محاولة صلح محفوفة ( بالظن ) بين الحراز والمطر – جمال فرفور مثلاً . بقلم: عادل عبد الرحمن عمر

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

افق اخر


-1-
الخصام " النكد " بين العسكر والمثقفين ، قديم جداً ، وله تداعيات خارجية ، وإرث معتق ، لا علاقة له بالسلطة الحاكمة في السودان ، رغم أن القوات المسلحة ، فصيل وطني كامل الدسم ، وليس أدل على ذلك من انها تبذل الدم رخيصاً دون ذرة من ذرات تراب البلد .
الموقف هذا " نفسي " في المقام الأول ، ( وبرستيج ) في واحدة من تداعياته ، الا انه في حالة جهاز الأمن والمخابرات ، أشد وأكثر مرارة ووضوحاً معه أنه قديم ايضاً ، قد يقلل منسوب التوجس كثيراً بين نظرة المثقف للامن منه للقوات المسلحة وهذه النظرة ليست وليدة الظرف التاريخي الحالي ، انما امتداد لرؤية عتيقة ، منذ الحروب العالمية الى الحرب الباردة ، مروراً بحكايات ، وهواجس وقصص خيالية أدناها بيوت " الاشباح " .
الرسالة التي كتبها الصديق المبدع طارق الأمين ، للفنان الموهوب جمال فرفور إثر اعتزاز الثاني بإنتسابه لجهاز الأمن والمخابرات ، حيث تعرض طارق الأمين ، للمشكلة ( الازلية ) بين الفن والسياسة عبر التاريخ الانساني ، خاصة في علاقة الفن بالدين و الاشكاليات والالتباس في كثير من الاحيان بينهما .
علماء الاسلام لم يجتهدوا كثيراً في فك الاشتباك بين الدين والفن ، وتُرك هذا المجال واسعاً لمقولات جاهزة ، وأحكام تميل الى سد الذرائع ، بينما الحوجة الحقيقية ، تحتاج الى اجتهاد نوعي لاحداث تغيير نمط التفكير تجاه فعل انساني راق يفتح شهية تطور النسق البشري كله للخير والجمال والحق .
عموماً .... بالنسبة للحركة الاسلامية السودانية ، اول اجتهاد جاد وحقيقي انتجه الدكتور حسن الترابي حين قدم محاضرة وافية عن " الدين و الفن " فتحت الباب واسعاً  لاجتهادات لازمة لتجربة الحكم الاسلامية في بدايتها ومن ثم تطوراتها في الفعل الثقافي اليومي على مستوى العمل اليومي ، والتخطيطي لامد بعيد !!!
-2-
ما كتبه الصديق طارق الامين ، للمبدع جمال فرفور ، إنصب في مجمله على ممارسات جهاز الامن مع المناشط الفنية المشتغلين في هذا المجال غالبها شائعات او ممارسة فردية او تجارب البدايات عفا عنها الزمن ، مع تطور التجربة الاسلامية في التعامل مع الفعل الثقافي والفني عامة .
أما بشأن انتماء الفنان جمال فرفور لجهاز الامن في تقديري أنها دليل ساطع على انفتاح الجهاز لتلك الجهة الفاعلة من المجتمع ، ودلالة أخرى لإزاحة حالتي الريبة والتوجس المكتسبة من أزمان غابرة .
لا اعتقد أن حاجة جهاز الأمن للفنان جمال " فرفور " مختصرة لجمع معلومات عن زملائة الفنانين تلك سطحية في الرؤية مثيرة الضحك رغم ان طارق الامين لم يتعرض لهذا الموضوع.
اعتقد ان انتساب " فرفور " ينم على " انفتاح " كامل من الجهاز لكل السودانيين ، غير أنه يقع في حيز تعزير الثقة في هذه الفئة من المجتمع ، التي ربما ينظر لها البعض أنها أبعد عن تلك المؤسسات الوطنية الملتزمة .
ثمة تعميم مخل لمحاربة جهاز الامن للعمل الثقافي ، يطفح من الرسالة المكتوبة ، في تقديري أن لا علاقة مباشرة بين الجهاز  وهذا الفعل المبدع لقد تطور اهتمام الحكومة بالعمل الثقافي حثيثاً ، حتى صار المسرح الذي اشار طارق الامين ، أحد انجازات الحكومة من حيث التوسيع في بناء وافتتاح مسارح غير الثورة التشكيلية الواضحة على شارع النيل وحديث الرئيس في تعظيم دور الثقافة في الوحدة الوطنية والسلام وتعزيز التعايش ... غير أن جهاز الأمن نفسه وفي وقت ما حاول تكسير ارتال عدم الثقة بين المواطنين والجهاز ، يفتح ابوابه وازالة الغموض الذي يحيط بمؤسساته قاطبة والاقبال على الجهات ومؤسسات المجتمع المدني ، تحقيقاً لشعارات أن الأمن مسؤولية الجميع ، وان هذا الجهاز الوطني الحساس يخدم الدولة وليس الحكومة الحالية او اي حكومة لاحقة او قادمة .. هذه هي الرؤية الصحيحة ، والتي اذا اختلت ضاع الامن الوطني كله.
ما يختص بشأن الحفاظ على الحكومة من مشروع الامن ضئيل للغاية مقارنة بمنظومة الامن الاستراتيجي لوطن تنتاشه المؤامرات من كل صوب وتترصده العيون الجائعة لموارده من كل ناحية ، غير الازمات الداخلية الحقيقية من تمرد على سلطان الدولة بحق او بدون حق في كثير من الاحيان .

