مشاهدات عائد من القاهرة (1)

 


 

 



diaabilalr@gmail.com

قضيت 13 يوماً  بالقاهرة في زيارة علاجية، رغم ذلك كنت حريصاً على متابعة تطورات الأوضاع بعد عزل الرئيس محمد مرسي  وصعود حكومة عدلي والسيسي الانتقالية.  تحدثت مع عدد مقدر من النخبة المصرية وأكثرهم من عوام الناس سائقي التاكسي وعمال المقاهي وصغار الموظفين، وتابعت تناول القنوات المصرية للأحداث وشاهدت عدداً من المسلسلات الرمضانية، وتشكلت لديّ عدة قناعات لا تخلو بعضها من الطرافة.
أهم هذه القناعات ما تأكد لي أن الصراع في مصر اليوم لا يقوم على أجندة سياسية أو دينية محضة، بل هي أجندة ثانوية في السياق العام.
الصراع بين مجتمعين مجتمع حضري قوامه شرائح واسعة في الطبقة الوسطى وما دونها، وأغلبية النخبة الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والفنية في مقابل مجتمع يغلب عليه المكون الريفي أو مجموعات خارج القاهرة وهي ذات سمة محافظة تتبنى قناعات دينية ذات نمط تقليدي.
حينما تطلع على أسماء ضحايا الصراع من مؤيدي مرسي، وبتعريف مناطقهم لا تجد ضحية من المهندسين والمعادي أو شبرا، أي من أحياء القاهرة المعروفة، أغلبهم من دمياط والفيوم والمنيا.
كذلك من الواضح أن حكومة الإخوان المسلمين أدخلت نفسها في عزلة افتقدت خلالها المقدرة على التواصل مع الآخر المخالف ولم تتمكن من الاحتفاظ بالمتعاطفين.
صحيح أن النخبة ذات النزوع العلماني والمجموعات ذات الصلة بالنظام السابق، أسهمت في إحكام تلك العزلة، لكن من الواضح أن الإخوان المسلمين - لعجز أو عدم دراية - ذهبت بهم أقدامهم إلى موقع جعلهم هدفاً سهل الانتياش من قبل خصومهم.
لم يستطع الإخوان في مصر الخروج من شرنقة الدعاية المضادة لهم، وهي دعاية تقوم في الأساس على شبكة اتهامات في أغلبها مصنوعة من شائعات ساذجة.
سائقو التكاسي في مصر ماكينات إعلامية متحركة من خلالهم تستطيع قراءة المزاج العام.
خلال تحركي داخل القاهرة ومع اختلاف سائقي التاكسي الذين أدير معهم النقاشات، شعرت في مرات كثيرة أنني أتحدث مع شخص واحد يردد ذات الأقوال ويعيد نفس القصص والحكاوي.
(مرسي كان يعطي الكهرباء والوقود لحكومة غزة، مرسي وعد البشير بمنحه حلايب وشلاتين، مرسي سيعطي سيناء لحماس، الإخوان حيقسموا مصر مثل ما حدث في السودان، مرسي عميل قطري مدعوم من الأمريكان، وهو في الأساس من أصول فلسطينية)!
ومن أغرب ما استمعت إليه (سليم العوا  البدافع عن مرسي هو اللي فصل السودان٠٠٠ وأسامة بن لادن أمه سودانية)!

مصر هذه الأيام تحكمها القنوات الفضائية. البرامج التلفزيونية أكثر إثارة من الدراما، هذا يفسر صعود نجومية مقدمي البرامج السياسية. وتراجع أسهم وفواتير نجوم السينما!!!
كل شئ يقال هناك قابل للتصديق!!!!

للحديث بقية وأكثر.

 

آراء