ما يجب عمله لدعم خيــار الوحـدة 2-3 … بقلم: د. عثمان أبوزيد

 


 

 

وأبدأ بما تفضل به مشكوراً الأخ البروفيسور التيجاني عبد القادر: "أعتقد أنه لو قام مليون سوداني من شمال السودان بتعلم جملة واحدة بلغة الدينكا، وقام مليون آخر بتعلم الجملة ذاتها بلغة النوير واستطاع كل واحد أن يهمس بها في أذن صديق جنوبي أو جار أو زميل دراسة لصار خيار الوحدة قريب المنال؛ الجملة هي: [نحن نحبكم فابقوا معنا].

ويخاطبني الأخ الأستاذ أكول ليال ماجير بـ "أخي العزيز" ليقول إن الجبهة الإسلامية تنعطف (360 درجة) عن برنامج الانفصال الذي عملت له عشرين سنة، والسبب هو نفط الجنوب وأبيي. ويضيف الأخ العزيز أكول إن سفاحي الجبهة الإسلامية أدركوا الآن سوء المصير الذي يحيق بهم بعد الانفصال. ويتعين على قادة الجبهة الإسلامية الانتظار حتى يتحقق الاستقلال الكامل للجنوب وللشرق والغرب وجبال النوبة والنيل الأزرق ، والدعوة بعد ذلك إلى كونفدرالية على أساس الرئاسة الدورية بين الأقاليم. إن من يتفق مع قادة "الجبهة الإسلامية " كمن يأخذ عروساً بشعة المنظر ويذهب بها للمرة الثانية إلى شهر العسل!

تبقى فرصة أخيرة ووحيدة ينقذ بها قادة الجبهة الإسلامية أسماءهم ومصيرهم – والحديث ما يزال لأكول- ويقنعون بها الجنوبيين والحركة الشعبية بالوحدة ، وهي الاصطفاف مع الحركة الشعبية وفق رؤية السودان الجديد التي قوامها العلمانية ونبذ العنصرية. يجب أن تكون الخرطوم خالية من الشريعة الإسلامية والعنصرية وإلا ...

وأنا أشكر الأخ العزيز ماجير ، فقد أتاح التعرف على نهج في التفكير والتعبير ، موجود للأسف مثله في الشمال أيضاً ، ومطلوب في هذه المرحلة الدقيقة أن نترفع بقدر الإمكان عن هذا النوع من الخطاب وأن نتسامح لأن التسامح شفاء داخلي لا بد منه. دعانا إلى هذا أحد حكماء السودان في ندوة أكسفورد عن الوحدة والانفصال منذ أيام ، السيد جوزيف لاقو عندما قال إنه قاد التمرد ودخل الغابة وحارب حتى عام 1972م من أجل حلم الفدرالية ليس أكثر. وقال: "نال الجنوب بفضل اتفاقية السلام الشامل ما هو أكثر من الفدرالية بكثير. يحكم الجنوب نفسه ويشارك في حكم باقي البلاد". وأضاف إنه عاش في الشمال وعمل في كل أقاليمه ولديه منزل في الشمال ولا يشعر بمشكلة في ذلك ، ثم تقدم السيد لاقو بعد ذلك بنصيحة حول الاستفتاء وهي ضرورة الابتعاد عن الألفاظ الجارحة أو الجدل المسيء والعمل على إدارة كل ما يتصل بالاستفتاء بهدوء واحترام متبادل يترك كل الخيارات مطروحة حتى إذا حدث ما لا يرضى هذا الطرف أو ذاك ، يترك باب الإخاء بين الجانبين مفتوحاً للمستقبل (انظر مقال د. خالد المبارك ، الرأي العام ، الخميس أول يوليو).

أما الأخ الأستاذ موسى أكوار نون رئيس الجالية السودانية في مكة المكرمة (سوداني من بور) فيقول ما يجب عمله هو ببساطة أن نضع أصواتنا في صندوق الوحدة. وبالنسبة لي الموضوع واضح جدا ، ما حدث من صراع في السنوات الماضية لم يكن حرباً بين الشمال والجنوب ، بل كانت حرباً بين فئتين. إن الجنوبيين أكدوا انحيازهم للوحدة عندما نزح أربعة ملايين منهم إلى الشمال ، والوحدويون في الجنوب هم الأكثر عدداً وإن كان غيرهم أعلى صوتاً. منذ سنوات كنت مسافراً بالطائرة عندما قال لي جاري من السويد إنهم في أوروبا أنشأوا أوطانهم على أساس قومي ، لذلك تجد أكثر من دولة في المنطقة الاسكندينافية وحدها ، وأن الوضع الطبيعي للسودان أن ينقسم إلى دول على أساس قومي. قلت في نفسي : معنى هذا أن الجنوب نفسه لا يبقى دولة واحدة لأن التنوع القومي موجود في الجنوب أيضاً. وعجبت لهذا الأوروبي يحرضنا على الانفصال في حين أن ما يسميها الدول القومية تقيم كياناً واحداً اسمه الاتحاد الأوروبي.

الأخ الأستاذ محمد عربان من الرياض يصف نفسه بالمستقل مع أن حكاية مستقل هذه كما يقول "راكوبة خريف" ، وقدم المقترحات التالية لدعم خيار الوحدة :

- إنشاء مراكز شبابية لتعليم علوم الحاسوب واللغة الإنجليزية وممارسة الرياضة، تحديداً الملاكمة ورفع الأثقال وكرة السلة وهي الأنشطة التي يحبذها أبناء الجنوب وأبناء النوبة. يمكن تفعيل مراكز الشباب القائمة مثل مركز شباب ميدان الربيع والسجانة وحث الأندية الرياضية في شتى أنحاء البلاد على القيام بهذا الدور. يجب العمل على استهداف شريحة الشباب وتشجيعهم على الانخراط في تلك الأنشطة وانتقاء شباب من الشمال لمشاركة أبناء الجنوب وخلق تمازج فيما بينهم. آمل أن يتولى الإشراف على هذه المهمة نخبة من رجال الفكر لا السياسة. شريحة الشباب يجب أن لا تترك مرعى "يبرطع و يفنجط" فيه بلا منافس باقان و عرمان وأضرابهم.

- تشجيع رجال الأعمال من الجنوب ومساعدتهم على تحقيق مصالح اقتصادية حيوية ومربحة في الشمال.

- الوقف الفوري للنشاط الهدام لمنبر السلام العادل لأنه يقوي تيار صقور الحركة الانفصاليين. فإن كان شعار أصحاب المنبر هو التعبير عن الأغلبية الصامتة في الشمال فإنهم في الوقت نفسه يخذلون الأغلبية الصامتة في جنوبنا الحبيب. فالحركة الشعبية مختطفة من قبل ما يعرف بأبناء قرنق من الانفصاليين الذين لا يشكلون أغلبية بأية حال من الأحوال. هل فكر أصحاب المنبر في الوحدويين الجنوبيين عامة و المسلمين منهم بصفة خاصة؟؟ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم "انصر أخاك"... أين أهل المنبر من هذه النصرة؟ صحيح إن ما تنشره الصحافة الجنوبية الناطقة بالإنجليزية فيه تطرف و سفه و فجور... لكنه يبقى محدود الأثر و ذلك لقلة مطالعيه و كونهم نخبة صفوية صغيرة العدد ... و ما ضر أهل المنبر لو تقبلوا تلك الشتائم و احتسبوها تحت بند "و الكاظمين الغيظ" وحولوا طاقتهم لمناصرة الوحدويين ومؤازرتهم بدلاً عن تدميرهم وخدمة دعاة الانفصال.

- أرى أن تستمر الحكومة في تنفيذ كافة المشاريع التنموية و مشاريع البنى التحتية وعدم اليأس من نتيجة الاستفتاء ، فلربما يرى الانفصاليون تأجيل الاستفتاء - مكراً منهم - ريثما تتم تلك المشاريع " و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين". و هذا التأجيل هو الذي نحتاجه و يجب أن نعمل من أجله.

- حث أهل الصلاح على الابتهال و التضرع كي يحفظ الله بلادنا من التفكك والتشظي، وتشجيع شعيرة صيام الخميس وقيام ليلة الجمعة والتذلل والانكسار للمولى عز وجل بالدعاء.

ألاحظ تركيز الغالبية على الاهتمام بالفكر، وهذا ما ذهب إليه أيضاً أعضاء الهيئة القومية لدعم الوحدة بمدينة جدة التي أتشرف بعضويتها برئاسة البروفيسور ميرغني عبد العزيز. ولنا وقفة مع مداخلة فكرية دسمة من الأخ الأستاذ صلاح شعيب وآخرين في المقال القادم الذي نختم به.

osman abuzaid [osman.abuzaid@gmail.com]

 

آراء