون عملية عشوائية ليس لها أي خلفيات سياسية  ؛ وقد تم إحتوائها ؟ والأهم لن تؤثر في عملية المصالحة بين حكومتي دولتي السودان  وبالتالي  بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي .

+ في يوم السبت 6 أبريل 2013 ، وقعت حكومة الخرطوم في الدوحة إتفاقية سلام مع حركة دبجو ( بخيت عبدالله عبدالكريم )  المنشقة من حركة العدل والمساواة . ومن المنتظر وصول  دبجو الخرطوم هذه الأيام مردوفاً في بسكليت الرئيس التشادي أدريس دبي للحصول على بعض الوظائف له ولصحبه الكرام . إرتهان حركة دبجو للخارج  القريب يخصم من مصداقيتها  ويشكك في إهدافها ويدمغ قادتها بالعمالة والإرتهان للخارج . كما إن محاولات حكومة الخرطوم تفتيت حركات دارفور الحاملة السلاح بشراء ضعاف النفوس بثلاثين قطعة فضة وعدة وظائف ، يعطل المصالحة الوطنية في المدي البعيد ، ويخصم من مصداقية حكومة الخرطوم  ، التي تصالح بيد وتفتت باليد الأخرى . وإن كان هكذا تفتيت يبدو خلاباً في المدى الآني  ؛  ولكنه معوق على المدى الأطول ؟  
وعدت حكومة الخرطوم حركة دبجو برفع حالة الطواري في دارفور بحلول أبريل 2014 ، ولكنها تناست هذا الوعد ،  وعلى العكس صبت الزيت على نار  المشاحنات القبلية   ، حتى  في القتال بين بعض القبائل العربية  كما حدث من تحرشات حكومية ( المديدة حرقتني )   بين المعاليا والرزيقات  ، وإصطفاف الحكومة إلى جانب الرزيقات وضد المعاليا ، كون والي ولاية شرق دارفور من الرزيقات  .

+  أغوت الحكومة العميد  عبد الله علي فضل قائد الفرقة العاشرة  ( النيل الأزرق )  بجيش  الحركة الشعبية الشمالية  الإنشقاق  من الحركة والإنضمام للحكومة .  وعاد العميد عبدالله وبصحبته بعض الضباط والجنود إلى الدمازين ( حيث تنتظرهم بعض الوظائف )   في تحد للقائد مالك عقار .

هكذا إجراءات تفتيتية  لا تفيد الحكومة في المدي الطويل ، بل تخصم من مصداقيتها في  الوصول إلى تسوية سياسية شاملة مع الحركة الشعبية الشمالية .   

+ في يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2013 ، سوف تبدأ في لاهاي  ، أمام محكمة الجنايات الدولية ،  محاكمة السيد وليم روتو ، نائب رئيس الجمهورية في كينيا ، وبحضوره  ، بتهم متعلقة بالتحريض على القتل وإثارة الشغب في إنتخابات 2007 في كينيا . ومن المقرر مثول  رئيس الجمهورية أوهورو  كينياتا أمام المحكمة في لاهاي في نوفمبر القادم بنفس تهم نائبه .

فشلت محاولات حكومة كينيا في تحويل الملف إلى مجلس الأمن  ، وأعتبار الملف قضية سياسية بدلاً من قضية جنائية أمام المحكمة .

هل هذا نذير شوم  أم بشير خير لنا في السودان ؟  إذ سوف يتسآل مجلس الأمن والمحكمة والرأي العام العالمي أشمعنى كينيا وليس السودان ؟ وربما بدأت المحاولات (  الجادة )  للقبض على الرئيس البشير وصحبه الكرام ومحاكمتهم  في لاهاي أسوة برئيس جمهورية كينيا ونائبه ؟

للسودان البنين ولكينيا البنات ؟ هذه قسمة ضيزى ؟

ويبدأ نحاس المحكمة في الدققان إنتظاراً لحضور الرئيس البشير وصحبه الكرام إلى لاهاي ، مما سوف ينسف محاولات المصالحة الوطنية في السودان لمحورية الرئيس البشير في عملية المصالحة .

هل توفر محاكم الهجين التي إبتدعها السيد الإمام محاولة لتجاوزهذا المأزق ، الذي أوقعت كينيا فيه السودان ؟   

+ أعلنت إدارة اوباما أن مبعوثها الرئاسي الخاص لدولتي السودان ( السفير دونالد بووث ) سوف يركز على تطبيع  العلاقة بين دولتي السودان وحلحلة مشكلة أبيي ، وسوف يضع دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان على نار هادئة ، ويضع مشكلة التحول الديمقراطي في دولة السودان في الدييييب فريزر .

تنظر حكومة الخرطوم للسفير بووث ولا تري غير أمرين لا ثالث لهما :

الأمر الأول مساعدة      السفير بووث في شطب اسم السودان من قائمة   وزارة الخارجية الأمريكية المحتوية على الدول الداعمة للإرهاب ( 1993 ) .

الأمر الثاني وقف ادارة اوباما مقاطعتها للسودان وتطبيع علاقاتها معه ( 1998 ) .

ولكن ربما تأتي رياح السفير بووث بما لا تشتهي سفن الخرطوم ، خصوصا بما لا يساعد في المصالحة الوطنية الشاملة لصد العجاجة المصرية . ذلك إن سياسة إدارة أوباما في السودان هي ( التجزئة )  وتفتيت المشاكل إلى مكوناتها الأولية  التي دعا لها مبدأ القس فرانكلين جراهام .

تري دارفور موزعة بين الدوحة واروشا بتخطيط أمريكي .

تري الحركة  الشعبية الشمالية منزوعة من الجبهة الثورية ومركزة في أديس ابابا  بمخطط أمريكي  .
تري تجاهل تام وكامل لتحالف قوى الإجماع الوطني والتحول الديمقراطي في السودان بمخطط أمريكي .
تجزئة تخدم المصالح الأمريكية  وتهدم المصالح السودانية في الوصول إلى تسوية  سياسية شاملة  .


4- كرمة النزل ؟




+ في يوم الأربعاء  11 سبتمبر 2013 ، تبدو الإمور مبشرة بالمضي قدماً في المصالحة ، اللهم إلا إذا وسوس أبليس للشيخ الترابي وللأستاذ كمال عمر وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين . فدلاهما بغرور ، فلما ذاقا الشجرة ، فنجطا ( من الفنجيط ) وفرنبا ( من الفرنبة ) ورفضا المصالحة ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق ( جنة )  المصالحة ، حتي قال أهبطوا من ( الجنة ) ،  بعضكم لبعض عدو ولكم في ( كرمة النزل ) مستقر ومتاع إلى حين .

هل يجد الشيخ الترابي والأستاذ كمال عمر نفسيهما في ( كرمة النزل )  مع الدكتور المناضل ابراهيم الأمين ، أم سوف يستمران في  (  جنة ) المصالحة الشكلية والحوار العبثي مع  نبلاء المؤتمر الوطني  ؟

سوف نرى ما تقول به العصفورة في مقالة  قادمة .

نواصل  ....

 

آراء