مجلس الأمن والدفاع – القلعة الأخيرة لحماية الإنقلابيين !!

 


 

 

الحركة الشعبية / قطاع الشمال مُحقة فيما ذهبت إليه بنقدها لمشروع الجسم البديل، المزمع إخراجه من عمليات الطبخ الدائرة بين المفاوضين من طرفي المبادرة السعودية الأمريكية، هذا الجسم الجديد سوف ينقذ الشق العسكري الإنقلابي المتحصن بالمجلس السيادي، للمرة الثانية من أنياب الثوار الأحرار غير المتنازلين عن غاياتهم النبيلة وأهدافهم العليا، المتمثلة في استمرار المواكب السلمية الساعية للإسقاط الكامل للعسكر وحلفائهم، الجسم الجديد - مجلس الأمن والدفاع، القلعة الأخيرة لحماية الإنقلابيين، والسلطة الوليدة القوية الممنوحة للعسكر، مقابل هياكل سلطة مدنية ضعيفة لا تهش ولا تنش تمنح لرموز مركزية الحرية والتغيير، فرأي الحركة الشعبية السديد يُفسر على أن أي محاولة لإبقاء المكون العسكري الإنقلابي كما هو، من دون إعادة الهيكلة الكاملة والشاملة للمؤسسة العسكرية والمؤسسات الموازية، يكون حال رموز مركزية الحرية والتغيير شريكة العسكر في لباسهم الجديد كحال أبي زيد، الذي ما غزا وما حصل على الغنائم ولا اصطاد الطرائد، لأن دين وديدن العسكر هو النكوص والحنث بالعهود، وآخر هذه النكسات إنقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، الذي نفّذه قائد الجيش غير مبالٍ بالوثيقة الدستورية ولا بمنجزات رئيس الوزراء، فالعسكريون وبطبيعة حالهم لن تثنيهم عن ديدنهم وسلوكهم هذه التنازلات المتكررة، من قبل الحواضن المدنية الإنتهازية التي تدعي وصلاً بالثورة وتتظاهر بالحرص على مكتسباتها.
القبول بوجود المكون العسكري الإنقلابي كواحد من أجهزة سلطات الانتقال بعدته وعتاده، والاقتناع بالصفقة السياسية التي لا تُرجع أيلولة إدارة اقتصاديات المنظومة الدفاعية لوزارة المالية التي لا تخضع إدارتها لوزير مالية يدين بالولاء للانقلاب العسكري، ولا تؤول لسلطة تنفيذية يقودها رئيس وزراء بصلاحيات حقيقية، تجعل من العملية السياسية التفاوضية الجارية الآن مجرّد تحسين لوجه دكتاتورية إنقلاب قائد الجيش، الذي سيكون رئيساً لمجلس الأمن والدفاع الممسك بمفاصل السلطات الثلاث، وكما جرت مفاوضات سلام جوبا المشؤوم وسط أجواء خريفية احتفالية ظللتها زخّات المطر، وطُمرت أسرارها تحت أرجل طاولات التفاوض السري، كذلك سيخرج إليكم الطبّاخون الجدد بوصفتهم الجديدة التي ظاهرها الخير وباطنها الشر المستطير، كعادة جميع المعاهدات السودانية التي تحمل في طياتها البنود غير المكتوبة، والالتزامات غير المعهودة ولا المطروحة على ذوي الحق الأصيل، فالأصل في مشروع ثورة ديسمبر هو الخلاص الكامل من سطوة البزّة العسكرية على المشهد التنفيذي والتشريعي والقضائي، والاكتفاء بدورها الوطني الصرف في حماية الدستور والحدود الجوية والبحرية والبرية، لقد أضاع السودانيون فرصاً كثيرة كفيلة بوضع وطنهم على قوائم التميز العالمي، لكن العقبة الكؤود - مؤسسة الجيش – وقفت حائلاً أمام تحقق هذا الطموح بتواطؤها وتآمرها المستمرين مع بعض السياسيين الإنتهازيين.
مجلس الأمن والدفاع هو ما سوف تخلص إليه عبقرية رموز الحرية والتغيير، وسيكون القلعة الأخيرة التي يستميت العسكريون في الاحتماء بها، حفاظاً على الثروات المتضخمة التي جنّبها جلاوزة حزب المؤتمر الوطني (المحلول) بالمنظومة الدفاعية، هذه المنظومة التي تعتبر القشة القاصمة لظهر بعير لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، اللجنة التي كانت مكوّنة من نفس الوجوه المفاوضة اليوم والساعية بكل جد وإخلاص إلى منح الشرعية لمن فككوها، مأساة الوطن الجريح يفضحها المتكالبون الرخيصون الراكضون على جماجم الشهداء سعياً ذليلاً لأجل المناصب. ستحل الفاجعة الفجيعة عندما يُعلن عن شكل الشراكة الجديدة الضّامة لرموز تحالف جوبا الداعم للإنقلابيين، فبعد أن تخرج التشكيلة النهائية لمنتخب الخائبين والتعساء، سيعلم المنُجرّون وراء التصريحات الرومانسية المستدرة للتعاطف المجاني، أن العصا الغليظة ماتزال باليد اليمنى للعسكر الذين تحمل يسراهم جزرة مدهونة بكل عناصر الإغراء، وفي مثل هذه الحالات لن يجد الثائرون بداً من إعادة ضبط عقارب ساعة الثورة، ليحاصروا هذه القلعة المنيعة التي يحتمي بها من سرقوا قوت الشعب ومعهم الأبناء غير البررة بوالدهم (الوطن)، من المدنيين المساعدين في تسهيل إنجاز مهمة سرقة قوت بيت أبيهم وأمهم – الوطن، وقتها يكون البيض الفاسد جميعه قد اجتمع داخل سلة واحدة سوف يركلها هؤلاء الثائرون لتتدحرج وتصل قاع بئر مزبلة التاريخ.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
19 يونيو 2022

 

آراء