محكمة الجنايات الدولية تنشر ادلة دامغة

 


 

 


نشرت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي أمس ما اسمته صحيفة الوقائع، وحوت شرحاً بالخطوات التي قام بها، مدعي المحكمة خلال العشرين شهراً الماضية منذ ان تبنى مجلس الامني الدولي القرار «1593»  الذي احال الوضع في دارفور، الى المدعي العام. وزعم المدعي ان هناك اسباباً تدعو للاعتقاد ان احمد هارون وعلي كوشيب يتحملان المسؤولية في جرائم ارتكبت في دارفور، خلال عامي 2003-.

اقترفت الجرائم المزعومة في الطلب اثناء هجمات نفذتها القوات المسلحة السودانية بالاشتراك مع مليشيا/الجنجويد على «4»قرى ومدن في غرب دارفور، كدوم، وبنديسي، ومكجر، وارولا.لقد كشف تحقيق المدعي العام عن النظام العملياتي الخفي الذي مكن من ارتكاب تكل الجرائم الشديدة الخطورة
 
التحــقـــيق

* وفقاً لواجباته بموجب النظام اجرى المكتب تحقيقاً مستقلاً.

* منذ بدء التحقيق في يونيو 2005م اجرى المكتب مئات من المقابلات المبدئية لشهود محتملين واخذ اكثر من «100» افادة شهادة رسمية كانت اكثرها من الضحايا.

* سير المكتب كذلك خمس مهمات الى السودان حصل خلالها على معلومات من عدد من موظفي الحكومة، وكانت مشاركة الحكومة السودانية في الاجراء مهمة لضمان تحقيقاً غير متحيز.

* لأغراض الطلب اعتمد المدعي العام بشكل رئيس على:

1-افادات مأخوذة من الضحايا ومن شهود عيان آخرين عن هجمات المتمردين وهجمات القوات المسلحة السودانية ومليشيا/الجنجويد في اقليم دارفور.

2-افادات من اشخاص ملمين بأدوار موظفي الحكومة السودانية والمليشيا/الجنجويد في تسيير الحملة المضادة للتمرد في دارفور.

3- الوثائق والمعلومات الاخرى التي قدمتها الحكومة السودانية.

4-تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة ومواد اخرى قدمتها هذه اللجنة.

5-تقرير لجنة التحقيق الوطنية السودانية ومواد اخرى قدمتها هذه اللجنة.

6-وثائق، وتقارير، وافادات قدمتها المنظمات الدولية والوطنية غيرالحكومية.

* لقد فحص المكتب بدقة وقائع التجريم ووقائع التبرئة على حد سواء.

الجـــــرائم

* اقترفت الجرائم المزعومة في الطلب، في سياق صراع مسلح غير دولي في اقليم دارفور بين قوات الامن السودانية وقوات المتمردين، التي تشمل حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة ، وذلك منذ حوالى اغسطس 2002م.

* تميز الصراع المسلح في دارفور في ان اغلب وفيات المدنيين في الاقليم وقعت اثناء هجمات شنتها مليشيا/الجنجويد اما بشكل انفرادي أو بالاشتراك مع القوات المسلحة السودانية، على المدن والقرى، وكانت معظم الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة و/أو مليشيا/الجنجويد في دارفور موجهة الى المناطق التي كانت تسكنها بشكل اساسي قبائل الفور والمساليب والزغاة.

* كانت القوات المسلحة السودانية والمليشيا/الجنجويد لا تستهدف اي حضور للمتمردين في هذه القرى، بل كانت تهاجم القرى استناداً الى المنطق القائل بان عشرات الآلاف من المدنيين المقيمين في تلك القرى وما جاورها كانوا يدعمون قوات المتمردين.

* اصبحت هذه الاستراتيجية مبرراً للقتل الجماعي، والاعدامات المتسرعة والاغتصاب الجماعي وجرائم اخرى خطيرة ضد مدنيين عرفوا بانهم لم يكونوا طرفاً في اي صراع مسلح. وقد دعت الاستراتيجية ايضاً الى التهجير القسري لقرى ومجتمعات بأكملها وتم تنفيذ ذلك. وكنتيجة لذلك، نهبت ودمرت مئات من القرى في دارفور. وشرد مليونان من السكان من ديارهم.

* يزعم الطلب ان احمد هارون وعلي كوشيب يتحملان المسؤولية الجنائية في «51» تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، شملت: الاغتصاب، والقتل، والاضطهاد، والتعذيب، والتهجير القسري، وتدمير الممتلكات، والسلب والنهب، واعمال غير انسانية، واساءة بالغة للكرامة الشخصية، هجمات ضد السكان المدنيين ، والسجن أو الحرمان المفرط من الحرية.


الاشخاص المعلن عن أسمائهم

*من حوالى ابريل 2003 حتى حوالى سبتمبر 2005م كان احمد هارون وزيراً للدولة بوزارة الداخلية ومسؤولاً عن «مكتب دارفور الأمني» وكان من ابرز المهام التنسيقية التي خولت اليه بصفته رئيساً لهذا المكتب، ادارته لتجنيد مليشيا/الجنجويد ومشاركته الشخصية في ذلك، لتعزيز القوات المسلحة السودانية، وقد جند احمد هارن مليشيا/الجنجويد، عن علم تام بانهم غالباً ما يرتكبون اثناء الهجمات المشتركة مع القوات الحكومية، جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ضد السكان المدنيين في دارفور.

* في أغلب الاحيان، كان احمد هارون حاضراً شخصياً في دارفور لاداء مهامه، اذ كان يزور دارفور بانتظام تقريباً ابتداء من ابريل 2003م عند وصفهم لهارون، يقوم الشهود مباشرة بتعريفه بالمسؤول الحكومي من الخرطوم المسؤول عن تعبئة، وتمويل، و/أو تسليح «الجنجويد» أو «الفرسان» وقد ذكر الشهود ايضاً في مرات عديدة بانهم شاهدوا احمد هارون يجتمع مع قادة مليشيا/الجنجويد، بما فيهم علي كوشيب، أو يخاطبهم.

* كان علي كوشيب «عقيداً للعقدة» أو «عقيد كل العقدة» في محلية وادي صالح بغرب دارفور، في اواسط 2003م كان يقود آلافاً من مليشيا/الجنجويد وقد قاد شخصياً الهجمات على قرى كدوم ، وبنديسي ، ومكجر ، وارولا.

* قاد علي كوشيب الهجمات على قرى كدوم وبنديسي ومكجر وارولا، كما انه قام بتعبئة وتجنيد وتسليح وتوفير الامدادات لمليشيا/للجنجويد تحت امرته.

* تزعم جهة الادعاء بان احمد هارون وعلي كوشيب اتحدا ومعهما آخرون لمواصلة الهدف الموزع وغير القانوني باضطهاد ومهاجمة السكان المدنيين في دارفور.

الضحايا والشهود

* بموجب النظام، فان المدعي العام والمحكمة ملزمان باتخاذ اجراءات لحماية الضحايا والشهود.

* اجريت مقابلات مع ضحايا الجرائم المزعوم ارتكابها في اقليم دارفور في دول اخرى بسبب الاختلال الأمني السائد في دارفور. بموجب النظام، فان المدعي العام والمحكمة ملزمان باتخاذ اجراءات لحماية الضحايا والشهود. للتمسك بواجبات حماية الضحايا والشهود وفقاً للمادة «68» «1» قررت جهة الادعاء بعدم الذهاب الى دارفور بحثاً عن افادات الضحايا.

* في جميع مراحل التحقيق، كان المكتب يراقب باستمرار أمن الضحايا والشهود وطبقت اجراءات حماية، وسيستمر المكتب ووحدة الضحايا والشهود بقلم المحكمة في مراقبة وتقييم المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها الشهود.

المقبولية

* ان المحكمة الجنائية الدولية محكمة الملاذ الاخير، قد تتولى الدعاوى فقط في حالة

عدم وجود اي تحقيق وطني في الدعوى أو مقاضاة. 1

 2ان يكون مثل هذا التحقيق أو المقاضاة جارياً أو اجرى، ولكن الدولة غير راغبة أو غير قادرة حقاً على الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة.

* في هذا السياق تحدد «الدعوى» بواسطة احداث محددة وقعت خلالها جريمة أو اكثر تقع في نطاق الولاية القضائية للمحكمة، ويبدو بانها ارتكبت بواسطة متهم أو اكثر تم تحديد هويتهم. لكي تكون الدعوى غير مقبولة، يجب ان تشمل الاجراءات القضائية الوطنية كل من الشخص، والافعال موضوع الدعوى المعروضة امام المحكمة.

* خصص المدعي العام موارد هائلة واولى عناية كبيرة لمسألة المقبولية، وقد سير المكتب «5» مهمات الى السودان، كانت احدثها في اواخر يناير 2007م لجمع معلومات عن الاجراءات القضائية الوطنية في الدوائر الحكومية ذات الصلة من بينها القضاء والشرطة.

* بعد تحليل كل المعلومات ذات الصلة، استنتج المدعي العام بان السلطات السودانية لم تحقق أوتقاضي في الدعوى التي تشكل موضوع الطلب. وعلى هذا الاساس قرر المدعي العام ان الدعوى مقبولة. ولا يعتبر هذا التقييم حكماً على النظام القضائي السوداني بمجمله.

* وعلى هذا الاساس، قرر المدعي العام ان الدعوى مقبولة.

* لا يعتبر هذا التقييم حكماً على النظام القضائي السوداني بمجمله.

* اذا اثيرت مسألة تتعلق بالمقبولية، فان القضاة سيتخذون القرار النهائي الفاصل.


 ضمان مثول احمد هارون وعلي كوشيب أمام المحكمة

* الطلب عبارة عن مستند رفعه المكتب الى الدائرة التمهيدية ملتمساً من القضاة اصدار اوامر الحضور امام المحكمة بحق كل من احمد هارون وعلي كوشيب وليس الطلب بمستند يحتوي التهم.

* بموجب المادة «58» اذا اقتنعت الدائرة التمهيدية بوجود اسباب مقبولة تدعو للاعتقاد بان الاشخاص المعلن عن اسمائهم قد ارتكبوا جرائم تدخل في نطاق الولاية القضائية للمحكمة، فان الدائرة قد تصدر اما طلب بالحضور امام المحكمة أو امر القبض ضد كل من احمد هارون وعلي كوشيب.

*ان الحكومة السودانية، بصفتها دولة ذات سيادة، تمتلك كل من المسؤولية القانونية في تسهيل مثول الشخصين امام المحكمة كما تمتلك القدرة للقيام بذلك.

الخطوات اللاحقة:

* مع تقديم ادلتنا الى القضاة، يستوفي المكتب مسؤولياته وفقاً للنظام بالاضافة الى المهمة التي كلفها بها مجلس الامن بموجب القرار «1593» سيفحص القضاة الادلة المقدمة، وفي نهاية المطاف ، سيقرر القضاة ما سيحدث فيما بعد.

ملخص

1-الطلب

خلال الأشهر العشرين الماضية، اجرى المدعي العام (المشار اليه ايضاً في هذه الوثيقة بـ«جهة  الادعاء»)، تحقيقاً في الجرائم التي تقع في نطاق الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية والتي يزعم بانها ارتكبت في دارفور «السودان» منذ الاول من يوليو 2002م وبعد اكتمال المراحل الضرورية للتحقيق، قدم المدعي العام الادلة للقضاة.

ركزت جهة الادعاء على بعض الاحداث الشديدة الخطورة وعلى الاشخاص الذين يتحملون وفقاً للادلة المجمعة،المسؤولية الكبرى عنها، وخلصت جهة الادعاء الى ان هناك اسباباً معقولة تدعو للاعتقاد ان احمد محمد هارون ، وزير الدولة السابق بوزارة داخلية الحكومة السودانية وعلي محمد علي عبدالرحمن «المشهور في غرب دارفور بعلي كوشيب» قائد مليشيا الجنجويد، يتحملان مسؤولية جنائية عن «51» تهمة تتعلق بالجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب المزعومة، والتي شملت : الاضطهاد، والتعذيب، والقتل، والاغتصاب ارتكبت في دارفور في 2003م و2004م.

في «27» فبراير 2007م بموجب المادة 58«7» من نظام روما الاساسي «النظام» تقدمت جهة الادعاء بطلب الى الدائرة التمهيدية «1» ملتمسة منها اصدار اوامر بالحضور امام المحكمة «الطلب» بحق الشخصين المعلن عن اسميهما، ارتكبت الجرائم المزعومة الواردة في الطلب اثناء الهجمات التي شنت على قرى ومدن كدوم، وبنديسي، ومكجر، وارولا في غرب دارفور، يعتبر الطلب مستنداً عاماً، إلا انه تمت صياغته بشكل يحمي بقدر الامكان هوية الشهود.

2-الإطار القانوني:

في 31 مارس 2005م تبنى مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة القرار «1593» محيلاً الوضع في اقليم دارفور السوداني الى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، ووفقاً للنظام، اجرت جهة الادعاء تحليلاً مستقلاً للوضع، وعلى هذا الاساس فتح المدعي العام تحقيقاً حول الوضع في دارفور في 1يونيو 2005م وفقاً لالتزاماتها بموجب النظام، اجرت جهة الادعاء تحقيقاً مستقبلاً.

3-مجال التحقيق:

منذ بدء التحقيق في يونيو 2005م، جمعت جهة الادعاء افادات الشهود والادلة من خلال «70» مهمة تم القيام بها الى «17» دولة في جميع مراحل التحقيق، فحص المدعي العام بدقة وبشكل مستقل وحيادي قرائن الادانة والتبرئة على حد سواء، فضلا عن ذلك قامت جهة الادعاء بخمس مهمات الى السودان حصلت خلالها على معلومات من عدد من المسؤولين الحكوميين.

 لاغراض الطلب، اعتمدت جهة الادعاء في الدرجة الاولى على: 1-افادات الضحايا وافادات شهود عيان آخرين حول هجمات المتمردين وهجمات القوات المسلحة السودانية ولمليشيات الجنجويد في اقليم دارفور.

2-افادات اشخاص ملمين بأدوار مسؤولين في الحكومة السودانية ومسؤولين في مليشيات الجنجويد في شن الحملة المضادة للتمرد في دارفور.

3-الوثائق والمعلومات الاخرى التي قدمتها الحكومة السودانية.

4-تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة للامم المتحدة «شكلت بموجب قرار الامن «1564» ومواد اخرى قدمتها هذه اللجنة.

5-تقرير لجنة التحقيق الوطنية السودانية «شكلتها الحكومة السودانية في يناير2005م ومواد أخرى قدمتها هذه اللجنة.

6-وثائق، وتقارير، وافادات قدمها موظفو المنظمات الدولية والوطنية غير الحكومية.

لقد اجريت مقابلات مع ضحايا الجرائم المزعوم ارتكابها في اقليم دارفور في دول اخرى بسبب الاختلال الامني السائد في دارفور. عملاً بالنظام، فان المدعي العام والمحكمة ملزمان باتخاذ اجراءات لحماية الضحايا والشهود وللتمسك بواجبات حماية رفاهة الضحايا والشهود وفقاً للمادة 68«1»، قررت جهة الادعاء بعدم الذهاب الى دارفور بحثاً عن افادات الضحايا.

في جميع مراحل التحقيق، كانت جهة الادعاء تراقب باستمرار امن الضحايا والشهود وقد طبقت اجراءات حماية. وستستمر جهة الادعاء مع وحدة الضحايا والشهود بقلم المحكمة في مراقبة وتقييم المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها الشهود.

4-ملخص الأدلة والمعلومات المقدمة في طلب جهة الإدعاء:

بالتوافق مع مقتضيات المادة 58«2»«د» من النظام، قدمت جهة الادعاء في الطلب «خلاصة الادلة»، ومعلومات اخرى كافية ان توفر «اسباباً معقولة تدعو للاعتقاد» بان احمد هارون وعلي كوشيب ارتكبا جرائم تقع ضمن نطاق الولاية القضائية للمحكمة، تحديداً جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

أ-السياق: الحملة المضادة للتمرد:

يتكون اقليم دارفور من الولايات السودانية الثلاث الواقعة على الحدود الغربية للسودان: شمال دارفور، غرب دارفور، جنوب دارفور.

اقترفت الجرائم المزعومة في الطلب،  في سياق صراع مسلح غير دولي في اقليم دارفور بين الحكومة السودانية وقوات التمرد المسلحة، التي تشمل حركة جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وذلك منذ حوالى اغسطس 2002م.

نشأ الصراع من هجمات المتمردين على منشآت الحكومة السودانية في دارفور والحملة المضادة للتمرد التي صعدتها الحكومة السودانية رداً على ذلك ولاستعادة سيطرتها على اقليم دارفور من قوات التمرد. وتجند كلتا المجموعتين في الدرجة الاولى من قبائل الفور والزغاوة والمساليت.

تضمن الصراع هجمات شنها المتمردون على منشآت الحكومة السودانية في دارفور وحملة مضادة للتمرد شنتها الحكومة السودانية ضد المتمردين. وقد حثت نقطة التحول في الاستراتيجية المضادة للتمرد بعد الهجوم على مطار الفاشر في ابريل 2003م الذي سبب خسائر غير مسبوقة للحكومة، وبعد وقت قصير من ذلك، ازداد بشكل كبير تجنيد المليشيا الجنجويد ليصل عددهم في النهاية الى عشرات الآلاف.

تميز الصراع المسلح في دارفور في ان اغلب وفيات المدنيين في الاقليم وقعت اثناء هجمات شنتها مليشيا الجنجويد، اما بشكل انفرادي أو بالاشتراك مع القوات المسلحة السودانية، على المدن والقرى، وكانت معظم الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة السودانية أو مليشيات الجنجويد في دارفور، موجهة الى المناطق التي كانت تسكنها بشكل اساسي قبائل الفور والمساليت والزغاوة.

وكانت القوات المسلحة السودانية والمليشيا-الجنجويد لا تستهدف اي حضور للمتمردين في هذه القرى المعينة، بل كانت تهاجم هذه القرى استناداً الى المنطق القائل بان عشرات الآلاف من المدنيين المقيمين في هذه القرى وما جاورها كانوا من مناصري قوات المتمردين، وقد اصبحت هذه الاستراتيجية مبرراً للقتل الجماعي، والاعدامات المتسرعة، والاغتصاب الجماعي بحق سكان مدنيين عرفوا بانهم لم يكونوا طرفاً في اي صراع مسلح، ودعا تطبيق الاستراتيجية ايضاً الى التهجير القسري لقرى ومجتمعات باكملها وتم تنفيذ ذلك.

ب-المسؤولية الشخصية لأحمد هارون وعلي كوشيب:

بعد الهجوم على الفاشر، تم تعيين احمد هارون وزيراً للدولة بوزارة داخلية الحكومة السودانية وتم تكليفه بادارة «مكتب دارفور الأمني»، وكانت لجان الامن المحلية والولائية في دارفور، المؤلفة من ممثلين لكل من الجيش السوداني، والشرطة السودانية، واجهزة الاستخبارات السودانية، مسؤولة امام احمد هارون، لا سيما في المسائل المتعلقة بتجنيد وتمويل وتسليح مليشيا-الجنجويد في سياق الحملة المضادة للتمرد.

وكان من ابرز المهام التنسيقية التي اوكلت الى احمد هارون بصفته مسؤولاً عن «مكتب امن دارفور»، الادارة والمشاركة الشخصية في تجنيد وتمويل وتسليح مليشيا-الجنجويد وذلك لتعزيز القوات المسلحة السودانية. وقد جند احمد هارون مليشيا الجنجويد عن علم تام بانهم غالباً ما قد يرتكبون، اثناء الهجمات المشتركة مع القوات الحكومية، جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ضد السكان المدنيين في دارفور.

كان علي كوشيب «عقيداً للعقدة» أو «عقيد كل العقدة» في محلية وادي صالح بغرب دارفور. ان علي كوشيب الذي كان يقود آلافاً من مليشيا/الجنجويد في اواسط 2003م قاد شخصياً مليشيا/الجنجويد اثناء الهجمات على كدوم، وبدنيسي، ومكجر، وارولا.

تزعم جهة الادعاء بان احمد هارون وعلي كوشيب اتحدا ومعهما آخرون لمواصلة الهدف الموزع وغير القانوني باضطهاد ومهاجمة السكان المدنيين في دارفور. توضح تصريحات احمد هارون وخطبه عندما كان في دارفور بانه كان لديه المام تام بان مليشيا/جنجويد كانت تهاجم بشكل روتيني السكان المدنيين وترتكب جرائم ضدهم.

في تصريح امام لجنة التحقيق الوطنية السودانية، قدم احمد هارون معضلة صعبة، كيف يمكن التمييز بين المتمردين والمدنيين؟ وذكر ان المعضلة هي ان «المتمردين يتسللون الى القرى»، التي تكون بالنسبة لهم «كالماء للسمك» علي كوشيب مثله مثل احمد هارون، لقد سمع يقر علناً بالهدف الرامي الى استهداف مجتمعات مدنية مستنداً على المنطق القائل بان تلك المجتمعات تحمي أو تدعم المتمردين.

في اغلب الاحيان، كان احمد هارون حاضراً شخصياً في دارفور لاداء مهامه، اذ كان يزور دارفور بانتظام تقريباً ابتداءً من ابريل 2003م عند وصفهم لهارون، يقوم الشهود مباشرة بتعريفه بالمسوول الحكومي من الخرطوم المسؤول عن تعبئة، وتمويل /أوتسليح «الجنجويد»أو «الفرسان» وقد ذكر الشهود ايضاً في مرات عديدة بانهم شاهدوا احمد هارون يجتمع مع قادة مليشيا/الجنجويد بمن فيهم علي كوشيب، أو يخاطبهم، في اجتماع عام، ذكر احمد هارون انه بصفته مسؤولاً عن «مكتب دارفور الأمني» قد منح كل «السلطات والصلاحيات بقتل اي شخص  أو العفو عنه من اجل السلم والأمن في دارفور».

تشير مستندات صادرة عن مكتب والي غرب دارفور الى ان في «18» نوفمبر 2003م اثناء زيارة تفتيش وتجنيد لمعسكر في قرية قردود في جنوب دارفور، اعلن احمد هارون بانه ستكون هنالك استعدادات «لتجنيد 300 فارس للخرطوم» ووجه الوالي بتأمين اكتمال مثل هذا التجنيد، بعد اقل من اسبوع، في «22» نوفمبر، اصدر الوالي توجيهات لمعتمدي محليتي نيالا وكأس لتنفيذ تلك التوجيه.

كان احمد هارون ايضاً يوفر الاموال لمليشيا/الجنجويد من ميزانية مفتوحة لا تخضع للتدقيق العام. وتشير الادلة بانه كان يذهب «كل ثلاثة أشهر» الى مكجر في طائرة من الخرطوم ليدفع لمليشيا/للجنجويد وكانت مليشيا/الجنجويد يدفع لها نقداً، وقد شوهد احمد هارون يسافر ومعه صناديق جيدة الحراسة.

كان احمد هارون يوزع شخصياً الاسحلة لمليشيا/الجنجويد في دارفور وقد شوهد في طائرات محملة بامدادات الاسلحة والذخائر، وكانت بعض الصناديق تحتوي على اسلحة الجيم ثلاثة واسلحة الكلاشنكوف الهجومية.

في اوائل اغسطس 2003م، على سبيل المثال ، يقال ان احمد هارون التقى سراً بعلي كوشيب وقادة آخرين لمليشيا/للجنجويد في مكجر، والقى احمد هارون بعد ذلك خطاباً بحضور قادة الجيش والشرطة ووالي غرب دارفور وقادة مليشيا/الجنجويد بمن فيهم علي كوشيب. وذكر احمد هارون في خطابه قائلاً بما ان «ابناء الفور» قد اصبحوا متمردين فان «كل الفور» قد صاروا «غنيمة حرب» لمليشيا/للجنجويد. ومع مغادرة احمد هارون، بدأ افراد مليشيا/الجنجويد الذين استمعوا للخطاب، بحملة نهب وسلب. وفي غضون الايام التي تلت، بدأ علي كوشيب ومليشيا/الجنجويد التي كانت تحت قيادته مهاجمة المدن والقرى الواقعة بين بنديسي ومكجر، وكان عندما يشتكي ضحايا النهب والسلب، يقال لهم «بان مليشيا/الجنجويد يمكنها ان تفعل ما تشاء لانها كانت تتصرف بناء على تعليمات من وزير الدولة».

قاد علي كوشيب الهجمات كما انه قام بتعبئة وتجنيد وتسليح وتوفير الامدادات مليشيا/للجنجويد التي تحت امرته. في هجوم آخر كان علي كوشيب يعطي التعليمات مليشيا/للجنجويد. وكان يطلق النار على المدنيين الفارين. وذكر احد الشهود بانه شاهد خاصة امرأة اطلق عليها النار بينما كانت تحمل طفلها.

اثناء الهجوم علي بنديسي في «15» اغسطس 2003م أو نحوه كان علي كوشيب حاضراً في زي عسكري يصدر التعليمات لمليشيا/للجنجويد وكانت القوات البرية تطلق النار على المدنيين وتحرق الاكواخ، وقامت القوات المهاجمة بنهب وحرق المساكن والممتلكات والمتاجر استغرق الهجوم على بنديسي خمسة ايام تقريباً تم خلالها تدمير معظم المدينة وموت اكثر من «100» شخص من بينهم «30» طفلاً.

في ارولا، في ديسمبر 2003م عاين علي كوشيب مجموعة من النساء العاريات وذلك قبل ان يقوم رجال تحت امرته باغتصابهن قالت شاهدة بانها هي ونساء آخريات ربطن على الاشجار مع ابعاد الرجلين عن بعضهما البعض واغتصبن بشكل مستمر.

في مارس 2004م أو نحوه، شارك علي كوشيب شخصياً في اعدام ما لا يقل عن «32» رجلاً من مكجر، وتشير الادلة الى ان علي كوشيب كان يقف بجوار مدخل السجن يضرب اولئك الرجال اثناء مرورهم  به في صف ليتم نقلهم في مركبات لاندكروزر. وقد غادرت المركبات ومعها علي كوشيب راكباً في احداها. وبعد خمس عشرة دقيقة تقريباً، سمعت اصوات اعيرة نارية وعثر في اليوم الثاني على 32» جثة في الادغال.

