مخاطر العودة للتفاوض مع الجنوب دون شروط !؟
أدم خاطر
12 May, 2012
12 May, 2012
تعودنا قبل ما عرف باتفاقية السلام الشامل أن تكون بلادنا عرضة للقرارات الأممية الجائرة بدعاوى الاعتداء على حقوق أهل الجنوب وحملهم للعيش معنا كمواطنين من الدرجة الثانية ، وتريد ذات الأطراف الدولية فى الغرب وأمريكا واسرائيل بكل مراكز استخباراتها وكنائسها ومنظماتها المسماة غير حكومية ، وبما يتوافر لها من سطوة على المنظمة الدولية ومجلس الأمن الدولى ، تريد لنا هذه المجاميع والجنوب قد أخذ دولة جاهزة بربع أرضنا وثلث سكاننا ، أن نبقى على هذه المعادلة ونقبع فى ذات الدائرة ويظل السودان حبيس العقوبات والابتزاز والتحامل فيما يدلل الطرف الآخر !.هذه الصورة الشوهاء التى رسمت حول الجنوب فى مخيلة العالم ، وتصويره بأنه الضحية والسودان هو المعتدى على الدوام ، حتى وان غزت كلاب الحركة الشعبية وبقايا فلول تمرد دارفور التى توالى الجنوب كل مدننا ومناطقنا الحيوية ، يظل جنوب السودان وجيشه الشعبى معصوم من الخطأ والادانة وتجير الأحكام والقرارات الأممية والاقليمية لصالحه !. حتى وان خرج ثلاثى الفتنة علينا من أرض الجنوب ، أولئك الذين يشايعونه عبر فكرة السودان الجديد " الحلو – عقار – عرمان " خرجوا بالأمس على جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وتم اجتياح واستباحة هذه المناطق وتهديد الحدود على امتداد الجنوب ودارفور بكل ما لازمها من خراب ودمار ، وبرغمها تبقى الحركة الشعبية بمنأى عن اللوم ، لأن العالم يطلق يدها لتفعل بجوارها كل ما ينافى مبادىء الجوار والأمن والاستقرار ، ووئد كل مسعى للتعاون والتعايش السلمى وافراغ الحوار معه من أى جدوى طالما سقوفه فى تحرك دائم كالرمال ، وشروطه فى تمدد واعتداءاته مستمرة !. تابعنا كيف استبيحت هجليج وغيرها من المناطق وكيف جاءت الادانة قوية من كل الأطراف والمؤسسات للطرف المعتدى، ولكن سرعان ما تبخر أثرها ، وأنقلبت بعض الدول وغيرت من لهجتها وتعاطيها مع السودان ،ربما لاستطاعته الانتصار فى زمن قياسى وقدرة أبنائه فى اعادة الأمور الى نصابها وامساكها بزمام المبادارات على كافة الجبهات العسكرية والسياسية والدبلوماسية !. وشهدنا كيف كان الضعف والخوار قد لازم اجتماعات مجلس الأمن والسلم الافريقى ، الذى سارع بترحيل الملف الى مجلس الأمن فى خطوة غريبة ومستهجنة ، وقد حكم على فشل وساطته أو هكذا أريد للاتحاد الافريقى أن يركن الى ضعفه ويتراجع فى تعاطيه مع الهموم والشئون الافريقية ، لتختطف الدول المستكبرة الملفات الافريقية وتعبث بها كيفما شاءت !. لأجل هذا جاء القرار الدولى رقم ( 2046 ) متعجلا ومتحاملا لصالح الحركة الشعبية ليغسل عنها ثياب الهزيمة التى لحقت بها ، ويعكس صدمة وفشل الأطراف الدولية وراء الحرب التى شنت عبر هجليج وخيبة أملها من تبعاتها وانعكساتها المدمرة على حليفها الذى يترنح الآن !.
الجنوب بعد توقفه عن التفاوض واغلاقه لأنابيب النفط والضوائق الاقتصادية الداخلية الكثيفة التى تحيط بواقعه ، وحماقة أربابه باحتلال هجليج وغيرها ، اضافة الى النزاعات الداخلية حول قسمة الثروة والسلطة لا يملك من القوة والارادة ما يقاتل به السودان الدولة الأم ، هذا معلوم بالضرورة ، وأن قيام أطراف خارجية وراء قيادة وادارة المخطط الذى يجرى فى استمرار الحرب على حدودنا وابقاء الملفات المتبقية معه معلقة هى توجهات جديدة للأمريكان والغرب لتعقيد العلاقة وابقاء الأبواب مفتوحة أمام المزيد من الاحاطة والعقوبات الدولية على نحو ما طالب القرار الدولى فى تحديد فترة 3 أشهر للحل !.وهذه الخارطة التى أصدرها الجنوب مؤخرا بتضمينها منطقة هجليج داخل الحدود الجنوبية هى جزء من هذا المخطط الذى تبدت شواهده ، ولم تعد مجرد لجاجة وتكتيك من أبناء قرنق لتبرير فشلهم و تمرير مخططهم على شعب الجنوب والنوير تحديدا الذين تم حشدهم بواسطة رياك مشار وتعبان دينق ، وحصدت أرواحهم فى معارك تحرير هجليج بالالاف ، وباتوا هم وغيرهم من أبناء الجبال وقودا لحرائق قادمة ومعارك مفروضة عليهم وفى غير صالحهم كى يستمر سلفا ومجموعته فى الحكم !. علينا أن نستثمر فى رعونة هؤلاء طالما الجنوب هو المعتدى عليه أن يتجرع مرارة الحرب بكل تبعاتها المثقلة دون توقف حتى تحرير آخر شبر من أرضنا ودحر كل معتدى ، لأن واحدة من أسباب احتلال هجليج من قبل هؤلاء المرتزقة هى حالة الضعف والهوان والتنازل الذى ظللنا نقدمه عبر مسيرة التفاوض والتقاضى عن كثير من التهديدات والاختراقات والتجاوز من قبل حكام الجنوب ، هذا التساهل ظل يقابل ويكافأ بالحوار الذى استمر لثلاثة جولات كان الحصاد فى جميعها لصالح الجنوب !. كيف لنا بالمضى فى تفاوض مع الجنوب وكل يوم يثبت أنهم بهذه الروح والعدوانية والتآمر بلا صدق ولا وفاء أو احترام لعهودهم !. كيف لنا بالجلوس الى هؤلاء ودماء شهدائنا لم تجف بعد ، وبعض أسرانا تم تصفيتهم بدم بارد على أيديهم ، والمناطق تسقط كلما حررنا منطقة سقطت أخرى فى لعبة حرب عصابات مكشوفة !. علينا أن نعول على قدراتنا بعد نصر الله والتوكل عليه ، ونلتزم خطابنا السياسى ووعدنا لأمتنا ، والموقف الحالى لصالح البلاد لا يهزمهم غير الدعوات المنبطة والتسارع فى قبول الحوار لمجرد أنه أتى بضغط دولى !.
