ماهو أسعد خبر سمعه الرئيس البشير هذه السنة ؟

 


 

ثروت قاسم
5 June, 2012

 




Tharwat20042004@yahoo.com

مقدمة !

حكمت محكمة  الجنايات الدولية الخاصة بسيراليون  على الرئيس الليبيري السابق شارلس تيلور ( لاهاي - الثلاثاء 29 مايو 2012 ) بالسجن لمدة 50 عاما لمسئوليته عن جرائم حرب ارتكبها زبانيته بسيراليون في الفترة من عام 1991 وحتى عام 2001 !

مر هذا الحكم  التاريخي مرور الكرام  في بلاد السودان ! ولم تتناوله الوسائط الإعلامية ، بالإستعراض  والتحليل المناسبين ،  وكأنه لا يعني  أهل بلاد السودان  في قليل أو أقل ! مع أنه يؤثر تأثيرا مباشرا وقويا على مجريات الأحداث في السودان ، كما سنبين في عشر   نقاط  : 

خمس منها في هذه الحلقة وبقية النقاط في حلقة قادمة !


أولا :
في يناير 2003 ، عقد رؤساء دول غرب أفريقيا ( أكواس ... المجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا ) صفقة مع رئيس جمهورية ليبريا شارلس تايلور ، يتنحى بموجبها تيلور عن السلطة طواعية وتتعهد دولة نيجريا باستضافته في أراضيها ، وتتعهد ليبريا ودول الأكواس بعدم ملاحقته جنائيا ، في أي جرائم منسوبة إليه !
بموجب هذه الصفقة ولكي يعطي فرصة لتغيير  سياسي جذري وسلس  في بلاده ، تنازل الرئيس تيلور عن الحكم طواعية ، واستقر في نيجريا ، وهو آمن ومطمئن !
في عام 2006 ،  وبعد مرور 3 سنوات على  هذه الصفقة، طلبت حكومة سيراليون الديمقراطية من محكمة الجنايات الدولية  ، القبض على تيلور ومحاكمته على جرائم ارتكبها في سيراليون ،  وأهمها تجنيد الأطفال في القوات المحاربة في الحرب الأهلية في سيراليون !
نست أو تناست نيجريا وسيراليون ودول الأكواس الصفقة التي تنازل بموجبها تيلور عن الحكم طواعية ! وحسب طلب المحكمة الدولية ، القت نيجريا القبض على تيلور وسلمته لها مكبلا في الأصفاد !
بدأت محكمة الجنايات الدولية محاكمة تيلور في نفس عام 2006 ، في محكمة خاصة في فريتاون ، عاصمة سيراليون ! ولدواعي أمنية ، تم نقل المحاكمة إلى لاهاي ليحكم عليه ،   بعدها بست سنوات ، بالسجن لمدة 50 عاما!

ماهي الرسالة التي ترسلها الصفقة المحروقة التي تنازل بموجبها تيلور ، طواعية ، عن الحكم ، وكان بامكانه الإستمرار رئيسا منتخبا  لجمهورية ليبريا ... إلى الرئيس البشير ؟
+   لن يلوم أحد الرئيس البشير إذا اعتبر من تجربة تيلور ، وقرر الأستمرار  في كرسي الحكم حتى النهاية  كما في النموذج الليبي ، وكما يفعل حاليا  ، بدلا من المجازفة كتيلور وقضاء بقية حياته في سجون لاهاي ؛ خصوصا  ( والتهم )  المضمنة في أمر قبضه تحتوي ، ولأول مرة في التاريخ البشري على الإطلاق ،على (  تهم )  إبادة جماعية  !
ثانيا  :
هناك قائمة خمسينية في درج اوكامبو سابقا وفاتو حاليا ، تحتوى على أسماء متنفذين في نظام البشير ، منهم معالي الشيخ علي عثمان محمد طه ، وومعالي الدكتور  نافع علي نافع ، ومعالي السيد عوض الجاز وغيرهم كثر ! هؤلاء وأولئك متهمون ، كما البشير ، بارتكاب جرائم في دارفور !  أعدت هذه القائمة لجنة  تقصي حقائق ، أرسلها مجلس الأمن لدارفور في ديسمبر 2004 !
بعد تحريات استمرت لأكثر من 4 سنوات عن الرئيس البشير ، و7 سنوات عن الفريق عبدالرحيم محمد حسين ، حررت محكمة الجنايات الدولية أوامر  قبض لأربعة  من قائمة ال50 متهم ... الرئيس البشير والفريق عبدالرحيم  والوالي هارون والمواطن كوشيب ! وبقية  السادة الكباتن  في القائمة الخمسينية  في الطريق !
هؤلاء السادة الكباتن ، وهم رجال الصف الأول في نظام البشير ، سيقاتلون بسنونهم وأظافرهم ، لكي يستمر الرئيس البشير في السلطة ، ولا يتنازل عنها في تحول ديمقراطي مزعوم !
إذا تنحى الرئيس البشير عن رئاسة المؤتمر الوطني  وبالتالي عن رئاسة الجمهورية  ، فسوف يكون عرضة للتسليم  لمحكمة الجنايات الدولية ، تحت الضغوط الدولية ، التي لن يكون للحكومة الديمقراطية قبل بها ،   كما تم مع تيلور !
وإذا أكلت محكمة الجنايات الدولية الثور الأبيض ، فسوف تفترض بقية ثيران المؤتمر الوطني ، انها قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض !
+   ولذلك لن تتوانى في التشبث بالبشير مرشحا وحيدا للمؤتمر الوطني كرئيس للمؤتمر الوطني في 2013 ، وللسودان في انتخابات نزيهة  وشفافة  وحرة أخرى في أبريل 2015!

ثالثا :
أي عنقالي في سوق الله أكبر ، دعك من أهل النظر ، والذين عندهم علم من الكتاب ، سوف يخبرك بأن 50 سنة تيلور قد فعلت الأفاعيل الآتية بالنسبة للحوار بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة !
+ نسفت خريطة طريق الخلاص الوطني ؛
+ طرشقت الأجندة الوطنية ؛
+ قذفت بالحوار العبثي بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة إلى أمات طه ؛
+ اجهضت مشروع الحكومة الإنتقالية القومية المقترح !
+   أكدت  أن الحكومة العريضة  وحديدها البارد ومشاركاتها الزخرفية ، خير وأبقى وأسلم من الحكومة القومية وحديدها الساخن ، الذي سوف  لن يحرق  إلا سادة الإنقاذ ، وعزيزهم  !
+ أكدت  50 سنة تيلور صحة نهج نظام البشير الذى حقق الإستقرار بإماتة المناخ السياسي !  وحقق الأمن بوضع كل المعارضين الاشرار فى السجون !  إذا لم يحفظ البشير الإستقرار والأمن بأي وسيلة فسوف يسعى الغرب للقبض عليه  ، ويلقي مصير تيلور !
وبعد ؟
+  أبان حكم تيلور لكل معصوبي البصر والبصيرة ، بأن الحوار السياسي السلمي المفضي لتفكيك نظام الإنقاذ ، قد وصل إلى طريق  مسدود بحائط أسمنتي !
نقطة على السطر !
رابعا :

إذا تاوقت في مدونة السفير برنستون ليمان ، فسوف تقرأ العجائب ، ولكنه يظنها (عادي) !  يفسر السفير ليمان الدبلوماسية  الفاعلة ، بأن تنجح في ايهام خصمك بأنه ينفذ أجندته ، في حين أنه ينفذ أجندتك !

سوف الخص لكم بعض البعض مما قرأته  لفائدتكم وامتاعكم !

تصادف افتتاح جولة المفاوضات بين دولتي السودان ( أديس ابابا – الثلاثاء 29مايو 2012 ) ، النطق بالحكم ضد تيلور ! اغتنمها السفير ليمان فرصة ليجتمع في غرفته  بالفندق  في أديس ابابا مع السيد ادريس عبدالقادر ، رئيس الوفد السوداني المفاوض ، والذي أعطاه الرئيس البشير تفويضا رئاسيا كاملا ، لم يعطه للأستاذ علي عثمان محمد طه وهو يفاوض قرنق في نيفاشا في زمن قصي !

طلب السفير ليمان للأستاذ ادريس قهوة تركية ، ولنفسه نسكافيه !

قال :

+ تتعهد إدارة اوباما بالإستمرار في تجميد أمر قبض الرئيس البشير ، والسماح له بالسفر ، إلى أي دولة تدعوه ! ويجب أن لا يشكل الحكم على تيلور أي هاجس للرئيس ! نحن أصدقاء ، وسوف نتبادل ارجاع الأسانسير ! ولا نمانع إذا شنت علينا أبواقكم الإعلامية نيران هجومها ، للإستهلاك المحلي ، وذر الرماد في العيون !

+   تدعم إدارة اوباما  الرئيس البشير ، وترفض الإطاحة بنظامه عبر أي وسيلة كانت : سلمية أو خشنة ! وتدين وتشجب المقاومة المسلحة التي يتبناها تحالف كاودا ! ويمكن للرئيس البشير التكرم ببدء اصلاحات دستورية ، لضمان الأمن والإستقرار !

+ تراهن إدارة أوباما على النجاح في تطبيق خطة طريق مجلس الأمن ، بحلول الخميس 2 أغسطس 2012 ، لضمان السلام المستدام بين دولتي السودان ، وايجاد حل مقبول للرئيس سلفاكير لمنطقة أبيي ولو كان على حساب عبدالرسول النور ، وتفعيل المشورة الشعبية ، وفتح الممرات الآمنة للإغاثة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وضمان انجاح اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور !

+ تطلب إدارة أوباما منكم التفضل مشكورين بالموافقة على ثلاثة طلبات عاجلة في الوقت الحاضر :

أولا :

البدء في مناقشة جميع الملفات بواسطة اللجان المختصة في وقت واحد ، بدلا من اصرار البشير على البدء والإنتهاء من ملف الأمن ، قبل الدخول في بقية الملفات !

