مرافعة خجولة عن الخارجية دون قصم الظهر !!
بسم الله الرحمن الرحيم
-1-
ذكرتني ردود الأفعال عقب إعفاء بروف إبراهيم (غندور) من الخارجية ، بداية الحملة الأولى على الإنقاذ و سياسة ما عُرف بالتمكين و التي جرت في الوزارة أوائل تسعينات القرن الماضي، حيث نعتت المعارضة وبعض منسوبي الخارجية من الحانقين على الجدد، بأنهم ناقصو الكفاءة و التجربة والموهبة ، وأوغلوا في العداء بإصدار قائمة للدبلوماسيين زملائهم الجدد ، الذين زعموا بأنهم لا يحملون شهادات جامعية وإن وجدت فهي مزورة.
راجت هذه الأكذوبة ردحاً من الزمان ، متناسين أن الأسلاميين قد نالوا الدرجة الكاملة في دوائر الخريجين في إنتخابات 1986م هذه الفرّية إستمرت حتى الآن برغم أن دبلوماسي الإنقاذ خاضوا معركة العمل الخارجي في زمن الحصار وإنتصروا نصراً مؤزراً ، وولجوا معاقل العداء وأبانوا موقفهم بلغة ناصعة البياض كما هي عند أهلها .
-2-
الذي ذكّرني هذه الحملة الأولى ، النبرة العالية ، والحدة غير المسبوقة ، ونفت السموم القاتلة ، من بعض الصحفيين الذين يتعاملون مع مصادر غير موثقة ، وربما يكنون عداءً سافراً للإنقاذ ،أو يعملون لصالح أجندة عامة أو خاصة ولو سقيّتهم عسلاً ولبناً ، ناهيك عن زمن تخللته عثرات إقتصادية حادة، تبرر للإنتهازين جمع كل حصائد الغبن التاريخي في سلة واحدة، ليّرموا الإنقاذ بكل ما أوتوا من قوة ، مقتنصين فرصة لا تعوض للإطاحة بعهد الإسلاميين .
-3-
لقد نال البروفسور إبراهيم غندور حظاً وافراً من التعليم وتوّجه بدرجة الأستاذية ، وتقدم صفوف العمل العام ، فتيوأ أثقلها مسؤولية ، وكلفة ، فأصاب كثيراً ، وأخطأ قليلاً ، وبذل جهداً مقدراً ، وسهر من أجل فكرته وقضايا وطنه ومنسوبيه ، حيث يُسأل عنهم ، في الدنيا قبل الآخرة ، ومثلما ذكر أن التغيير سنة ماضية لإستمرار الحياة لذا إنتاشته سهام كراهية الإسلاميين التي تتربص لتضربهم بعضهم ببعض ، لإضعاف تنظيمهم ، ولتبث التنافس في حظوظ الدنيا وبريق ذهبها الخادع .
-4-
الذي أعرفه ــ جيداً ــ أن بعض الذين طالتهم الإحالة للصالح العام في الخارجية ، قد ُردت الكثير من حقوقهم بالعودة للوظيفة وإستئناف اعمالهم كالمعتاد ، رغم ما ران عليهم من ظلم .
إن بعض الأصوات التي تشعل النار بشكل هستيري ، لا ترى في الخدمة الخارجية إلا الورق الأخضر ولا يدركون متاعب المهنة القاسية من غربة موغلة في النفس ، لا كما يتراءى ما أستقر في المخيلة الشعبية التي جسدتها أغاني البنات ( دبلوماسي طلبو قاسي ) أنها مهنةٌ مرغوبةٌ و لا يدركون رهقها الدائم من ترحال وتشتت ومصاعب جمة من دراسة الأبناء إلى قضايا إجتماعية كثيرة لا يستوعبها هذا المقال.
-5-
العمل الدبلوماسي لا يناله إلا منْ تشّرب وطنية وإنتمى لتربة هذا الوطن ، الذي غنى أحد شعراءه و دبلوماسيه الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم رحمه الله ( الطير المهاجر) الذي صدح بها وردي لتصبح أيقونة ً للحنين والشجن الوطني الذي يتمثل في شوقه الى النيل إلى حياكة مناديل الحبيب !!! .
