(بين لورانس والطيب صالح )
محاكمتان :
وضح لورانس في اعماله الابداعية لاسيما عشيف الليدي ساترلي بان الجسد ليس نورانيا كما يحاول الكثيرون ترويضه على الروحاتية والكبت .هذه محاولة كابحة لمسار وانعتاق الفطرة الطبيعية !! قال القاضي بريان في محاكمة لورانس (بعد وفاته بربع قرن !!) بانه يجب موازنة العقل والجسد ولبس الانصياع لمتطلبات ونزوة الجسد .كان وفد دعا لورانس للاتراكسيا _التوزان بين الجسد والعقل ولكن شريطة الا يكون الانتصار قائم على قهر الجسد . يقول (يجب الانضهد الجسد بالكبت كما يتوجب محابهة الغزو الحضاري الذي حول العلاقة بين الرجل والمراة الى علاقة استغلال واستثمار ).رأي لورانس في تحليله بان حقيقة الجسد (الخطيئة الازلية ) ليست سوى اعلان صريح وصرخة مطالبة بعتق الغريزة من ربقتها هذا كما انتقد تدخل لغزو الحصاري الذي جعل العلاقة بين الرجل والمراة علاقة مريضة .ولكن رغم اجتهاداته هذه اتهم بالاباحية وتحطيم قيم المجتمع الانجليزي الراسمالي. فقط (فوستر) الكاتب العالمي وقف الى جانب لورانس واعتبره أعظم كتاب القرن العشرين .
نلاحظ في النقاط التالية تقاطعا بين روايتي لورانس والطيب صالح
_تاريخ صدور كل من الروايتين في ستينيات القرن المنصرم
_محاكمة لورانس ومصطفى سعيد حول طبيعة ونمطية علاقة الرجل بالانثى الاباحية المستندة الى تحرير الجسد ونقد الغزو الحضاري _الاستعمار وتدخله المباشر في تشويه العلاقات الانسانية
_توزيع الادوار بين الشخصيات لخدمة فكرة الرواية (هنا نلمس تاثر الطيب صالح بلورانس كما سنين لاحقا )
عالج الكثيرون قضية الجنس من نواحي اجتماعية ونفسية عديدة كسيغموند فرويد الا ان كاتبينا هنا حللاها من خلال المنهج التجريبي فقربت الى الواقع المعاش وغدت اقرب الى الصدق الفني بمكان .
حوكم لورانس على روايته عشيق الليدي شاترلي _فلسفة تحرير الجسد ونقده للرأسمالية واشتهر في يداية ستينات العام المنصرم واشتهر في شتى بقاع العالم- لاسيما إنجلترا _واعتبر كأحد أهم ثوار الأدب "المؤثر في حياة وواقع الأفراد . ذكر بريان القاضي الإنجليزي في محاكمته للورانس بأن لورانس أتى بآراء جاهزة وعضوية لا تخدم الإنسانية في شيء إذ لا يمكن خلق توازن لاحتمال الحياة إلا عندما" ينسجم الفكر والجسد" أما مصطفى سعيد تظل رواية موسم الهجرة إلى الشمال فلم يكن بعيدا أو متعا عن تفاصيل هذه المحكمة . اتهمه القاضي بالبرود / وحرمانه وفنقار الى الحب اعظم طاقة يمنحها الله لعباده .قال له ( لقد حرمت أعظم طاقة بمحبتها الله لعبادته ,طاقة الحب) , هذا كما جرده المدعي العام ووصفه "كذئب شغله الشاغل صيد النساء وهوس الجس " .انقلبت المحكمة إلى إدانة ومحاسبة لغزو (الحضارة الحديثة الرأسمالية / الاستعمار) . في زعمنا بأن الطيب صالح سعى الى تحليل ونقد فلسفة لورانس هذه لخطورة مؤداها فاتى برواية موسم الهجرة الى الشمال كرد عليه ,على فلسفة تحرير الجسدالتي اسند الطيب صالح دورها _في منهجه التجريبي _الى بطل مصطفى سعيد بطل روايته وجين مورس زوجته وصنوه في الاكتراث وترصد العلاقات الخاطفة وود الريس العجوز الشهزاني الذي يبدل الانشاء كما يبدل الحمير .فشل كل من هؤلاء في نهاية المطاف وكانت نهايتهم مأساوية مؤلمة ,ربما يكون هذا رد الطيب صالح على فلسفة تحرير الجسد للورانس .
Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]
///////