مجلس الصيدلة الولائي ضرار لمصلحة من؟
بسم الله الرحمن الرحيم
sayed gannat [sayedgannat7@hotmail.com]
قبل أن يتوهّط بروف مامون علي كرسي وزارة الصحة ولاية الخرطوم كتب الكثيرون عن ما يجيش بخواطرهم ورؤيتهم المُستقبلية لهكذا تعيين لإرتباط شخصية بروف مامون الإستثمارية والتي أدركها العامة قبل الخاصة لسنين خلت، بل كتب حتي أهل الدثار من المؤتمر الوطني مُحذّرين السيد والي الخرطوم من مّجرد التفكير في تعيينه ، لأنهم حسب قولهم أن نيران جهنم ستّفتح علي السيد الوالي إن تم هذا التعيين، بل كانوا يّمنون النفس أن تكون تلك الأخبار حديث جرايد، ولكن خاب فألهم وبدا لهم ما كان يختبئ خلف الأكمة ، وبدأت نيران جهنم تلتهم حتي الوالي شخصيا فأصابه ما أصابه من لهيبها وأوار سعيرها وما زالت تلك النيران تفعل أفاعيلها، وندرك أن السيد الوالي قد صار في وضع لا يحسد عليه وليس هنالك مخرج من هذه المحنة التي ألمت بالصحة فأقعدتها عن رسالتها الإنسانية إلا الرجوع إلي قبيلة الأطباء والإستماع لوجهة نظرهم فهم كثر وهم يملكون من الحصافة والكياسة والفهم والوطنية والتجرد وهدفهم هو الوطن والمواطن أولا وثانيا وأخيرا، فهلا تكرم السيد الوالي بالوقوف مع الحق حتي ولو علي نفسه، أليس الحق أحقّ أن يُتبع،بل هم آلاف الأطباء وهم المناط بهم تنفيذ سياسة الولاية وليس بروف مامون حميدة، فالأطباء عصبة ومامون فرد، والأطباء قلبهم علي وطنهم ،ليس لديهم إستثمارات يخافون عليها وليس لديهم أطماع شخصية بل تجردوا وخدموا هذا الوطن شبرا شبرا من حلفا إلي نمولي ومن بورتسودان إلي الجنينة وكانوا وظلوا ومازالوا يجودون بكل ما يملكون، لا يملون ولا يتململون ويسهرون ويواصلون ليلهم بنهارهم ونهارهم بليلهم من أجل المواطن السوداني وهو في أسوأ الظروف – المرض-، فهلا جلست وإستمعت إليهم السيد الوالي؟ أليسوا هم رعيتك؟ أليس الشوري مبدأ إسلامي خالص؟ لماذا لا تجلس وتستمع إلي أفكارهم ورؤاهم في ما يختص بالصحة؟ إما أنهم أقنعوك بما يرون أو أقنعتهم بما تري، ونهاية الأمر هو مصلحة الوطن التي تعلو فوق أي إستثمارات ومصالح شخصية، ونعلم أنكم تملكون من الحصافة والكياسة ما تفرقون بين الغث والسمين ،وأحذروا السم في الدسم ، ومسئوليتكم تجاه الوطن وصحة المواطن تفرض عليكم أن تستمعوا إليهم اليوم قبل الغد،فهلا فعلتم؟
إن كل العاملين بالحقل الصحي والمواطنين يدركون منذ عقود خلت أن بروف مامون طرف أصيل في نزاعات وصراع الصحة إن لم يكن مباشرة فبالوكالة، والعاملين في الصحة يدركون أنها كيكة قد تم تقسيمها بين مجموعة فلان ومجموعة فلتكان ، فصارت تتنازعهم الأهواء الشخصية والمصلحة الذاتية من أجل الإمساك بزمامها فوصلت الصحة إلي هاوية السقوط وتدهورت الخدمات حتي تدخلت قيادة الدولة وأزاحت من كانوا يتصارعون علي إقتسام الكيكة، وعندها جاء كثير من المهنيين الوطنيين بحكم مهنيتهم وتجردهم في عهد دكتورة تابيتا بطرس فكان التطور والنمو والتنمية والتجرد، ولكن أطراف الصراع في المؤتمر الوطني لم تعجبهم تلك النجاحات وهي لاتخفي علي العين إلا تلك التي بها رمد، فبدأ مسلسل الضغط من جديد وبدأت اللوبيات والجماعات تفعل أفاعيلها ليس من أجل الصحة ولكن لتصفية حسابات علما بأن الطرفين هم أعداء ولكن وحدت بينهم معركتهم ضد قيادة الصحة في ذلك الوقت من أجل مصلحتهم ، فذهبت تابيتا وحسب الرسول وكمال عبد القادر، بل حتي أن فطنة ووطنية وتجرد الأستاذ عبد الله تية وزير الصحة وقتها أدرك أن هذا الصراع سيدمر الوطن وليس الصحة وحدها فتقدم بإستقالته ففرح الأعداء لأن الساحة قد صارت مرتعا لهم وحدهم من أجل إكمال لعبة تصفية الحسابات بينهم.
صراع الصحة هو صراع مصالح وهو صراع السيطرة علي الدواء بأي طريقة كانت فالغاية تبرر الوسيلة حتي ولو كانت علي أشلاءالزملاء أو الخوض فوق دمائهم، فعادت أصوات وشخصيات كان قد أُبعدت لإرتباطها بقضايا الأدوية وفاحت روائحها وتحقيقاتها حتي أزكمت المجلس الوطني.
نعم هنالك مجموعة تمترست في وزارة الصحة القومية ومجموعة تمترست في وزارة الصحة الولائية، وكنا نعتقد أن الهدف هو المواطن السوداني وصحته، ولكن إتضح أن الوطن لم يكن إطلاقا من أدبياتهم وفكرهم ، بل كيكة سمينة جدا كل منهم يحارب من أجل إمتلاكها كاملة، فهل نُعول وتُعوّل عليهم د. الخضر؟
من قبل أُنشيء مختبر مواز لمختبر المجلس القومي للصيدلة والسموم ، ولكن تم إلغاء سلطات هذا المختبر من أجل المصلحة العليا.
الآن أنشأ بروف مامون حميدة مجلس الصيدلة والسموم الولائي وجاء علي رأسه بطل مسرحية محاليل كور المشهورة ، إذا هو صراع الإسلاميين علي الدواء وكيكته ، صراع بين إسلامي الصحة القومية وإسلامي صحة ولاية الخرطوم ، صراع كيكة كاملة الدسم ليس من محتوياتها المواطن وصحته وعافيته، وليس من مكوناتها الوطن والعقل السليم في الجسم السليم؟
كثير كانوا يعتقدون أن مقام بروف مامون أكبر من وزير صحة ولائي، كيف لا وهو قد كان مديرا لجامعة الخرطوم أعرق جامعة في أفريقيا، ولكن نقول أن الرجل يُقدّم مصلحته الخاصةعلي أي مصلحة سواها، وفي سبيل ذلك لا يتواني في أن يتقلد أي منصب طالما يمكن له أن يحقق عبره مصالحه ، بل أنظروا له ومنذ أن تسنم هذا الكرسي ماهي المصلحة العامة التي عمل من أجلها؟ يتباكي علي المهمشين والأطراف !!ذكر أن 75% من الأطباء لا يمرون علي مرضاهم؟ ولكن ماذا عمل من أجل ذلك؟ ذكر أن حوافز الطبيب تفوق العشرة مليون!! هل يمكن أن يأتي بكشف الأسماء؟ ذكر أن الهجرة لا تسبب له إزعاجا بل أن العدد كافي وزايد!!نُطالب بكشف يوضح عدد الأطباء العاملين ضمن كشوفات صحة ولاية الخرطوم كما ونوعا؟ والآن يُعلن عن حوجة الوزارة لإطباء؟ تناقض ليس إلا؟
فيما يختص بإنشاء مجلس ولائي للصيدلة والسموم ، نقول إن إنشاء مثل هذا المجلس إن كان من أجل تجويد مهنة ورسالة الطبيب الصيدلي والإشراف والرقابة علي الصيدليات فلا مانع ، ولكن إن كان الهدف هو سلب سلطات وإختصاصات المجلس القومي للصيدلة والسموم فهذا ما لايقبله منطق ولا عقل ولاالقانون الإتحادي ، بل إنه يصب في ماذكرناه سلفا وهو محاولة السيطرة علي كل الكيكة فيما يختص بالأدوية والمستلزمات والمستهلكات الطبية ومستلزمات التجميل، وهذا شأن قومي قانونا ودستورا، بل إن وزارة الصحة قالت إنها ستُقيم الدنيا ولن تُقعدها في هذا الأمر، علما بأنها لم تتحدث ولم يوءثر فيها قرار أيلولة المستشفيات.
إن القانون مع وزارة الصحة القومية فيما يختص بالأدوية والسموم ،فهل تنحاز الدولة إلي القانون أم أن مراكز القوي لها رأي حتي في القانون، والمسألة مُرشّحة لتسونامي إذا لم يتدخل صوت العقل الذي غاب عن الصحة كثيرا،
نختم فنقول، إن المجلس القومي للصيدلة والسموم قانونا ودستورا هو المسئول عن تسجيل الأدوية والمستلزمات الطبية ومستهلكات التجميل وتسجيل المصانع ،كما هو مسئول عن جودة تلك الأصناف ومطابقتها للمواصفات العالمية وأمنيتها للإستعمال وفعاليتها ، ولكن في وجود مافيا الأدوية يمكن إدخال المغشوش والمنتهي الصلاحية وفاقد المأمونية بل والضار بالمواطن ، ولهذا فيبقي الهدف الأوحد هو المواطن وصحته وعافيته ، وخلافات إقتسام الكيكة تبقي تتستر خلف ضمير مات ، وعندما يموت الضمير تتعفن الجته وتتنتن ويفر منها حتي أقرب الأقربون.
دول الجواركلها لها جهة واحدة مسئولة عن السياسة الدوائية والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل تسجيلا وإستيرادا ومواصفات وجودة وتفتيشا ورقابة ، أنظروا إلي مصر والسعودية وإنجلترا وأمريكا (الأدوية والأغذية).
إذا سُمح لولاية الخرطوم إنشاء مجلسها فكيف سيكون الأمر لباقي الولايات، وكيف يمكن السيطرة علي سوق الدواء، وعندها سنقول : دُقي يا مزيكة وعلي الوطن السلام مع إنشاء صيوان للعزاء علي صحة المواطن وعافيته، وليفرح إسلاميو القومية وإسلاميو الولائية لأنهم قادوا تايتنك صحة السودان وعافية المواطن إلي قاع البحر وريسين غرقوا المُركب، فقط أين توطين الضمير؟؟؟؟؟
يديكم دوام الصحة وتمام العافية والشكر علي العافية