مجموعة كرتي و الآخرين، لا كرامة للموتى كما كرامة للأحياء!!

 


 

 

بعد ثورة ديسمبر و "ماسمي بانحياز الجيش" تغيرت بعض الأمور في الحكومة.. أما إسلوب عمل اللجنة الأمنية و المكون العسكري فلم يتغير فيه شئ،حاولت اللجنة الأمنية تبرئة الجيش و القوات النظامية كلها من كل إخفاقات (١٩٨٩-٢٠١٩م) و تصوير قادة اللجنة الأمنية و كأنهم "سوار الذهب" الذي نسجت حوله هالة عن زهده في السلطة و الحكم.. في حين أنه بمنطق الأشياء ثبت أنه كادر حركة إسلامية و ظل لعدة عقود يدير منظمة الدعوة الاسلامية التي تمثل الجناح الطوعي للجبهة الاسلامية، كما ختم حياته بترأس لجان اعادة انتخاب البشير في ٢٠١٠ و ٢٠١٥م و لولا وفاته إلى رحمة مولاه و تغير الأمور لترأس لجنة دورة ٢٠٢٠م، لم تحدثنا اللجنة الأمنية عن إختراق الجبهة الاسلامية للجيش و تحويله لجناح عسكري للحركة الإسلامية بنسبة كبيرة!
بل و من الواضح إن اللجنة الأمنية لا تزال تعتمد مشورة كوادر سياسية من التنظيم الإسلامي "مدنيين و أمنيين".. من الواضح أن القيادي بالمؤتمر الوطني علي كرتي "الذي يشاع بأنه يقيم بالداخل في حماية المكون العسكري، إذ لم ينكشف له أي وجود بالخارج!" مسؤول عن قرارات عدة أقدم عليها المكون العسكري "فض الاعتصام". اما بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م فقد عادت كل الأمور إلى ذات ما كانت عليه قبل ١١ ابريل ٢٠١٩م علي كل المحاور... !!!
كما أن القادة الانقلابيين ينصتون لصلاح قوش و أخرين ينصتون لمدير مكتب البشير السابق و الذي تحول في الفترة من ٢٠١٤- ٢٠١٨م إلى الحاكم و الرئيس الفعلي للدولة و المؤتمر الوطني و المتحكم في الشأن العسكري و الأمني، و من الواضح أن أسهم طه الحسين هي الأعلي من بين جميع قادة المؤتمر الوطني المتداخلين بحكم اعتماده علي "أصدقاء اقليميين وازنين و ممسكين جيداً بالعديد من الملفات الأمنية و العسكرية، و ينفقون انفاق من لا يخشي الفقر" و هو يحرك الخيوط من علي البعد و ربما من خلال زيارات خاطفة و لقاءات في الداخل أو من مقر عمله بديوان ولي العهد السعودي ! .. لكن مجموعة كرتي و الآخرين مضطرين للتعامل مع طه الحسين تماماً كما فعلوا في الفترة من (٢٠١٤-٢٠١٨م) !!!!
-------------------------------
الإرث الخالد، يوم أن كانت الخرطوم ضمادة النكسة .. لست بحاجة للتذكير بمساعدات السودان لمقاتلي حركة التحرير في انجولا والدول الأفريقية ويكفي القول بأن جميع اعضاء هيئة أركان الجيش ممن يحكمون الآن في أنجولا قد تلقوا تدريبهم في الكلية الحربية السودانية . الرئيس الانجولي نيتو - أول رئيس لدولة انجولا بعد استقلالها وقائد الجبهة الشعبية لتحرير انجولا. يعيب علينا البعض في أن دفاعنا المستميت عن قضايا يعتبروها حالمة ، أو دعونا نقل بسبب رؤيتهم القاصرة و البسيطة لتعقيدات الموقف ، وبكل تأكيد فإننا لا ننظر إلى السودان وفق رؤيتهم الليبرالية العاجزة ، والتي لا ترى فيه الا دولة بسيطة توفر الخدمات البسيطة و الملهاة ذات التصور الليبرالي للدول. بل نقف في رؤيتنا هذه على إرث سياسي ضارب في جذور المؤسسة السودانية السياسية و العسكرية أيضا ، وهو ما نجده في دفاتر التاريخ السياسي للسودان وعلاقته الخارجية ، في عمقه العربي و الإفريقي.
كانت وضعية السودان حينها ، انه ارض محايدة سياسيا بين الانظمة العربية ، وخصوصا في ظل وجود بؤرة مركزية شمالا في مصر ، وبداية تشكل بؤر اخرى تعتمد على النفط كما السعودية. إن دور السودان بعد النكسة يعتبر منسي عن وعينا السياسي خصوصا هذه النخبة الحالية التي تقف في المشهد السياسي ، كذلك دور السودان العسكري غائب عن القيادات العسكرية ، ودور السودان العسكري في تلك الفترة يعتبر مهم ، في تحوله من المعسكر الغربي إلى الشرقي.
ولربط أكثر للأحداث فإن في ذات الفترة التي كانت تتواجد القوات السودانية في مصر ، و الخرطوم تلعب دوراً مكوكياً في لملمة الأطراف العربية ، تخرج الجارة أثيوبيا في ‏الرابع من يوليو ٧ ١٩٦بقوات مكونة من ٦الف جندي لتتوغل داخل أراضي السودان الشرقية لمسافة (٣٠ )ميل حسب (وكالة الصحافة الفرنسية). إذن فإن مواقفنا السياسية الحالية ينبغي أن تستند إرثنا الخالد ، يجب أن نستدعيه من أجل قيام نظرية سياسية و ممارسة عملية تكون بوصلة للدولة السودانية في عمقها العربي و الافريقي ، و سيعود السودان ليلعب دوره الافريقي و العربي مجددا كما كان وأكثر.
أخر الهدوووء:-
- مايحدث داخل مشرحة بشائر أمر يفوق ،في السودان لا كرامة للموتى كما كرامة للأحياء !!، الجثث ملأت المشارح وفاحت الروائح ..علي أرض المشرحة جثة ..وداخل المكاتب المخصصة للأطباء ومساعديهم تتكوم الجثث ..بعضها فوق بعض .. الرائحة تزكم الأنوف . رائحة الموت والإهانة للإنسان السوداني حيّاً وميتاً .. الأمر في غاية البساطة ويعلمه أطباء الطب العدلي ووكلاء النيابة، فقط يتطلب أخذ عينة من ال( الحمض النووي دي - ان - اي) للميت مع صورة فوتوغرافية متعددة وتوضع في ملف خاص بالمتوفي ثم يدفن . ليس هنالك سببا واحدا لبقاء هذه الجثث بالمشارح طالما تم تحديد أسباب الوفاة واخذ العينات المطلوبة بحيث تتطابق مع أرقام المقابر التي ستدفن فيها لنبشها مستقبلاً إن استدعى الأمر ذلك . يمكن في اي وقت ظهر أهل المتوفي تبقى الصور موجودة و الفحص موجود..لكن ماذا بعد أ تشوهت الجثث و تحللت الملامح.
- أصبحت لعبة البرهان واللجنة الأمنية( اللعبة الجديدة) واضحة تماماً، بعد أن سربتها أذرعه الإعلامية وخبراء الانقلاب الإستراتيجيين، تعميق الشرخ بين مجموعة قوى الثورة وكل المجموعات المعارضة لانقلاب 30 اكتوبر وقوى الحرية والتغيير خاصة، عبر حوار مصطنع للتشتيت، ولمحاولة تعويم النظام الانقلابي وشرعنته، واستعادة زخم جزء من(قطيع) جماعة الموز المفقود، مشكلة البرهان لو يعلم أن ثقة الجميع به تلاشت، وكما تقول الحكمة : كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟!
- في هذه الأيام بالذات لا يصلح أن تقف مما يحدث موقف الحياد، إن كان مقبولاً في زمان مضى فليس بمقبول الآن، خذ مكانك واحترق بموقف صريح ناصع، أيّاً كان هذا الموقف، وتحمل مسؤوليته بشجاعة، اللعب على كل الحبال سيوردك موارد الهلاك، والهلاك هنا معنوي، إذ أنّ الرمادية لن تعود عليك إلا بخسارة نفسك وربما احتقارها، لا تستحي من انحيازك وجاهر به حتى ولو كان رغبة حقيقية في لعن الأفعال وما أسفرت عنه، تحمل المسؤولية ولو لمرة واحدة في حياتك، وإن لم يقُدك عقلك لموطئ قدمٍ تطمئن إليه، و إِلْتَبَسَ عليك الأمر، فاستفتي قلبك واستهدي بحدسك.
- قلت لصديقي : لماذا لا يصيح ديككم ؟ قال : اشتكى منه الجيران لأنه يوقظهم ، فذبحناه ، هنا فهمت أن كل من يوقظ الناس من سباتهم على امتداد التاريخ هناك من يريد قطع رأسه ، في حياتنا يتداول الناس اسم الدجاج ولا أحد يذكر الديك ، يفكر بمن يملأ بطنه ولا يفكر بمن يوقظ عقله وفكره.
- "مشكلتنا في الثورات ، أننا نطيح الحاكم ونبقي من صنعوا ديكتاتوريته ، لهذا لا تنجح أغلب الثورات ، لأننا نغير الظالم ولا نغير الظلم". ( علي شريعتي)

mido34067@gmail.com

 

آراء