محجوب شريف، شاعر الصمود بلا منازع: صفحات من مذكراتي

 


 

صدقي كبلو
4 April, 2014

 





إن الشخص منا معشر المعتقلين على أيام نميري، لينظر للوراء ويستعيد الذكريات ويسأل نفسه كيف كان يكون المعتقل بدون بعض الزملاء والزميلات الذين جعلوا المعتقل محتملا إما بصمودهم نفسه أو بحكمتهم وقدرتهم على امتصاص الغضب والحزن ومواجهة المشاكل العامة والخاصة للمعتقلين أو بقدرتهم التنظيمية في تنظيم حياة المعتقلين كلجان المفاوضات، لجان الطعام والكميون، اللجان الثقافية ولجان المجلات الناطقة ولجان الاحتفالات بالأعياد الوطنية والثورية والدينية، أو كيف كان يكون المعتقل بدون وجود بعض المبدعين من الفنانين والشعراء والممثلين ومخرجي المسرح والمعلمين في كافة مجالات المعرفة.  ولكن يظل السؤال الخاص جدا ماذا كان سيكون المعتقل لو لم يكن محجوب شريف وشعره يرفرفان على جو المعتقل في الحفلات وعند الترحيل وعند وداع مطلقي السراح؟ محجوب كان حاضرا في كل المعتقلات حتى وهو غير معتقل فلمحجوب رواة شعره ولمحجوب أناشيده المغنى والملحنة داخل المعتقلات.

التقيت محجوب شريف أول مرة مع صلاح العالم وعمر الدوش أمام ميدان سينما برمبل بأمدرمان (البوستة) عام 1970 وكنت قادما حينها من الجنوب بعد الاشتراك في معسكر الجبهة الديمقراطية بواو وهو أحد ثلاث معسكرات أقامتها الجبهة الديمقراطية بالجامعات والمعاهد العليا لدعم قيام حركة ديمقراطية في الجنوب في كل من واو ملكال وجوبا. وعندما عرفني صلاح بكليهما، قلت لمحجوب لقد قضينا وقتا طويلا في واو نتناقش في: حارسنا وفارسنا واتفقنا كم هي جميلة وشاعرية وكيف أن في شاعريتها وجمالها خطورتها لأن معانيها انقلابية وتسئ لنضال الشعب وقواه الثورية فنحن لم نكن ننتظر مايو ولا نفتش عنه "كنا زمن نفتش ليك وجيتنا الليلة كايسنا" فضحك ثلاثتهم وقالوا لقد كان ذلك موضوع نقاشهم على الغداء عند صلاح العالم ومن يومها أصبحنا أصدقاء. ولم يكن محجوب يومها شيوعيا.

وتعددت لقاءاتنا بعد ذلك ولكنها تكثفت في الفترة بين أبريل 1971 ويوليو 1971 حيث كنا نلتقي كثيرا إما عند صلاح العالم أو في الأمسيات الثقافية التي تعج بها أم درمان وأنديتها الثقافية التي كان يدير معظمها إتحاد الشباب السوداني. وهذه هي القترة التي كتب فيها محجوب  قصيدة لا أذكر اسمها ولكنه يقول فيها يا مايو لا أو لا حارسنا  ولا فارسنا ، وكتب فيها قصيدة كنت أحبها وأرددها في المظاهرات والندوات وأتذكر منها:

الشعب كتاب نقرأ فيه
نتعلم منه
كي نجتاز دروب التيه

ولأنه أصل الأصل
القول الفصل
والد جيل
منه أنا وبه أعتز
تهتز الأرض  ولا يهتز
جيل قيامة
عليه علامة
جيلي جيل الحرية
جيل يكبر يوميا
جيل يمتد بعرض الأرض
كمنشورات ثورية
جيل يمتد بعرض البحر
كشلالات نارية
وطريق جهنم أن تختار طريقا لا يمشيه
وطريق جهنم أن تختار طرقا لا يمشيه


ثم جاءت يوليو وكان اللقاء الشهير بين وردي ومحجوب الشريف الذي استضافه المذيع الممتاز ذو النون بشرى وقدم فيه محجوب ما دوامة وقدم وردي نشيد حنتقدم.