الدبلوماسيون منذ فجر الإستقلال و إلى الآن يمتازون بحس وطني رفيع ، فهي مهنة لا تصلح إلا بالإنتماء لكل ذرة تراب من الوطن هناك أخطاء وهنات قليلة إذا قورنت بقطاعات أخرى من العمل في الدولة لأنه قطاع حساس وأي مصاب فيه يجرح خاصرة الوطن ، ولذا فأن أي صياحٍ مؤذٍ من صحفي او صحفيّة شهيرة لا ينزع الجينات السودانية ، مهما علا وإمتلأ حقداً وغيره وحسداً ، هذا لا يعني حصانة للوزارة من النقد الهادف لان الرسالة الوطنية والمهنية مرتبطة بهذا الفعل النافع والواجب .
-6-
أما نقد بعض أهل المهنة من دبلوماسيين سابقين فيتسم بالكثير من اللاموضوعية وتخيل قدرات لم تتمثل في بعضهم ، بل أكثرهم لم يحقق بروزاً ، ومواقف مشهودة في تاريخ الخارجية أثناء خدمته بينما حقق العديد من الدبلوماسيين الرساليين مواقف ناصعة ومقدرة تحسب لصالح البلد . لم يكتب أو يقدح أحد الدبلوماسيين الرساليين بخبرات الدبلوماسيين المرموقين السابقين الذين امتهنوا هذه المهنة بأقتدار حتى أحيلوا للمعاش بطبيعة الحال ، وتعلم هؤلاء الدبلوماسيون الرساليون الكثير منهم ، وهذه طبيعة كل الأعمال خاصة في الخارجية... الفضل لأهل الفضل ، ومنْ ينكر ويدّعي مزايا خارقة فهذا الزعم مردود عليه ، فشباب الخارجية وشيوخها الآن يتميزون بقدرات عالية في التحليل السياسي واللغات الأجنبية المختلفة.
-7-
منْ يعتقد أن العمل الخارجي باب مفتوح للإعاشات ، فقد ظلم نفسه ، وظلم عدداً من أهله أو أصدقائه ، أو معارفه ، أو زملائه في الدراسة يوماً ما ، فمن يحمل مهمة التكليف في بلاد باردة جامدة ، أو منْ يحاول فتح كوة يدخل منها ضوء وسط ظلامٍ دامس للعلاقات الخارجية او تضطره الأحوال ان يُهش في وجوه قوم يكرهونه ..... العمل الخارجي ليس مظلة للإعاشة إنما جهد وخبرة وإجتهاد ومثابرة تصيب المرء بأمراض شتى أقلها الضغط و السكري وأمراض أخرى نادرة الحدوث .
-8-
وزارة الخارجية جهة منفذة للسياسة الخارجية في النظام الرئاسي ، فمسائل فتح سفارات أو إغلاقها مسألة معقدة تتشارك فيها جهات عديدة في الدولة .
الخارجية تقدم المشورة والرأي الفني الثاقب وتترك القرار لرئاسة الدولة العليا التي تنظر لمصالح السودان في كل مكان بمنظار واسع .
إن السفارات دول في حد ذاتها وعليها عاملون يحددون من وزارات أخرى حسب الحاجة الفنية لذلك البلد بإجراءات طويلة ومعقدة ، تحقق المصلحة الوطنية العليا بطرائق شتى .
هذه الأقضية معلومة بالضرورة ومنْ أنكر (شيئاً) بقية الحديث معروفة للجميع ، لكن في هذا الزمن تضطر لشرح مسائل مدركة يستغلها البعض ، للتضخيم و الترويج الضار ،و النيل من السمعة
-9-
ربما لست بأفضل منْ يبين حقائق وفوائد العمل الخارجي ، فهو يُنبئ عن نفسه إنفراجاً ، أو علاقة حسنة او محاولة جادة ومؤثرة للنفاذ من حائط الصّد للحفاظ على مصالح الشعب السوداني .
للذين يعتقدون أن العمل الدبلوماسي رفاهية أو صناديق للإعاشة بالدولار ، أو مكب نفايات للفاقد التربوي ، الشعب السوداني أدرى بهم فهم فلذات أكباده يحاولون بقوة أن يرتفع أسم السودان عالياً... بالمناسبة الإسلاميين ليسوا بملائكة لكن هذه محاولة لدفع الأذى المُنظم في وقت معّقد للغاية ، ومثل ما قال الفيتوري ( الجاهلية لم تُعد قدراً لشعب يحاول ) !!!=
is582@windowslive.com
///////////////