مبادرة حوض النيل (4)

 


 

 

ftaha39@gmail.com

1
وُصِفت مبادرة حوض النيل بأنها شراكة حكومية دولية لدول حوض النيل العشر وهي بوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وجنوب السودان، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، وتشارك فيها إريتريا بصفة مراقب.

2
ففي 22 فبراير 1999، ولأول مرة في تاريخ الحوض، تم إنشاء مؤسسة جامعة على نطاق الحوض. وذلك من أجل توفير منبر للتشاور والتنسيق بين دول الحوض بشأن التنمية والإدارة المستدامة لمياه حوض النيل المشتركة، وما يتعلق بها من موارد، بما يعود بالنفع للجميع.

3
اتفقت دول المبادرة على متابعتها بمقتضى ترتيب انتقالي حتى يتم إيجاد إطار قانوني دائم. وبموجب المبادرة التقت دول الحوض على رؤية مشتركة وهي تحقيق تنمية اجتماعية اقتصادية مستدامة عن طريق الاستغلال العادل للموارد المائية المشتركة لحوض النيل والانتفاع بها.

4
وقد فُصِّلت أهداف المبادرة في الآتي:
* تنمية الموارد المائية لحوض النيل بطريقة منصفة ومستدامة لتأمين الرخاء والأمن والسلم لكل شعوبه.
* ضمان كفاءة الإدارة المائية والاستخدام الأمثل للموارد.
* ضمان التعاون والعمل المشترك بين الدول المشاطئة لأجل منفعة الجميع.
* استهداف استئصال الفقر وترقية التكامل الاقتصادي.
* ضمان أن تفضي نتائج البرنامج إلى الانتقال من التخطيط إلى العمل.

5
لترجمة رؤية المبادرة المشتركة إلى عمل، أُطلق برنامج عمل استراتيجي يتكون من برنامجين فرعيين يكمل بعضهما البعض وهما: برنامج الرؤية المشتركة على مستوى الحوض، وبرنامج العمل الفرعي الذي يختص بتنفيذ مشروعات في أحواض فرعية.

6
يشتمل برنامج الرؤية المشتركة على المشروعات التالية:
* العمل البيئي العابر للحدود.
* تجارة الطاقة الإقليمية في حوض النيل.
* كفاءة استخدام المياه في الإنتاج الزراعي.
* إدارة وتخطيط موارد المياه.
* بناء الثقة وإشراك أصحاب المصلحة.
* التدريب التطبيقي.
* التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتقاسم المنافع.

7
يُطبق برنامج العمل الفرعي على مستوى أحواض فرعية. لهذا الغرض تم تكوين مجموعة برنامج النيل الشرقي (إنساب)، ومجموعة برنامج عمل بحيرات النيل الاستوائية الفرعي (نيلساب).

8
يضم الفرع الشرقي إثيوبيا والسودان ومصر ويشتمل على المشروعات التالية:
* نموذج تخطيط للنيل الشرقي.
* تنمية الموارد المائية المتعددة الأغراض لنهري بارو وأكوبو.
* الاستعداد للفيضانات والإنذار المبكر.
* الربط الكهربائي بين السودان وإثيوبيا.
* استثمار تجارة الطاقة للنيل الشرقي.
* الري والصرف.
* إدارة خط تقسيم المياه.

9
ويضم الفرع الاستوائي تنزانيا وكينيا وأوغندا ورواندا وبورندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان ومصر، ويشتمل على المشروعات التالية:
* الإدارة المتكاملة للموارد المائية لحوض نهر كاجيرا.
* تطوير إطار للإدارة التعاونية لنهر مارا الذي تشترك فيه تنزانيا وكينيا.
* تطوير إطار للإدارة التعاونية للموارد المائية لأحواض أنهار ملاكيسي - ملابا - سيو.
* تطوير مصادر الأسماك في بحيرات إدوارد وألبرت بين أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
* ربط الطاقة بين أقطار نيل البحيرات الاستوائية.
* تحسين الإنتاجية الزراعية.

10
يدير مبادرة حوض النيل مجلس وزراء -وهو أعلى جهاز لاتخاذ القرار في المبادرة-يتكون من وزراء الشؤون المائية في دول الحوض وتُشغل رئاسته سنوياً بالتداول بين الدول الأعضاء. وتساعد المجلس لجنة فنية استشارية تُمثل فيها كل دولة من دول الحوض بعضوين. وللمبادرة سكرتارية مقرها بأوغندا وقد بدأت أعمالها رسمياً في 3 سبتمبر 1999.

11
بما أن التنمية المشتركة لمياه النيل تتطلب موارد مالية كبيرة، فقد دعت دول المبادرة المجتمع الدولي ليوفر لها الدعم من خلال كونسورتيوم التعاون بشأن النيل (أيكون). ويتمثل هدف الأيكون في السعي لتوفير تمويل منسق وشفاف للتنمية والإدارة التعاونية للموارد المائية للنيل ولغيرها من المشروعات ذات الصلة في الحوض.

12
عُقد الاجتماع الأول للأيكون في جنيف في يونيو 2001. وقد شاركت في الاجتماع العديد من الدول والهيئات المانحة نذكر منها على سبيل المثال النمسا والولايات المتحدة الأمريكية وفنلندا وهولندا والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان والسويد والنرويج والمانيا وفرنسا، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، واللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، والمفوضية الأوروبية، وبرنامج العمل الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الزراعة والأغذية، وهيئة الارصاد العالمية، وبنك التنمية الإسلامي، وصندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي، وصندوق التنمية الأفريقي، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.

13
خلال اجتماع جنيف، وبطلب من مجلس وزراء الحوض، شكل البنك الدولي مجموعة استشارية للأيكون مكونة من الجهات المانحة الراغبة في دعم مبادرة حوض النيل. طرح الوزراء على هذه المجموعة برنامج العمل الاستراتيجي الذي يشتمل على مشروعات على مستوى الحوض ومشروعات على مستوى الحوضين الفرعيين. أبدت المجموعة تأييدها القوي لأهداف المبادرة. قُدر حجم الاستثمار في المرحلة الأولى من برنامج العمل الاستراتيجي بشقيه الفرعيين بحوالي 3 مليار دولار أمريكي. والتزم المانحون بتوفير دعم مالي بحوالي 140 مليون دولار لتمويل دراسات المشروعات. ولهذا الغرض أنشأ البنك الدولي صندوقاً ائتمانياً.

14
شدد مؤيدو مبادرة حوض النيل على أهمية الاتفاق على الإطار القانوني والمؤسسي لتنمية الموارد المائية لحوض النيل، وأن يفضي ذلك إلى إبطال المعادلة الصفرية الحالية التي تكسب فيها أطراف كل شيء وتخسر فيها الأطراف الأخرى كل شيء، وإلى تبني حلول تحقق منافع للجميع.

15
وحذر كثيرون من أنه إذا تخلت دول حوض النيل عن الاتجاه التعاوني، ومضت كل دولة على انفراد في تطوير مواردها المائية لأغراض الري وإنتاج الطاقة الكهرومائية خارج إطار مبادرة حوض النيل، فإنها ستلحق الضرر ببعضها البعض، وسيطول أمد العيش الكفافي لملايين الفقراء، وسيتفاقم التوتر في الحوض.

16
ويعارض آخرون مبادرة حوض النيل، ويدعون إلى إبقاء الأوضاع كما هي عليه الآن. وينكر هؤلاء على الدول المشاطئة للنيل في أعاليه الحق في الحصول على حصة منصفة ومعقولة من مياه النيل. وغني عن البيان، فإن هذا الحق لم ينشأ عن مبادرة حوض النيل، بل من مبدأ مستقر في القانون الدولي العرفي. وقد أكدت محكمة العدل الدولية هذا الحق في قضية مشروع غابتشيكوفو - ناغيماروس. إن هذا المبدأ لا يترك أي مجال لاحتكار مياه النيل والاستئثار بها من قبل أي دولة مشاطئة أياً كان موقعها على النيل.

17
ومن أشهر المعارضين لمبادرة حوض النيل عالم الجيولوجيا المصري رشدي سعيد (1920-2013). نوجز وجهة نظره في النقاط التالية:
* إذا قبلت مصر المشاركة في مبادرة حوض النيل، فإنها تكون قد قبلت لأول مرة مبدأ إعادة توزيع مياه النيل بين دول الحوض، وقبلت ضمناً اعتبار المياه سلعة تحكمها قواعد السوق.
* إن من أهم ثوابت سياسة مصر المائية عبر التاريخ، هي أن المياه التي تصلها هبة من عند الله ليس للبشر سلطان عليها أو سلطة منعها عنها.
* يجب عدم إعادة النظر في توزيع مياه النيل بين دول الحوض خصوصاً دول شرق أفريقيا.
* إن جذب التمويل الدولي لتنفيذ مشروعات الحوض مأساة لأن لدى الدول المانحة والبنك الدولي من الأموال ما يمكنها من إقامة مشروعات تؤثر على حصة مصر في مياه النيل.

 

آراء