فلتأخذه المحبة بيدها ، رفيقة به أينما ذهب . فقد كان قريبٌ من حبال أوردة كل من عرفه . وصار الآن بمكيدة دُبرت بليل ذاهباً من وطن المهجر الأول، إلى وطنٍ ومهجرٍ جديد. قال الذكر الحكيم : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) . فقد ترصدته محبة قلوبنا من طرف بأفعاله بيننا ، وترصدته نار الحسد من طرف الذين أسهموا بأن يفرّ حبيبنا " محمد عيد " إلى وطن آخر ، قفزة لعالم آخر ومهجرٍ آخر ، هو أقرب للمجهول ، لعله يخفف ظلم زوي القربي الذين قطعوا كل بادرة خير في يكونوا إخوة سودانيين، يهمهم سودانيو المهاجر ، أو نلقاهم وسط العشيرة في الأفراح والأتراح . يَعشّون الضيف الهجوع. ولكنهم استأثروا بكل الوطن وتفرق رزقه بين ضِباع الأممية الإسلامية التي اختارت السودان بؤرة تنطلق منها ،والتي اختارت أسوأ تأويل لتجميع كل إرهابيي العالم .
هذا يوم أسود من أيام المهاجر، التي يُنتزع فيه الطيبون من سكينتهم ، يفرّ أُسرهم إلى وطن ، وكل جريرتهم أنهم كانوا يهبون وقتهم للعمل العام . ولا يمسّون " أهل الإنقاذ " من قريب أو بعيد . وفي النادي السوداني كان الأستاذ " محمد عيد " من أشدّ القائمين على العمل العام حرصاً على تطبيق قوانين الدولة و ذِكر محاسن دولة المهجر وحُسن ضيافتها للجالية السودانية .
(2)
عزيزي " محمد عيد " أرض الله بالفعل واسعة . نعم ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، كما ليس بغيره يحيا .
يا لغرابة الدنيا!.
في كل بادرة يُطل علينا الذين انسلخوا من الوطن وصارت الدولة والأرض والبشر والحجر ، يرونه ملكاً شائعاً ، وحين أصابهم فيروز التنظيم فصاروا ضباع آدمية تتغذي بالدم ، ويُفرِحها السعي الحثيث لملاحقة غير المنتمين معهم ، وتفردوا بحب العمل العام الذي هو مثار حسدهم وسعيهم الدءوب لقطع الأرزاق بأية وسيلة هو ديدنهم ، ولو كان بالإفتراء بحبائل الكذب . في الوقت الذي يهتم المندوبين الرسميين في كل الدول للسعي لحل مشكلات المسجونين أو المشكلات الأسرية ، والعمل ، فقد اختاروا هم الكيد ضد الذين لا ينتمون لتنظيم دولتهم ، ويلاحقونهم في الأرزاق !. لقد سلخهم التنظيم عن منذ زمانٍ من جلسة العشيرة وطيبة أهل السودان . هم ينفرون من الأهل ومن الوطنية ، وما ارتضوا بإبتلاع السودان بما فيه ، بل تطاولوا للضرب تحت الخاصرة للذين وجدوا في المهاجر وطناً أرحب من وطنهم الأم .
(3)
تلفنت أطلبه ، وأسأله عن الأسرة وكريماته الصغار . قال : هم الآن في الجو بصحبة الطائرة السودانية .
قلت : وأنت سيدي ؟!
قال:
أذكر شعر أبو الطيب المتنبي حين أشعر :
غنيٌ عن الأوطان لا يستفِزُني .. بلدٌ إذا رحلت عنه إيابُ
ستذكر المرابع في بطن " الحمّادي " في ريف كردفان الغرّ ، وهاهو خيرها ما نعرف ، من حُسن المعشر وطيبة المعاملة ، والسهر على الأحباب الذين تقطعت بهم السُبل ، أن " محمد عيد " كان الكتف الحان وكان بلسم المهاجر ، ونسمتها :
(4)
مساهماته في الثقافة :
أول سِفر قرته له كان " شواهد شِعرية من بلادي " . وكان عضوا فاعلاً في نادي " رشف المعاني " الأدبي بالمدينة المنورة . قدم لنا في منتدى السودان الفكري : عدد من المحاضرات عن تراث كردفان ، بواديها وأريافها ، وعشائرها ، ومنها محاضرة عن " الشاي والبرامكة في السودان " . لها كتاب تحت الطبع : " السودانيات الشواعر " ، وقد كتب منه في ورق السماء عدد من الحلقات . كتب عن أصول " الداجو والتُنجر في السودان " : سبع حلقات في صحيفة " الراكوبة " الإلكترونية .وله عدد من الكتب التي يقوم بتجهيزها للنشر : " حقائق وإضاءات عن التاريخ الاجتماعي السوداني " وكذلك : " الأدب الشعبي في " دار الريح " بكردفان " . وكذلك " المراحيل ومسارات البقارة في كردفان " . ولديه مبحث ضافٍ : " دار فور بين السياسة والقانون الدولي والإنسان " وهو كتاب من واقع دراسته القانونية .
سيلتقيك سيدي الأحباب في كل وادي ، فأنت سيدي من الذين يفخر بهم وطنهم ، في الجود والكرم وفناء الذات من أجل الجماعة . ودامت رعايتك الوثيقة لمنتدى السودان الفكري ، من استضافة ، وملاحقة المشاركين ، وتسجيل المحاضرات والوقوف " كأم العروس " في كل مضرب ، نجدك تهتم بما يهم الجماعة ، وكأنك تنسي أسرتك الصغيرة . وخير ما نهديك في بطن الغربة الجديدة :