مرعى الانقلاب الوخيم..!!

 


 

 

الانقلاب هو المظلة الأكبر للفساد..! هذا ليس في السودان وحده؛ بل في كل الدنيا بحسب طبيعة الانقلابات التي تعطل القانون وتنشر الفوضى وتقمع الحريات وتنصِّب الإمّعات و(الإضينات) وتطارد الشرفاء وتنشر الفظائع والترهيب فتنتشر الثعالب والضباع وتخرج العصابات من مكامنها والأراذل من أقبيتهم ويمرح الانتهازيون ويسرح الباحثون عن الثراء الحرام ويستثمر اللصوص والهمباتة مناخ شريعة الغاب..فما بالك عندما يكون الانقلاب برعاية الإنقاذ فاسدة المنشأ والأصل وصاحبة الفتوحات الأشهر في أردأ وأخسّ وألعن نُسخ الفساد التي مرّت على هذا الكوكب..!
ارتباط الانقلابات بالفساد ارتبط عضوي وزواجهما كا ثوليكي لا انفصام له..! وقد شهدنا كيف خرج اللصوص الإنقاذيين ورعاياهم من الجحور منذ لحظات الانقلاب الأولى..ورأينا كيف أن مهام الانقلاب (الإستراتيجية) بدأت بتعطيل محاكم الفساد ورد الأموال والأراضي والعقارات التي نهبها اللصوص وإلغاء أحكام القانون بشأنهم وإقرار تمليك بعض المشاركين في الانقلاب موارد الدولة وعدم اعتبار تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم أو عبر (طائرات الشارتر) جريمة يعاقب عليها القانون..وإطلاق يد الشراتي الجدد في ترسية العطاءات ومنح التسهيلات وإلغاء الجمركيات و(تحويش الدولارات)..!! ثم كان إطلاق عصابات النهب وإعادة الاعتبار لعناصره ..كما كانت من بين أولويات الانقلاب العاجلة (صناعة الانفلات) ونشر جرائم النهب المسلح..والعفو عن مجرمي الإنقاذ الذين ارتكبوا انقلاب 1989 وإمداد المخلوع ببدلات (الكاجوال) والسماح له بالتجوّل بين المشافي الفاخرة ليس من اجل العلاج بل لزيارة العنابر والمرور على أحبابه شركاء اللصوصية في مهاجعهم بالرغم من أنه سجين تحت طائلة سرقة المال العام والقروض الحكومية وأنه متهم أول بجرائم ضد الدولة وتقويض الدستور وجرائم الإبادة الجماعية..! والآن لا هو في زنزانة سجن..ولا هو في (دار إصلاحية) كما قرر قاضيه...!!
كل الناس يسمعون ويرون الآن كيف يتصرف وزراء الانقلاب ومحاسيبهم في وظائف الدولة..وما يدور في أروقة وزارة المالية نترك أمره لما ترصده البقية الباقية من أصحاب الضمائر الذين لا يزالون يعملون بالوزارة..(إن بقيت منهم باقية) بعد حملات التخريب المنظّم التي تجري في الخدمة المدنية بفؤوس الانقلاب و(طواريه)..!!
حتى الزعيم الصيني "دينج هيساو بنج" قال ان الفساد يستشري تحت حكم الاستبداد وحكم البندقية وان السماح بقدر قليل من الديمقراطية يكشف الفساد.. وقد كان دينج (زول نصيحة) حتى انه كان يُعرف في دوائر الحزب الشيوعي الصيني بأنه (الرجل الذي على حق دائماً)..! وهذه البديهيات عن الفساد في ظل الأنظمة الشمولية مما لا يحتاج إلى شهادات من دينج أو غيره.. ولا تسأل عن الفساد عندما تغيب الرقابة وعندما يتم امتهان كرامة الشعب وقمع الأحرار وتكميم الأفواه وقتل الأبرياء في الشوارع وإطلاق يد المليشيات والسماح للنظاميين بانتهاك حرمات البيوت..وعندما تتشكل إدارات وحكومات وهيئات الانقلاب من الشخوص الرخوة والمهازيل الخانعين من أصحاب المصالح الذاتية والتجارية.. من عينة هذا (اللميم) الذي جاء به الانقلاب ووزّعه على الوزارات وعلى عضوية مجلس سيادة الانقلاب..! فهل يمكن يا صاحبي لمثل هؤلاء أن يتصدوا للفساد القديم المكين أو الجديد الذي أطلق العنان وانتشر في الأركان يبحث عن (كل ساقطة ولاقطة)..ولك أن ترى الآن وتتساءل: مَنْ هؤلاء الذين يتحدثون عن التصدير والاستيراد..؟ ومَنْ أولئك الذين يشترون مئات العقارات..؟! وما هؤلاء الذين يقفون على أبواب مآمير الانقلاب في انتظار الحصص والأعطيات مثل المعزى الضالة في المرعى الوخيم..!!
ولكن لا يظن الانقلابيون وشيعتهم أن السودان قد دان لهم..فهناك شباب يزحمون الساحات ويغازلون شمس الصباح..! ألا سحقاً للانقلابيين...! وكما قال (ليخ فاونسا) زعيم حركة تضامن البولندية: (الوقت مبكر جداً لتبادل التهاني)..!!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء