مرحلة الأمل الموعود والتطلعات المفقودة

 


 

 

 


ما من شعب من شعوب المعمورة تملكته الحيرة وجعل ملاذه الصبر وتحمل الصعاب كشعب السودان الطيب وهو يتطلع لليوم الموعود بازالة الغمة التي صاحبت عمره منذ الاستقلال وحتى اليوم في مسلسل سياسي أصبح ممجوجا وكريهاً ، هي فترات من الديقراطية بكل عيوب قادة الأحزاب ثم أنظمة عسكرية تتخبط في حقل السياسة والمدنية وكأنها تتلاعب في ملهاة بلعب بأيدي الأطفال، وهكذا في توالي وكأنها خطوط مرسومة ليظل السودان في مؤخرة البلدان المتقدمة ولتسري في جسد أمته كافة أمراض العصر كالهشيم في النار بتردي التعليم والصحة والخدمات التي توجت بانهيار المرحاض الذي أودى بحياة السيدة المعلمة ، وانتشار الحروب الأهلية التي قسمت البلاد الى شمال وجنوب وتقطعت الأوصال في فشودة وحلايب ومناطق الحدود المتاخمة ، وتفرق الناس الى جماعات وأفراد حتى الذين يحملون السلاح أصبحوا شيعاً متفرقة يزيد عددها على مدن وقرى النيل الأزرق وغرب كردفان ودارفور ، بالأضافة لحزب السلطه بشقيه الوطني والشعبي الذي قام بالانقاذ الوهم والخداع ، بدءاً من بيوت الأشباح وقهر الشباب واقتياد القُصر والأطفال وأرتال من الشباب بدعوى الجهاد التي تنتهي بمسرحيات اسموها عرس الشهيد طابعها التشفي في ضياع هؤلاء الأبرياء ، وتتكرر المأساة حتى اليوم بارسال خيرة من الأطباء والخريجين لحروب لا علاقة لها بالسودان ودينه الله الحنيف ويسقط هؤلاء الشباب أمام أعين الناس صرعى ولكن على هيئة أشلاء يصعب جمعهم ليتلذذ الجبناء بموتهم واقامة عرس الشهيد الذي حرموامنه ولكنهم شهداء عند ربهم يرزقون والمعلم والموجه يقبع في كرسي الوزارة ليحيل الصحة والبيئة الى دمار وأسموه حميدة وزير الضفادع .
هو التصدع في كل مناحي الحياة حتى الاقتصاد الذي ينهار يوماً بعد يوم بنظريات حمدي الثلاثية ويتصاعد الغلاء الطاحن ليزداد الفقير فقراً والمواطن في حرمان بعد أن سُرقت منه عائدات النفط ومخرجات الذهب وانهارت أمامه صروح بناها السلف السكة الحديد والنقل النهري والنقل الميكانيكي والميناء البحري بالاضافة للمشاريع الزراعية العملاقة كمشروع الجزيرة والرهد والمناقل وطوكر وابي نعامة وتنهار معها البحوث الزراعية التي كانت مضرب الأمثال لدول العالم ويمتد السونامي الانقاذي بل امتدت أياديهم للاعلام والخدمة المدنية بتولى أصحاب الولاء وابعاد أهل الخبرة والأكثر من ذلك ارتادو مجالاً غريبا عنهم وهو المجال الدبلوماسي الذي بناه الأفذاذ من الدبلوماسيين السودانيين فأحالوه الى الى صوالين تجارية وتلاعب بحقوق المغتربين ومعادة لدول الجوار. وتردت القيم والأخلاق الى أدني مستوياتها لتصبح قضية حرائر تابت شاهدأ على دعواهم بالتوجه الحضاري والنهج الاسلامي الُمبرأ منهم . أضف الى أرتال من الشباب العاطلين حملة الشهادات الجامعية والسودان أحوج ما يكون لهم فالالاف تأهلوا في المجال التقني وتم تحويل الوظائف للشرطة لاصدار المستندات التي تطفح بالأخطاء وتعطيل متطلبات الناس وكان الأجدر باستعاب هذه الكتل الشبابية في مجال التخصص التقني وقس على ذلك التخصصات الأخرى وخاصةًً الزراعيين وغيرهم.

