مذكرة عشرة جديدة!!! … بقلم: عبدالباقى الظافر

 


 

 

 

تراسيم

 

alzafir@hotmail.com

في أمسية من شتاء العام 1997م جاء الفريق ( وقتها) عمر البشير بلباس عسكري و بحرس خاص إلى اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني، و من قبل لم يعتد إخوة الرئيس في التنظيم أن يغشاهم الرئيس في تلك الهيئة وبذلك الصولجان، و بالفعل كان ذلك اليوم استثناءً، إذ رمى عشرة من أحباء و تلاميذ الشيخ حسن الترابي بمذكرة تحد من سلطات أبيهم الذي علمهم السياسة.

المذكرة التي أصبحت تأريخاً فاصلاً في مسيرة الإسلاميين في الحكم و المعارضة، كانت جولة في صراع لم ينته بعد؛ و لكنّها أفضت بالشيخ الترابي بعيداً عن مفاصل الحكم، عاكفاً في بيته في المنشية، ينتظر حظه مع السلطان، و الذي ربما لن يأتي أبداً؛ و لكن المذكرة منحت الإنقاذ عمراً إضافياً، و مدَّتها بحيوية هي الآن في أمس الحاجة إليها.

في ميقات مذكرة العشرة الأولى كان الرئيس البشير جزءاً في أي معادلة سياسية تهدف لإخراج البلاد من عنق المحنة، هو الشخص الأكثر قبولاً داخل الحركة الإسلامية، و يتمدد ذلك القبول إلى حضور شعبي كبير بين مكونات الأمة السودانية، غرماؤه في ساحة الأحزاب والتنظيمات يرونه و كيلاً لا أصيلاً في عملية تغييب الحكم الديمقراطي في السودان، عالمياً العالم يراه بُقبعة العسكر لا بعمامة آيات الله في السودان.

ولكن تلك أيّام ولّت، فداخل تنظيم الحزب الحاكم يواجه البشير تحديات، هذه التحديات تبدو في شكل فقاقيع كثيرة و لكنّها متناثرة، إن اجتمعت بيّنت شكل الأزمة؛ انشقاق يضرب حزبه في ولاية الجزيرة، و خروج محدود لقادة حزبه في كردفان نحو الغابة، و والٍ في الجنوب يتحدّى تعليمات الحزب الحاكم ويستعصم بمكتبه، و في القضارف يجبر الحزب شيخه كرم الله عباس على الخروج؛ ولكنّ عباس يعود محمولاً على أكتاف القواعد مرة أخرى.

الأحزاب و التنظيمات في السودان لا تنظر بعين الرضا لحكم البشير، بل بات في حكم المؤكد أن يتحالفوا ضده في انتخابات الصيف القادم.

خارجياً يبدو وضع المشير في غاية التعقيد، العالم يحمله بالحق والباطل كل أزمات السودان، و لن يمنحه إقراراً و اعترافاً وإن فاز في انتخابات مُبرأة من كل عيب و منقصة.

هذا الوقت هو أفضل وقت للمشير البشير أن يختار الرحيل، يرحل بطوعه واختياره، و يختار بكامل إرادته خليفته في الحزب والدولة.. بهذه الخطوة الشجاعة يحمي البشير مجده الشخصي.. استلم السودان وطناً في حالة حرب.. و سلّمه واحداً موحداً يعيش في بعض وئام.

هذه الخطوة الجريئة تحتاج من رجال حول الرئيس أن يقدموا مصلحة الوطن على مصلحة الحزب، ومصلحة التنظيم على مصلحة الرئيس..كانوا عشرة .. فأين هم الآن..؟

 

آراء