كيف لنا بالحوار مع الجيش الشعبى وقادة الجنوب الحاليين بخنجرهم المسموم على ظهرنا ، وبعض المناطق محتلة وفى قبضتهم تماما ، وفلول العمالة والخيانة ترابض بأرضهم ويتم تشوينها وتسليحها من مخازن العدو وباشراف قادته لتستمر الحرب والحرائق وتزداد المعاناة فى صفوفنا ليبقى السؤال أين هو السلام الذى واثقنا عليه وأين تدابيره الأمنية والعسكرية التى ضمنتها البروتوكولات المزعومة !. كيف لنا بالقفز الى مناقشة النفط والمصالح الاقتصادية وبلادنا تجاوزت هذا المعضل وأخرجت أى ايرادات متوقعة يمكن أن تأتى من تمرير نفط الجنوب عبر أراضينا من موازنة العام الحالى !.كيف لنا باعادة الدم الى كيان الشمال بعد أن قبر وتم دفنه وتشرد قادته بفعال خيانتهم للوطن وباتوا لاجئين وعملاء لدولة العدو ومخططات الأجنبى ، يراد اعادتهم الى الواجهة عبر الضغوط الأممية والقرار الدولى الذى يراد له أن يلتف برقبة البلاد ويعمل لأجل هؤلاء المأجورين ، لايقاف جذوة الجهاد والتعبئة وحملات الاستنفار التى تعم الوطن لأجل منع هذه الشخصيات من العودة الى مشهدنا السياسى مرة أخرى !. بلادنا تشهد مؤامرة دولية كبرى ومحاولة لاختطاف الملف من البيت الافريقى واستبدالها بخيار تكون الامرة فيه لهؤلاء ، عبر متلازمة لاستدعاء القرار 1593 بكل سوءاته وآليات اطباق وحصار مستحدثة فى كل الجبهات فى ثوب القرار 2046 ، وبعض ساستنا يصيبهم الهلع لمجرد قرار جديد صدر من مجلس الأمن الدولى ويا ليته من قرار !!!. فالبلاد الهبت ظهرها بالقرارات الدولية فى مدة قصيرة فى متوالية لم تحدث أو تطبق على اسرائيل بكل جرائمها !. وذات الأيادى هى من سعت للاحاطة برئيس الجمهورية عبر المحكمة الجنائية الدولية وما تزال تلاحق بعض وزرائنا وقدتنا ، وبالأمس منع السودان فى العام 2007م من رئاسة دورة الاتحاد الافريقى رغم استضافة الخرطوم لها فى أول سابقة فى تاريخ الاقليم ، وتحاول ذات اليد الأمريكية أن تمنع رأس البلاد من أن يحضر الى قمة الاتحاد الفريقى بمالاوى فى يوليو 2012م ، وبالمقابل علينا أن نقبل كل هذا ونحاور قادة الجنوب ويدهم ملطخة بدماء أبنائنا وخيانتهم ماثلة ، وخرابهم فى توسع ومصالحهم تضمن خلف هذا القرار !. رأس البلاد قال بعدم العودة للتفاوض ما لم تحسم القضايا الأمنية وتحرر الأرض ، وأى حديث لأى مسئول بالدولة خارج هذا السياق كائنا من كان يأتى فى باب الخيانة والتدليس واجهاض الروح الجهادية التى عدلت الميزان لصالح البلاد !. أى قبول بتفاوض يجلسنا الى قادة ما يسمى بقطاع الشمال أو الخوض والتعاطى معهم هو انتحار سياسى للدولة بكاملها يفقدها المشروعية ويحمل الشعب الذى يناصرها الان بكل قطاعاته وتشكيلاته من الانقضاض عليها ، ومن شأنه أن يفضى الى ربيع عربى سودانى كون القيادة خانت ميثاقها ووعدها لشعبها ، وحاشى البشير أن يكون من يقدم على ذلك !. الكاسب من دعوات الحوار الآنى هو حكومة الجنوب وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة ، دعونا نمكن لها من الموت الاكلينكى بالابتعاد عن طاولة التفاوض لبعض أشهر ، وأن الظروف غير مؤاتية الآن وقواتنا المسلحة بحاجة لبعض الوقت كى تستكمل مهمتها ، وتستفيد من الالتفاف القومى فى معارك التحرير التى تخوضها ، ثم ننظر من بعد التحرير الكامل الى آليات الحوار وأى الملفات يمكن أن تستدعى بوعى وادراك وظهر محمى وموارد اقتصادية قادمة ، عندها سنجد حكومة سلفاكير وكل الخونة والمأجورين وأذنابهم فى مذبلة التاريخ !.
adam abakar [adamo56@hotmail.com]
\\\\\\\\\\