ما ينتظر من جماعة لن ينجح أحد؟ …. بقلم: د. محمد وقيع الله
21 March, 2009
waqialla1234@yahoo.com
خرج زعيم ما يسمى بالمؤتمر الشعبي من السجن يهذي بالأقوال التي زجته به وكأنه ما وعى الدرس أو كأنه أدمن داء (المكاواة) الذي يجيده أفضل منه الأطفال الصغار.
وقد كنا نتمنى ألا يزج الترابي أبدا في سجن، لأنه بتكراره لمثل هذه الأقوال المنكرة يهزم نفسه بنفسه وهو أصلا مهزوم كسير.
وقد كنا وعدنا القارئ أن نحدثه عن البواعث الحقيقية لمثل هذه التصريحات التي يدلى بها زعيم ما يسمى بالمؤتمر الشعبي تأييدا لادعاءات المدعي الصهيوني لويس أوكامبو. وكيف يقوم رجل قانون مشهود له بالعلم والإحاطة مثل حسن الترابي بالترحيب بادعاءات هذا المحتال المفضوح لويس أوكامبو، وتخفى عليه هويته الفاضحة التي لا تخفى إلا على ذوي الأغراض والأمراض.
وكيف يتجاهل حسن الترابي ما لا يجهله أحد من العوام من نواحي خلفية أوكامبو الصهيونية الإسرائيلية، التي صرح بها بتبجح سافر، عندما أعلن أنه غير مختص قضائيا بالتحقيق في احتمال أن تكون جرائم حرب قد ارتكبت في قطاع غزة بواسطة إسرائيل!.
لم ينجح منهم أحد:
وكنا وعدنا القارئ أيضا أن نعرفه على المزيد من عجائب جماعة لن ينجح أحد، وهم جماعة المؤتمر الشعبي، الذين لا ينتظر أن ينجح منهم أحد في الانتخابات القادمة. وذلك تأسيسا على نظرية زعيمهم، الدكتور حسن الترابي، الذي كان يتخذ من الحراك السياسي الطلابي، وما تسفر عنه انتخابات اتحادات الطلاب في الجامعات، مؤشرا يحدد به اتجاهات الحركة السياسية الحزبية على المستوى القومي.
وها قد كاد أن ينتهي موسم انتخابات اتحادات طلاب الجامعات. والحصيلة أن أبناء المؤتمر الوطني الأماجد قد فازوا في جلها. وقد جاءت أخبار آخر هذه المعارك الانتخابية أمس من جامعة بخت الرضا، حيث أفلح أشبال الإسلام الأشاوس في اجتياحها بنجاح تام. وقبلهم فازت في الأسبوع الماضي قائمة الطلاب الإسلاميين بجامعة شمال كردفان، حيث هزموا الجموع المتألبة ضدهم مجتمعين. وقبيل ذلك فازت قائمة المجاهدات الإسلاميات من مؤيدات المؤتمر الوطني بكلية البنات في جامعة أم درمان الإسلامية الزاهرة، بالتزكية، حيث عجزت الأحزاب الأخرى حتى عن مجرد إكمال قائمة مرشحاتها التي هي أقصر بالتأكيد من قائمة الناخبات المساندات لهن!
وفي كل هذه الانتخابات لم يسمع أحد بسيرة شيئ يسمى المؤتمر الشعبي. وهذا أبلغ دليل على انحسار نفوذ هذه الطائفة المارقة، وتشتته، وانكساره، وانحصاره في بؤر صغيرة وخيمة هي بؤر التمرد والشغب ونشر الفوضى والخراب.
لن ينجح منهم أحد:
وهكذا فطالما لم ينجح أحد من صغارهم في الانتخابات الطلابية التي جرت في الأشهر الماضية، فلن ينجح أحد من كبارهم، بإذن الله تعالى، في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.
وهذا ما يجعل من هؤلاء القوم أشد الناس خروجا على الصف القومي، ويجعلهم أكثر الناس بؤسا ويأسا من الفوز بأي نصيب في أي انتخابات قادمة، تجرى على أي صعيد، إلا صعيد المؤتمر الشعبي نفسه، وهو مؤتمر لا شعبي، لأن قادته أكثر من تابعيه ومتفرجيه!.
ولهذا فقد أضحوا يعقدون آمالهم وينسجون أحلامهم على احتمال تدخل أجنبي وشيك، يهيئ لهم مجالا للوصول إلى حكم البلاد. وهذه الآمال والأحلام التي تستبد بقيادات المؤتمر الشعبي، هي آمال أحلام مستبدة حقا، لأنها تداعبهم آناء الليل وتعبث بهم أطراف النهار، وتوهمهم، في لحظات اليقظة والنوم وما بين ذلك، بأن القوى الخارجية على وشك أن تطيح بحكم الإنقاذ.