وكان طبيعيا أن يعتقل محجوب شريف بعد انقلاب 22 يوليو المضاد وعودة الديكتاتور نميري. ولكنه أخذ بعيدا عن أغلبية المعتقلين المكتظين في السرايا لقسم اسمه المدرسة كان من بين معتقليه الأستاذ جوزيف قرنق، قبل أن يساق بليل للشجرة ثم للمشنقة، والأستاذ المرحوم عبد العظيم حسنين (رئيس سابق لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم). وكان أن سرب لنا من المدرسة قصيدته الرائعة

يا شعبنا
يا والداً أحبنا
يا من وهبت قلبنا
ثباتك الأصيلا

إليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
إليك من زنزانة تخاصم الفصولا
إليك رغم أنف كل بندقية
وطعنة شقية
وحقد بريرية
إليك الحب والسلام والتحية
إليك يا حبيبنا وبعد
أدبتنا
أحسنت يا أبي
فلم نتابع الهوى
لكنما قابيل ما أرعوى
كالذئب في حظيرة عوى
وكم غوى
وتابع الهوى
وتاه في الأنا
أراد للدماء أن تسيلا

ونحن مثلما عرفت يا أبي
بفضلك الكريم
من أشرس الرجال حينما نقاوم
نموت لا نساوم
ندوس كل ظالم
ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
ومن هنا
أبناءك الرفاق أقسموا
فصيلة فصيلة
أن يثأروا لحرمة الأمومة الجليلة
لطفلة جميلة
تنفست قليلا
تمددت قتيله
رصاصة في قلبها
وطعنة في جنبها
ولم تعش طويلا

لكنما
مليون مثلها سينجبوا
النضال يا أبي حقيقة

وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
عيونهم أشد من عيوننا بريقاً
صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا
سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا



محجوب شريف ودخولي الحبس الانفرادي للمرة الأولى
من بعد ظهر يوم في أغسطس 1971 فتح باب السراي وصاح الرفاق محجوب شريف، أسرعنا جميعا من كل العنابر لنستقبل محجوب معتقدين أن محجوب شريف قد تم تحويله من قسم المدرسة إلى السرايا، بينما الجميع يعانق ويسلم، قال محجوب أنه أتى من زيارة ويبدو أنهم أدخلوه خطأ، فقاده بعض الزملاء لعنبر 7  في الطابق الأول من السراي وألتف الجميع ولكن الفرحة لم تتم فسمعنا الصفارة وقالوا تمام ولكن الوقت كان مبكرا للتمام فالسجن يقفل في حوالي الرابعة بعد الظهر.

نزلنا جميعا لنصطف للتمام فإذا بشاويش السر ينادي محجوب ويصطحبه خارجا به من السرايا تاركنا مصطفين خمسة خمسة في إنتظار التمام. كانت ظهيرة أغسطس حارة تحرق وقفنا ووقفنا ولم يأت التمام فقررنا العودة لعنابرنا. وما أن إستقر بنا المقام حتى سمعنا الصفارة مرة أخرى، فنزلنا غاضبين، وأصطففنا من جديد خمسات للتمام وجاء شاويش السر وأخذ التمام فتصديت له متسائلا لم تركنا نقف لنصف ساعة من قبل بينما هو كان يريد محجوب شريف فأحتد معي ورددت عليه بنفس الحدة قائلا ينبغي أن يحترمنا كبشر ويجب ألا يتركنا نقف تحت الشمس لنصف ساعة  فطلب خروجي للمكتب. والشاويش السر (الذي ترقى بعد ذلك لصول) هو من عساكر السجون الذين إنضموا للإتحاد الإشتراكي وكان يعرف بيننا بأنه من عناصر مايو المخلصين. وعند خروجي للمكتب قدمت للضابط النبطشي وكان خريجا جديدا وهو أول دفعته إسمه أبنعوف، فتحدث معي في لغة جافة سائلا لماذا أعمل مشاكل، فقلت له يبدو أنك وصلت لحكمك قبل أن تسألني ما حدث؟ فقال متهكما "انت مفتكر نفسك وين؟ في محكمة مدنية؟ إنت هنا في سجن والعسكري دائما صحيح وإنت بتحاول تحرض المعتقلين" قاطعته قائلا "هذا غير صحيح!" فقال هائجا "ما تتكلم إلا أذن ليك إنت عارف أنا ممكن أعمل فيك شنو؟" فأستفزني ذلك فقلت "يعني حتعمل أيه؟ حتوديني الزنازين يالا وديني" فقال هائجا "ما حتشوف الشمس أبدا" فقلت ليه، وقد استعدت هدوئي فجأة "إنت فاكر نظامك ده حيقعد إلى الأبد"  فصاح في هياج "أرميه في زنازين  الإعدام" فأخذوني في رتل من العساكر كأني مجرم حرب إلى زنازين الإعدام وطلبوا أن أخلع نعلي قبل الدخول ثم أغلقوها وذهبوا. وفد إلتقيت الضايط أبنعوف بعد ذلك وتذكرنا تلك الحادثة وضحكنا كثيرا.

