مسلخ المايقوما: التساهل في حفظ الصحة العامة والتراخي في تطبيق القانون … بقلم: مؤيد شريف
24 October, 2009
ما أن خفت روائح الصرف الصحي وغازاته الكريهة المنبعثة من الحافظات الضخمة المحاذية لخاصرة أحياء الحاج يوسف المايقوما ، وتنفس السكان الصعداء قليلا ، حتى عاودت الروائح الكريهة المنتنة تلويث الهواء ونشر الامراض الخطيرة يين سكان المناطق المكتظة وذات الكثافة السكانية العالية من جديد .
فوجئ الجميع بروائح أكثر إنتانا وأشد فظاعة وتأثيرا على الصحة العام وتهديدا لحياة السكان ؛ فالغازات البكتيرية المنبعثة هذه المرة مجددا كانت نتاجا لمسلخ للحوم ( مسلخ الشهيد نصر الدين ) تم إنشاؤه حديثا ومؤخرا في مكان قريب بل وملاصق للأحياء السكنية ! وينبع لوزارة الزراعة بحسب الاوراق التى بطرفنا .
كان طبيعيا أن تتحرك اللجان الشعبية لمناطق أحياء (المزدلفة / ود دفيعة غرب / ود دفيعة وسط / ود دفيعة شرق والحاج يوسف شمال ) لتطرق أبواب المسؤولين وتضطلع بمهامها وواجباتها في إلعمل على إزالة المسلخ ومكبات النفايات القريبة وتجنيب تعرض السكان لمخاطر صحية داهمة وأخطار صحية بدات فعليا في الظهور والتفشي كامراض الصدر والربو الشعبي وأمراض اخرى بدأت في التفشي بين السكان خاصة الاطفال منهم .
بلغت اللجان الشعبية الجهات المسؤولة في محلية شرق النيل متمثلة في معتمدها ، وبادر المعتمد بزيارة موقع المسلخ وأرسل مبتعثا تابعا لإدارة صحة البيئة ليتقدم بتقرير واضح داع لمعالجة الامر ووقف العمل بالمسلخ وهنا نص خطاب الإدارة العامة للشؤون الصحية والبيئية :
محلية شرق النيل
الإدارة العامة للشؤون الصحية والبيئية
الأخ معتمد محلية شرق النيل
الموضوع : تقرير حول مسلخ الشهيد نصر الدين
حسب توجيهكم بخصوص الموضوع أعلاه فقد قمت والاخ د. محمد زين بزيارة المسلخ يوم الخميس 1/11/2007 الساعة 11و20 دقيقة صباحا وقد تلاحظ الآتي :
الموقع : -
1/ يقع المسلخ بالقرب من المنطقة السكنية وفي إتجاه الرياح منافيا بذلك للضوابط البيئية ومخالفا لقانون حماية الصحة العامة لسنة 1999 م .
2/ لا تتوفر في المسلخ الكثير من المواصفات الصحية المطلوبة عند انشاء المسالخ وخاصة وسيلة التخلص من الفضلات السائلة .
3/ شبكة الصرف الصحي غير مكتملة ولا توجد بها معالجة نهائية مما جعل المخلفات السائلة يتم تحويلها من بئر السايفون الى أحواض كبيرة مساحة 3200 م . م مليئة بالدم والفضلات السائلة بنسبة 50% من المساحة .
4/ الفرث وبقايا اللحوم والأجنة مبعثرة في العراء بطريقة غير صحيحة .
5/ متوسط الذبيح اليومي للمسلخ 79 بقر و 129 ضان .
الأضرار الصحية :
نسبة لموقع المسلخ بالقرب من المنطقة السكنية في إتجاه الرياح لعدم توفر النظام الصحي المكتمل ولحفظ المخلفات السائلة بطريقة غير صحيحة على بعد مسافة من الموقع ، فضلا عن تلوث الهواء مما ينعكس سلبا على صحة المواطن بالمنطقة جنوب المسلخ.
التوصية :
1/ نوصي بتجميد العمل بالمسلخ إلى حين إزالة كل المخالفات الصحية الموجودة وتوفير النظام الصحي الكفيل بالتخلص من المخلفات السائلة.
2/ منح فترة (3) أيام لإزالة كل المخالفات الصحية الموجودة مع سير العمل وتوفير النظام الصحي للتخلص من الفضلات السائلة وهذا يتطلب ضمانا كافيا بالإلتزام .
