مجزرة الاعتصام لابد من المحاسبة وان طال السفر

 


 

 

1
تمر الذكري الثالثة لمجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة والانقلاب العسكري يترنح تحت ضربات المقاومة الجماهيرية الواسعة ، والذي تدهورت بعده الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية والمزيد من فقدان السيادة الوطنية، واشتداد حدة نهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج ، وتدخل الالية الثلاثية للحوار مع العسكر لاعادة إنتاج الشراكة واتفاق جوبا الذي فشل في الحل الشامل وتحول لمناصب ومحاصصات، فالجماهير فقدت الثقة في وعود العسكر بعد الانقلاب علي "الوثيقة الدستورية" وانقلاب 25 أكتوبر ، وعليه لم تتجاوب مع قرار البرهان الأخير برفع حالة الطوارئ التي تجاوزتها ومزقتها المقاومة منذ بداية الانقلاب ، وتصدت للقمع الوحشي لمليشيات الجنجويد والكيزان وجيوش حركات جوبا التي تحالفت مع الانقلاب، اضافة لاستمرار القمع الوحشي للمواكب السلمية كما حدث في مواكب الكلاكلة الذي ادي لاستشهاد اثنين وصابة أكثر من 17 ، واعتقال العشرات ، فرفع حالة الطوارئ في ظل استمرار الانقلاب العسكري لا يوقف القمع الوحشي والانتهاكات ، ولابديل غير اسقاط الانقلاب وانتزاع الديمقراطية، والمحاسبة وأن طال السفر.
فمازال مطلب القصاص للشهداء ومتابعة المفقودين في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة حيا ، ولن يسقط بالتقادم ، تلك المجزرة التي نفذت امام القيادة العامة والجيش يتفرج بعد تجريده من السلاح ، ، فالتهاون والتواطؤ في المحاسبة من الحكومتين بعد التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" ، فتح الباب للمزيد من المجازر كما جاء ت بعد انقلاب 25 اكتوبر بالقتل للمتظاهرين السلميين الذي بلغ (98) شهيدا وأكثر من (4 الف) اصابة ، واعتقال وتعذيب المئات من شباب وشابات لجان المقاومة ، اضافة لحالات الاغتصاب الموثقة ، واستمرار المجازر والابادة الجماعية في دارفور وتهجير الالاف من قراهم ونهب اراضيهم وثروانهم الحيوانية والمعدنية بواسطة مليشيات الجنجويد وحركات سلام جوبا.
لقد ارتفعت رايات المطالب في ذكري مجزرة فض الاعتصام بالقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين، ومحاسبة من أمر ونفذ تلك المجزرة البشعة، والاسراع في رفع نتيجة التقصي ومتابعة المفقودين، وتكوين لجنة التحقيق الدولية لمحاسبة المجرمين ، ذلك الغضب الجماهيري الواسع بموكب 30 يونيو 2019 الذي هزم مخطط الانقلاب الدموي علي الثورة، وأبقي علي جذوتها متقدةً، وأنها ماضية في طريقها حتى اسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وتحقيق مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة..
كما جاءت الاحتجاجات الأخيرة في أمريكا التي طلب فيها ترامب تدخل الجيش لقمع الاحتجاجات، وكان رفض وزير الدفاع باعتبار أن الجيش لحماية الوطن لا لقمع الشعب، في حين أن المجزرة تمت أمام القيادة العامة دون حماية من الجيش الذي تمّ تجريده من السلاح!!.
2
لقد كانت مجزرة فض الاعتصام كما كشفت الصور والفيديوهات وشهادات الحاضرين من أبشع الجرائم في تاريخ السودان الحديث، التي تمّ التخطيط لها والتنفيذ من المجلس العسكري حسب إفادة الفريق الكباشي في المؤتمر الصحفي بتاريخ 13 /6/ 2019، بل كانت انقلابا دمويا ، كما أكد بيان البرهان بعد المجزرة بإلغاء الاتفاق مع ق.ح.ت، وقيام انتخابات خلال 9 شهور، ومهدت دعاية فلول الكيزان لها من اطلاق الأكاذيب حول الاعتصام والتحريض علي فضه ، والهجوم والأكاذيب حول قوى التغيير وتجمع المهنيين، واشتركت في المجزرة، كما أوضحت الصور والفيديوهات، كل الجهات الأمنية والعسكرية، جهاز الأمن للعمليات، الدعم السريع، الشرطة، كتائب الظل ، ومليشيات الإخوان الإرهابية ، وتجريد الجيش من اسلحته ، واغلاق القيادة العامة أمام المعتصمين وهم يحصدهم الرصاص !!، وتم فيها اطلاق الرصاص علي الشباب العزل بوحشية أدت لمقتل أكثر من الف شخص غير الجرحي والمفقودين ، وحرق الخيام و بداخلها من معتصمين وهم صيام ونيام، والقمع الوحشي بالهراوات والغاز المسيل للدموع والاغتصاب ، ورمي الشباب أحياء أو أموات في النيل وهم مثقلين بكتل اسمنتية، واستباحة العاصمة والمدن لمدة ثلاثة أيام، دون أن يحرك المجلس العسكري وقيادة الجيش ساكنا لحماية المواطنين الأبرياء العُزل.
مجزرة القيادة العامة امتداد للمجازر التي ارتكبها نظام الإنقاذ من إبادة وحرق القرى في دارفور التي راح ضحيتها حتى كتابة هذه السطور أكثر من600 الف مواطن ، ونزوح أكثر من 4 مليون مواطن، وحرق أكثر من 15 الف قرية ، اضافة لحروب الابادة في الجنوب حتى تم فصله، وحروب الابادة في جبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق، ومجازر نظام الإنقاذ منذ انقلاب 1989 الدموي كما في التعذيب حتى الموت للمعتقلين السياسيين وتشريد الآلاف من المدنيين والعسكريين، واطلاق الرصاص علي المواكب السلمية مثل :شهداء 28 رمضان، البجا في بورتسودان، كجبار، استشهاد الطلاب وأبناء دارفور في الجامعات والمعاهد العليا، العيلفون، مجزرة سبتمبر 2013، شهداء ثورة ديسمبر 2018 . اوغيرها من الانتهاكات التي مازلنا ننتظر محاسبة مرتكبيها، وتسليم البشير ومن معه للجنايات الدولية.
3
تأخير القصاص للشهداء ومتابعة المفقودين في مجزرة فض الاعتصام ، لا يمكن عزله عن انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد في 11 أبريل 2019 وامتداده في انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي جاء لقطع الطريق أمام الثورة ، ما يجري حاليا من تسوية بواسطة الآلية الثلاثية لفرض " الهبوط الناعم" الذي يعيد إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية وتحالفاته العسكرية الخارجية والتفريط في سيادة البلاد وأراضيها وثرواتها الزراعية والحيونية والغابية والمعدنية، وايجاد المخرج الآمن لرموز النظام البائد من المحاسبة والافلات من العقاب والإبقاء علي المصالح الطبقية والثروات و وإعادة الاصول المنهوبة لهم التي تُقدر بعشرات مليارت الدولارات، والحلول الجزئية للسلام كما في اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات، وشارك قادته في انقلاب 25 أكتوبر ، وحتى عودة التكين للفلول وللسلطة باشكال جديدة، ومن ضمن المخطط كان مجزرة الاعتصام التي تجمعت فيها كل القوى العسكرية ومليشيات النظام البائد لاخماد واقتلاع الثورة.
4
وأخيرا، في الذكري الثالثة لمجزرة فض الاعتصام ، هناك ضرورة لاوسع نهوض جماهيري متنوع ومتعدد الاشكال بمزيد من التنظيم في مجالات السكن والعمل والدراسة ،ووحدة وتلاحم قوى الثورة في مركزها الموحد من أجل اسقاط الانقلاب الدموي ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها في :
تحقيق الحكم المدني الديمقراطي الذي يضمن القصاص للشهداء ومتابعة المفقودين، والترتيبات الأمنية لحل مليشيات الجنجويد والكيزان وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة كل شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية وتصفية التمكين واستعادة كل الأموال والأصول المنهوبة، ورد المظالم، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وتمكين المرأة والشباب، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، والحل الشامل والعادل في دارفور والمنطقتين الذي يخاطب جذور الأزمة، وتحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة وسيادة حكم القانون، ودولة المواطنة التي تسع الجميع، والسلام ووحدة وسيادة الوطن، ووقف نهب ثروات البلاد، وغير ذلك من اهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية التي تفضي للتغيير الجذري. .
المجد والخلود للشهداء ، وعاجل الشفاء للجرحي والمصابين ، وعودا حميدا للمفقودين والنازحين لقراهم ، والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء