مرحبا فرحا بسلام جوبا وحذارى من شيطان التفاصيل
hasabdin1939@gmail.com
كنت مشاركا وشاهدا علي اجواء الابتهاج والفرح والترحيب باتفاقية السلام في مارس ١٩٧٢ بين الشمال والجنوب . وسعدت بتكليفنا نحن مجموعة من اساتذة جامعة الخرطوم واخرين للسفر للجنوب للتبشير بالاتفاقية وشرحها لاخوتنا هناك . تنقلنا من جوبا لواو وملكال ومريدي ، وياي وأنزارا فألفينا الجموع تؤيد وتهلل وتفرح بالاتفاقية التي أوقفت حربا دامت سبعة عشر عاما ( ١٩٥٥- ١٩٧٢.)
ولكن ما ان أطل شيطان التفاصيل براسه حول تنفيذ وتفسير بعض بنود الاتفاقية حتي نقض الرئيس نميري رحمه الله ما اتفق عليه بتقسيم اقليم الجنوب الموحد لعدة ولا يات فاستعرت الحرب من جديد بقيادة الدكتور جون قرنق عليه الرحمة .
* وشهدت في نيروبي مطلع عام ٢٠٠٥ توقيع اتفاقية السلام الشامل ( كما أسموها ) بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان واجواء الفرح والابتهاج تعم في الخرطوم عند عودة وفدي التفاوض . ولكن ما ان أطل شيطان التفاصيل حول كيفية جعل خيار الوحدة جاذبا لتحقيق الوحدة الطوعية عند نهاية الفترة الانتقالية حتي اختار الجنوبيون الانفصال وبقيت جنوب كردفان والنيل الأزرق في حالة حرب سبقتهما حرب دارفور عام ٢٠٠٣ . إذن لم يكن سلام نيفاشا شاملا بل عابه غموض التفاصيل حول المنطقتين ومستقبل منطقة ابيي الحدودية.
* الان ودائما الحمد لله الذي مد في أيامنا لنرحب ونفرح بسلام جوبا ونتطلع لانضمام حركتي الحلو وَعَبَد الواحد نور ليتسم هذا السلام بالإحاطة والشمول والدوام. وَمِمَّا يشي بالاطمئنان ان المفاوضين الموقعين علي الاتفاق في جوبا قد فطنوا لمزالق الاتفاقيات السابقة وتحوطوا بتفاصيل التفاصيل لتضييق فرص اختلاف التفاسير .
ولكن لاستدامة الواعز الوطني وتعميق الثقة المتبادلة للتنفيذ السلس لسلام جوبا يلزم ما يلي :
١. تسريع إيقاع التنفيذ وفقا للجداول والمصفوفات المتفق عليها بتقوية اليات الدولة التنفيذية وتكليف القيادات الإدارية في الخدمة المدنية من ذوي الكفاءة والخبرة .
٢. حشد وتعبئة الموارد المحلية والمساعدات الدولية الموعودة كأسبقية في اعادة توطين اللاجئين والنازحين , ونزع السلاح وإعادة الدمج .
٣. التعاون الإيجابي مع بعثة الامم المتحدة للمساعدة في تنفيذ الاتفاقية عبر اللجنة الوطنية للتنسيق والإشراف والمتابعة .
٤. الإسراع في تكوين المفوضيات المتفق عليها وتعيين الاكفاء ذوي الخبرة الإدارية لرئاستها
٥. برنامج إسعافي للمدي القصير لحل الضائقة المعيشية المتفاقمة والتي لن تتواري خلف ترديد وإدمان شعار "تلاتين سنة كيزان" وأناشيد الفرح والسلام .
٦. توخي معيار الكفاءة والخبرة الإدارية بجانب المعيار السياسي في أعادة تشكيل مجلس الوزراء وتعيين الولاة بعيدا عن المحاصصات الحزبية والجهوية والقبائلية .
ان الواعز الوطني وتقديم المصلحة العامة علي الخاص والشخصي اضافة لتعميق الثقة واستدامتها ، و التي جعلت سلام جوبا ممكننا ومرضيا عليه ، كفيل بتجاوز وتخطي عقابيل وعثرات التنفيذ وردع شيطان التفاصيل !
حسن عابدين
٣ أكتوبر ٢٠٢٠