كانت زنازين الإعدام مجاورة للمشنقة وهي زنزانتان يحول لهم المحكوم بالإعدام قبل 24 ساعة من إعدامه وتوجد بالقرب منهم غرفة كبيرة بها ماسورة مياه تستعمل لغسيل الأموات وهي من الزنازين القلائل التي تفتح شرق و شباكها يطل غربا، بمعنى أن الشمس تدخلها طوال النهار (الزنازين الأخرى التي تفتح شرق غرب هي زنازين الشرقيات وهي مجموعة من عشرين زنزانة  في صفين يفتحان على بعضهما وبينهم حوش ضيق كنا نسميه حوض السباحة وقد عشت في تلك الزنازين مرات عديدة كما ستجد في هذه الذكريات في مكان آخر)

قضيت الليل نائما كما لم أنم منذ دخولي المعتقل وصحوت على صوت الباب يفتح للتمام والعسكري ينقر على زنزناتي حتى أنهض فيتأكد أنني ما زلت حيأ، وكان السجن يفتح في الغالب بواسطة الصول لوج (وهو شخصية مدهشة سأحدثكم عنها) وبلوك أمين السجن (وهو عسكري كاتب وكان إسمه عبد اللطيف وهو شخص مهذب ولطيف) وشاويش القسم فلكل قسم شاويش مسؤول عنه (وكان القسم الشرقي هو الوحيد الذي يديره أمباشى أو عريف هو أمباشى سيداحمد والذي ترقى لشاويش بحكم معاملته القاسية للمعتقلين ولكنه كمعظم من في كوبر تحسنت معاملته عندما تكرر تردد المعتقلين).

وبعد إنسحاب تيم التمام جاءني عسكري القسم وكان إسمه "عجب سيدو" وكنت أناديه "عم عجب". جاء عم عجب  وهو يحمل  شاي في كورة (والكورة كما قال أستاذنا الكبير محمد محجوب شورة هي أعظم إكتشاف في السجون ففيها تأكل وتشرب الساخن والبارد) وفتح لي الباب وطلب مني أن أذهب للحجرة المجاورة لغسل وجهي وعندما غسلت وجهي ناولني كورة الشاي فأعتذرت شاكرا أنني لا أشرب الشاي فلامني قائلا في هذا الجو الممطر (وكانت المطرة قد نزلت مساءا وما زال هناك بعض الرزاز) لا بد لي أن "اتقوى بشئ ساخن" فلما رفضت قال بحزم "حرم تشربه" فنزلت عند رغبته وأخذت الكورة منه وسألته "الجماعة ديل كانوا هنا" فقال دون أن يسأل من أقصد "نعم" فقلت حضرتهم كلهم فقال "لا أنا حضرت الشفيع فقط الله يرحمه" فقلت كان كيف؟ فقال ورنة حزن في صوته "عايزو يكون كيف يا والدي راجل حياته كلها بيعمل البيعمل فيه تفتكر ما توقع موقف مثل هذا" ثم دمعت عيونه وأسرع خارجا دون أن يغلق زنزناتي وعاد بعد خمس دقائق بعد أن تماسك نفسه وأخذ الكورة وأغلق الزنزانة.

وحوالي العاشرة صباحا جاء عم عجب ليصطحبني للمكتب ووجدت أمباشي سيدأحمد في إنتظاري عند بوابة الشرقيات وصرف عم عجب وأخذني هو لمكتب حكمدار السجن وكان العقيد البشير مالك وكان يقف إلى جانبه الملازم أبنعوف فطلب مني البشير أن أحكي ما حدث ثم قال لي خطبة عن طاعة التعليمات في السجن وأبلغني قراره بحبسي أسبوعين في الحبس الإنفرادي. فعدت إلى زنزانتي لأقضي العقوبة.

قضيت باقي اليوم وأنا احاول أن أتذكر بعض معلوماتي الإقتصادية فأخذت قطعة حجر صغيرة من أرض الزنزانة المتهالكة وبدأت أستعيد نموذج كينز الإقتصادي من خلال معادلاته ورسومه البيانية وشعرت بصفاء ذهن لم أشعر به منذ وقت طويل ثم سرحت أستعيد ذكريات الشهر الأخير وبدايات قصص لم أكملها (كنت حينها أحاول كتابة القصة القصيرة) ويومه ألفت قصة ظللت أرويها شفاهة حتى قال لي كمال الجزولي بعد سنوات في معتقل جمعنا أن تلك تجربة جديدة القصة القصيرة المروية وإنها استفادة من تراث الحكاوي السودانية.

وقبل مساء ذلك اليوم إذا بباب حوش الزنازين يفتح ويدخل شخص وسيم الطلعة في ملابس نظيفة وقفل في الزنزانة القريبة مني. وصحت مناديا بعد خروج العساكر "مرحبا أنا صدقي كبلو فمن أنت؟ فقال "أهلا كبلو أنا السر النجيب" وبدأنا نحكي لبعض وأصبحنا أصدقاء من يومها، بل أنني أصبحت صديقا لكل عائلة النجيب.