ثانيا :

الموافقة على التفاوض مع الحركة الشعبية الشمالية ،  في أديس أبابا عبر الوسيط مبيكي ، وتأسيسا على اتفاق نافع – مالك عقار ( أديس ابابا – 28 يونيو 2011 ) ،الذي رفضه البشير، دون مبرر !

ثالثا :
الموافقة على تضمين منطقة هجليج ضمن المناطق المتنازع عليها ، أسوة بأبيي وحفرة النحاس  ؛ وسحب توكيد الرئيس البشير المدابر !

وافق السيد ادريس على جميع طلبات السفير ليمان ، وبدون تحفظ ! وأكد على الصداقة التي تربط الرئيس البشير بالرئيس اوباما !

انتهت المتاوقة في مدونة السفير ليمان !

وتوالت التنازلات والإنبطاحات والإنبراشات في أديس ابابا  بعد 50 سنة تيلور !

المبتدأ والخبر بالنسبة لسادة الأنقاذ   هو الإستمرار في تجميد أمر قبض الرئيس البشير و كل الأمور المتبقية مقدور عليها !


خامسا :
حكمت محكمة القاهرة ( السبت 2 يونيو 2012 ) على الرئيس السابق حسني مبارك بالسجن المؤبد ، لإتهامه  ، تحت إطار مسئولية القائد ، في فشله كرئيس للجمهورية ، في منع  قتل 250 متظاهر في ميدان التحرير في  أول 6 أيام  للثورة في يناير 2011 !
لم يقتل الرئيس السابق مبارك أيا من المتظاهرين برشاشه ، لم يصدر الرئيس السابق مبارك أمرا مباشرا ، أو غير مباشر ،  لمرؤوسيه بقتل المتظاهرين ، لم يعرف الرئيس السابق مبارك حتى بقتل المتظاهرين على أيدي الشرطة ! جريمته التي أستحق عليها السجن المؤبد كانت فشله في منع  عمليات القتل ، التي لم يكن على علم بها ، في المقام الأول ! 
ولكن ( مسؤلية القائد ) تجعله مذنبا بالمشاركة في جريمة القتل ( التي ارتكبتها الشرطة دون علمه )  ، حسب القانون المصري ، والدولي كذلك !
ملاحظة خارج السياق ولكنها واجبة ! هل لاحظت ان الرئيس السابق مبارك قد تمت محاكمته وادانته بالسجن المؤبد لجريمة  أرتكبها  ( بعد ) الثورة  ، في فترة ستة أيام  من 25 إلى 31 يناير 2011 ؟ لم يجد قضاء ثورة مصر في سيرة ومسيرة مبارك التي امتدت لأكثر من 30 سنة  قبل الثورة ، جنحة واحدة ، دعك من جريمة ، تتم محاكمته عليها !  وجد قضاء ثورة مصر صحيفة مبارك خلال فترة حكمه  الثلاثينية بيضاء من غير سوء ؟ ووجد أطفاله الأثنين المليونيرات براء من أي جنحة !
إذن ما الداعي للثورة ؟
ثورة ماركة أولاد بمبة ! ثورة 3 ورقات ! ثورة ملوص ! أما محاكمة القرن فتمخضت وولدت مهزلة القرن !
هذا ما كان من أمر الرئيس السابق مبارك ، ومسؤلية القائد  !
الرئيس السابق تيلور ، أمره أغرب ! فهو لم يذهب لسيراليون ، ولم يجند شخصيا أي طفل ! كان زبانيته  يدعمون فصيلا  متمردا على الحكومة الشرعية ويقومون بتجنيد الأطفال  وتخديرهم ! يتحول الأطفال وهم تحت المخدر ،   لوحوش آدمية فيرتكبون  فظائعا يندي لها الجبين !
مسئولية القائد هي التي أدانت تيلور ، في الجرائم التي اتهمه مدعي عام المحكمة بفشله  في منع  زباينته من ارتكابها ، رغم أنه ادعى عدم علمه بها !


أما الرئيس البشير فقد اعترف بموت  10 ألف دارفوري فقط ، وليس 350 ألف كما يدعي اوكامبو ! كما اظهر شريط فيديو أنه طلب من جنده أن لا يأخذوا أسرى ، وأن لا يبقوا على جرحي بين المتمردين ، رحمة بهم في المقام الأول !
وحتى إذا لم يكن الرئيس البشير قد اعترف  بموت  10 الف دارفوري ،  أو أنكر أنه  أمر جنده بقتل المتمردين ، فإنه سيدان لتقصيره في مسئولية القائد  كونه رئيس جمهورية السودان ، وفشل في منع وقوع هذه الجرائم ، كما كان الحال مع تيلور ومبارك !
+   هذه الحقيقة ( مسؤلية القائد ) ، التي هي سيك سيك معلق فيك  ، مضافة إليها 50 سنة تيلور ، وتأبيدة الرئيس السابق مبارك  ،   تجعل الرئيس البشير يستمر  في كرسي السلطة  ،  حتى لو جاءت الصاخة ، وحتى إذا زلزلت الأرض زلزالها ،  واخرجت الأرض أثقالها !
نواصل ...

 

آراء