عشنا وعاش غيرنا ونحن ننظر بكل فخر واعزاز لقيادات في الماضي تولت المعارضة في قوة وثبات من الشهداء علي حامد ورفاقه وشنان ومحي الدين أحمد عبدالله ومحمد نور سعد وخليل ابراهيم لينتهي الأمر بالمعارضة العرجاء تهرول دون استحياء وراء وزارة هامشية أو منصب مطاق بالشروط المكبلة ، ومن الطرائف السياسية أن يتباهي زعيم من حاملي السلاح بأنه يرفض الخطة الأمريكية لاغاثة المنكوبين في مواقع القتال أمثال المارق عرمان وآخر يصف نفسه بالممانع no وأنه المبادر بالعلاقة مع اسرائيل وقد سبقوه قادة قبل وبعد الاستقلال فلست البطل يا عبدالواحد في هذا المجال . ويمكن للقارئ العزيز مراجعة مقالاتي في سودا نايل الغراء لتجد الدليل القاطع بعنوان عودة العلاقات وليس التطبيع مع اسرائيل ، وغيرهم من الذين يبحثون عن علامات مميزة لتعريف الناس بهم.
لقد سطرنا وقال آخرون معنا ومنهم الأكاديمي والباحث الواثق كمير أن مخرج الأزمة السودانية بيد الرئيس ،، لذا فان اختياره لمنصب رئيس الوزراء الذي أوصى به الحوار الوطني شخصية عسكرية هو الفريق أول بكري حسن صالح قد أراح الناس كثيرا بعد أن لاحت في الأفق أسماء أحالت السودان الى دمار وتميزت بالفشل المدن من قادة المؤتمر الوطني الذين انقلبوا على شيخهم الذي علمهم السحر. وتبقى المشكلة أمام التشكيل الوزاري لأحزاب الفكة بعد أن ابتعدت الأحزاب الرئيسية وعلى رأسها الأمة القومي وكذلك المعايير التي سيتم على أساسها الاختيار بعد أن وعي السيد رئيس الجمهورية الدرس جيدا ، وبالطبع لن ينسي الذين غدروا به عام 1995 وهم بالمرصاد اليوم له ولن ينسي قادة حزبه وتصريحاتهم الرعناء يوم اشتد به المرض وهو في غرف العلاج والعناية المركزة وهم يوزعون التركة لميراث الرئاسة في تهافت مهين وأيضاً تصريحاتهم المتضاربة حكومة ومعارضة على قرارارا المحكمة الجنائية الدولية والتي كان بعضها مؤيداً وأخرى خجولة في استحياء .
أضف الى ذلك مناداته بالصوت العالى الاستفادة من الطاقة الكهربائية في عمليات الزراعة والري وهو مشروع حيوي وناجح يمكن لعلماء الزراعة والري شرحه وتفصيله ولكن للأسف بدلاً من اعداد الدراسات والبحوث والخطوات العملية للتنفيذ تفرغ أصحاب الولاء في أجهزة الكهرباء والمياه للقطوعات وجعلوا لها دون اسحياء برمجمة ، ليس هذا فحسب بل أن السيد رئيس الجمهورية أعلن موافقته على قيام سد النهضة الأثيوبي الذي من المفترض أن يكون فيضاً وافراً للطاقة الكهربائية للسودان فأين هؤلاء الدستوريون والعلماء ؟ والسد شارف على النهاية هذا العام وما هي الخطوات التي اتخذت من بنيات أساسية لتوصيل الكهرباء في ربوع البلاد ولكن لا حياة أو حياء لمن تنادي حتى لو كان توجيها من رأس الدولة الذي جعل منهم حكاماّ ليتمادو في القصور .

ان اختيار القيادة التنفيذية العليا من العسكريين خطوة في الاتجاه الصحيح لاعادة الهيبة للقوات المسلحة السودانية ووضعها في مكانها المرموق والطبيعي فوسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام تجتر ذكريات الماضي القريب للرؤساء السابقين وغيرهم وعلى سبيل المثال لا الحصر الرئيس ابراهيم عبود رفض بعد انهاء الحكم العسكري العرض المقدم من مجلس الوزراء بتخصيص سكن حكومي له مدى الحياة أو بناء سكن يليق به وأسرته وفضل يعيش كما يعيش الناس في شموخ العسكريين السودانيين وكذلك الرئيس جعفر النميري يقدم لقطعة أرض ضمن الخطة الاسكانية واتضح أن الشروط لا تمنحه ورفض الاستثاء في عفة وكبرياء البشر ، والرئيس عبدالرحمن سوار الدهب يرفض حكم السودان كله لأنه وعد الشعب السوداني بالديمقراطية هي دروس وعبر من قادة عسكريين حملوا الأمانة من خلفهم الطاهر الأمين من قوة دفاع السودان ومن قبلهم الشهيد علي عبداللطيف والذين أرسوا بناية الجيش السوداني عملاً وخلقاً أمثال سليمان الخليفة وأحمد محمد والشخصية التي أعات الانضباط الفريق أول عبدالماجد حامد خليل ، بل نقول انها العقيدة العسكرية الراسخة في الضباط والجنود السودانيين، فهل سوف يتخلى المشير عمر أحمد البشير عنها ؟؟ بعد أن لاقى من تصرفات طائشة من قادة المؤتمر الوطني بشقيه الوطني والشعبى الهوان للمؤسسة العسكرية نفسها ليجد فيها ضعاف النفوس منفذا لتجنيد الضباط أمثال عوض الجاز والمليشيات التي لانجد لها تعريفاً الا انها سياط موجهة لأبناء شعبنا.
ان الغالبية المطلقة هم أبناء شعب السودان بعيداً عن الذين تاجروا حراماً باسم الدين الاسلامي والمعارضة العرجاء التي تكفيها وزارة هامشية أو مشروع حرام ليصبح المخرج الوحية جماهير الشعب السوداني المغلوب على أمرها وتستحضرني مقولة ختم بها الدكتور حمد نالله افي مقاله عن زواج الأكابر والمنشرور على هذه الصحيفة ( لقد قلنا، ولن نَمل القول، أن الأغلبية المُطلقة تنعقد لأبناء وبنات الشعب الذين لا يجمع بينهم تنظيم ويجلسون اليوم في منازلهم يتابعون ما يجري في الوطن وليس هناك وعاء سياسي (حزب) يجمع بينها، ولا يزال الأمل يراودنا في نجاح الفكرة في أن تنجح قوة ما في خلق هذا الكيان (حزب الأحرار) الذي يجعل لهذه الأصوات حضور وتمثيل في بناء مستقبل الوطن، وطن يكون فيه كل أبناء الشعب "أكابِر".) .
لقد حدد السيد رئيس الجمهورية العام العشرين 2020 تاريخ انتهاء الولاية الحالية وهذا يعني استمرار وبقاء الانقاذ حتى ذلك الوقت ما لم يحدث التغيير وهوأمر واقع ومتوقع من شعب السودان صاحب الارادة القوية والصادقة وهو يتطلع لمرحلة جديدة في حياته خالية من الكذب والخداع والفساد والانقلابات العسكرية وأحزاب لا تمارس الديمقراطية في داخلها قبل الشروع في الممارسة الشعبية وأن توحد أوصالها وشتاتها والفترة الزمنية كافية لهذا النهج والتنفيذ .
وملامح الفترة القادمة ربما نراها بالعين المجردة:-
1-أن تشرع الأحزاب التقليدية لما لها من شعبية أخذت تتناقص في السنوات الماضية في للمة شتاتها وتوحيد كلمتها والبدء في عقد مؤتمراتها لانتخاب قيادة االحزب لكل منها بعيداً عن المؤثرات الطائفية والدينية بخداع الناس بالشعارات.