-3-
رسالة الصديق " طارق الامين " للفنان المبدع " جمال فرفور " ليست ضارة في مجملها بل في معظمها تحريك لعمل " راكد " من اجتهاد وفكر ، يعمل على تثوير الفعل الثقافي ، وتجيّره لصالح قضايانا الوطنية ... هذا يعني بالضرورة عدم تدجينه لصالح نظام او حكومة ، بل لصالح المقتضى الوطني الذي يحتاج من  مثقفيه ان يرموا بثقلهم لابعاد المخاطر .
ثمة قضية قانونية اثارها طارق الامين في رسالته ، عن مخالفة جهاز الامن للدستور وهذه لا استطيع ان اقضي فيه تماما غير ان " الجهاز " في بلد مزدحم بالدسائس والمؤلمرات والتمرد ، يعمل في ظروف استثنائية وفقاً للدستور والقانون .
في تقديري ان الرسالة قد تحرك ساكناً فكرياً ، بين مقتضى الحرية ، وضرورات الامن الوطني ... وهذا هاجس الحركة السياسية في كل البلاد ،  والمؤتمر الوطني الحزب الحاكم ، الذي يُعنى بالاصلاح بالنسبه له هذه قضية محورية !!!
سلام للصديقين " طارق " و" جمال " ونصيحتي للاول ان يتعامل مع تلك الاجهزة الحساسة بالكثير من الحذر لان " الشمارات " والاقاويل كثيرة ومتداخلة ، والعالم يتربص لنا بالواحدة ، أقدر لطارق حرصه على القانون الذي درسه ، ولكن بالنظر لما يجري في " غزه " القانون الدولي له مكيالين يا صديقي !!

معتصم في الفردوس الاعلى
الراحل معتصم عبد الرحيم من ابناء الحركة الاسلامية الافذاذ عمل في ارفع المناصب ، ثم لم يستنكف في استلام مهام تنفيذية ادنى ... هو جندي كامل الاخلاص ، نسأل أن يتقبله في الجنان العليا عند الفردوس بأذن الله

رحل الكمان
الرائع الراحل " محمديه " الذي دخل افئدة السودانيين بمحبة وافرة حتى صار رقماً صعباً في الموسيقى السودانية رحم الله رحمة واسعة بقدر ما قدم من شدّو جميل .


is582@windowslive.com
/////////

 

آراء