بعد يوم جاءوا وأخذوا السر إلى السرايا فترك لي ساعته حتى أستطيع معرفة الزمن. ومكثت يومين قبل أن أشهد حركة غير عادية في القسم وأمباشي سيد أحمد يدخل ويخرج فعرفت أن شيئا ما سيحدث. وفعلا دخل رهط من الضباط عرفت من بينهم العميد محمد عوض الله مدير السجن (القومندان) والعقيد البشير مالك حكمدار السجن والرائد عثمان عوض الله المأمور وشخص آخر في رتبة عميد لم أعرفه حينها وعرفت فيما بعد أن اسمه ميرغني أبو الروس وهو نائب مدير السجون. فقال الأخير وإنت مالك هنا فقلت "مسالة غير مهمة المهم إني طالب بجامعة الخرطوم وأريد أن أجلس للامتحانات" فقال "وكمان طالب افتكرت رباط" ثم تغيرت سحنته وبدأت عليه الجدية والاهتمام وسأل القومندان "عندكم طلبة كثيرين هنا" فقال القمندان "أربعة أو خمسة" فقال أبو الروس لعثمان عوض الله المأمور "أخذ أسماء كل الطلاب وكلياتهم وسنينهم الدراسية وأرسلها لي" فقال عثمان "حاضر أفندم".

وبعد يومين تقريبا جاءوا وأخذوني لقسم الشرقيات للتحضير للامتحانات وأحضروا من السرايا الخاتم عدلان وكمال عطية ومن كوستي محجوب عباس وحمودة فتح الرحمن ومن الأبيض النور ماو وميرغني شمس الدين وميرغني الشايب (وكان محكوما بالسجن لهتافه ضد نميري عند زيارته للأبيض) وعوض السيد الكرسني والطيب الأمين والأقلع وزميل إسمه آدم  ومن الجنوب جورج ماكير وزميل اسمه أروب.



النقل لحوش الطوارئ مع وردي ومحجوب شريف
وبمجرد أن انتهينا من الامتحانات تم نقلنا لحوش الطوارئ (والذي أسمي فيما بعد بميدان العدالة الناجزة وكانت تقطع فيه الأيادي وتم فيه إعدام الأستاذ محمود محمد طه). وكانت مجموعتنا أول الذين وصلوا فبدانا نحاول استكشاف المحل ومعرفة موقعه من خريطة السجن فجرينا نحو الأبواب فاكتشفتا أنه يجاور الزنازين البحرية من الشرق والكرنتينة ب   و ج من الجنوب والمديرية من الغرب، وكانت البحريات مخصصة للمحكومين بالإعدام حتى يأتي تأكيد حكمهم أو ينقض الاستئناف الحكم ولكن في تلك الأوقات كان بها مجموعة من المناضلين خرجوا لنميري عندما زار السجن وطلب أن يخرج له الشيوعيون فخرج له:

عبد المجيد النور شكاك
صلاح مازري
مصطفى أحمد الشيخ
الرشيد نايل
محمد خلف الله
سعودي دراج
الحاج عبد الرحمن
حسن قسم السيد
عوض الصافي
عوض شرف الدين
إبراهيم الشيخ


وكانت الكرنتينة ج بها بعض معارضي الجبهة الوطنية والأخوان المسلمين والجدير بالذكر أن معاملتهم كانت أفضل من معاملة معتقلي يوليو.

بدأت المجموعات تتوافد فجاء من السرايا ومن المدرسة كل من:

مولانا صلاح حسن عبد الرحمن والذي عينته يوليو رئيسا للقضاء
الأستاذ محمد وردي
الأستاذ عبد الرحمن سوركتي من مصلحة الضرائب
الأستاذ محمد عثمان طه من البنك الزراعي
الشاعر محجوب شريف
مولانا محمد ميرغني نقد- قاضي
الأستاذ محمد إبراهيم معلم من السجانة
النقابي محجوب الزبير
النقابي فضل أحمد فضل (والد الدكتور على فضل الذي مات تحت تعذيب سلطة الجبهة الإسلامية)
الأستاذ مكي عبد القادر صحفي
الأستاذ ذو النون بشرى مذيع
الأستاذ  الفادني قائد في إتحاد المعلمين
الأستاذ حسن التاج من شركة الخليج
المقدم حسن مكي
الأستاذ يوسف همت من حزب البعث

وبالطبع قد نسيت بعض الأسماء فليعذرني من نسيت فقد طال الزمن وضعفت الذاكرة. وإلى جانب هؤلاء مجموعتنا من الطلاب التي ذكرتها وقد أضيف إليها الزميل عبدالله عطية شقيق كمال وأظنه وقتها ما زال طالبا بالثانوية.

وقضينا في حوش الطوارئ حوالي أربع شهور قبل إعادتنا في ديسمبر للسرايا مرة أخرى. كنا نسكن في خيم نصبت لنا ونفترش الأرض على برش وبطانيتين، واحدة نضعها على البرش والأخرى تستعملها كغطاء. وكنا كطلاب نسكن في خيمة واحدة.