وذلك ما يرضيهم، وما يطمحون إلى تحقيقه، لأنه يشكل الخطوة الأولى في استراتيجيتهم الإجرامية، التي يرنون بها إلى استثمار أجواء الفوضى والفساد التي ستسود البلاد، فيدخلون مليشياتهم من دار فور إلى قلب العاصمة، فيحيلونها من دار إسلام وسلام إلى دار قتام وصدام، الغلبة فيها لمن أسرج خيل الحرب، لا لمن أعد العدة من البرامج الانتخابية التي تحظى بتأييد الشعب.
ولذلك تشتعل حماسة قادة المؤتمر الشعبي ويبدو ترحيبهم واضحا جدا بالتدخل الخارجي، المتشكل في أشكال مختلفة، آخرها، ولن يكون أخيرها، تدخل هذا المدعي الدعي المدعو أوكامبو.
وفي غمرة بهجتة هؤلاء القوم وسكرتهم بخيال هذا التدخل الأجنبي المرتجى، لم يراع هؤلاء القادة اللا شعبيون أدق نواحي الشعور الوطني والعربي والإفريقي والإسلامي الرافض لتلك التدخلات، ولم يرتاعوا لرفض هذه الشعوب السوداني بكامل أطيافها وتوجهاتها لتوجههم هذا اللا وطني الذميم، ولم يبالوا بما يخسرون من احترام الدنيا لهم نتيجة تبنيهم لذلك الموقف الانتهازي المريب.
لهذا يرفضون الانتخابات:
وقد لاحظ المراقبون لتصرفات هذا الحزب المارق عن الإجماع الوطني والديني، أن ترحيب قادته بتدخل أوكامبو في شؤننا الداخلية، جاء أكثر بكثير من تأييدهم لإجراء انتخابات نزيهة تراقبها الأمم المتحدة والمنظمات العامية المشهود لها بالشفافية، لا كشفافية منظمة الشفافية العالمية التي كان يديرها صاحبهم أوكامبو، تلك المنظمة التي هللوا لتقاريرها قبل عامين كما هلل لها بعض من صحفيينا الجهلة المضبوعين!.
لم يرحب قادة المؤتمر الشعبي بإجراء انتخابات حرة نزيهة في البلاد، وذك بالرغم من أن هذه الانتخابات، يفترض بل يمكن أن تطيح بحكم الإنقاذ، وتأتي بأي بديل له يرتضيه الشعب.
ومع أن هذا الافتراض النظري والإمكان العقلي والعملي هو حتم في نظر أهل الشعبي، إلا أنلهم مع ذلك فقه آخر. فقادة هذا الحزب المسمى بالمؤتمر الشعبي، يعلمون قبل غيرهم، ويعلمون أكثر من غيرهم، أن حزبهم هذا المسمى بالشعبي حزب مفلس من البرامج، عار من الشعبية، خلي من العزة الدينية، واستعلاء الإيمان.
ولا شك أن هؤلاء القادة المسمى بالشعبي، قد اتخذوا من الانتخابات، برفضهم الحاد الحاسم لأمر إجرائها، حتى ولو جاءت مبرأة من كل عيب، الموقف الصحيح الخليق بحزبهم بوضعيته هذه التي أشرنا إليها قبل قليل أن يتخذه. فهم بحق وحقيق (جماعة لن ينجح أحد)، وهم أدرى بذلك من غيرهم.
ولست أشك، ولا إخال أحدا غيري يشك، أنه حتى لو ترشح قائد هذا الحزب، هذا القائد الذي ظل يقوده قرابة نصف قرن، لو ترشح في المجال الرئاسي أو البرلماني، فإنه فلن ينال من الأصوات قدرا يذكر، فما بالك بمن دونه وهم في غالبهم دون.
ولذلك يتجنب زعيم الشعبي هذا المصير الفادح بكل سبيل، ويعلن عن ابتهاجه بإشاعة غير مؤكدة تشير إلى نية الحركة الشعبية تحرير السودان ترشيح زعيمها سلفا كير، زاعما أنه سيلقي ( بثقله) وراءه، راجيا أن يوم بالنيابة عنه بتحرير السودان من حكم البشير، الذي يزعم حسن الترابي أنه حكم غير قومي، بينما الحكم الذي سيترأسه سلفا كير هم الحكم القومي الرشيد.
وهذا مجرد ملق رخيص قدمه حسن الترابي لسلفا كير الذي لا يُخدع، والذي سبق أن أحبط قديمة محاولة من الترابي للتقرب إليه، فعامله بأنفة، و(لكْشَرَه) قائلا: كيف تسهم معي في حكم الجنوب بينما أنت ملفوظ من حكم الشمال؟