مارينز في الفاشر.. (فضيحة الصمت)..! … بقلم: ضياء الدين بلال
1 November, 2009
diaabilal@hotmail.com
اشتد الجدل بيننا أمس في إدارة التحرير، حول أهمية وقيمة الخبر الذي نشرته صحيفة (اير فورث تايمز) العسكرية الامريكية، عن مواجهة كادت تتحول لحرب بين المارينز والجيش السوداني في فاشر السلطان. حينما حطت طائرة أمريكية من طراز «هيركليز» بها ستة عشر من الجنود الأمريكان، جاءوا من القاعدة الأمريكية بجيبوتي الى الفاشر، لسبب غريب ومثير ومدهش.. وهو إحضار عسكري أمريكي من الفاشر ليكون بجوار زوجته المريضة... فوقع الجنود الامريكيون رهن احتجاز ضباط الجيش والمخابرات السودانية، الذين لم يطلقوا سراح المارينز إلا بعد دفع مبلغ من المال، دفعت كرسوم هبوط في المطار.. (وهذه إشارة لا تخلو من خبث)!
والغريب جداً أن الزوار الكرام بعد التوتر الذي تم، والاقتراب من سيناريو الحرب، وتسديد رسوم الهبوط، ومنحهم أوسمة الشجاعة من قبل البنتاغون.. إذ بعد كل ذلك قالت الصحيفة إن العسكري المعني بالمهمة كان قد غادر السودان قبل هبوط الطائرة ( بالله شوف).. وهذا يعني ان الجيش الأمريكي بكل قدراته العسكرية والتقنية والاتصالية، لم يكن باستطاعته إجراء اتصال هاتفي بالشخص، أو الوحدة التي يتبع لها، لمعرفة إن كان بالفاشر (أم أخد تاكسي وروح)..!
وقد كان يكفي إرسال رسالة مختصرة على الموبايل: (نحن قادمون) أو (أنا قادم).. حتى لا يتكلفوا صعاب ومخاطر هذه الرحلة الهوليوودية دون عائد مجز.ٍ. الغريب أن تقرير الصحيفة العسكرية لم يطمئننا على صحة زوجة العسكري الأمريكي...!
كل ذلك لم يكن في اعتبارنا ونحن نتناقش حول هل يستحق الخبر الإبراز في أعلى الصفحة أم لا؟! خاصة وأن الحادثة المذكورة - على ذمة الصحيفة - كانت في العام 6002م!
وقد استقر الرأي بأن الحادثة تستحق الابراز، بما تطرح من تساؤلات عن عدد ووضعية الجنود الامريكان بدارفور، وبما تقدم من معلومات جديدة - دون اعتبار لعامل الزمن - فمثل هذه الأخبار لا تموت في مهدها ولا تسقط بالتقادم ولا تتعفن بالبكتيريا..!
القصة شبيهة بخبر القافلة التي قصفت في شرق السودان، من قبل جهات مجهولة، ونشر خبرها بعد أكثر من شهرين، في صحيفة «الشروق» المصرية. ومع ذلك استحق الخبر تصدر صحف الخرطوم..!
من الواضح جداً أن العقلية المسؤولة عن إطلاق سراح المعلومات في الدولة، ذات حس إعلامي منخفض، لاتزال قابعة في أزمنة الستر والحجب (لا تدعه يمر).. ولا تعي بأن المعلومات كائنات ضوئية من المستحيل احتجازها في الأدراج.. فما لم تقله أنت سيقوله الآخرون، بالسياقات والألوان التي تخدم أجندتهم وتضر بسمعتك.. وما لا يسمعه المواطن منك، سيتكرم به الآخرون كذلك، وسيتركوا لك فقط حق الملاحقة اللاهثة بالنفي والتعليق والتعامل الخاسر مع المترتبات.