مدينة بلا صُحف..!

 


 

عبد الله الشيخ
27 September, 2018

 


خط الاستواء
الصحافة الورقية تسير إلى حتفها. الصحافة هي شهيدة الكبت السياسي والكساد الاقتصادي. الصحافة تتراجع والسوشيال ميديا يتقدم. إنه منطق العصر الرقمي، أن تتحول الصحافة الورقية إلى صدى لفيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي.
الحكومة لا تريد الصحافة ولا تحتمل بدونها، فهي غير راضية حتى عن (أولادها) الذين مكنتهم من الاعلام. أكثر من ذلك، فإن كل مسؤول يريد ان يري في الصحافة صورته الأجمل، بينما لا تستطيع الصحافة ارضاء كل المسئولين وكافة الأذواق.
أكثر المتفائلين يقول لك أن عمر الصحافة الورقية إلى تناقص، لاسباب عديدة في مقدمتها زحف الفضاء الرقمي، وارتفاع تكاليف الطباعة النشر.
قد نصحو ذات صباح ونجد المدينة دون صحف. ساعتها لن يشفع للمطبوع أنه إحدى وسائل قياس التحضر في المجتمعات، فهذه الحقيقة نفسها، تبدو من الماضي.
لا أملَ لصحافة الخرطوم إلا في مجازفة لها عواقبها الكارثية على الحرية، تتمثل تلك المجازفة في الدخول لانتخابات 2020 بما نحن عليه الآن من محمولات الصراع السياسي.
هذا الحراك قد يشكل فرصة أخيرة للصحافة الورقية، تصاب بعده بفتور شعبي / جماهيري يسلمها الى نهايتها المحزنة.
صحافة الخرطوم تواجه مشكلات أعمق من ذلك، لأن الرقابة الأمنية جعلت منها مسخاً مشوهاً.
المطبوعة في السودان تعاني من علل أخرى. عند الحديث عن الصحف يلزم الحديث عن النظام السياسي واستيلائه على كل الفضاء العام.
ما الذي تقدمه المطبوعة؟
ما الذي يحفز القارئ المهتم لشرائها، أهو الخبر، أم أعمدة الرأي، أم التسلية؟
الصحافة مثلها مثل اي سلعة، اصابها الكساد.. قد توجد الصحف القادرة على تحمل الخسارة اليومية، بفضل دعم الحكومة السخي، لكن لبعض الوقت. المطبوعة نشاط اقتصادي ثقافى يتأثر بعموم حال البلد ولن ينجو منفردا.. الجمهور الذي يبحث عن قضاياه الحياتية اليومية لا يجدها في الصحافة الورقية، لأن الوسائط تولت جزء من هذا الذي كانت تقوم به المطبوعات.
هذا فعل كوني، فإلى أي مدى ينطبق علينا في السودان؟
كم منا يستخدم النت؟
المزاج العام والحال المايل، كفيلان بتزهيد الناس في الصحافة، فهي توزع وتُقرا عبر شبكات التواصل اكثر من النص الورقي.
هناك دراسات كثيرة تحدثت عن حتمية زوال الصحافة الورقية، أوهي فعليا تتلاشى. معظم الصحافة الاستقصائية والمجلات العلمية المحكمة أُلحِقت بمواقع الكترونية كبيرة. الجرايد فقدت تأثيرها الذي يمكن أن يبقيها على قيد الحياة، ولا أمل لها في البقاء في ظل التطور المستمر لوسائط الاعلام. ما العمل؟
الحل ربما في عقد ورشة لمناقشة الأمر. لكن تلك الورشة لن تمنع ما تقتضيه الضرورة. ربما يخلص النقاش المستفيض إلى توصيات بتحويل الصحيفة الى موقع الكتروني في ظل ارتفاع اسعار الورق عالميا، أوربما (يقتنع) ولاة الأمر بأن العامل الحاسم في عالم الصحف هو جمهور القراء، وأن قراء الصحف هم الطبقة الوسطي التي سحقها الفقر والقهر، بالاضافة الى (حاجات تانية حامياني)..!.
//////////////

 

آراء