محجوب شريف : يا وتر الأحزان واعجاز القوافي!!
محجوب شريف ، صوت المقهورين .. أنات الحزاني .. أحلام العذارى .. بكاء اليتامي .. معاناة الأرامل .. جوع الغلابى .. أنين الناي وهو يحكي سِفر الأيام المرة .. كبرياء هامات النخيل .. هدير شلال السبلوقة .. عرق المتعبين واحلامهم الموءودة .. أمنيات بمولد اشراقات الغد الواعد المصلوبة على جدران الأحزان.. محجوب شريف شكل الانسانية الوضّاء الصبوح .. ترانيم مزمار سِفر الاحزان .. بكائية الزمن الشقي .. غابة من أمنيات ودَّ لها أن تتحقق .. محجوب شريف الصبر المعانق للأسى .. الموشّى بسنابل خضرٍ .. أيقونة أزمنة الحرية .. عشق الحرف وترنيمة الكلمة .. صهيل الخيل المطهمة وفارسها وسارجها .. اليوم ترجل والكلمة تتشح الأحزان .. تصهل الخيل لتنعي فارس لم تهزمه الزنازين .. عريس تستقبله المعتقلات وتزفه إلى المجد دون أن تفل عضده .. محجوب شريف آمال أمة معلقة في جيد الكلمات .. عقد جمانٍ منضد أهداه جيد عزة .. معزوفة الحق وأنغام العرايا الجائغين .. كبرياء التاكا .. هامات نخيل حلفا دغيم.. جرارى قبائل حمر .. نقارة المسيرية والحوازمة والبني هلبة والعاليا والرزيقات .. كمبلا النوبة .. رقصة فتاة فوراوية .. فنجان قهوة بجاوية .. خُلال أدروب .. نقاء القاش .. سمسم القضارف .. قطن الجزيرة .. هدير بوابات خزان الرصيرص .. شموخ تبلدي كردفان .. تمساح النيل العُشاري .. دوبيت البطانة على لسان اللمين البنا .. إبل الشكرية وحدائهم ز!!
محجوب شريف يترجل ، يغيب كالشمس في كبد الأفق .. محجوب ذهب الأصيل في النيل .. حمامةٌ وغصن زيتون .. هو الهجير اللآفح أوجه الطغاة .. والحقيقة التي يخيلها الغيارى سراب .. هو عنفوان الحرف ومجد الكلمة .. محجوب شريف السارية والصاري، النهج والمنهج .. الأفراح و الأحزان .. الفقر والكفاف .. العلة والعافية .. وهو النار والنور.. الود والوداد .. أهازيج الصبايا العائدات محملات بشربة ماء .. حزمة حطب .. هو حلم أمه التي أنجبته غريداً ساجعاً ليس هاجعاً مستسلماً .. هو صليل أجراس الكنائس .. وصوت آذان الهدى والهداية .. زئير الأسد المزمجر .. هو الحقائق التي تفضح الأكاذيب .. هو براءة الطفولة .. هو أماني التلاميذ بتعلم حروف الهجاء .. هو حيران التقابة يرتلون القرآن في جوف السحر .. هو النيل والفيضان .. هو التحنان والمواساة .. هو سِفر الأحزان .. ملحمة الأمل .. الفراشات الجميلة .. هو ازاهير الخميلة .. هو فجر بلادي وشمسها المشرقة .. هو نهاراتها اللآهبة .. ونسيماتها البليلة .. هو الكلمة واللحن والطرب الشجي !!
محجوب شريف إن في الآه لمغزى .. يترنح تحت وقع الحيرة .. ألن يعود الامس الجميل... ألن يعوض البداية بأخرى.. الن تعود بالذكرى آمالنا.. قد فاجاني سكون ... حسبته بشرى.. وجاء في المحيا زهوا.. لكن لم ارى بلسم حبور.. يلوح بين ثغريك .. ووهجا يزهو بجبينك كوصفة سكون لسقم يجتاحني.. الن ترتجف لحدقات
وترتسم بسمة التقاسيم..من حروف مهترئة بالشوق.فقدعودتني الايام.. عبثاالا يخالج العشق اهدابا ويلوح كغيث يروي ظمأ الملتاع.... يكشف مكابدة, الجوىبعد سنين في ايام.. صنعها طول النوى... ارتشفت عذاب الهوى.. قلت: قد ضاع الأمل … ولا يضير الإقرار.. فقد مل الضريع لأجل أمنية وهم.. من الإنتظار الواهي..
اصبح جدوى المتيم رمادا.. تنثره رياح كالهشيم.. فوق اعمدة السقام.. نشأت بطول النجوى.. والمنُاجى جفو.
فما عادت غصون النمو تبدي ينوعا... ذبلت اوراق سرو…. وهوت فسوله.. قدت قبل اوان الثمار.. قالت...
اليس في العرف كرة .. ربما في الذكرى مقتبسا….ترسو فيه النوارس لتعود الى اصلها، اليس من مرفأ….
تناخ فيه رحال التائهين... قلت ... لم تعد هناك حياة بعد جز الجذور …بعد أن اصبح المرج قفرا. ينوح على الأطلال... يستجدي لحظة عزاء قد يهديها قدر العاشقين !!
محجوب شريف الذي لم يكن عاديًا، لكن كان مناضلًا ، غير أنه أيقونة نستطيع قراءة سياسيًا ، اقتصاديًا وثقافيًا من خلالها، إلى جانب مواقفه الإنسانية والإبداعية، كما كان الوطن ناقدًا قويًا يستطيع أن يعلن عن مواقفه السياسية من خلال شعره، أن شعر محجوب تجربة شعرية مكتملة شعرًا ونقدًا، لابد أمامها أن يسقط الكلام وأن نبدأ في التأمل. محجوب شريف كان متسقًا مع روحه, وثقافته وأسلوبه فى الحياة, وكذلك إبداعه، لأنه كان يعيش ما يكتب ويكتب ما يعيش, فشعره كان تفاصيل حياته اليومية, وتعبير فوري عن القيم الإنسانية في قالب إبداعى وجمالي, ومع هذا لم يحوله الصراع اليومى عن نضاله ويجعل منه واعظًا مثل شعراء كثيرين, ولكنه أصر أن يكون هو فاعلًا في تغيير الواقع. آلا رحم الله محجوب شريف وأنزله فسيح جناته.
zorayyab@gmail.com