يزعم الطلب ان احمد هارون وعلي كوشيب يتحملان مسؤولية جناية عن «51» تهمة تتعلق بالجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، شملت: الاغتصاب، والقتل، والاضهاد، والتعذيب، والتهجير القسري، وتدمير الممتلكات، والسلب والنهب، وأعمال غير انسانية، وإساءة بالغة للكرامة الشخصية، وهجمات ضد السكان المدنيين، والسجن أو الحرمان المفرط من الحرية.

5-الوقائع الجنائية المتعلقة بأحمد هارون وعلي كوشيب:

مايلي يصف بعض الهجمات والوقائع الجنائية المرتبطة بالشخصين المعلن عن اسميهما في الطلب.

1/التعذيب-مدينة مكجر:

في اواخر اغسطس واوائل سبتمبر 2003م نفذت مليشيا/الجنجويد واعضاء من القوات المسلحة السودانية خطة للتفتيش والاعتقال في مدينة مكجر. لقد وصفت شاهدة ما رأته عندما قامت بزيارة عمها في السجن المؤقت. كان محبوساً في غرفة مع حوالى ستين رجلاً آخرين، كلهم كانوا مقيدين بطرق مختلفة، وكان معلقاً في الهواء وذراعه مربوطتان على لوحة خشبية في السقف ومشدودتين بعيداً عن بعضهما البعض، كما كانت رجلاه مربوطتين ومشدودتين بعيداً عن بعضهما البعض وقد ترك موقداً يحترق بينهما، كان كل الرجال يحملون آثار الجلد على اجسامهم، وكانت ملابسهم ممزقة وملطخة بالدماء، وكان احد الرجال قد ضرب بوحشية ونزعت اظافر اصابع يديه وقدميه عنوة.

2/الإغتصاب-بنديسي وأرولا:

بنديسي:

ذكرت شاهدة ان المعتدين عليها مسكوا ذراعيها واحدى رجليها بينما ربطوا رجلها الاخرى على شجرة. وكان اثنين من المعتدين يلطمانها مراراً وتكراراً ويهددانها بسيف قبل  اغتصابها. وقد رأت هذه الشاهدة ايضاً ستة أو سبعة من المعتدين يغتصبون اربع فتيات وكان اثنين من المعتدين يمسكان البنت من ذراعيها ورجليها بينما كان الثالث يغتصبها.

أرولا:

في ديسمبر 2003م أو نحو، القت القوات المسلحة السودانية ومليشيا/الجنجويد القبض على مجموعة من النساء الصغيرات في السن واخذتها الى الحامية المحلية للجيش. وقد تم تجريد النساء من ثيابهن، في تلك الليلة، ربط الرجال النساء على الاشجار مع ابعاد الرجلين عن بعضهما البعض وكانوا يغتصبوهن باستمرار.

3/القتل-قرى كدوم ومدينة مكجر:

قرى كدوم:

في «31» اغسطس 2003م اثناء احدى الهجمات العديدة التي شنت على قرى كدوم والمناطق المجاورة، تجولت عناصر من مليشيا/الجنجويد داخل القرى مطلقين النار على المدنيين الفارين. يتذكر شاهد على الاخص بانه رأى امرأة اطلقت عليها النار وهي تحمل طفلها. وقد اصابت الطلقات النارية كلاً من الام والطفل، وكسرت ذراعها وتوفى طفلها متأثراً بجراح الاعيرة النارية، يتذكر الشاهد ايضاً رؤية عنصراً من مليشيا/الجنجويد يطلق النار على امرأة حبلى على وشك الوضع والتي فارقت في وقت لاحق الحياة كنتيجة لذلك.

مدينة مكجر:

من 2003م أو نحو الى مارس 2004م أو نحوه، نفذت القوات المسلحة السودانية المليشيا/الجنجويد اعدامات للمدنيين في مدين مكجر وضواحيها، وقد رأى شاهد عناصر من القوات المسلحة السودانية ومليشيا/الجنجويد تصطف وتطلق النار على عشرين رجلاً على الاقل. وعادت بعدئذ عناصر المليشيا/الجنجويد الى قاعدتهم مخلفين وراءهم الجثث ومحدثين ضجيجاً احتفالياً.

في حادث آخر، تم على الاقل نقل اثنين وثلاثين رجلاً في قافلة من سيارات اللاندكروزر الى خور حيث قتلوا جميعاً اطلاق النار حوالى عشر دقائق، وبعد وقت قصير، عادت المركبات فارغة. في اليوم التالي عثرت نساء على اثنين وثلاثين جثة في الادغال.