خيارات المعالجة :
1/ عمل نظام الحماية المنشطة والخاص بالقضاء على البكتيريا المسببة للروائح الكريهة والمتفق عليها بين وزارة الصحة ووزارة الزراعة في مثل هذه المسالخ .
2/ ربط المسلخ بمحطة المجاري القائمة .
التوقيع : عبد العزيز محمد وقيع الله
مدير الإدارة العامة للشؤون الصحية والبيئية
شرق النيل.... إنتهى
جاء تقرير إدارة الصحة والبيئة أعلاه واضحا لا لبس فيه بالضرر المتسبب فيه المسلخ ، وإن كانت التوصية بالمعالجة أقل من مطلب السكان بضرورة الإزالة والترحيل النهائي للمسلخ من المنطقة السكنية .
أصدر مكتب المستشار القانوني لمحلية شرق النيل ، وإستنادا على التقرير الواضح لإدارة الصحة والبيئة ، أصدر إنذارا لإدارة مسلخ الشهيد نصر الدين بضرورة إزالة المخالفات في ظرف 48 ساعة . ورغم قرار المستشار إستمرت الروائح في الإنبعاث بكثافة ، ولم يتم الإلتزام بقرار المحلية او مستشارها في مرات عديدة !!
في المرحلة التى أعقبت قرارات المحلية ومستشارها بوقف العمل في المسلخ المخالف لضوابط وزارة البيئة ، زار موقع المسلخ كل من عثمان سيد مدير عام الثروة الحيوانية - ولاية الخرطوم وإبراهيم مطر حامد مدير المكتب التنفيذي لوزير الزراعة والثروة الحيوانية والري - ولاية الخرطوم ، وهي الزيارة التى وصفتها اللجان الشعبية بالزيارة المشؤومة ، لإعتقادهم الجازم بانها تسببت في تعطيل تنفيذ قرارات المحلية ومستشارها .
بعد ان إستيأسوا من مساعى طرق أبواب المسؤولين وتنبيههم لخطورة إستمرار الوضع الصحي الخطر بالمنطقة ، لم يجد ابناء المنطقة من بد غير اللجؤ للقضاء وطرح الأمر برمته أمامه أملاً في الإنصاف . وتم تكليف أحد أبناء المنطقة من المحاميين ، وبذل المحامي جهودا مقدرة ولازال يشكو بطء الإجراءات وسلحفائيتها الغير مفهومة ، وأفاد المحامي بأن كافة إجراءات التقاضي أمام المحكمة الخاصة بالبيئة قد أُتخذت واُجريت ، ولم يبقى سوى النطق بالحكم ، إلا انه تفاجأ بنقل القاضي المُكلف بالقضية إلى إدارة جديدة ، وبالسؤال عن مصير القضية ، قيل له أن ملف القضية كاملا أخذه القاصي المنقول معه ! ولا أثر للقضية في المحكمة ! ولازال المحامي يضرب كفيه ولا يفهم الذى يدور !
وفي هذه اللحظات تنتشر الروائح المنتنة والكريهة وتزكم الانوف وتضر بصحة الكبار والصغار في المناطق المذكورة . وبلغ حد اليأس من المسؤولين في اللجان الشعبية ان رفعوا مطالب واضحة للمسؤولين ودونها تقديمهم جميعا لاستقلالتهم لفشلهم في تمثيل مواطنيهم وحمايتهم من اخطار تلوث الهواء . وتمثلت مطالبهم في الآتى :
1/ إزالة المسلخ فورا أو إيقافه لحين الفصل فيه بواسطة المحكمة ..
2/ وقف مكب النفايات – ونقل كل النفايات من المكب الحالي بعيدا عن الاحياء السكنية ..
3/ أن يتم ذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ هذا البيان ..
علما انه في حالة عدم الإستجابة لمطالبنا سوف تضطر اللجان المذكورة الى تقديم استقالاتها واخطار المواطنين بكل الخطوات التى اشرنا اليها في سبيل ايجاد الحلول للقضايا المعينة ..
وليستُ بمبلغ .. فالأمر مطروق ومعروف عندكم .. ولستُ بمشهد الله على تقصير مُكلف لا مُشرف .. فهو العالم بما يخفى .. بل داع لإتقاء الله في خلقه .. وشيء من ضمير ومخافة وحياء...
sharifmuayad@gmail.com