وكانت هذه الفترة من الفترات الغنية بالسمر وغناء محمد وردي وشعر محجوب شريف والعمل الثقافي والترفيهي والرياضي.

وكان أول ضحايا نشاطنا في الحوش مولانا المرحوم محمد ميرغني نقد الذي اصطدم مع الملازم أبنعوف أثناء تنظيمنا لمهرجاننا بمناسبة ثورة أكتوبر فأرسل للزنازين مما جعلنا نضرب عن الطعام وبعد يومين من الإضراب جاء الطبيب مع القمندان الذي حملنا مسؤولية إضرابنا بينما حمله الطبيب وكان اسمه الدكتور صلاح الكردي مسؤولية ما يحدث لنا. وفي الحقيقة كان القمندان محمد عوض الله رجلا طيبا و لا يريد مشاكل فذهب للجنة المعتقلين في السرايا والذين توسطوا في النزاع (كانت لجنة السرايا بها الدكتور خالد حسن التوم وكيل وزارة الصحة الذي فصله نميري بقرار جمهوري قبل يوليو، والأستاذ بدر الدين مدثر القائد البعثي المشهور والذي أصبح فيما بعد عضوا في القيادة القومية لحزب البعث خلفا للأستاذ محمد سليمان الخليفة الذي مات في الطائرة القادمة من العراق لدعم 19 يوليو). وكانت نتيجة الوساطة أن أخرج محمد ميرغني نقد من الزنازين ولكنه لم يعاد لحوش الطوارئ وإنما أرجع للسرايا. كان محمد ميرغني نقد من مثقفي السودان النادرين فإلى جانب معرفته المهنية بالقانون كان يحفظ الشعر العربي والغناء السوداني خاصة أغاني الشفيع وأغاني الحقيبة، كان محدثا بارعا ويملك قدرة على الحكي والتذكر مدهشة، كان قارئا ممتازا وقد توفى بالسرطان عام 1975 وهو لم يزل شابا. وقد أبعد ضمن من أبعدوا إلى شالا في عام 1972 .

وبينما كنا نحضر للاحتفال بأكتوبر كنت أتجول مع محجوب مشيا (وكانت رياضة المشي منتشرة في المعتقل) وكنا نتناقش حول ما يقال تلك الأيام وسط بعض اليائسين عن أن الشعب السوداني قد ضرب ضربة قاضية وأستسلم وكنا محجوب وأنا نفند مثل تلك الأقوال في مناقشاتنا وفجأة توقف محجوب وقرأ:

شعبنا يمكن يمهل يوم
ومش عل طول
وما حيطول
أهى الخرطوم صاحية تصحي
ما بتنوم
تغلي نجوم
تغلى هموم
ريح وسموم
وكل حقيقة المبدأ
إرادة الشعب
إرادة الشعب
لا تهدى
ومنها ننتهي ونبدأ
أكتوبر ديناميتنا
ديناميتنا ساعة الصفر
ركيزة بيتنا

وكانت تلك هي أكتوبر ديناميتنا التي لحنها وردي في حوش الطوارئ بدون عود ودرب عليها المعتقلين وأنشدها أمسية أكتوبر بصوته القوي فسمعته كل الخرطوم بحري.

كان البرنامج يشمل منافسات في الشطرنج وألعاب الكوتشينة من ويست وكمكان والعاب الفولي والجري وغيرها، إلى جانب ليلة السمر التي قرأ فيها محجوب الشعر وغنى فيها محمد وردي.

وعقب الاحتفال قررت سلطات السجن نقل محمد وردي إلى مستشفى السجن حيث بقي هناك حتى إطلاق سراحه.

وقد تعرفت على محمد وردي عن قرب في فترة الطوارئ وكنا قد بدأنا تعارفنا في السرايا وكان يجمعنا حب المتنبئ، ومحمد وردي فنان مثقف محب للقراءة والإطلاع ويجيد الإستماع ويحفظ غناء كثيرا لكثير من الفنانين، غير أنه معجب بشكل خاص يإبراهيم عوض. ولقد كان أحد أسباب صمود المعتقلين في الأيام العصيبة للسجن وكان عندما يطلق صوته بنشيد علي عبد القيوم نحن رفاق الشهداء أو بدرة محمد المكي جيل العطاء فإنه يسمع الخرطوم بحري ويعيد الاطمئنان والأمل للمعتقلين.