4/تدمير قرية بأكملها والتهجير القسري لسكانها- أرولا:

قبل الهجمات كان يقيم في ارولا ما لا يقل عن «7» آلاف من السكان . وفقاً لاحد الشهود في ديسمبر 2003م دمرت القوات المسلحة السودانية ومليشيا/الجنجويد ارولا تماماً، حرق كل الاكواخ وارغام كل السكان الذين بقوا على قيد الحياة على الفرار.

6-المقبولية:

ان المحكمة الجنائية الدولية محكمة الملاذ الاخير، قد تتولى فقط في الحالات التي:

.1لم تجر فيها اي تحقيق أو مقاضاة في الدعوى.

.2تجرى فيها أو اجرى فيها مثل هذا التحقيق أو المقاضاة، ولكن الدولة غير راغبة أو غير قادرة حقاً على الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة.

لكي تكون الدعوى غير مقبولة، يجب ان تشمل الاجراءات القضائية الوطنية كلاً من الشخص والافعال موضوع الدعوى المعروضة امام المحكمة، في هذا السياق تحدد «الدعوى» بواسطة احداث محددة وقعت خلالها أو اكثر تقع في نطاق الولاية القضائية للمحكمة، يبدو انها ارتكبت بواسطة متهم أو اكثر من متهم تم تحديد هويتهم خصصت جهة الادعاء موارد هائلة واعطت عناية كبيرة لمسألة المقبولية. سيرت جهة الادعاء «5» مهمات الى السودان، كانت احدثها في اواخر يناير 2007م، لجمع معلومات عن الاجراءات القضائية الوطنية من الدوائر الحكومية ذات الصلة، بالاضافة الى القضاء والشرطة.

ان التحقيقات التي تجريها السلطات السودانية المعنية، لا تغطي نفس الاشخاص أو نفس الافعال موضوع دعوى جهة الادعاء. تشمل التحقيقات في السودان علي كوشيب ولكن ليس بشأن نفس الاحداث، كما انها تتضمن قدراً ضئيلاً من الافعال. اخطرت الحكومة السودانية جهة الادعاء بان علي كوشيب قد تم القبض عليه في «28» نوفمبر 2006م وانه تحت التحقيق الجنائي بالرغم  من ان التحقيقات في السودان طالت علي كوشيب، إلا انها لا تتعلق بنفس الاحداث كما انها لا تغطي سوى قدر يسير جداً من الافعال.

بعد تحليل كل المعلومات ذات الصلة، توصل المدعي العام الى ان السلطات السودانية لم تحقق أو تقاضي في الدعوى التي تشكل موضوع الطلب. على هذا الاساس، خلصت جهة الادعاء الى ان الدعوى مقبولة. ولا يعتبر هذا التقييم حكماً على النظام القضائي السوداني بأكمله.

7-ضمان مثول احمد هارون وعلي كوشيب أمام المحكمة:

عملاً بالمادة «58» اذا اقتنعت الدائرة التمهيدية بوجود اسباب معقولة للاعتقاد بان الاشخاص المعلن عن اسمائهم قد ارتكبوا جرائم تقع في نطاق الولاية القضائية للمحكمة فان الدائرة ستصدر اما امراً بالحضور الى المحكمة أو امر القبض بحق كل من احمد هارون وعلي كوشيب.

وسيكون ضمان مثول احمد هارون وعلي كوشيب امام المحكمة بمثابة تحد كبير. وفقاً لقرار الدائرة التمهيدية، ستكون المسؤولية بالدرجة الاولى مسؤولية دولة السيادة «السودان» اما باتخاذ خطوات لخدمة امر الحضور أو بالقاء القبض على الشخصين، ان الحكومة السودانية بصفتها دولة ذات سيادة، تمتلك كلاً من المسؤولية القانونية للتعاون في تسهيل مثول الشخصين والقدرة على القيام بذلك. وقد قيمت جهة الادعاء ورأت ان في هذه المرحلة قد يكلف امر الحضور لضمان مثول الشخصين. وستقوم الدائرة التمهيدية بتقييم مستقل لتحديد فيما اذا كان من الانسب اصدار اوامر القبض أو اوامر بالحضور.

8-الخاتمة:

مع تقديم هذا الطلب، تكون جهة الادعاء قد رفعت ادلتها الى الدائرة التمهيدية وسيراجع القضاة الادلة المقدمة ويقررون كيفية الاجراء..

 

آراء