محن السياسة السودانية .. الختان لمن يعارض حديث البرهان

 


 

حامد بشري
17 November, 2022

 

هنالك ثمة ملاحظة أولية في خطابات البرهان التي يلقيها أو يرتجلها قبل أن نأتي الي خطابه الأخير يوم الأحد الماضي الذي القاه بالمرخيات وأعقبه بتمارين عسكرية وتنشين علي دروه وبالونات مما لا يخلو من إيحاء بمقدرته علي إستعمال السلاح متي دعت الضرورة . ونعني بالضرورة فشل التسوية التي تُمكن القوات المسلحة من الهيمنة علي إتخاذ القرار كما عبر عن ذلك ( مافي تسوية ثنائية ، في ورقة قُدمت وقدمنا فيها ملاحظاتنا التي تحفظ للجيش سلامته ووحدته وأستقلاليته ) الكلمة المفتاحية هي – أستقلاليته – . الملاحظة الجديرة بالأهتمام أن البرهان في كل لقآته لم يفتح الله عليه بكلمة ترحم علي أروح االشهداء الذين قدموا أنفسهم دفاعاً عن الديمقراطية بعد أنقلابه المشؤم ولا بمؤاساة أسر الشهداء والأمهات اللاتي تنزف قلوبهن دماً لفقدان فلذات أكبادهم . وللحقيقة والتاريخ في لقائه بالقوات المسلحة في المرخيات دعا المولي أن يتقبل شهادة من أستشهد من صفوف القوات المسلحة وأن يشفي جراح المصابين منهم . البرهان بحكم منصبه الذي أنتزعه عنوة مُطالب بأن يترحم علي جميع شهداء الشعب السوداني ويطلب المغفرة صباح مساء لمسئوليته المباشرة عن نزيف الدم الذي تسبب فيه منذ أن أستلم السلطة وحتي حينما كان قائداً عسكرياً بدارفور .
هذا الحديث ( المحافظة علي سلامة الجيش ووحدته وأستقلاليته ) لو صدر من أي شخص آخر بخلاف البرهان يمكن أن نحمله محمل الجد . ليس ببعيد عن الأذهان المحاولة الأنقلابية التي نفذها الفريق عبدالباقي بكراوي مع 22 ضابطاً في سبتمبر من العام الماضي والبرهان قائداً عاماً للقوات المسلحة . ما ورد من إفادات الضباط الذين نفذوا العملية ما يلي :
( كنا بنفتكر أنو ده هو رد الفعل الطبيعي من القوات المسلحة في الإنحياز للشعب السودانى وباركنا تلك الخطوة نحن كسلاح مدرعات ، الشييءالمعروف أن القوات المسلحة وبناءً على الدستور هى التى تستلم زمام الأمور في البلد وتعلن عبر قيادتها إستلام السلطة لفترة إنتقالية محددة ثم يعقب ذلك إنتخابات يشارك فيها الجميع ، لكن ما حدث في يوم ١١ ابريل ٢٠١٩م لم يكن كذلك على الإطلاق والأدهى والأمر هو دخول ممثل لقوات الدعم السريع وترقيته الى رتبة فريق أول ليصبح نائب رئيس المجلس العسكري وده كان أكبر خطأ أُرتكب في حق القوات المسلحة عبر تاريخها الطويل) (سكوت قيادة القوات المسلحة على ذلك التجاوز الكبير هو الذى أدى بقوات الدعم السريع أن تتمدد وتتجاوز كل القوانين في التعامل حتى مع المواطن السوداني حتى بلغ الأمر ذروته في جريمة فض الإعتصام أمام بوابات القيادة العامة للجيش . ما حدث خصم الكثير جداً من رصيد القوات المسلحة في شكل علاقتها وإحترامها عند الشعب السوداني) . أنتهي حديث الضباط المتهمين .
أما حديثه (البرهان) الذي ورد فيه تحذير للسياسيين ( ما يتدخلوا في شأن القوات المسلحة . الشراكة الفضيناها في 25 أكتوبر مع الحرية والتغيير لانها دخلت جوه الجيش ودايره تحرض الجيش . شايفين ومتابعين بعض الناس بحرضوا في ضباطنا عشان يعملوا عمل هدام نحن بنقول ليهم أرعوا بقيدكم ) . والحديث للبرهان ( ما بنسمح لجهة تفرتق القوات المسلحة ، أو تدخل فيها يدها . أنتو قاعدين ونحنا قاعدين وسلاحكم في يدكم ، مافي زول شال منكم السلاح ده . الشعب السوداني أستأمنكم عليه ) . واضح أنو من نبرات الصوت وحديث البرهان –سلاحكم في يدكم مافي زول شال منكم السلاح ده - هذا هو التحريض بعينه ودعوه للوقوف ضد أي حكم مدني إضافة الي عدم تقديم أي تنازلات فيما يخص الشركات المملوكة للقوات المسلحة والتي تستحوذ علي معظم أيرادات الدولة . (بنقول للشعب السوداني ديل أولادك ما حيخونوك ولا حيخونوا عهدهم ولا حيخونوا قسمهم ) . البرهان شخصياً أقسم أن لا يخون البشير وحنث عن قسمه وأقسم أن لا يخون ثورة ديسمبر وأنقلب عليها وسينقلب للمرة الثالثة علي قوي الحرية والتغيير إذا دخلت في تسويه معه .
ثالثة الأثافي، أنو البرهان يصر في حديثه أن ما قام به في 25 أكتوبر 2021 لا يعتبر أنقلاباً وإنما تصحيح مسار . كيف يتأتي للبرهان شخصياً أن يقييم قيادات الحرية والتغيير بعد أن أهانهم وأذاقهم مر العذاب لاكثر من 3 أسابيع حينما إعتقلهم أثر أنقلابه المشؤم . (تمت مفاهمات بيننا وبين بعض قيادات قوي الحرية والتغيير ، ديل ناس واعين ووطنيين ، نحنا لمسنا فيهم هذه الروح والتزموا بأنهم بيعملوا من أجل السودان) . الضمير في نحنا راجع للمجلس العسكري وعمنا فضل الله برمة كما خاطبه البرهان .
( دايرين مدنية يحرسها الجيش ده مافي جهة تانية بتحرسها) . يا البرهان صلي علي النبي ، الثورة حينما أندلعت أنت كنت عضو عامل في اللجنة الأمنية تأتمر بأمر المخلوع البشير . الثورة قامت علي أكتاف كنداكات ، وشماسه ، ومنظمات مجتمع مدني ، وتجمعات مهنيين ونقابيين ومعاشيين ولجان مقاومة وأحزاب سياسيه هؤلاء هم حراس الثورة . أما تحذيراتك بقطع اللسان واليد فسبقوك عليها إخوة لك في التنطيم ناس (لحس الكوع ) و (الزارعنا غير الله يجي يقلعنا ) وناس (شوت تو كيل ) وما (تجيبوا حي ) . يتضح مما سبق أنك لم تتعظ من مصير هؤلاء مما يوحي بأن خاتمتك ستكون أسوأ خاصة بعد أن تبرؤا منك أخوان الشيطان .
وأخيراً بعد هذا التحذير بقطع اليد واللسان أتوقع في المليونية القادمة أن تحذرنا بقطع بقية الأعضاء .
رسالتي الأخيرة لك : أذهب الي مذبلة التاريخ غير مأسوف عليك تجرجر أزيال الخيبة والندامة . حصاد حكمك رهطل من الشهداء والشهيدات زينوا بدمائهم لوحة الخلود ولحقوا بأسلافهم في تاريخ السودان الناصع . وأقول لك بملء الفم لا أنت ولا تابعيك بقادر علي كسر أرادة شعب السودان .
اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف بنا .

حامد بشري
16 نوفمبر 2022

hamedbushra6@gmail.com

 

آراء