العــودة للسرايـا
ومثلما نقلنا فجأة لحوش الطوارئ، أعدنا مرة أخرى فجأة للسرايا، وكان العدد قد قل كان ذلك في ديسمبر 1971 فوجدنا أهل السرايا يستعدون للاحتفال برأس السنة وأعياد الاستقلال فانخرطنا نستعد معهم. وكان الأساتذة علي الوراق وعبدا لله علي إبراهيم وجمعة جابر والمخرج إبراهيم الجزولي يعدون ويخرجون فقرات الاحتفال وكتب صلاح يوسف أغنية اسمها رأس السنة يقول مطلعها

يا رأس السنة
يالكلك سنا

ولحنها وغناها السر تابر سكرتير نقابة سواقي الحكومة بصوت يشبه صوت عبد العزيز محمد داؤد وكتب محجوب شريف رائعته

أهلا أهلا بالأعياد
مرحب مرحب بالأجداد
أكتب أكتب يا تاريخ أمجاد أمجاد
أكتب محضر باسم الشعب
ورسم الشعب
وخط الشعب
ديل الشهداء اتخطوا الزاد
باسمنا هتفوا
وبينهم وبين الموت خطوات
الجايين من قلب الشارع
والجايين لقلب الشارع من سكنات
سجل أنحنا
برغم جرحنا
إجتزنا المحنة
ونحن الليلة أشد ثبات
ونحن بخير
ونحن وراكم في الجايات
وشعبنا ليكم بالمرصاد


وكالعادة لحنها وردي من داخل مستشفى السجن ولقن اللحن للأستاذ ياسر الطيب سكرتير رابطة المعلمين الاشتراكيين والذي أداها مع المجموعة في السرايا. ولهذه القصيدة قصة فقد أرسلت اللجنة المركزية بيانها الشهير عن 19 يوليو (19 يوليو تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه) والذي كان له فعل السحر وسط المعتقلين "الحزب بخير، اللجنة المركزية اجتمعت وأصدرت بيانا" وكانت القصيدة احتفاء محجوب بذلك البيان الذي كان هدية اللجنة المركزية في أعياد الاستقلال.

وأخرج عبد الله على إبراهيم مشهدا مسرحيا من قصيدة لمحجوب يقول فيها

صدقنى أنا لا قيتو امبارح
لا بحلم كنت ولا سارح
كان باسم وشامخ كالعادة
نفس الخطوات البمشيها
نفس الكلمات الوقادة
كان فاتح قلبه على الشارع
صحيح أنا قبلك صدقت
جريت وبكيت لما سمعت
يوم نفذوا حكم الاعدام
لكنه بكل تفاصيلو
جسمو .. لونو .. ضحكو .. صوتو
مشيهو وطولو
لاقانى وبحلف متأكد
لا طيف لا واحد من جيلو
فوجئت حقيقة وبصراحة
لو مش أبعادو الشخصية
والسوق .. الحركة هدير الكارو
حديث المارة مع الباعة
والناس، الداخل للبوسته
الطالع منها، والساعة
زى سبعة صباحا، والشارع
مليان عمال وأفندية
وفى طول الوقت وكنت بفكر
امكن بحلم
امكن كل الحاصل اشاعة
بس لكنى جريدة قريت أيام المحنة
سمعت اذاعة
وكل الزملا الشهدا ، شرفنا
صانو شرفنا بكل شجاعة
واستبسالهم كان فى الدنيا
حديث الساعة
وشفت بعينى
فتشو بيتنا وبيت جيرانا
رفعت ايدى
مرة الدبشك ، ومرة السنكى
ومرة زناد ما بين عينى
دا كلو تمام انا وعشتو
لحظة بلحظة مشاهد حيه
بس لكنو هداك قدامى
كمان شايفنى بعاين لى
وفي طول الوقت .. كنت بفكر
امكن بحلم
امكن امانى
امكن بشبهو واحد تانى
وفجأة الصوت اياه .. عرفتو
عرفتو الما بغبانى
"يااخينا ازيك"
اهلا مرحب .. ايوه اتفضل" نادانى
مشيتلو.. مصدق وما مصدق
سلمت بقلبى واحضانى
وشعرت كأنه بيعرفنى
شعرت كأنه بيقرانى
راجل نكته عميق ومهذب
رائع جدا وانسانى
ولما جمعنى وشجعنى
سألتو بدهشة عن الحاصل
قاطعنى .. "بتعنى الاعدام؟
اعدامنا .. بتقصد اعدام؟
الموت لو شنقا حتى الموت
الموت .. لو رميا بالرصاص
ما هو الموت"
"الشعب يقرر مين الحى والميت مين
الشعب يقرر مين الحى والميت مين
ونحن عمرنا القدام
الحزب .. اليقظة .. الاقدام
الحزب .. اليقظة .. الاقدام
الحزب .. اليقظة .. الاقدام"
وبسرعة انكسر الميدان بالناس
عشرات العشرات
أطفال .. عمال .. وطليعيين
وبنات طيبات
ومنشورات


وقد أديت فيها من خلف الكواليس فقرة من دفاع الأستاذ عبد الخالق محجوب أمام المحاكم العسكرية والتي قال فيها:

"اليوم عندما أنظر من وراء هذه السنوات الطويلة أشعر بالسعادة والفخر بفكر تقبلته مختارا وبمنهج سلكته عن اقتناع تام وارتاع لمجرد التفكير في أنني لو لم أكن شيوعيا ماذا كنت أصبح؟"

وقد سبق العرض المسرحي موكبا كان من المفترض أن يكون صامتا، ولم أعرف ذلك إلا بعد الموكب بوقت طويل، لكني، وبفعل حماس الشباب وتحديه لواقع المعتقل بدأت بالهتاف، فردد المعتقلون الهتافات بصوت داو لا شك انه سمع في أرجاء الخرطوم بحري وتناولته أحاديث العاصمة و كانت النتيجة أن اختار جهاز الأمن وإدارة السجون 44 معتقلا لترحيلهم إلى شالا وزالنجي.

وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة:

ودانا لشالا وعزتنا ما شالا
نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها
يالماشي زالنجى
نتلاقى نتلاقى
ما كلكم باقة
اتفتحت طاقة
وإتحدت إذلالها



محجوب شريف يملأ شالا شعرا

رغم ذلك فكان الرفاق يعيشون حياة رفاقية ثرة، ينظمون عملهم الثقافي ولياليهم الترفيهية، وكان محجوب شريف يملأ السجن شعرا. نظم محجوب في هذه الفترة قصيدة ودانا لشالا التي ذكرتها سابقا ونظم قصيدة بمناسبة الذكرى الثانية ل19 يوليو قال فيها:

ملينا الدفتر الأول  حنملا الدفتر الثاني بكل عزيز وإنساني
حنملا الدفتر المليون وتتحول
رجالا هدوا كتف الموت
دماهم شمسنا الحية
أناشيد ثورة يومية
ولسه ولسه عبد الخالق المقدام
يقود الصف
ونحن معاه كف فوق كف
وهاشم قاطع الحدين
لسه ولسه يملا العين
يعيشوا
يعيشوا  ومت يا سفاح
ومات الموت

حسير الصوت
ويا يابا الشفيع الساس
وضلالة هجير الصيف
ويا تار البلد جوزيف
ويا يوليو القلم والسيف
وضابط حر شديد البأس
مشينا ونمشي
ونتحزم بمجد الشعب
والنبراس



ونظم محجوب قصيدته الشهيرة عن عبد الخالق والتي يقول فيها:

إسمو عبد الخالق
ختاي المزالق
أب قلبا حجر
إلا ما عليك يا أرض الوطن
يا أمه العزيزة
ختالك ركيزة
ديمة باقية ليك
في الحزب الشيوعي
طيري يا يمامة
وغني يا حمامة
بلغي اليتامى
الخائفين ظلاما
قولي عبد الخالق حي
بالسلامة
في الحزب الشيوعي

الفارس معلق

ولا الموت معلق
حيرنا البطل
طار بحبلو حلق
فج الموت وفات
خلا الموت معلق 
في عيننا بات
وسط الناس نزل
بالحزب الشيوعي



ونظم محجوب قصيدة عن الشفيع قال فيها:

واحلالي أنا وا حلالي
أريتو حالك
يابا حالي
أموت شهيد نجمي البلالي
وأخلف إسما لي عيالي

الشفيع يا فاطمة في الحي
في المصانع وفي البلد حي
سكتيها القالت أحي
ما عماره الأخضر الني
بدري بكر خضر الحي
ومات شهيد أنا واحلالي

يا المصانع يالسكك الحديد
يا ورش نارها بتقيد
يا عمال الميناء البعيد
جروا حبل اليوم السعيد
وشايفوا قرب أنا واحلالي

أحمد أحمد تكبر شيل
إسم أبوك في النجم والنيل
خط أبوك بالدم النبيل
كل زهرة وزهرة إكليل
ومات شهيد أنا واحلالي



ونظم محجوب قصيدة "مشتاق لك كتير والله" والتي يقول فيها

مشتاق لك كتير والله
وللجيران والحلة
وقام قطر النضال ولا
وغالي علي أدلا
محطة محطة بتذكر
عيونك ونحن في المنفى
بتذكر مناديلك
خيوطها الحمرة ما صدفة
وبتذكر سؤالك لي
متين جرح البلد يشفى
ومتين تضحك سما
الخرطوم حبيبتنا
ومتين تصفى
سؤالك كان بعذبنا
ويقربنا
ويزيد ما بينا من إلفة
وأقول يا صباح العين
بسامحك لو في يوم
نسيتيني
بكيت علي
لو في يوم
خنت الثورة
جيت والذل في عيني
بس لكني
يا ويلي ياويلي
أقبل وين لمن أخون صباح العين
وأخون جيلي
وأقول لك يا قمر ليلي
وحاة أمنا الخرطوم
أشد حيلي
وأشيل شيلي
وأموت واقف علي طولي
وأقول لك يا صباح العين
على الوعد القديم جايين
ما بين الثورة والسكين
شيوعيين وحتى الموت شيوعيين
وأقول لك يا صباح العين
بنادق وين
بتمنعنا العديل والزين
بنادق وين


ونظم محجوب أغنيته المدهشة "يا بنوتنا غنن"

يا بنوتنا غنن
فارسا (أسدا) هاج وقرقر
دة لموتو حقر
أبدا ما مات محقر
وبالرصاص منقر
هاشم يا غناي
وفاروق يا مناي
ود النور حبابك
يا سمح السجاي



ويبدو أن الذاكرة لا تسعفني وأنا أكتب الآن بعد 33 عاما.

وأخيرا عدنــــــا إلى كوبر
وفي كوبر بدأت الزيارات بمجرد وصولنا، وكانت أول الزائرات مريم محمود والدة محجوب شريف وكانت تلك الزيارة وراء قصيدة محجوب العظيمة "يا والدة يا مريم"،والتي يقول فيها:

يا والدة يامريم
يا عامرة حنية
أنا عندي زيك كم
يا طيبة النية
مشتاق وما بندم
إصبري شوية
يا والدة يا مريم
ماني الوليد العاق
لا خنت لا سراق
والعسكري الفراق
بين قلبك الساساق
وبيني هو البندم
والديرو ما بنتم
ياوالده يا مريم
ما بركب السرجين
وماني زول وشين
يا والده دينك كم
دين الوطن كمين
ما شفتي ود الزين
الكان وحيد أمو
ماليله كان العين
قالولو ناسك كم
ورينا ناسك ورين
ورينا شان تسلم
العودو خاتي الشق
ما قال وحاتك طق
تب ما وقف بين بين
لموتو إتقدم
وأنا ما بجيب الشين
أنا ما بخت الشين
أنا سقوني الدم
يما السجن مليان
رجاله ما بتنداس
الشالو هم الناس
والفات وليدا ليه
ما مسكو الكراس
ما سمعو بتكلم
ما نحنا عود الفاس
فرسان حمى وحراس
في الحاره نتحرم
عشم القدر ما كاس
ما لاقى بيت يتلم
عشم الطواه الجوع
المتعب المعدم
ما تقولي شن سويت
ما تبكي ما سويت
إلا البطمن ناس
بهمهم حسيت
حارس مع الفرسان
حارس بلدنا البيت
أخواني علو السور
وأنا طوبه ما ختيت
ديل من زمن تاتيت
لامن كتبت قريت
وعرفته ياما يدر
يمه اللبن والزيت
الكسرة والكراس
لقشة الكبريت
وتقولي جيدا جيت
يا وليدي جيدا جيت
راجع مع الفرسان
فايت الحدود واسيت
وتغني يا مريوم
لينا وتجري النم
والعسكري الفراق
بين قلبك الساساق
وبيني هو البندم
والدايروا ما بنتم
ياوالده يا مريم



كما كتب أغنيته "غني يا خرطوم غني وشدي أوتار التمني" والتي يقول فيها:

غني يا خرطوم وغني
شدي أوتار التمني
ضوي من جبهة شهيدك
أمسياتك واطمئني
ونحنا يا ست الحبايب
من ثمارك
في دروب الليل نهارك
وقبل ما يطول انتظارك
نحنا جينا
وديل أنحنا
القالوا متنا
وقالوا فتنا
وقالوا للناس إنتهينا
جينا زي ما كنا
حضنك إحتوينا



وكانت الزيارة الثانية هي لحاجة العافية والدة المرحوم محمد خلف الله والعافية هي أحد أشهر زوار المعتقل وكانت هي وزوجة محمد (التي للأسف لا أذكر اسمها الآن) قد زارا محمد في زالنجي وأحضرا للمعتقلين الزاد والأخبار.

وقضينا أسبوعين بالحبس الانفرادي زارنا فيهم اللواء أحمد صالح البشير مدير السجون مرتين. وأذكر أنه عندما جاء في المرة الأولى كنت أنا في الصف الثالث من الزنازين، ولكني استطعت إقناع شاويش سيد احمد لترحيلي للصف الأولى لأن زنزانتي كان بها فار، فسألني أحمد صالح لماذا غيرت زنزانتي فقلت بها فار فقال "ديل فيران الحكومة خاتينهم مخصوص ليكم".

ونحن بالبحريات تم اعتقال عدد من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي فأحضر معنا السيد عبد الماجد أبو حسبو والسيد حسن حمد  وسمعنا عن اعتقال الأمير ألاي عبد الرحيم محمد خير شنان.


© جميع حقوق النشر محفوظة للجمعية السودانية للدراسات والبحوث في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية
TOUS DROITS RSERVS © 2005
Copyrights © 2005Sudan for all. All rights reserved
Web designers/ developers:mardisco

 

آراء