2- أن تتوحد أحزاب الفكة التي يقارب عددها 90 حزباّ في أحزاب يضمها الحد الأني من بما فيها الأسس والمبائ التى قامت من أجلها.
3- أن تشرع القوى التقدمية بما فيها الشيوعيون والبعث والناصريون بتشكيل حزب واحد يضمها كقوى تقدمية
4- أن يشرع الشباب بتوجهاته الاسلامية بتكون ربطة كحزب سياسي بعد الذين خدعوه وخدعوا الشعب السوداني 28 عاما..
5- يتبقى حزب الأحرار حزب الأصالة الذي نادى به الدكتور حمدنالله ولكن من أين له من قيادة أمينة وواعية بمطالب شعبه ولكنه سوف يكون الأقوى لأنها الحارس الأمين لطرح المستجدات التي تنفع الناس والرقيب على التجاوزات والمفسدين وربما فشل جبهة الهيئات عقب ثورة أكتوبر1964 وفشل الاسلام
السياسي الذي وصل للحضيض تشكك في هذا الطرح فاليوم بخلاف الأمس ودرجة الوعي أصبحت ملازمة للناس.
6- أن تطوي المعارضة المسلحة أسلحتها فآمالها في هزيمة القوات المسلحة السودانية ضرب من الأحلام الصبيانية وعليها التفاوض سلمياً مع كافة قطاعات الشعب ، وأحلام بعض قادتهم لحكم السودان كله هو حق مشروع ولكن لن يأتي عن طريق السلاح ولا بد أن يراعوا أهمية تفوضيهم كقوة مسلحة من مواطنيهم وقبولهم من الشعب السوداني كله فالتهميش الذي أصابهم قد اصاب كل أهل السودان ومشكلتهم أنهم لم يحملوا السلاح وتحملوا المعاناة والخداع 28 عاماً ، والفرق بينكم وبين قطاعت الشعب السوداني بأنه يوم توقيع السلام فسوف تتهافت الدول والمنظمات الدولية لمساعدتكم وتفيض عليكم بالاعمار والمال والمشاريع وأما شعب السودان فله الله وحده .
7- تبقى القضية الأم والأساسية للمرحلة القادمة فالسيد رئيس الجمهورية أن يتكرم بالاطلاع على سيرة سلفه من الحكام العسكريين التي شرحناها في هذا المقال بتمسكهم بالعقيدة العسكرية والحفاظ على هيبتها حتى لا يتسلل اليها ضعاف النفوس تخريباً وهو غير مطالب بالرفض القاطع بالتنازل على ممتلكاته ومسكنه ومزرعته الخاصة فهذا حق له طالما ما كان في حدود المعقول كرئيس دولة ، ولكنه مطالب بكشف الفساد والمفسدين من زمرة المؤتمر الوطني والشعبي من العام 1989 وحتى الآن واعادة المال المسروق من شعب السودان كرصيد لتحسين الاقتصاد السوداني وتأمين الحياة الكريمة لأهل السودان الذين صبروا وصابروا عقود وسنوات ، الكل يعلم أن القرار صعب للغاية ويتطلب التضحية وهو يعلم الآن العدو من الصديق فلن يجد معيناً غير شعب السودان بعد الله ، والكل يعلم أن حساب الآخرة قادم لا محالة ولكنها فترة ثلاث سنوات كفيلة باعادة الحق لأصحابه والمصادرة داخل السودان وخارجه .وأن يقوم بذلك بحكم وطنيته وايمانه المطلق بالله وسنة نبيه الكيرم عليه الصلاة والسلام وبحكم اختياره وقراراته الصعبة العادلة وهي مهمة سوف يقوم بها شعب السودان اذا تعثرت في المستقبل القريب ولكنها فرصة لمخاطبة الذات وكشف المفسدين وتعلنها لشعبك بتحقيق متطلباته المفقودة.وسوف تجد من الأفراد والأجهزة العدلية الامينة مايعينك على ذلك ، أمر آخر الحماية من الله فهو الرحمن الرحيم ولكن الحذر من هؤلاء واجب والغدر في نفوسهم طالما توكلت على الله والتقرب اليه وعانقت شعبك وبالله التوفيق .

ISMAIL.SHAMSELDIN@99GMAIL.COM

 

آراء